الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (31) “الحضور- الحسْم – المسئولية!”

مقتطف من كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الحالة: (31) “الحضور- الحسْم – المسئولية!”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 13-10-2021

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5156

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه  (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (31) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!

جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (31)

الحضور- الحسْم – المسئولية! (2)

د.مراد: هو ولد عنده 20 سنة هو الكبير من أخين حاليا فى سنة تالتة كلية تجاره بيعيدها.

د. يحيى: 20 وتالتة، يبقى كان شاطر ما اتأخرشى.

د.مراد: نوعا ما،  لحد ما تعب.

د. يحيى: ما اتأخرش غير السنة دى بس.

د.مراد: آه بس بالزق، عموما كان بينجح بالزق، هو بيجيلى تقريبا بقاله 5 شهور بيجى بانتظام.. هو كان دخل المستشفى هنا مره قبل كده.

د. يحيى: إمتى؟ ولمدة قد ايه؟

د.مراد: هو دخل المستشفى من سنتين.

د. يحيى: لمدة قد إيه؟

د.مراد: قعد تقريبا اسبوعين،  قعد فترة صغيرة .

د. يحيى: وبعدين؟.

د.مراد: بعد ما خرج الأعراض اللى كانت موجودة فى الأول اللى دخل عشانها المستشفى راحت بسرعة، كان فيه عنف على أهله وعدوان وكده،  بس مع دخول المستشفى راحت يعنى، بس اتبقى بقى حاجات زى أعراض سلبيه أكتر، كان بيتابع مع واحد زميلنا وبعدين لما زميلنا سافر حولهولى، هو فى خلال الخمس شهور دول كانت يعنى أموره ماشية بس فى حاله، يعنى مثلا ماينزلش يلعب مع زمايله، على طول عايز ينام، ما فيش مذاكرة.

د. يحيى: فين اللى ماشية بقى؟

د.مراد: على كلام والدته.

د. يحيى: أبوه بيشتغل إيه، ووالدته بتشتغل ولا لأه ؟

د.مراد: أبوه محاسب وأمه محاسبة.

د. يحيى: كام أخ وكام أخت؟

د.مراد: عنده أخ واحد أصغر منه.

د. يحيى: فى سنه إيه، وبيدرس إيه؟

د.مراد: فى كلية تجارة برضه هو حاليا فى سنة أولى،  هو أصغر منه بسنتين، بس أخوه هنا فى القاهرة والمريض فى جامعة إقليمية قريبة.

د. يحيى: هم ساكنين فين؟

د.مراد: هم ساكنين هنا فى القاهرة.

د. يحيى: العيان بيسافر لكليته كل يوم ولا بيعمل إيه؟

د.مراد: ما هو ده إشكال برضه.

د. يحيى: المهم.

د.مراد: فى الأول هو لما جه يعنى مثلا كنت زقيت معاه مثلا فى إنه يهتم بهدومه شوية،  بمظهره، ما يكسلش يغير ويستحمى، هو مثلا عنده 4 أطقم هو ما بيلبسش إلا طقم واحد بس منهم، خليته ينزل يلعب مثلا كورة مع أخوه، مع زمايله، فى الأول بدأ يشتغل فى الحاجات دى شوية، بس فى خلال الشهرين اللى فاتوا حسيت كده زى ما يكون بدأ يريّح.

د. يحيى: بدأ يريح يعنى إيه؟

د.مراد: بدأ يريح بمعنى إنه إيه زى ما يكون فى الأول كان مش عارفنى فكان فيه رهبة شوية، يسمع الكلام، لكن شوية شوية لقيته مافيش، ما بيعملشى أى حاجة ماللى باقول له عليها.

د. يحيى: السؤال بقى؟

د.مراد: أنا فكرت أن أنا يعنى أديه مثلا لحد من زمايلى تانى يكون شديد شوية.

د. يحيى: يعنى إنت راجل طيب ولا طبيب مسئول، يعنى إيه تديه لواحد شديد شوية،  يعنى انت شديد نص نص، ولا مش شديد خالص.

د.مراد: أنا ما باضربهوش مثلا.

د. يحيى: يا نهار أسود!! هوا احنا بنضرب عيانين يا جدع أنت؟

د.مراد: ده اللى فهمته إن زميلى اللى سافر كان بيعمله.

د. يحيى: بصراحة أنا عمر ما فيه عيان قال لى إن زميلك ده ضربه، يمكن شخط فيه، تلاقيه زقه بكرشه، إنما ضربه لأه، مستحيل

د.مراد: أنا مش عارف.

د. يحيى: لأ لازم تعرف، هى مش لعبة، تقول أى كلام على زمايلك!

د.مراد: يعنى على كلام والدته ده اللى وصل لى، إنه كان بيزعق له، ويبهدله.

د. يحيى: بيبهدله معلش إنما يضربه لأ.

د.مراد: مش ضرب بمعنى ضرب، بس يعنى كان فيه عنف منه، أنا شايف ان انا مش عارف أعمل ده معاه.

د. يحيى: مش أنا قولتلكوا بعد سفر زميلنا ده إن أنا اكتشفت ان هو كان معالج جيد، وإن العيانين بيحبوه، مش حصل، اكتشفت إنه كان غير ما كنت واخد فكرة عنه، إنه معالج جدع، هو يمكن كان له حضور حاسم بيوصل للعيان. 

د.مراد: يعنى فيه حاجات والدته وصفتها لى كان الدكتور ده كان بيعملها مع الولد.

د. يحيى: إيه يعنى؟ كان بيزعق له؟

د.مراد: يعنى.

د. يحيى: طب السؤال بقى؟

د.مراد: أنا مش قد الكلام ده، السؤال إنى خايف على الولد من موقفى الضعيف ده، يعنى أديه لواحد زميلى ولا لأه؟

د. يحيى: إيه اللى بتقوله ده يابنى؟ هى معركة قـُـوَى؟ إنت فاهم إن الشدّية دى إيه؟ هى بالوزن ولا بالحس العالى، ولا بالحضور والحسم ؟

د.مراد: أنا فاهم ده آه.

د. يحيى: يعنى تكون أنت حاسم وواضح ومشترط، تبقى شديد، يعنى مسئول، كل ده يوصل للعيان، يتلم، آدى الشدية، مش الضرب، وانت واضح إنك مهتم، ومسئول.

د.مراد: هو ده بيحصل لحد ما بافـَـهـّمه هوه ووالدته إن الأعراض السلبية دى، أخطر من الأعراض اللى دخلته المستشفى، وإنه لو تمادى يمكن يخش المستشفى تانى.

د. يحيى: وبعدين، هوه يعمل إيه بقى؟

د.مراد:هى دى مشكله تانية، والدته بتقول إن هو عنده امتحانات حاليا.

د. يحيى: امتحانات إيه وهو ما فتحشى كتاب. 

د.مراد: أنا قولت لها ده فعلا.

د. يحيى: ما هو دى هى الشدية اللى هى المسئولية، إن مستقبله مايضيعشى. 

د.مراد: أنا عرضت عليها ده اكتر من عشر مرات، وهى برغم دخوله المستشفى قبل كده، لسه فاهمه إن العلاج كلام وترييح وفك عقد برضه.

د. يحيى: يبقى قصاد كده تتخلى، وتقول أنا مش شديد،  ولا تكمل وتشوف هى ما بتتعلمشى ليه؟

د.مراد: ما أنا عشان كده باعرضها فى الإشراف أهه.

د. يحيى: يا إبنى إنت لما تلاقى صعوبة فى طبعك بتتعارض مع اللى انت نفسك تعمله، ما تنسحبشى، هنا مثلا، شايف إن الشدة تنفع، وانت مش شديد، الشدية هى جرعة التنظيم والإصرار على التنفيذ، مش الضرب، الموقف الحاسم بيوصل للعيان وأهله، لما تلاقى نفسك طيب، ما تقولشى أنا ضعيف، وأحوله لواحد قوى، إمال إحنا بنعمل هنا  إيه يا شيخ، ما هو الضعف ميزة يا راجل، ورؤيتك دى نفسها ميزة، وانت بتستمر لحد ما تقدر على اللى أنت كنت متصور إنك ما تقدرشى عليه، تقعد تصبر وتعاند وتزود فى جرعة التنظيم والتنفيذ لحد ما تقدر توصّل موقفك الحازم بوضوح، هو ده اللى العيان وأهله عايزينه فى مجتمعنا بالذات، إحنا مجتمع مش بتاع الحرية اللى بالى بالك، وأنت حر وأنا حر لحد ما العيان يروح فى داهية، ولا الحكومة نافعاه، ولا أهله باقيين له،  أنا محترم اعترافك بضعفك، ولو انه مش ضعف ولا حاجة، إنت تستشير آه، إنما تحوله لواحد زميلك أشد لأ، يمكن الأشد ده أضعف وهو مش عارف، الشدية ساعات حتى فى العلاج، بتبقى تغطية لضعف، باقول ساعات، أنا مش عايز اعمم، فإنت لازم تكمل واذا كان فيه صعوبه فعلا فى المذاكرة مهددة مستقبله، يبقى يخش المستشفى ويذاكر فيها زى ما انت عارف.

د.مراد: ما هو أنا باسأل برضه عشان كده، بس أمه.

د. يحيى: أمه إيش عرفها، وبعدين هى إما بتثق فينا، وإما هى حرة تروح لحد غيرنا يساعدها، إنما إحنا ما نساهمشى فى ضياع إبنها عشان عاملين حسابها، وبعدين أنا قلت قبل كده حكاية إن ساعات يوم واحد فى المستشفى يبقى صدمة كافية إن العيان يتلم، ويتعاون، ويكمل بره، ودا زى ما قلنا قبل كده باسميها الدخول الصدمى، يعنى المستشفى تمثل صدمة إفاقة، بعديها بعض العيانين يقعدوا مدة عارفين إن المرض مش لعبة ترييح، ولا العلاج لعبة تفويت، طبعا فى البلاد الحرة يعنى ما بيعملوش كده بالسهولة دى، إحنا هنا العلاقات الطيبة مع العيانين وأهلهم بتساعدنا بجد إننا نخدم أسرع، وأوضح.

د.مراد: يعنى أخليهم ييجوا يقابلوا حضرتك؟

د. يحيى: طبعا ممكن، مش أنا اللى كنت محوله لزميلك اللى سافر فى الأول؟

د.مراد: أيوه. 

د. يحيى: طيب يا أخى يبقوا هم عارفين أنا باعمل إيه، وموقفى إزاى، وده حقهم إنى أتابع باستمرار.

د.مراد: أيوه بس معنى كده إنى أنا اللى حاستمر معاهم.

د. يحيى: ده لصالحك وصالح العيان.

د.مراد: ربنا يسهل.

****

التعقيب والحوار:

د. نرمين عبد العزيز:

ولكن كيف نحافظ على القرب فى العلاقة مع المريض فى ظل اتخاذنا موقف الشدة؟ بمعنى إزاى نوصل ده للعيان بالتوازن ده بين الشدة والقرب؟

د. يحيى:

يا نرمين، فى بعض الشدة قرب رائع، كما أنه فى بعض “التحسيس” والموافقة تخلٍّ قبيح.

أما كيف؟

فهى الخبرة، والأمانة، والمسئولية، وربنا.

أ. رباب حمودة:

يوجد مرضى يحتاجون الحضور والوضوح والحسم والمسئولية وفيه مرضى يحتاجون المصاحبه والأمان، وفيه عيان عايز حاجة معينة، وغيره، وغيره..،

هل من المفروض على المعالج ان يعرف كيف يعطى كل مريض ما يحتاجه، أو يكتفى بما لدى المريض فى وقتٍ بذاته، فأنجح مع مريض، ومريض آخر احوّله لمعالج اخر ارى أن لديه ما ينقصنى.

د. يحيى:

المرضى يختارون الأطباء، كما يختار الأطباء مرضاهم، وكلما زادت فرص الاختيار فعلا، زادت حركية التعاون، وتعددت مستويات العلاج، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، على شرط أن نواصل توسيع “وسعها” باستمرار.

والمجتمع العلاجى بالذات يسمح بتعاون وتبادل الأدوار وتكامل المجهود والوسائل بشكل رائع، وهذا غير متاح – عادة–  فى العلاج النفسى الفردى بالذات.

أ. محمود سعد:

أنا أرى اننا أحيانا حين نجد انفسنا ضعافاً امام احد المرضى قد يرجع ذلك لقوة ومكانة المريض واحيانا لاننا اخترنا السكة دى. لذلك أرى ان التحويل إلى معالج آخر هو خطوة مقبولة لكسر الدائرة التى يدور فيها المريض بصرف النظر عن موقف المعالج الثانى، الا إذا كان حضرتك عاوز كده للتدريب أو التروى فى اتخاذ مثل هذا القرار.

د. يحيى:

لم أفهم جيدا، وإن كنت أوافقك أن كثيرا مما أنصح به قد يكون ضمن هدفى فى التدريب، لكن ليس على حساب المريض طبعا.

 أ. محمود سعد:

اتفق معك يا دكتور يحيى فى صدمة الدخول والتى أرى أنها من الممكن أن تتشابه مع صدمة التحويل لمعالج اخر كما ذكرت سابقا.

د. يحيى:

يجوز، لكن هناك اختلاف جذرى فى طبيعة ونتائج كل منهما.

د. محمد الشاذلى:

أحياناً يواجه المعالج صعوبه حينما يكون المريض يحتاج لدفع فى كل خطوه يخطوها، كمان أن بعض المرضى أحياناً يتحركون بالقصور الذاتى بعد دفعةٍ ما، فيعطى المعالج فرصة لالتقاط أنفاسه ومعاوده السير.

د. يحيى:

هذا صحيح، علينا أن نحسبها بدقة حتى يستعيد كل مريض مبادأته، ومسئوليته بالتدريج، أى ضغط مبدىئ هو ليعود المريض إلى المبادأة بنفسه يا حبذا بأسرع ما يمكن.

د. نعمات على:

لا أعرف متى احوّل مريضاً لدىّ إلى زميل آخر، هل أفعل ذلك عند احساسى بالعجز معه وعدم تقدمه، ام بالاتفاق معه بناء على رغبته؟

د. يحيى:

لا توجد قاعدة عامة وكل شىء جائز، والإشراف يقوم بالإسهام فى التعريف بالواجب فى كل حالة من هذه الحالات، واحده بواحدة، إذا احتاج الأمر.

أ. هالة حمدى:

أنا مستغربة جداً أن يكون زميل بيضرب العيان بتاعه!!، اكيد كان بيشد عليه قوى زى ما يكون بيضربه، بس ضرب ما اعتقدش.

د. يحيى:

هذا بالضبط ما تصورتهُ أنا أيضا وأنا أرد على د. مراد وقد استبعدته فورا، ووافقنى الزميل أنه كان يعنى الموقف الحازم وليس الضرب.

أ. هالة حمدى:

الموقف اللى فيه د. مراد هو هو نفس موقفى مع عيانه باعالجها حاسه أنى ضعيفه معها، واحترت نفس الحيره دى، بس اللى أنا عاملاه دلوقتى أنى مكمله معها، يمكن حاجة تتغير فيا أو أعمل معها علاقه جيدة توصلنى إنها تسمع كلامى وتحس إنى باعمل حاجه علشان اساعدها مش أتحكم فيها.

د. يحيى:

هذه بصيرة جيدة، ربنا يساعدك، ويشفيها.

 أ. عبد المجيد محمد:

حضرتك ذكرت فى اليومية إن الضعف ميزه وبعد كده قلت إن الشدية ساعات فى العلاج بتبقى تغطيه لضعف.

د. يحيى:

الضعف ميزة حين نعترف به، ونبدأ منه،

والشدة التى ينقصها الاحاطة والرعاية والمواكبة، هى – غالبا – قسوة انفجارية تعلن ضعفا كامنا أخطر.

أ. عبد المجيد محمد:

 – فهمت كيف أن الشدة هى فى جرعة التنظيم والإصرار على التنفيذ، فهمت أيضا معنى الدخول الصدمى وكيف أن المستشفى يمكن أن تمثل صدمة إفاقة.

د. يحيى:

هذا ما عنيته تقريبا.

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] – نشرة الإنسان والتطور: 22-2-2009 www.rakhawy.net

 

 admin-ajax (1)admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *