الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (9) “هل يخفِى عليها أنه يُعالَج أصلا..؟”

مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (9) “هل يخفِى عليها أنه يُعالَج أصلا..؟”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 28-4-2021

السنة الرابعة عشر  

العدد: 4988

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)

الكتاب الأول الحالات: من (1) إلى (20)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (9) من الكتاب الأول من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، وطبعا ما سوف ينشر هو لحالة واحدة كل أسبوع، ومع ذلك فقد تتخطى الحالة الواحدة الخمس صفحات (وأحيانا –نادرا-  إلى تسعة)، لكننى وجدت أنه يستحيل تجزئتها على أسبوعين وإلا انقطع الحوار وضاعت الفائدة، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته،

جزى الله الجميع جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (9)

هل يخفِى عليها أنه يُعالَج أصلا..؟

د. محمود فواز:…… هو عيان عنده 27 سنة حضرتك حولتهولى من خمس شهور كان جاى بأعراض جسدية كتيرة: بتجيله دوخة كتير قوى، وقلق وتوتر وشد فى العضلات، هو كان شغال فى شغلانة فيها ضغوط كتيرة، وكان لسه خاطب جديد، وخارج من خطوبتين ما نفعوش، وكان فيه مشاكل مترتبة على الخطوبتين دول. اللى حصل إنى لما ابتديت أشتغل معاه الأمور كانت طبيعية، وظهرت حاجات ومواقف يعنى فى العيلة والشغل، ومشى الحال أحسن فى أحسن.

د. يحيى: طيب والأعراض الجسدية؟

د. محمود فواز: هوا كان عنده خوف من العيا مع ظهور الأعراض دى، وكان بيروح لدكاترة كتير، لكن أنا وهو قدرنا نوقف الموضوع دا خالص، وابتدينا نشتغل باعتبار إن الموجود دا هو نتيجة حاجات نفسية، ابتدا يعنى يحصل شوية تحسن كده، وحتى اتحسن فى الشغل بتاعه، وابتدا يترقى، وابتدأت ثقتة فى نفسة تزيد، وعلاقتة بخطيبتة الجديدة اتحسنت.

د. يحيى: ياه كل ده فى خمس شهور، برافو، دا إيه دا كله، فيه إيه بقى بتسأل عن إيه؟

د. محمود فواز: هو بس من حوالى تلات أربع أيام كده كان قابل واحدة زمليته، ما شافهاش من زمان، يعنى قعدوا يتكلموا مع بعض فعرف منها إنها كانت متجوزة واحد واتطلقوا بسبب إن جوزها بيروح لدكتور نفسى ومخبى عليها، والعيان بتاعى خاطب وكان طول الوقت كان فى دماغه الموضوع ده، يعنى هو مخبى على خطيبته إنه بيجيلى، واتكلمنا فى الموضوع ده، يعنى هو معارض شوية فكرة إنه هو يقول لخطبيته، أنا قلت له رأيى إنى ميّال إنه ماينفعش إنهم يبتدوا مع بعض غير لما يعرّفها إنه بييجى، بس هوا مش مقتنع، وخايف من الموضوع ده.

د. يحيى: طيب، ما اتكلمتش معاه ليه فى تفاصيل أكتر عن حكاية زميلته اللى سابت جوزها عشان بيروح لطبيب نفسانى، ومخبى عليها، مش جايز الحكاية اللى حكتها له هى القشرة اللى على الوش، وفيه حاجات تانية هى السبب الحقيقى للانفصال؟ دا حتى يمكن زميلته نفسها ما تعرفشى السبب الحقيقى؟

د. محمود فواز: يجوز، طبعا فيه حاجات تانية، ما أنا قلت له ما تاخدش المسألة كده بالحرف وتقارن نفسك بجوز صاحبتك أقصد طليقها.

د. يحيى: طيب ما انت ماشى كويس أهه، بس الحكاية عايزة شوية تفاصيل زيادة كمان، عشان لما تشور عليه، تعملها وقلبك جامد، ولا إيه؟

د. محمود فواز: هى فعلا بتقول إن هما ماكانوش مستريحين لبعض وإن هو كان عنده مشاكل مدكّنْها ظهرت بعدين، مش بس إنه كان مخبى عليها العلاج.

د. يحيى: شفت إزاى، دا بالنسبة دلوقتى لجوز زميلته، طليقها يعنى، بس أنا باتكلم عليها وهيه متجوزاه، هوه عيان نفسى، أو على الأقل عنده حاجة بتخليه يروح يتعالج نفسى، ودا مش عيب ولا وصمة فى حد ذاته، لكن أهو مرض نفسى والسلام، وانت عارف إن أكتر الصعوبات بتاعة مرضانا، سيبك من حكاية إيدى وعينى وفم المعدة وقلق واكتئاب والكلام ده، بافكرك إن أكتر الصعوبات بنقابلها هى حكاية محاولة عمل علاقة حقيقية، دى يا أخى صعوبة فظيعة عند الناس العاديين لوعايزين علاقة بصحيح، أقله المرضى بتوعنا بيقولوا “آه” صريحة وأن “الحكاية صعب”، إنما العادى المطنش مطنش، المهم فيه صعوبة تواصل، ويمكن وصلت صعوبة التواصل بين الزميلة دى وبين جوزها إلى صعوبة فى “العلاقة الجسدية”، ودى حاجة لها دلالتها أكتر من مجرد العجز مثلا، ثم إنها ممكن تبقى خطيرة لما يترتب عليها من خجل واهتزاز، ومن ضمن مظاهره إنه يخبى إنه بيروح يتعالج، وده يصعّب المسألة أكتر، يبقى السبب الأصلى اللى هوه المرض أو الإعاقة موجود، وفوق منه: شعوره إنه عامل عملة وبيتعالج، ويا ترى اترتب على ده إيه بعد كده ولمدة أد إيه؟ كل ده لازم تحطه فى دماغك وانت بتحكم.

د. محمود فواز: ما أنا حطيته، بس مش قوى كده.

د. يحيى: إحنا مش فى حالة طليق زميلته دلوقتى، إحنا فى حالة مريضك انت، ما تنساش إنه خطب مرتين، وفشل، ودى التالتة.

د. محمود فواز: ما هو عشان كده.

د. يحيى: عشان كده إيه؟ ما قلتلناش، لازم نعرف بالتفصيل برضه أسباب فشله فى كل مرة، هو اللى فركش؟ ولا هما، واحدة ورا التانية؟ ويا ترى سبب الفركشة هو نفس السبب، ولا مختلف، أصل مسألة الرفض دى حاجة مش سهلة بالنسبة للرجالة، يمكن أكتر من الستات غير ما بنتصور.

د. محمود فواز: طيب وهى حا تفرق إيه فى قراره دلوقتى بالنسبة لخطيبته الجديدة؟! ما هو فى الخطوبتين الأولانيين ما كانشى بيتعالج لسه.

د. يحيى: تفرق كتير، أولا الفشل لأى سبب كان، بيخليه حريص أكتر على استمرار الخطوبة الحالية، يمكن لدرجة تبوظها، وده لوحده دافع إنه يخبى، ثانيا يجوز فعلا إن فيه هوه شخصيا حاجة بتبان للى بيخطبها بعد شوية، فبتسيبه، وده من ضمن مهمتنا فى العلاج إن إحنا نشوف الشخص ده بيكرر إيه فى حياته عشان يفشل كده، يعنى احتمال يكون فيه نصّ “سكريبت” كده، ولا كده، وخوفه إنه يقول لخطيبته الجديدة هو مجرد مظهر خارجى “لسكريبت” داخلى بيتكرر بأشكال أخرى تفشله.

د. محمود فواز: يعنى يقول لها ولا ما يقولهاش؟

د. يحيى: بصراحة يمكن أنا زيك، من حيث المبدأ: أنا أفضل إنه يقول لها، بس يعنى ما يبقاش مدب ويقعد يحكى لها عن اللى قالته زميلته، طبعا خطيبته ما تعرفهاش؟!

د. محمود فواز: طبعا

د. يحيى: وبعدين يا أخى هو شخصيا شايف إن مرواحه للعلاج النفسى نقص ولا إيه؟ ما لو كده يبقى ممكن الشعور ده يوصل لخطيبته حتى لو ما قالهاش بصراحة.

د. محمود فواز: مش متأكد هو شعوره إيه بالضبط.

د. يحيى: وبعدين فيه حاجة كمان، هو لو وافق على رأيك إنه يقول لها، يبقى فيه فرصة إنه يحكى لها عن علاقته بيك بطريقة بسيطة وواضحة، يمكن تفهم وتطلع أحسن منه، وبعد كده إنت حاتكمل معاهم همـّا الاتنين لو وافقت، إنت من حقك فى الحالة دى تشوف خطيبته، وساعتها حاتقدر تقدر شخصيتها، وحبها، ومدى نضجها، وطبعا دى حاجات مش سهلة، لأن أحيانا البنات بيسألوا أسئلة تدل على خوف حقيقى، زى مثلا هو المرض اللى عنده دا وراثى، وساعتها بتكون منشنة على عيالها وكلام من ده.

د. محمود فواز: يمكن ده اللى مش مريحه، ومزود الخوف عنده، وهو مش ناقص فركشة تالتة.

د. يحيى: هوه عنده حق، وانت عندك حق، لكن المسائل لازم تتوضح بأكبر قدر ممكن، وبشكل مبسط فى نفس الوقت، الناس مش عارفة يعنى إيه مرض نفسى إلا من المسلسلات، دا حتى الدكاترة يا شيخ وهما بيستعملوا أسماء الأمراض، ما بيبقاش فى وعيهم قوى همـَّا قصدهم إيه باليافطة اللى بيعلقوها على العيان، قال إيه تشخيص، هو فيه مريض زى التانى، حتى لو كان بنفس التشخيص.

د. محمود فواز: هى مش مسألة تشخيص، ده مجرد إنه بيروح بيتعالج أو ما بيروحشى، يقولها ولا ما يقولهاش.

د. يحيى: شوف اما أقولك، المسألة مش جدول ضرب، إحنا فى مجتمع طيب وغلبان، والرجالة بقوا مهزوزين بجد، وهى مغامرة فى كل الأحول، وإذا كنت شايف إن التجربتين الأولانيين لسه مأثرين فيه جامد، يا أخى استنى شوية، يمكن يكبر بالعلاج، وزى ما اتحسن فى شغله واترقى، ربنا يسهل وثقته بنفسه تزيد، وساعتها يقول لها ورزقه على الله، ويعرض عليها فى نفس اللحظة إنها تيجى تقابلك، أنا فى الحالات دى باخلى اللى عايز يسأل يسأل كل اللى يخطر على باله بس قدام المريض بتاعى مش من وراه، وانت وشطارتك فى الإجابات، ودى عملية مش سهلة، مش سهل إنك تقول الحقيقة بطريقة ترد على اللى جوا اللى بيسأل، على اللى ورا السؤال، مش بس على السؤال نفسه. وعندنا يا أخى فى بلدنا يقولوا إذا كانت البت شارية حايبان عليها إنها شارية، والأمور تبقى ألسطة، مين يعرف؟!

د. محمود فواز: يعنى أعمل إيه؟

د. يحيى: يا أخى إنت مستعجل على إيه، هو مش بييجى، وبيتحسن، قول له يطنش شوية حكاية زميلته اللى اتطلقت دى، وفهـِّـمـْـه إن المعلومات ناقصة، وإنه ما يقدرشى يحكم على تجربته من خلال معلومات ناقصة سمعها من زميلته وما سمعشى أى حاجة من الطرف التانى، وأديك شايف إن علاقته بشغله عمالة تتحسن زى ما بتقول، وفى نفس الوقت حايحكى لك عن علاقته بخطيبته الجديدة وانت تقدر بذوق من بعيد كده تقارنها بالتجربتين اللى فاتوا، وساعتها يمكن هو يعملها لوحده من غير ما يسألك، ويمكن يسألك وانت تجاوبه ورزقك على الله،

وطبعا لو كان حايطوّل معاك، وكانت خطيبته ناضجة ممكن تعرض عليه إنك تتعرّف عليها وتيجى تقابلك وترد أنت على استفسارتها بأمانة وأبوة وموضوعية، وده يحصل قدامه  طبعا، وهوَّا قاعد.

ويمكن ترجع لنا تانى نكمل المناقشة.

د. محمود فواز: شكرا.

د. يحيى: ربنا يخليك.

****

التعقيب والحوار:

د. أسامه فيكتور:

عندى تعقيب عام على عبارة: “هو شخصيا شايف إن مرواحه للعلاج النفسى نقص ولا إيه؟”

من خلال خبرتى مع المرضى اللى حضرتك حولتهم لىّ فى العيادة، لمّا يكون العيان جاى لوحده وحاسس إنه عنده مشكلة ما بتوقف حياته ومصدق فى إن الطب النفسى والطبيب النفسى اللى عنده خبرة حياتية (أو ذاتية) مع خبرة حرفية مهنية حايساعده على تجاوز هذه الوقفة، فهو بيعدى ويكون شخص أحسن من الأول بل ربما أحسن بالمقارنة بالطبيعيين اللى مش حاسين بحاجة، أو حاسين إن كله تمام.

 أما اللى جاى عن طريق أهله فبيعتمد على موقف الأهل.. هل هم مصدقين إن الطب النفسى حايساعدهم ولا جايين تسلية وغالباً موقف الأهل هوه اللى بيتحكم فى مدة العلاج ومساره.

 د. يحيى:

كلامك صحيح بصفة عامة، لكن حتى من يُحضره الأهل إذا وصلته رسالة صادقة، وشعر بتحسن نوعى، فإنه سوف يكون –بفضل الله والعلم- أفضل من العاديين (واللى عاجْبُه!!)، ثم إنى توقفت عند تعبيرك، ولا جايين “تسلية”، أظن الأهل –عادة- مابيودوش قريبهم للطبيب تسلية.

د. أسامه فيكتور:

أعتقد إن هذا المريض بينمو فى العلاج النفسى الفردى والدليل على ذلك هو نجاحه وترقيه فى العمل؟ وأعتقد أنه لو استمر مع د.محمود فإنه سيستطيع إبلاغ خطيبته بذهابه لطبيب نفسى بشكل لا يؤثر على استمرار العلاقة. بل أذهب لما هو أبعد من ذلك فأقول: إن خطيبته قد تقتنع وتطلب من د.محمود أن يحدد لها مواعيد لجلسات علاج نفسى حتى تلاحق سرعة قطار نمو خطيبها وده يعتمد على حاجتين هى فاهمة (بالبلدى) يعنى إيه نمو نفسى ولا لأ؟ وهى شاريه ولا لأ؟

د. يحيى:

أظن يا أسامة أنت تعرضت لنقطة فى غاية الأهمية من حيث الإشارة إلى احتمال أن يواصل المريض (أو من كان مريضا) مسيرة نموه على سلم التطور الذاتى بخطى أسرع من الجالس “مرتاح كده” على بَسَطة “العادية”، فماذا يكون الحال إذا كان هذا الجالس شريكه؟

 لكننى لا أنصح أن يتم هذا بأن يعالج الشريك بجلسات منتظمة عند معالج نفسى أو طبيب نفسى، خصوصاً وأنت تعلم محدودية، وتواضع كفاءة القائمين بهذا النوع من العلاج، ربنا يستر، النمو بيحصل فى الظروف الطيبة الصحيحة زى ما بيحصل فى العلاج النفسى، إذا حصل.

أ. أحمد صلاح عامر:

هو مش اعتراض قد ما هو استفسار :

هل يجوز أصلا أن يتزوج المريض النفسى؟ وهل إذا تزوج يجوز أن ينجب؟

د. يحيى:

يا خبر يا بوحميد!!! يجوز ونصف، وينجب نصف دستة بعد إذن سيادة الرئيس وزير الإنجاب، أعنى وزير السكان.

 ولكن علينا أن نتذكر أن الزواج فى ذاته ليس علاجا، لكنه حدث حياتى يقدم عليه أى واحد، مريضا أو غير مريض، شريطة أن يتحمل المسئولية بالشكل المناسب فى الوقت المناسب.

د. محمد الشاذلى :

وصلتنى صعوبة موقفنا من المرض النفسى والعلاج النفسى، وربما يرجع ذلك إلى أننا فعلاً لا نفهم لماذا نلجأ إلى الطبيب النفسى…. ولعل ما يساهم فى ذلك هو سهولة التعميم من ناحية، والهزل الإعلامى من ناحية أخرى.

د. يحيى:

عندك حق

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *