الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من “قصر العينى” الفصل السابع: عن الطاقة والحياة (2)

مقتطف من كتاب: دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من “قصر العينى” الفصل السابع: عن الطاقة والحياة (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 29-4-2019

السنة الثانية عشرة

العدد:  4258

مقتطف من كتاب:

دليل الطالب الذكى فى: علم النفس (1)

انطلاقا من “قصر العينى”

الفصل السابع: عن الطاقة والحياة (2)

(استكمال لمقتطف أمس)

…………..

المعلم: أنا لا أود أن أعرف أسبابك الخاصة وإن كنت احترمها، فدعنى أوصّل لك ما أعرف أو ما ينبغى أن تعرف: وهيا نترك طبيعتها الفسيولوجية جانبا لنعرف أبعادها ووظيفتها أولا.

الطالب: لا ياعم، لقد بدأنا بالمخ ثم قبل ذلك تعريف النفس، وليس عندى ما يبرر ألا أبدا فى كل وظيفة من نفس المنطلق.

المعلم: ماذا أقول لك؟ هل تقبل اجتهادى؟

الطالب: وهل هى جاءت على اجتهادك فى هذه النقطة فقط حتى تستأذننى؟ ألست تجتهد منذ البداية؟ بل تريدنى أنا أيضا أن أجتهد؟ هاتها ولا يهمك.

المعلم: تعالَ نمسكها واحدة واحدة:

1- القوة الدافعية هى تراكيب تنظيمية أيضا فى المخ، (ممتدة إلى كل الجسد كما اتفقنا) (2) ولكن يبدو أنها ليست ارتباطات خطية بسيطة، بل هى ترابطات دوائرية غائرة متداخلة مشتملة.

الطالب: يعنى مثل التى تحدثنا عنها حين تطرق الحديث إلى المخ المتنحى؟

المعلم: تقريبا.

الطالب: يعنى العواطف والدوافع فى المخ المتنحى؟

المعلم: ليس تماما، ثم يا أخى لاتتعجل، لقد وعدتنى بحسن الاستماع حتى أنتهى من اجتهادى.

الطالب: أنا آسف، أكملِ أكملِ

المعلم:

 2- فهى تركيبات كلية بشكل مبدئى، وكل “تركيب مترابط” يمثل مستوى  من الانفعال، فالتركيب يكون بدائيا كلما كان هذا الكل التنظيمى شاملا لعدد أقل من النيورونات والدوائر، وكان أقدم عمراً (فى المخ الأقدم) وكان أقرب إلى الإنفعال الفج وإلى الدوافع العضوية، وكذلك كان ظهوره أقرب إلى النشاط التفاعلى، والعكس صحيح، أى إنه إذا كان التركيب التنظيمى شاملا لعدد أكبر فأكبر من النيورونات والدوائر، وكلما كان أحدث عمراً (فى المخ الأقل قدما وهكذا) كان أقرب إلى ما نسميه العواطف Feeling أو الدوافع الأرقى، وكذلك كان ظهور هذا التنظيمات أشمل لكل من الفعل والتفاعل، أى الدفع التلقائى والاستجابة معا إذا كان كل ذلك فهو تنظيم أحدث وأرقى وأشمل.

3- كلما انفصلت تنظيمات الدوافع والانفعالات الترابطية عن بقية الوظائف الترابطية الأخرى، كانت الظاهرة الدوافعية مستقلة (بدائية نوعا ما)، والعكس صحيح: أى أنه كلما ارتبطت بالوظائف الترابطية الأخرى مثل التفكير والتعلم والإرادة كانت أقل استحقاقا للتناول بصفتها وظائف مستقلة.

الطالب: لا .. لا…عندك، أكاد لا أستطيع تتبعك.

المعلم: أعلم ذلك، ولكنها مبادئ عامة تحل مشكلة تصور الطاقة تصورا خرافيا أو مجرداً.

الطالب: تريد أن تقول أن الطاقة التى تتحدث عنها هى نوع من الترابط الكلى التنظيمى.

المعلم: ولكن أضف لو سمحت أنها: فى حالة توظيف نـَـشـِـطْ.

الطالب: وما الذى يجعلها فى حالة توظيف نشط؟ ألا يحتاج هذا التوظيف فى ذاته إلى طاقة.

المعلم: لماذا لا تتصور معى  يا ابنى أن التنظيم فى ذاته يحرك بعضه بعضا فيولد الطاقة (3) متى ما سارت ترابطاته فى اتجاه بذاته.

الطالب: والله حيرتنى، التنظيم ذاته؟ فى اتجاه بذاته؟ أليس عندك شئ أسهل.

المعلم: أسهل مثل معاملة الوظائف النفسية وكأنها تصدر من موضع محدد “بذاته” مثلما يبسطها العاجزون عن التصور الكلى والدوائرى، فيحددون موقعا بالسنتمتر فى مكان جغرافىّ لبعض العواطف بذاتها؟ هل هذا ما تريده؟

الطالب: لعل معهم حق، هذا يسهل لنا الحفظ.

المعلم: يجوز أن معهم حق ولكنهم ليسوا مع الحق، فالحفظ ليس هدفا فى ذاته

الطالب: إذن فأين الحق، إنى أود منك أن تحدثنى عن هذه الطاقة حديثا أوضح حتى ولو كررت ما قلت بلغة أخرى فالتكرار يعلم الشطار.

المعلم: لقد حـَـيـَّـرَتنى هذه المسألة كثيرا كثيرا، ففكرى كله مبنى على افتراض طاقة أو قوة ما فى الكيان الحيوى إذا ما أحسن تنظيمها وتوجيهها، تكامل الوجود البشرى وانتقل إلى آفاق التطور بلا توقف، وإذا أعيقت ظهرت المضاعفات، وأجهض النمو، وتشتت الجهد، وأعلن المرض.

الطالب: كلام جميل، فماذا حيرك فى ذلك؟

المعلم: حيرنى أن مفهوم هذه “القوة” الـ.. “ما” غير واضح فى ذهنى، ولا أستطيع أن أترجمه إلى تصور تشريحى، أو حتى فسيولوجى يسير مع تركيب المخ، ولا مع فكرة الترابط التى سهلت لنا فهم التفكير مثلا.

الطالب: إنك تـُغـَلـّب نفسك، ودعنى أساعدك ولو خرَّفت، يخيل إلىّ بالمنطق السليم أن الحياة ذات نفسها طاقة دون مفهوم تشريحى أو فسيولوجى، وحتى الذرة غير الحية فيها كل هذه الطاقة الذرية دون تشريح أو فسيولوجيا، هذه بديهيات أليس كذلك؟.

المعلم: أى والله، ربنا يفتح عليك، يبدو أن هناك من البديهيات ما لا يحتاج إلى إثبات، ولكن هذا لا يمنع أن نبحث عن أقرب تصور لمفهوم الطاقة ومفهوم الغرائز و……

الطالب: (مقاطعا): ما للغرائز وما للطاقة.

المعلم: يا إبنى وهل الغرائز إلا طاقة نوعية موروثة متوجهة نحو إشباع بذاته

………………..

[1] –  المقتطف: من كتاب (دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من “قصر العينى”) الفصل السابع: “عن الطاقة والحياة” (من  ص177 إلى 180) ( الطبعة الأولى 1980)، (الطبعة الثانية 2018)  منشورات جمعية الطب النفسى التطورى، والكتاب موجود فى الطبعة الورقية  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] – هذه إضافة لاحقة

[3] – لن أتكلم هنا – ولا فى الهامش – عن طبيعة الطاقة وقدرتها على التأثير المباشر ومدى إشعاعها مما قد يتجاوز هذا المستوى من النقاش، لأنه يقع فى مجال “ما بعد علم النفس” وهو مجال بكر خطر فى آن واحد.

 

admin-ajax (4)admin-ajax (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *