الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: (“مستويات الصحة النفسية” من مأزق الحيرة إلى ولادة الفكرة) حيرة متفجرة: طالت أكثر من نصف قرن

مقتطف من كتاب: (“مستويات الصحة النفسية” من مأزق الحيرة إلى ولادة الفكرة) حيرة متفجرة: طالت أكثر من نصف قرن

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 3-6-2019

السنة الثانية عشرة

العدد:  4293

     مقتطف من كتاب:

“مستويات الصحة النفسية” (1)

 من مأزق الحيرة إلى ولادة الفكرة

حيرة متفجرة: طالت أكثر من نصف قرن

…………

…………

آفاق‏ ‏جديدة وتطور الفروض

من واقع الممارسة‏

حاولت‏ ‏منذ‏ ‏ ‏سنوات‏ ‏أن‏ ‏أضع‏ ‏هذه‏ ‏الفروض‏ ‏محل‏ ‏اختبار‏ ‏وكانت‏ ‏النتائج‏ ‏الأولى ‏ ‏مشجعة‏، ‏إلا‏ ‏أنها‏ ‏فتحت‏ ‏أفاقا‏ ‏أوسع‏ ‏فى ‏الفهم‏ ‏التطورى ‏للأمراض‏ ‏النفسية‏، ‏وخاصة‏ ‏بإدخال‏ ‏عامل‏ ‏العلاجات‏ ‏العضوية‏ ‏والفيزيائية‏ ‏مع‏ ‏العلاج‏ ‏النفسى ‏والبيئى ‏فى ‏كلٍّ ‏تطورى ‏متناسق‏ ‏مما‏ ‏جعلنى ‏أحجم‏ ‏عن‏ ‏تقسيم‏ ‏الأمراض‏ ‏النفسية‏ ‏على ‏تلك‏ ‏المستويات‏ ‏المقترحة‏ ‏فى ‏المرحلة الحالية  ‏حيث‏ ‏وجدتها‏ ‏أقل‏ ‏مما‏ ‏يفى ‏بفهم‏ ‏مجاميع‏ ‏الأمراض‏ ‏وفهم‏ ‏تطور‏ ‏الانسان‏ ‏الفردى ‏والنوعى ‏بالتفصيل.

وقد‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏الآفاق‏ ‏الجديدة‏ ‏التى ‏مهدت‏ ‏لفروض‏ ‏أكثر‏ ‏تفصيلا‏ ‏بالنسبة‏ ‏للمرض‏ ‏النفسى ‏وعلاجه‏، ‏هى ‏أهم‏ ‏مانتج‏ ‏عن‏ ‏التطبيق‏ ‏المبدئى‏ ‏التى ‏وردت‏ ‏فى ‏هذه الفروض‏.‏

ولكنى ‏اقتنعت‏ – ‏رغم‏ ‏الصعوبات‏ ‏المنهجية‏ ‏التى ‏لم‏ ‏أتغلب‏ ‏عليها تماما‏ ‏- ‏أنه‏ ‏يمكن ‏تقديم‏ ‏المادة‏ ‏الكلينيكية‏ ‏والمشاهدات‏ ‏أولا‏ ‏قبل‏ ‏الإقدام‏ ‏على ‏عرض‏ ‏نظرية‏ ‏تطورية‏ ‏متكاملة‏ ‏لتقسيم‏ ‏الأمراض‏ ‏النفسية‏ ‏وأسبابها‏ ‏وعلاجها‏ ‏والأمر الذى‏ يحتاج حتما‏ ‏إلى ‏وقت‏ ‏ليس‏ ‏لا يمكن حسابه‏، ‏وقد‏ ‏لا‏ ‏يتحقق‏ ‏بفرد‏ ‏أو‏ ‏عدة‏ ‏أفراد‏ ‏فى ‏المدى ‏القريب‏، ‏وهنا‏ ‏يصبح‏ ‏تقديم‏ ‏الفرض‏ ‏حتى ‏قبل‏ ‏تحقيقه‏ ‏ضرورة‏ ‏حتمية‏ ‏لا‏ ‏مفر‏ ‏منها‏.‏

وقد بلغ من اهتمامى بهذه  الفكرة  البدئية أننى أن اعتبرت الوعى بها وحسن مواجهتها بمثابة مفتاح الوقاية الباكرة من المآل السلبى للمرض، وأيضا أنها يمكن أن تكون عاملا جوهريا فى تغيير النظرة للأمراض النفسية وعلاجها من منظور تطورى عملى، يرتبط بثقافتنا لانه نابع منها، لكنه لا يقتصر عليها.

إن ‏ ‏ما أرجوه‏ ‏أخيرا‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏هذا‏ ‏الفرض‏ ‏الذى ‏قدمته‏ ‏خصبا‏ ‏حتى ‏ولو‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏صحيحا‏ ‏مصداقا‏ ‏لما‏ ‏قال‏ ‏حسين‏ (‏محمد‏ ‏كامل‏) (2) ‏‏”..وأقول‏ ‏الفروض‏ ‏الخصبة‏ ‏وليست‏ ‏الفروض‏ ‏الصحيحة‏….. ‏وإنما‏ ‏تقدر‏ ‏الفروض‏ ‏العلمية‏ ‏على ‏قدر‏ ‏خصوبتها‏ ‏وأعنى ‏بذلك‏ ‏قدرتها‏ ‏على ‏فتح‏ ‏آفاق‏ ‏جديدة‏ ‏من‏ ‏البحث‏، ‏وعلى ‏الإيحاء‏ ‏بتجارب‏ ‏جديدة‏ ‏توحى ‏بدورها‏ ‏فروضا‏ ‏خصبة‏ ‏أخرى ‏حتى ‏تتجلى ‏الحقيقة‏…”‏.

إلى هنا انتهى ما رأيت أنه لابد من اقتطافه من هذا العمل الباكر “حيرة طبيب نفسى” لتسجيل مرحلة تاريخية لا أعتقد أنه يمكم إغفالها إذا أمِلـْنا فى تتبع تداعياتها خلال حوالى نصف قرن، صحيح أن هذه الحيرة بدأت قبل كتابة هذا الكتاب بعدة سنوات، وأنها استمرت وتضاعفت مع مرور الأيام، وفى نفس الوقت لاحت معالم محاولة التخفيف منها، وتوجيه طاقتها باختبارها عمليا من خلال تطبيق فروض الطب النفسى الإيقاعحيوى التطورى، وممارسة العلاج بمختلف أنواعه على هدى هذه الفروض، وقراءة النتائج أولا بأول.

إن كل ما مارستـُهُ بعد ذلك وأغلب ما كتبته منذ ذلك الحين، حتى فى غير مجال الطب النفسى، كان مرتبطا بهذه الحيرة بشكل أو بآخر، بما ذلك كتابتى فى السياسة، والنقد، بالإضافة إلى محاولات إبداعى الشخصى الذى جاء بعضه واصفا لهذه الحيرة، ومن ذلك فى شعر عامى فى ديوان “أغوار النفس” حين قلت:

 القصيدة: من مقدمة ديوانى “أغوار النفس” (3)

-1-

كل‏ ‏القلم‏ ‏ما‏ ‏اتقصف‏ ‏يطلعْ‏ لُـه‏ ‏سن‏ ‏جديدْ‏،‏

‏”‏ويـشْ ‏ ‏تعمل‏ ‏الكـلْمـَةْ‏ ‏يَابَـا‏، ‏والقدَرْ‏ ‏مواعيدْ‏”‏؟

خلق‏ ‏القلم‏ ‏مِالعَدَمْ‏ ‏أو راقْ‏، ‏وِ‏.. ‏مَــلاَهَا‏،‏

وانْ‏ ‏كان‏ ‏عاجـِبْنٍى ‏وَجَبْ‏، ‏

‏                ولاّ‏ ‏أتنّـى ‏بعيدْ‏.‏

-2-

بصرَاحَـةْ‏ ‏انا‏ ‏خفْتْ.‏

‏ ‏خـُفتْ‏ ‏منهمْ‏، ‏خفتْ ‏”‏منى‏”، ….‏ خفت‏ ‏منّــا‏.‏

خفتِ ‏مالطوبِ‏، ‏والطماطم‏، ‏والملاَم‏ْْ ‏والتريقهْ‏،‏

خفت‏ ‏مالبيض‏ ‏الممشِّــش‏ْْ، ‏والنكتْ‏، ‏والبحلقهْ‏.

-3-

قلت‏ ‏انـَا‏ ‏مِشْ‏ ‏قدّ‏ ‏قـَلـَـمِى‏.‏

قلت‏ ‏انا‏ ‏يكفينىِ ‏أَلـَمـِى‏.‏

قلت‏ ‏أنا‏ ‏ما‏ ‏لى، ‏أنا‏ ‏اسـْترزَقْ‏ ‏واعيشْ‏،‏

والهرب‏ْْ ‏فى ‏الأسْـَتـذَةْ‏ ‏زيّـُــهْ‏ ‏مافــيش‏ْْ،‏

والمراكزْ‏، ‏والجوايزْ‏، ‏والـَّذى ‏ما‏ ‏بـْيـنِـْتـهيشْ

قلت‏ ‏اخبِّى ‏نفسى ‏جُـوَّا‏ ‏كامْ‏ ‏كتابْ‏.‏

قلت‏ ‏أشـْغـِـلْ‏ ‏روحى ‏بالقولْ‏ ‏والحسابْ‏ْْ.‏

                  والمقابـْلاتْ‏، ‏والمجالسْ

والجماعةْ‏ ‏مخلَّصـِينـْلـَكْ‏ ‏كل‏ ‏حاجـَة‏ْْ،  ‏أَيْـوَهْ‏ ‏خـَالـِص‏ْْ. ‏

‏ ‏بس‏ ‏بـَرْضـَك‏ ‏وانت‏ “‏جالسْ‏”.‏

-4- ‏

قلت‏ ‏أرسمْ‏ ‏نفسـِى ‏واتْـدَكْـتَـرْ‏ ‏وارُصّ‏.‏

قلت‏ ‏أتـفـرَّجْ‏ ‏وِ‏ ‏أَتـْفلسـِـفْ‏ ‏وابــُص‏ْْ.‏

بس‏ ‏يا‏ ‏عالم‏ْْ ‏دا‏ ‏دمْ‏ ‏ولحم‏ ‏حىْ‏.‏أستخبَّى ‏مــنــُّـه‏ ‏فينْ‏ ‏

‏-5-‏

المريض‏ ‏ورّانى ‏نفسي

المريض‏ ‏خلاّنى ‏أتـْلـَمـْلمْ‏ ‏وافَـكـَّـرْ‏.‏

المريض‏ ‏عـَدِّلـِّى ‏مـُخـِّى،‏

نضَّفُهْ‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏واغشْ‏، ‏كانوا‏ ‏فارضينُهْ‏ ‏عليهْ‏.‏

من‏ ‏ملاعيب‏ ‏اللى ‏بايعْ ‏ذمته‏ ‏بـْمعَـَرفـِشى ‏إيـِهْ‏.‏

من‏ ‏شوية‏ ‏آلاتـِـيـَّة‏، ‏والعَـشـَا‏ ‏الـْ‏ “‏أوبـنْ‏ ‏بـُوِفـِيهْ‏”.‏

-6-‏

ييجى ‏صاحْبَك‏ “‏مَـلْط‏” ‏إلا‏ ‏مالْـحـقيقهْ‏،‏ّ

ييجى ‏يزْقُـلـْها‏ ‏فى ‏وشِّى ‏وتـَنُّـه‏ ‏ماشي‏.‏

الأصول‏ ‏إنى ‏أعالجـه‏، ‏واكفى ‏ماجور‏ عالخــبـر‏.‏

‏”‏بكره‏ ‏يعقل‏! ‏بالدواءِ ‏الـمـُعتبرْ‏”.‏

بس‏ ‏والله‏ ‏يا‏ ‏عالَــمْ‏ ‏لمْ‏ ‏قِــدِرْتْ‏.‏

لَـمْ‏ ‏قِدِرت‏ ‏اعمَى ‏بْـنَوَاضْرى،‏

حتى ‏لو‏ ‏كان‏ ‏العمى ‏دا‏”‏رَأْسـمـَاَلكْ‏”، ‏

أو‏ ‏كما‏ ‏سـَمـُّـوهْ‏ ‏حديثا‏ “‏مَـشـِّـى ‏حـَاَلكْ‏”،‏

يعنى “‏طـَنّشْ‏، ‏إنتَ‏ ‏مالـَك‏”.ْ‏

‏-7-‏

قلت‏: ‏إعْقَل‏ ‏يا‏ ‏ابْن‏ ‏نـَفـْسِي‏.‏

قلت‏: ‏حاسِبْ‏ ‏ما‏ ‏الـْفـَضـَايحْ‏ ‏والجُرَسْ‏.‏

قلت‏ ‏إدّيها‏ ‏عمَى ‏حيسِى، ‏وزوّد‏ ‏فى ‏الحَرَسْ‏.

نط‏ّّ ‏غَـصـْبـِن‏ ‏عنـِّى ‏ورّانى ‏إنّـى ‏هـُوّه‏.‏

‏ ‏بس‏ ‏جـــُوّهْ‏ !!!‏

قلت‏ ‏أَخطف‏ ‏نظره‏ ‏عالماشى ‏واغَمَّضْ‏ ‏مِن‏ ‏جديد‏،‏

هيـَّا‏ ‏نـَظـْره‏ – ‏واللىّ ‏خَلَقَكْ‏- ‏لم‏ ‏تَنِيـتْها:

-8-‏

بصيت‏ ‏لقيت‏ ‏الزفّه‏ ‏بتلف‏ ‏الضريح‏ ‏لمْ ‏بطّلت‏، ‏

وتقول‏ ‏مـَدَدْ‏!!‏

بـَس‏ّّ ‏الـَعـِـماَمةْ‏ ‏اتـْغـَيـَّرتْ‏:‏

والحاجات‏، ‏هى ‏الحاجات‏ ‏الـمِشْ‏ ‏حاجَاتْ‏.‏

‏-9-‏

الطبيب‏ ‏أصبح‏ ‏مهندسْ‏ ‏للعـُقـَولِ‏ الـَبايْـظَهْ ‏

‏ (‏يعنى .. !!)،‏

واللى ‏برضه‏ ‏اتْصلـَّـحـِتْ‏.‏

‏(‏الطبيب‏ ‏دا‏ ‏هوّ‏ ‏انا‏، ‏مش‏ ‏حد‏ ‏غيرى‏) ‏

اللَّه‏ْْْ ‏عليهْ‏، ‏والسِّتْ‏ ‏بـِتـْمسِّى ‏عليهْ‏!‏

والشاشةْ‏، ‏والواقع‏ْ، ‏خـُلاصـْةِ‏ ‏القـَوْل‏ِِ، ‏مخْـتَـصَرِ ‏الـَكـَلام‏ْْ:‏

آخـِرْ‏ ‏تمام‏ْْ، ‏فـِى ‏حَـلّ ‏مُعـضـِلـَةِ‏ ‏الأنَــــامْ‏:‏

‏”‏لّما‏ ‏كنا‏ ‏نـَحـْنُ‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الـَقـَلق‏ْْ،‏

‏”‏نستعيذ‏ُُ ‏بربّنا‏ ‏مما‏ ‏خلقْ”،‏

يبقى ‏لازْمَـنْ‏ ‏كلنا‏ ‏نعمل حسابنا،

                              و”نـَـدَعِ القلقْ،”!

يعنى نِخـْمـَدْ من سكات، وانْ كان عاجبنا !

‏‏إمّالِ‏ ‏ايـِــهْ‏…‏؟‏!‏       

ثـُمَّ‏ ‏إن‏ّّ ‏اُلأُم‏ ‏لازِم‏ْْ  ‏إِنـّها‏ تراعى‏ ‏عـِيـَالـْهـَا

تبتدي ‏بفك‏ ‏العقد‏ ‏إلـلى ‏فى ‏بالها‏.‏

 

فلقد‏ ‏ثبت‏ْْ: ‏إن‏ ‏الـعُـَقد‏ْْ “‏وِحـْشـَةْ‏ ‏قوى”!!. ‏

هـَذَا‏ ‏الذى ‏قد‏ ‏أَظـْهـُرُه‏ ‏الـْبـَحـِثِ‏ ‏الـفُلاَنـِى،‏

‏”‏لمّا‏ ‏عدّ‏ ‏التانى ‏ساب‏ ‏الأوَّلانى”.‏

ثم‏ ‏أوْصَى: “أ‏ن‏ْْ ‏يكون‏ ‏الكــل‏ْْ ‏عالْ‏.‏

إذْ‏ ‏لا‏‏بـُدْ‏ ‏انّ ‏الـُكوَيـِّسْ‏:‏

‏ ‏هـُوَّا ‏أحـْسـَنْ مـِالَّذِى مـُا هـُوشْ كُوَيـِّسْ.

                                    إمـَّاِل‏ ‏ايـِهْ؟‏”‏

‏[هذا‏ ‏برنامج‏ “‏عفاف‏ ‏هانم‏”،‏

‏ ‏بـتسأل‏ ‏حضرة‏ ‏الدكتور‏ ‏فلان‏ ]‏

-10-‏

وساعات‏ ‏أشوفني‏ ‏مـِطـيّباتى ‏مُـعْـتَبـر‏ْْ،‏

آه‏ ‏يا‏ ‏حلاوتـُهْ‏ ‏وهـُوَّا‏ ‏بِيـْلبِّـسْ‏ ‏خـُدُوُده‏ْْ ‏الإبْـتسَامةْ‏،‏

أو‏ ‏لمّا‏ ‏بِيْـشَـَخـْبـَط‏ْْ ‏ويكتبْلَكْ‏ ‏حـُبـُوب‏ْ “‏منع‏ْْ ‏السآمـة‏”، ‏

أو‏ ‏لما‏ ‏يِوْصف‏ ‏حقنة‏ ‏المُـحـَاياة‏ ‏تقوم‏ ‏تمسح‏ ‏مشاعرك

“‏بالسلامة‏”.‏

-11-‏

وساعات‏ ‏أشوفنِى ‏كمَا‏ “‏الأغا‏”‏

بيضحّـك‏ ‏المِـلـَكهْ، ‏ويُستعمَـلْ ‏من‏ ‏الظاهر‏ْْ، و‏بَــسْ‏. ‏

-12-‏

وساعات‏ ‏جنابهْ ‏يلف‏ ‏أحكامو‏ ‏فْ‏ ‏زواق‏،

‏مش‏ ‏أى “‏حاجةْ‏”.‏

يِـفـْـتى ‏كما‏ ‏قاضى ‏الزمان‏ ‏وكأنه‏ ‏جاب‏ ‏المستخبى،

‏ يِـفـْـتى وينصـَح إنّ لازم: هوَّا إنـَّك:

‏”‏لا‏ ‏تخَفْ‏”!ْ! “‏بـطـّلْ‏ ‏سماجة‏”،‏

‏”‏كُـنْ‏ ‏منافقْ‏”، ‏يعنى “‏جامِلْ‏”، “‏مَشِّى ‏حالَك‏”.‏

تبقى ‏ماشى ‏فى ‏السليم‏، ‏مهما‏ ‏جرالكْ‏.‏

والعواطف‏ ‏تـِتـْشـَحـَنْ‏ ‏جوّا‏ ‏العيون‏ْْ ‏زى ‏البضاعـَهْ‏.‏

‏(‏كل‏ ‏ساعةْ‏ ‏نُصّ‏ ‏ساعةْ‏).‏

‏”‏يعنى ‏إيه‏ ‏؟‏!‏؟‏” ‏

‏”.. ‏مشْ‏ ‏مُـهِـمْ‏”.‏

‏-13-‏

والجنازه‏ ‏زفّهْ ‏تـُرقـُصْ‏ ‏عالسـَّرَايـِرْ‏ – ‏

فى ‏البيوت‏ ‏اللى ‏حوالِـيـهـَـا‏ ‏الستاير‏.‏

‏ ‏واللى ‏خايفْ‏ ‏من‏ ‏خيالُهْ‏،‏

اللى ‏خايفْ‏ ‏مـاِلـْعـَسـَاكـِرْ‏.. ‏والرقيب‏،‏

واللى ‏بيوزَّعْ‏ ‏تذاكر‏ ‏يا‏ ‏نصيب‏ْْ، ‏

واللى ‏بيفَرَّق‏ ‏دوا‏ “‏ضـِدَّ‏ ‏الذنوبْ‏”،‏

واللى ‏ماشـى ‏يـشـقّ‏ ‏فى ‏بطانةِ‏ ‏الجيوبْ‏.‏

‏ ‏والعرايضْ‏، ‏والجرايدْ‏،‏

واللىَّ ‏بيرصُّوا‏ ‏الكلامْ‏؛ ‏

‏”‏قفْ‏ ‏مـَكـَاَنكْ‏، ‏أو‏ ‏تــأخـَّر‏ْْ ‏لـْلأِمـَامْ‏”!‏

بخَّرُوا‏ ‏سـِيـْدنـَا‏ ‏الإِمـَامْ‏”‏

‏”‏سرْ‏، ‏بضـَهـْرَكْ‏…”‏

والـَعـَرقْ‏؟‏:……… ‏إلكُـوزْ‏ ‏بـِكـَامْ؟‏.!!!.”

-14-‏

أَمَّا‏ ‏صوره‏ْْ ‏مـُرْعـِبـَهْ‏ ‏يا‏ ‏خـَلـْق‏ ‏هـُوهْ‏.. ‏إلحـَقـُونـِى‏.‏

قـُلـْت‏ ‏غـَلـْطـَانْ‏ ‏والـنـَّبـِى ‏يا‏ ‏نـَاسْ‏ ‏سـِيـُبونـِى‏. ‏

قلت‏ ‏اغـَمَّض‏ ‏تـَانـِى ‏حـَبـَّهْ‏ ‏صـْغـَيـَّرِينْ‏،.. ‏لمْ‏ ‏قِدِرت‏.‏

طب‏ْْ ‏حا‏ ‏فتـَّحْ‏ ‏ليه‏ ‏يا‏ ‏عـَالـَمْ؟‏ ‏هـِيَّا  ‏فُرْجـَةْ‏؟‏! ‏

بصّ‏ ‏لىِ “‏صاحـْبـَك‏” ‏ولعـِّبْـلىِ ‏حواجـْبـُهْ‏، ‏

قال‏: ‏وقِعْت‏،‏

والقلم‏ ‏كـَمّل‏ ‏كإِنى ‏لمْ‏ْ ‏وِقفت‏: ‏

‏-15 – ‏

بقى ‏دى ‏حياتنا‏ ‏يا‏ ‏ناسْ‏، ‏وِآخْرِةْ‏ ‏صبرنا؟

الحياهْ‏ْْ؟‏ ‏نـُقـْعد‏ ‏نـِـحَـكِّـى ‏لبعضـِنـَا‏‏؟‏ ‏

الحياه‏ْْ‏؟‏ ‏نُقْعد‏ ‏نـِحـِسْ‏، ‏نـِبـُصْ‏، ‏يـِتـْهـَيـَّأ‏ ‏لـِنـَا؟‏ ‏

‏ ‏طب‏ ‏واحنا‏ ‏فين ‏”‏دلوقتى‏” ‏حالاً‏ “‏أو‏ ‏هنا‏”؟

دى ‏المركب‏ ‏الماشـْيـَهْ‏ ‏بِلاَ‏ ‏دَفّهْ‏ ‏ولا‏ ‏مـِقـْلاعْ‏ ‏حَاتُشْرُدْ‏ ‏مِنـّنَا‏،‏

واوْعَى ‏الشـُّقـُوقُ‏ ‏تـِوْسـَعْ‏ ‏يا‏ ‏نايم‏ ‏فى ‏الـَعـَسلْ‏، ‏

      لا‏ ‏المَّيهْ‏ ‏تِعْــلَى، ‏تزيد‏ْْ، ‏تزيدْ‏، ‏

‏.. ‏مّيةْ‏ ‏عطَنْ‏، ‏تـِكْسِى ‏الجلودْ‏ ‏بالدَّهْنَنَه‏، ‏

وتفوح‏ ‏ريحتـْها‏ ‏تِعْمِى ‏كلِّ‏ ‏اللـى ‏يحاول‏ْْ ‏يـِتلـِفـِتْ‏ ‏ناحيةْ‏

 “‏لمـِاَذاَ‏”، ‏

أو‏ “‏لمعنى‏” ‏يكون‏ ‏ما‏ ‏جـَاشِى ‏فى‏”‏الكـِتـَابْ‏”،‏

    أو‏ ‏لـِلـِّى “‏جـُوَّه‏”،‏

‏ ‏أو‏ ‏نـَواحـِى “‏ربنا‏”!‏

‏ (‏الرحمهْ‏ ‏يارب‏ ‏العباد‏: ‏إغفرْ‏ ‏لنِا‏).‏

‏-16-‏

واللعب‏ ‏داير‏ْْ ‏ليل‏ْْ ‏نهارْ‏ ‏لم‏ْ ‏يـِنـْقطعْ‏،‏

‏ ‏والسيركْ‏ ‏صـَاحْــبُو ‏واقفْلِى ‏بْيِلفّ‏ ‏العـَصـَا

ويقول‏ ‏بعزّ‏ ‏مـَا‏ ‏فـِيه‏ْْ: ‏أهو‏ ‏دا‏ ‏اللى ‏ممكن‏، ‏واللِّى ‏عاجبهْ‏!‏

‏-17-‏

أنا‏ ‏مش‏ ‏عاجبْـنى ‏هِـهْ، ‏ولازْمَـنْ‏ ‏يِتْحَكَى،‏

كل‏ ‏اللى ‏جارى‏.. ‏لاجْل‏ ‏ما‏ ‏الناس‏ ‏تنتبه‏ ‏قبل‏ ‏الطوفان‏، ‏

للناسْ‏..، ‏لكل‏ ‏الناسْ ‏حا‏ ‏قول: ‏

رد‏ ‏الجميل‏ ‏للطير‏ ‏بـِيـْنزِف‏ْْ ‏م‏ِِ ‏الأَلـَمْ‏ ‏قـُدَّام‏ ‏عـُيـُونى‏. ‏

قالوا‏ “‏مريض‏” ‏لكنه‏ ‏أستاذ‏ ‏الأساتذة‏ ‏كلهم‏.‏

علّمنى ‏أشـُوفْ، ‏علّمنى ‏أَصـْحـَى‏.‏

علـّمنى ‏ضـَرب ‏النار‏، ‏بكلمة‏ْْ ‏صدق‏ ‏طالعه‏ْْ ‏مولـَّعـَةْ‏.‏

تحرق‏ ‏عبيد‏ ‏الضَّلمة‏ ‏والتفويت‏ ‏وشـُغـْل‏ ‏الهـَمـْبـَكـَةْ‏،‏

وتْنوَّر‏ ‏السكة‏ ‏لإخوانِ‏ ‏الشـَّقـَا‏،‏

للى ‏يـقايسْ‏، ‏ ‏للى ‏يـِحـسْ‏، ‏يـِبـُصْ‏، ‏يـِتـْجـَرَّأْ‏، ‏يـُشـُوفْ‏،‏

للناسْ‏ .. ‏لكلِّ‏ ‏الناسْ‏ ‏حاقـُول‏ْْ؛‏

‏-18-‏

دا‏ ‏حق‏ ‏كلِّ‏ ‏النَّاس‏ْْ ‏يا‏ ‏نَاسْ‏.‏

حق‏ ‏اللِّى ‏ورَّانى ‏حقيقتى،‏

‏ ‏حتى ‏لوكاتْ‏ ‏مش‏ ‏حقيقتى،‏

‏[‏الحقيقة‏ ‏انك‏ ‏تدوَّر‏ ‏عالحقيقة‏]‏

دا‏ ‏دِينْ‏ ‏ولازم‏ ‏يندفع‏،‏       

دا‏ ‏دين‏ ‏عليَّا  ‏للى ‏قالـْهالى ‏وما‏ ‏اقدرشِى ‏يـكمـِّل‏،‏

لكنه‏ ‏علـِّمنى، ‏ووصَّانى ‏أوفـِّى ‏الدين‏ ‏لأصحابو‏ ‏الغلابهْ‏،‏

وازاى ‏أنا‏ ‏يا‏ ‏خلق‏ ‏هوه‏ ‏حاحكى ‏وانا‏ ‏غارق‏ ‏لشوشتي؟

حتى ‏ولو‏ ‏ما‏ ‏كاشفشـى ‏منى ‏إلا‏ ‏خيبتي‏. ‏

ما‏ ‏قدرتش‏ ‏اسكت‏، ‏دا‏ ‏السكات‏ ‏يبقى ‏خيانة‏ ‏للى ‏كان‏. ‏

‏ ‏هو‏ ‏انا‏ ‏ناقص‏ ‏رجل‏، ‏ولا‏ ‏ماليش‏ ‏لسان‏ ‏؟‏ ‏

‏-19-‏

أنا‏ ‏رايح‏ ‏اقول‏ ‏كلِّ‏ ‏اللى ‏عارفُهْ‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏جانِى ‏الفِقِى مــدِّدْنِى

‏فى ‏الفَلَكَهْ‏ ‏وقطَّعْ‏ ‏جِتــِّــتِى:‏

إنْ‏ ‏كنت‏ ‏عايْز‏ ‏تلِعَبِ‏ “‏العَشَرة‏” ‏وتْبقَى ‏الطَّيبَةْ‏؛‏

نكشف‏ ‏وَرَقنَا‏ ‏قبل‏ِِ ‏مَا‏ ‏الوَادْ‏ ‏يِتْحَرَقْ‏،‏

واللَّى ‏يِبَصَّر‏ “‏بالبِنَيَّة‏” ‏يِبْقَى ‏ذَنبِ‏ ‏التَّانىِ ‏عَلَى ‏جَنْبُهْ‏،‏

                                  مَالوشْ‏ ‏يزْعلْ‏ ‏بَقَى‏، ‏مَا‏ ‏كَانْ‏ ‏يشْوفْ‏!‏

ما‏ ‏الِّلعْبِ‏ ‏عالمْكشْوُفْ‏…، ‏أَهُهْ‏

-20-

لأَّهْ، مانيِش ساكتْ ودِيِنى وْمذهبى،

حتَّى ولو كان اللِّى “مَاتْ” هواّ اللِّى “عاش”، فى عـُرْفـُكم

لأَّهْ، مانيِشْ مَيِّت حَاعيش:

وســــــَّـــع‏ ‏بقى..!!‏

‏-21-‏

القلم‏ ‏صحصح‏ ‏وِنَطّ ‏الحْرف‏ ‏منُّه‏ ‏لْوَحدُه‏ ‏بِيخزّق‏ ‏عِينَىَّ،‏

وابْتْدا‏ ‏قَلمِى ‏يِجَرّحنى ‏أنا‏.‏

قالِّى ‏بالذمَّة‏ْْ: ‏

‏ ‏لو‏ ‏كنت‏ ‏صحيح‏ ‏بنى ‏آدم‏ْْ،.. ‏بـِـتـْحِسْ‏،‏

والناس‏ ‏قدّامك‏ ‏فى ‏ألـَمُهمْ‏، ‏وفْ‏ ‏فَرَحْتِهُمْ‏،‏

وفْ‏ ‏كسْرتهم‏، ‏وفْ‏ ‏ميلة‏ ‏البخْتٌ‏، ‏

مشْ‏ ‏ترسـِمـْهُم‏ ‏للناسْ‏‏؟‏ ‏الناس‏ ‏التانيه‏ْْ‏؟

إٍللى ‏مِشْ‏ ‏قادْرَهْ‏ ‏تقولْ‏: “‏آه‏”، ‏عَنْدِ‏ ‏الدَّكْتورْ.‏

أصل‏ “‏الآه‏” ‏المودَهْ‏ ‏غاليهْ‏، ‏

‏ ‏لازمْ‏ ‏بالحَجْزْ‏،‏

‏ ‏لازمْ ‏بالدورْ‏.‏

مش‏ ‏يمكن‏ ‏ناسْنا‏ ‏الَغْلبَانَهْ‏ ‏إِللى ‏لِسَّه‏ “‏ما‏ ‏صَابْـهَاشِ‏” ‏الدورْ‏؛‏

‏ ‏ينتبهوا‏ ‏قبل‏ ‏الدُّحْدِيرَةْ‏ – ‏قبل‏ ‏ما‏ ‏يغرقُوا‏ ‏فى ‏الطينْ‏.‏

‏ ‏ولاّ ‏السَّبُّوبه‏ ‏حَاتتعْطَّلْ‏ ‏لَو‏ ‏ذِعْت‏ ‏السِّر‏؟

‏ ‏ولاّ‏ ‏انْتَ‏ ‏جَبَان‏‏؟

‏-22- ‏

بصراحة‏ ‏انا‏ ‏خـُفـْت‏.‏

خفت‏ ‏من‏ ‏القلم‏ ‏الطايح‏ ‏فى ‏الكلّ‏ ‏كـِلـِيلـَهْ

حيقولُوا‏ ‏إٍيه‏ ‏الزُّمَلاَ‏ ‏المِسْتَنِّيَهْ‏ ‏الغلْطَهْ‏‏؟

حيقولوا‏ ‏إيه‏ ‏العُلَماَ‏ ‏المُكْـــنْ

‏(‏بِسْكون‏ ‏عَالْكَافْ‏ .. ‏إِوعَكْ‏ ‏تغْلَطْ‏)‏

على ‏عالِم‏، ‏أو‏ ‏مُتَعَالم‏: ‏بيقولْ‏ ‏كَماَ‏ ‏راجِل‏ ‏الشَّارع

‏-23-‏

القلم‏ ‏اتهز‏ ‏فْ‏ ‏إيدى، ‏

طــلــَّـعْ‏ ‏لى ‏لسانُهْ‏،‏

‏ ‏ما‏ ‏يقولوا‏!!‏:

حد‏ ‏يقدر‏ ‏يحرم‏ ‏الطير‏ ‏من‏ ‏غُـنَـاه‏؟‏!‏

من‏ ‏وليف‏ ‏العش‏، ‏من‏ ‏حضن‏ ‏الحياة‏ْْ‏؟‏!‏

تطلع‏ ‏الكلمهْ‏ ‏كما‏ ‏ربِّى ‏خلقْها‏،‏

تطلع‏ ‏الكلمة‏ْْ ‏بْعَـبلْها‏،‏

تِبْقَى ‏هيـّا ‏الِكْلمة‏ ‏أَصْل‏ ‏الكُونْ‏ ‏تِصَحِّى ‏المِيِّتِيْن‏.‏

والخايفْ‏ ‏يبقى ‏يوسَّع‏ْْ،‏

‏ ‏أَحْسَنْ‏ ‏يطـَّرْطـَش‏، ‏

أو‏ ‏تيجى ‏فْ‏ ‏عينه‏ ‏شرارة‏، ‏

‏ ‏أو‏ ‏لا‏ ‏سـَمـَح‏ََ ‏الـلّه

يِكْتِشِفِ‏ ‏انُّه‏ ‏بِيْحِسْ‏.‏

 

[1] – النص من كتاب “حيرة طبيب نفسى .. نهاية وبداية” سنة 1972 وتم تحديثه فى فى سنة 2017 بعنوان (“مستويات الصحة النفسية” من مأزق الحيرة إلى ولادة الفكرة) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم.

[2] – حسين‏ (‏محمد‏ ‏كامل‏) ‏متنوعات‏: “‏البحث‏ ‏العلمي‏” ‏مكتبة‏ ‏النهضة‏ ‏المصرية‏. ‏القاهرة

[3] – هذا المقتطف هو بداية مقدمة ديوانى “أغوار النفس” دار الغد للثقافة والنشر 1978 الطبعة الأولى، وهو بالعامية المصرية ولم يتضمنها كتاب “حيرة طبيب نفسى” الذى ظهر قبلها بسنوات، ثم تم شرحه فى كتاب كامل باسم: “فقه العلاقات البشرية” فى موقع الكاتب www.rakhawy.net من تاريخ 10/6/2009 إلى تاريخ 15/9/2010 (720 صفحة A4)، وهو تحت النشر الورقى  أيضا حاليا.

admin-ajax (5)

admin-ajax (4)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *