الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (18) .. متى نتصل بالمريض؟

مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (18) .. متى نتصل بالمريض؟

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 30-6-2021

السنة الرابعة عشر  

العدد: 5051

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)

الكتاب الأول الحالات: من (1) إلى (20)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (18) من الكتاب الأول من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!

جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (18)

.. متى نتصل بالمريض؟  (2)

د.مراد: هى بنت، عندها 28 سنة، بتشتكى من إنها مش قادرة تحس سواء بحزن أو بفرح، بيحصلها حاجات تانية، مثلا: رجليها توقف ما تقدرش تمشى عليها مدة قصيرة يعنى دقايق أو أقل، ساعات دراعها بيوجعها قوى وما تقدرش تحركه، مرة من المرات برضه عنيها شعلقت لفوق يمكن من الدوا، اللى أنا يعنى عايز أتكلم فيه إن الجلسة اللى قبل الأخيرة وإحنا قاعدين فى نص الجلسة بالظبط فجأه قامت وقالت أنا مش حاقدر أكمل، وراحت قايمة ماشية، يعنى الحتة اللى أنا اتزنقت فيها بالظبط هى: أعمل إيه فى ده؟ يعنى أنا ما عرفتش ساعتها، ثم وبعد كده لما تيجى المرات الجاية إذا جت، اكمّل ازاى؟

د. يحيى: بتقول قامت بعد قد ايه؟

د. مراد: بعد نص الجلسه بالظبط.

د. يحيى: بعد نص ساعة يعنى؟

د. مراد: أيوه 25 دقيقه تقريبا، يعنى إحنا قعدنا 25 دقيقة وراحت قايمة.

د. يحيى: هى بقى لها معاك قد إيه؟

د. مراد: 6 جلسات.

د. يحيى: بتشتغل؟

د. مراد: لأ هى ما بتشتلغش بس هى يعنى، خلصت دبلومة فى مجال تخصصها وبتحضر ماجستير دلوقتى يعنى حتسجل قريّب.

د. يحيى: السؤال بقى؟!

د. مراد: ما أنا سألت السؤال، هو أعمل إيه ساعتها، كنت أعمل إيه ساعتها؟

د. يحيى: طب ما تقولى لنا إنت الأول عملت إيه، وبعدين نعلق على اللى جرى.

د. مراد: يعنى اللى حصل وقتها إن اللى جه فى دماغى ساعتها يعنى، إن أنا أكمل وقت الجلسة حتى من غير ما نتكلم طالما هى مش قادره تقعد.

د. يحيى: ما خلاص، هىّ مشيت.

د. مراد: آه، ما هوّه ده المقلب، إنها هى مشيت.

د. يحيى: ليه مقلب؟!

د. مراد: أصل اللى جه فى دماغى أنا ماعملتوش، أنا لو عرفت إنى أخليها تقعد، دا كان الحل اللى فى دماغى، إننا نسكت.

د. يحيى: بصراحة اللى خطر فى دماغك ده جيد، بس صعب، لازم العلاقة تبقى أقدم شوية، ومضمونة شويتين عشان تقعدوا ساكتين قوى كده، السكات أصعب من الكلام.

د. مراد: ما أظنش كنا حانستمر مدة كده.

د. يحيى: طيب السؤال إيه دلوقتى؟ ما هى مشيت وخلاص.

د. مراد: السؤال أعمل إيه بعد كده، يعنى موقف زى ده اتصرف فيه ازاى؟

د. يحيى: هيـّا مرتبطة أو متزوجة

د. مراد: أيوه اتجوزت.

د. يحيى: يانهار أبيض، مبروك، طيب نتصور سوا، لو دى بنت عادية، يعنى قبل ما تتجوز، وإنت ماشى معاها، وقاعدين سوا فى حتة، وشديتو مع بعض، أو حصلت وقفة لأى سبب، وهى عملت معاك كده تعمل إيه؟

د. مراد: حسب يعنى..

د. يحيى: ما هو برضه فى العلاج النفسى يا أخى: “حسب يعنى”.

د. مراد: آه يعنى حسب.

د. يحيى: طيب، مش إحنا اتفقنا إن العلاقات الإنسانية واحدة، الفرق هو فى الإلتزام المهنى، والتنظيم، والتعاقد والهدف؟!

د. مراد: بصراحة، أنا ماليش خبرة.

د. يحيى: هوّا انت صاحبت بنات قبل ما تتجوز؟!

د. مراد: مرة واحدة بس مش مصاحبة مصاحبة، يعنى.

د. يحيى: خلاص خليها فى سرك، وخلى خيالك يشتغل، يعنى لو انت مصاحب واحدة وقابلتها، وراحت عاملة العملة دى، تعمل إيه؟

د. مراد: أنا قلت “حسب”.

د. يحيى: بالضبط، شوف يا ابنى، أحسن حاجة فى العلاج النفسى إنك انت تمد إيدك كده على المجتمع اللى أنت فيه، واللى المريض منه، وتروح جايب عيّنه فى خيالك أو ذكرياتك وتشوف إيه اللى جارى حواليك وتقيس بيه، وإلا حاتبقى بعيد عن الواقع الحقيقى بتاعنا، يبقى انت عليك دايما تفكّر نفسك بالفروق الثقافية دى. تفتكر الثقافة اللى انت منتمى إليها واللى مريضتك منتميه اليها، دى المقاييس اللى تقيس بيها، وما تنساش احتمال اختلاف الثقافات الفرعية، يبقى ساعتها الثقافة الفرعية بتاعة المريضة أَهَمّ، يعنى لو هى من الزمالك وانت من السيدة يبقى اللى ماشى فى الزمالك أهم، وهكذا، وبعدين تحط نفسك مرة مطرحك، ومرة مطرحها، يعنى لو انت شخصيا فى موقف زى ده، حتجرى ورا البنت صاحبتك وتلاحقها وتكلمها فى التليفون، ولا حاتتقل لحد ماتشوف آخرتها، بالنسبة للحالة دى، ولو من بعيد ولو بدرجة بسيطة المسألة فيها بُعد شخصى يتعلق بشخصيتك، وبخبراتك السابقة وفيها بُعد حرفى متعلق بالمرحلة اللى وصلتم إليها فى العلاج، يعنى مادام فيه علاقة علاجية نشوف حصل فيها إيه، يبقى لازم تبص لنفسك بهدوء وأمانة، يعنى مثلا لو إنتِ صعيدى واعتبرت إن دى إهانة لرجولتك، غير لو إنت من التجمع الخامس “ومتعووودة… داااايما”!! وكلام من ده، وكل ده ما ينفعش نحكم عليه والعلاقة مقطوعة، لازم حاتستنى تشوف إذا كانت حاتيجى تانى، ولا حاتتكلم تانى ولاّ لأه.

فيه احتمال بقى إنك انت تكون بتلوم نفسك على إنك إنت مسؤل عن مشيانها ده، يعنى إنك تتصور إنك انت كنت تقدر تأجل مشيانها أو تلغى مشيانها، وده برضه وارد، ومش عيب، بالعكس ده من حقك تحاسب نفسك، بس مش قوى، ليه بقى؟ إنت عندك كذا حالة غيرها ما مشيوش، إنت تلوم نفسك أو تبص قوى فى نفسك إمتى؟ لما ده يتكرر مع واحدة واتنين وكتير بشكل غير مألوف، مقارنة بزمايلك.

النقطه التانية اللى انت لازم تحطها فى حسابك هى مصلحتها وظروفها، وهى ما بتشتغلتش مش كده؟ سيبك من حكاية الماجستير دى، دى مش شغلة، صحيح هى ممكن تملا وقتها بيها، وتمثل لها سند مؤقت لحد ما ربنا يسهل، أنا بنت فى السن دى، 28 سنة، زى ما باقول لكم دايما با ابقى مشغول على البنات، وأتصور اللى باسميه “القوة الطاردة المركزية” اللى بتزق بعيد أى راجل يقرّب بحق وحقيق، يمكن البنت بتاعتك دى إتعودت على التطفيش فعملتها معاك، وجت فيك فى سياق العلاج، أنا بأقول يجوز يعنى، مجرد احتمال.

د. مراد: يعنى ما اتصلش بيها؟ أنا معايا نمرتها.

د. يحيى: لا لا لا عندك، هنا لابد من الالتزام والحسابات حسب الاتفاق فى حدود التنظيم اللى متفقين عليه، صحيح إنت لازم يكون عندك نمرة تليفونها أو نمر تليفون قرايبها، وده مش معناه إنك تكلمها، العيان هوّا اللى يسعى للمعالج، فى بلاد بره، ساعات يدفع مقدما، ولو غاب تضيع عليه الفلوس، عشان إنت فرّغت نفسك فى الساعة دى له، وهوه ضَيّع وقتك اللى كنت مخصصه له، إحنا عندنا هنا الدكاترة طيبين، بس ما توصلش لدرجة إنك تكلمها وإلا المسائل تخش فى بعضها، فيه استثناءات طبعا، مثلا لو كان فيه احتمالات ضرر واضح وجسيم ممكن إنه يلحق بيها، أو باللى حواليها، ساعتها بيبقى عندك التليفون الأقرب ليها، وده من أساسيات التعاقد، لو إنت متأكد من احتمال الخطر ممكن تتصل بأهلها بطريقة رسمية، مش تطلب إنها تيجى، لأ، إنت تطلبهم للحصول على معلومات أكثر عن اللى جارى، وبرضه للتنبيه على الخطر المحتمل إذا شفت إن الحكاية جد، ودى مسائل صعب حسابها جدا، لأنها ساعات ما تبقاش الحكاية خطر خطر، يمكن يكون مشيانها مجرد بتزوغ من ضغطك عليها عشان تحضر إمتحان مثلا، أو عشان تعمل مقابلة مهمة للتوظف، أو عشان تلتزم بالدوا.

د. مراد: يعنى دلوقتى أعمل إيه؟

د. يحيى: ولا حاجة، اللى وصلنى من المعلومات اللى انت قلتها دلوقتى إن العلاقة (العلاجية) ماشية، وإن اللى حصل ده حصل يا دوب الجلسة اللى فاتت، وإن ما فيش خطر قوى ولا حاجة، إنت تستنى بهدوء، وهى حاتيجى، ولما تيجى تبقوا تتكلموا فى ده أو ما تتكلموش، ونشوف سوا، بس خلى بالك لو اتأخرت عن مرة أو جت وما جابتش سيرة خالص عن اللى حصل، ده ماينفعش، فى الأحوال دى بيحصل وقفة وتعاقد جديد، بنسيمه “إعادة تعاقد”، الأمور لازم تتحدد أكتر ونكمل، بس ببداية جديدة غالبا، وبشروط أوضح تحط اللى حصل فى الاعتبار، من غير أى تلميح بعقاب أو قَمْص أو كلام من ده، وبرضه من غير تفويت.

د. مراد: متشكر

د. يحيى: أنا اللى متشكر

****

التعقيب والحوار:

د. أحمد عثمان:

خطر ببإلى ومنذ فترة أن يقوم المريض بدفع قيمة العلاج بالجلسات النفسية الفردية مقدماً، (بمقدار جلسة واحدة فقط) وذلك لزيادة ضمان إلتزام كلٍّ من المريض والمعالج، خاصة بعد أن وجدت أنها تُطْرَح أحيانا من بعض المرضى فما رأيكم فى هذا؟

د. يحيى:

طبعا أنت تعرف يا بو حميد الفرق فى الالتزام بيننا وبين “بلاد بره”، لو أن فكرتك طرحت تطوعا من بعض المرضى، إذن لاحتاج الأمر إلى مناقشة، ويمكن تطبيقها، لكننى نادرا ما صادفت مثل ذلك.

ثم إن إشكالة الحالة التى قُدِّمت لم تكن تركز على هذه النقطة بالذات، وإنما على مسألة السماح بالاتصال بالمريضة بعد انقطاعها أم لا، وأيضا على معنى قطع الجلسة واحتمال قطع العلاج وبالذات موقف الطبيب المعالج الشخصى من شعوره بالترك أو بالهجر أو بالفشل.

 د. نعمات على:

اليومية ديه فعلا جاءت فى وقتها لأن عندى مريضة كان عيد ميلادها من أسبوع وكنت عايزه اتصل أقولها كل سنة وهى طيبة ولكنى لم أفعل ولما جاءت فى الجلسة اللى بعد كده عاتبتنى بشدة وزعلت منى ما عرفتش أقولها إيه أنا عارفة أن هناك قواعد فى النظام العلاجى ولا أعرف ما فعلته صح ولا خطأ.

د. يحيى:

العتاب وارد من قبل المريضة، وهو حقها، ولكنى مازلت أنصح بعدم الاتصال من ناحيتنا حتى فى أعياد الميلاد، مع توضيح مغزى ذلك وفائدته فى تشكيل العلاقة المهنية، دون اعتذار بل بإقرار أن هذا يعطى للعلاقة شكلا مهنيا أفضل والشكل المهنى ليس مناقضا للشكل الإنسانى.

د. محمود حجازى:

أوافق على عدم الإتصال بالمريضة للحفاظ على حدود العلاقة العلاجية، أعتقد أن هذه المريضة سوف تعود مرة أخرى وأنها تختبر الطبيب.

د. يحيى:

ربما.

أ. أحمد صلاح عامر:

بالنسبة لهذه الحالة كنت أتمنى أن تساعد الدكتور وتساعدنى بخبرتك أولا لأتجنب هذا الموقف وأيضا لكيفية التصرف بطريقة علاجية حتى لا أفقد إمداد يد العون لهذه المريضة.

د. يحيى:

وهل أنا فعلت غير ذلك؟

أ. هيثم عبد الفتاح:

– هى تفرق لو كانت الحالة دى ولد مش بنت؟

– هل لو كان ولد كان ينفع الضغط عليه علشان يكمل الجلسة؟

د. يحيى:

أظن تفرق، ليس فقط فى الضغط أثناء الجلسة ليكملها، لكن عموما، فإذا دخلنا أكثر فى عمق العلاقة العلاجية: سوف نجدها: “ما تفرقش”

أ. هالة حمدى البسيونى:

مش عارفة حسيت بلخبطة لما حطيت نفسى مكان د. مراد مش عارفة كنت أتصرف إزاى، يمكن اللخبطة دى علشان خبرتى القليلة بس فكرة إنى أتصل بيها شفتها صعبة إنى أعملها، بس ممكن كنت أعملها لو كان الموضوع فيه خطر جامد.

د. يحيى:

أليس هذا هو ما قلناه فى الرد بالضبط؟

ربنا يبارك فيك وينفع بك.

د. هانى عبد المنعم:

مقتنع جداً بأهمية أن نضع فى الاعتبار الثقافات الفرعية فى العلاج النفسى للتعرف على ثقافة المريض المتميزة ما أمكن ذلك، وأجد نفسى عاجزا فى أحيان كثيرة لتورطى مع مريض يمتلك ثقافة غريبة عنى، فماذا افعل؟

د. يحيى:

علينا أن نتعلم من مرضأنا طول الوقت، نعرف ثقافة أهل رشيد من أهل رشيد، وثقافة أهل رأس الحكمة من أهل رأس الحكمة أو الضبعة، وثقافة أهل نجع حمادى من مرضى نجع حمادى، وهكذا وذلك حتى لا نفرض على مرضأنا قيم ثقافة مستوردة، أو قيم ثقافتنا نحن (ثقافة المعالج): معنى ذلك أنه باستمرار الممارسة اليقظة يمكن أن نلم أكثر فأكثر بأبعاد كثير من الثقافات الفرعية فى بلدنا وأحيأنا عند جيراننا (العرب مثلا)، يأتى بعد ذلك دور الإطلاع والقراءة وهو دور متواضع لكنه قد يفيد.

د. عماد شكرى:

كنت أتمنى أيضا إضافة جزء آخر عن التعامل مع اختيارات المريض باستكمال العلاج أو إيقافه ودلالاته بالنسبة للصحة والمرض والنمو والتجمد فقد وصلنى من موقف المريضة اختيار واضح وحاسم بشئ ما وأيضا أتمنى مناقشة مدد العلاج ودلالاته فى يومية أخرى.

د. يحيى:

أوافقك طبعا، ولكن دعنا نؤجل الرد التفصيلى حتى تأتينا تساؤلات عملية محددة من حالات أخرى، ومبدأ إعادة التعاقد مهم أن نفهم توقيته وشروطه بعد كل أزمة من هذا النوع أو مثله.

أ. عماد فتحى:

وصلتنى أهمية إعادة التعاقد فى مثل هذه الحالات أو المواقف.

بس فيه حاجة تانية: أنا مش فاهم تحديد عملية الإتصال بالأهل أو بالمريض فى حالة وجود خطورة وحضرتك أشرت لذلك، طبعا سبب وحجم تقييم هذه الخطورة بيدخل فيها عامل شخصى للمعالج وبرضه لازم يكون وصل لمرحلة نضج معينة لتقييم ذلك.

د. يحيى:

طبعا، العامل الشخصى مهم جدا فى كل شئ وفى كل خطوة، والإشراف الذى نمارسه وننشره هو السبيل للتقليل من تحيز المعالج وشطحه، وهو أمر إنسانى جدا، وخاص جدا، فهناك معالج يبالغ فى تقييم الخطورة فيبادر بسرعة الإتصال من جانبه، وهناك معالج آخر يقلل من حجم الخطورة، فيقع فى المحظور. الأمور صعبة ولا توجد قواعد عامة ثابتة وكل ذلك مرتبط – كما قلت أنت– بمرحلة النضج المستمّدة جزئيا من الخبرة.

 أ. محمد المهدى:

وصلنى من اليومية أن هناك أسبابا قد تتيح للمعالج التدخل والاتصال بذوى المريض فى حالة الخطورة ولكن ما أود السؤال عنه هو: هل هناك مواقف أخرى يجوز للمعالج اتخاذ هذا الموقف؟ وهل يكون فى ذلك إفشاء لأسرار المريض (مثلا لو مريضة تحب شخصا ما وأهلها لا يعلمون وأخبرتنى بأنها تنوى الهرب معه والزواج به)؟

د. يحيى:

الخطورة والطوارئ تقاس بحسابات موضوعية، مثل أية خطورة، أو طوارئ طبية، كل ما يحتاج إلى تدخل فورى وإسعاف نشط لمنع ضرر جسيم هو خطر، لكن نحن هنا نناقش نقطة محددة، وسوف نعود لمناقشة مقاييس الخطورة، وكيف نتصرف فيها إذا ما قدمها زميل أو زميلة مستقبلا فى حالة إشراف أخرى لنتعلم معا بعض المحكات التى نقيم بها الخطورة، وكذلك أساليب المبادرة فى حالات الطوارئ النفسية.

أما المثال الذى ضربته فهو صعب، وأظن أن الإجابة تحتاج إلى التعرف على عمر المريضة، واستقلالها المادى، وأخلاق وشخصية الذى سوف تهرب معه..إلخ، ومع ذلك يظل الأمر صعبا، والإجابة مفتوحة.

أ. جاكلين عادل:

مش فاهمة “إن العلاقات الإنسانية واحدة، والفروق هى فى الالتزام والتنظيم والتعاقد والهدف” فين الفروق الفردية؟

د. يحيى:

أنا أقصد أن قواعد العلاقات الإنسانية واحدة، وليس تفصيلاتها أو تحديدها فى تشكيلات ثابتة لكل الناس، أقصد مثلا أن الحب هو الحب، و”القمْص” هو “القمْص”، والتخلى هو التخلى، سواء كان فى موقف علاجى أو غير ذلك، أما الفروق الفردية فهى موجودة وشديدة الأهمية ليس فقط فى المرضى، ولكن أيضا فى الحياة العادية.

 أ. عبد المجيد محمد:

إذن، فالمواقف العلاجية مع المريض لها بعد شخصى يتعلق بشخصية المعالج.

د. يحيى:

طبعا.

أ. علاء عبد الهادى:

أنا ماعرفش إيه اللى دار فى الجلسة يستدعى إنها تقوم تمشى وتقطع الجلسة، هو ده المهم، وبناءاً عليه نحدد إذا كان ينفع يتصل أو حسب نوع ودرجة العلاقة اللى تسمح بده، كما لابد من مراعاة سن المعالج وعمر المريضة، وماذا يمثل لها المعالج؟

د. يحيى:

ليس بالضرورة أن يكون ما دار فى جلسة واحدة بالذات هو سبب “مشيها”، لابد من النظر فى تراكم تفاصيل العلاقة حتى وصلت لهذه اللحظة (التى هى ليست النهاية غالبا).

أ. ميادة المكاوى:

جميع ما ورد فى اليومية أعاد تأكيد ما نشأتُ عليه من أساسيات العلاج النفسى فى هذه المؤسسة، ولكن الذى وصلنى إضافة وتأكيدا والذى كثيرا ما يغيب عن بإلى فى الممارسة انجرافا مع المريض، هو فكرة إعادة التعاقد مع المريض وأعتقد أننى شخصيا فى ممارستى أنسى التوقف فى الوقت المناسب لإعادة النظر.

د. يحيى:

وأنا كذلك أحيانا، وكثيرا ما يكون النسيان ناتج عن فرط حماسى.

أ. محمد اسماعيل:

مش فاهم يعنى إيه “العلاقات الإنسانية واحدة”.

د. يحيى:

أقصد التنبيه إلى الإقلال من تخصيص العلاقة المهنية العلاجية بما يجعلها منفصلة ولا تشبه العلاقة بين الناس بعضهم خارج إطار العلاج.

برجاء الرجوع أيضا إلى ردّى على جاكلين حالا.

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] –  نشرة الإنسان والتطور: 28-9-2008 www.rakhawy.net

 

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *