الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه الكتاب الرابع الحالات: من (61) إلى (80)الحالة: (77) “صعوبة علاقات”، و”هرب من الواقع”، و”استسهال  التخلّى” 

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه الكتاب الرابع الحالات: من (61) إلى (80)الحالة: (77) “صعوبة علاقات”، و”هرب من الواقع”، و”استسهال  التخلّى” 

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 21-9-2022

السنة السادسة عشر  

العدد: 5499

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه

الكتاب الرابع الحالات: من (61) إلى (80)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (77) من الكتاب الثالث من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!

الحالة: (77)

“صعوبة علاقات”، و”هرب من الواقع” و”استسهال  التخلّى” [1] 

أ.مختار ماجد: …. هى ست عندها 41 سنة، بقالها معايا حوالى 3 سنين، مطلقة، عندها ولد وبنت، البنت عندها حوالى 11 سنة، والولد عنده 8 سنين

د.يحيى: بتشتغل ؟

أ.مختار ماجد: هى ما بتشتغلشى، هى ربة منزل واللى بيصرف عليها اخواتها، أختها أساسا، أصل اختها تعتبر يعنى غنيه، جوزها غنى مستريح بزيادة خالص

د.يحيى: مطلقة بقالها قد إيه؟

أ.مختار ماجد: بقالها حوالى 5 سنين

د.يحيى: مطلقة ليه؟

أ.مختار ماجد: اتطلقت بعد ما اكتشفوا إن جوزها نصاب وحرامي، عليه شيكات، وأحكام قضايا وكده، فاخواتها طلقوها منه، وكمان هى عندها مشكلة بالنسبة لصحتها، حاجة كده فى القلب، يعنى هى كانت عملت عمليه فى القلب وكده، وماشيه على دوا قلب طول الوقت 

د.يحيى: بتيجى كل اسبوع ؟

أ.مختار ماجد: آه، منتظمة، بتيجى كل اسبوع

د.يحيى: 3 سنين، وبتيجى كل اسبوع ؟

أ.مختار ماجد: فيه فترات كانت بتقطع، بس يعنى تقريبا هى منتظمة 3 سنين، كان فيه فترات دخلت فيها  المستشفي، بس انا خدتها من بعد ما دخلت المستشفى،  ودخلت معانا الجروب (العلاج الجمعى)، أنا والدكتور أحمد فى العيادة. 

د. يحيى: بتاخد دوا؟

أ.مختار ماجد: لأه، دى مشكلة برضه، أولا: هى فضلت  فترة طويلة مافيش أدوية خالص،  وكان دايما فيه خناقه حوالين  الموضوع ده

د.يحيى: فيه دكتور بيشوفها معاك ؟

أ.مختار ماجد:  آه، دكتور أحمد، هى كانت معانا فى الجروب، ما انا باعمل جروب مع د.أحمد

د.يحيى:  قعدت فى الجروب قد إيه ؟

أ.مختار ماجد: قعدت فى الجروب 4 شهور، بس رفضت تكمل، فالدكتور أحمد  شاف إنها تكمل معايا فردى طول الفترة دي، وهو كان بالنسبه ليا مرجعيه فى الدواء، وفى المستشفى كنا بنشوفها سوا،  وخصوصا بعد ما دخلناها آخر مره

د. يحيى: هى دخلت المستشفى كام مرة ؟

 أ.مختار ماجد: كانت دخلت المستشفى هنا مرتين ودخلت مستشفى د. عادل صادق مره قبل كده

د.يحيى: السؤال بقي؟

أ.مختار ماجد: ان هيه جت من أربع شهور رفضت الأكل خالص

د.يحيى: آخر مره دخلت المستشفى إمتى؟

أ.مختار ماجد: من سنتين

د.يحيى: وبعدين؟

أ.مختار ماجد: قعدت أشوفها، وبعدين الجروب، وبعدين رجعت فردى، وماشى الحال لحد ما رفضت الدوا نهائى، فوصلنا لاتفاق إنها تاخد حقنة كل أسبوعين، وكده، ومشى الحال نص نص، بس الفترة اللى فاتت دى من اربع شهور، بدأت ترفض الأكل خالص لدرجه إنها خسّت جامد،  يعنى كانت هى وزنها أصلا قليل، 55 كيلو، نزلت حوالى 7 كيلو

د.يحيى: ياه !! بقت كام؟

أ.مختار ماجد: بقت حوالى 49 كيلو

د.يحيى: طولها كام؟

أ.مختار ماجد: طولها مثلا 160 – 165سم، حاجة كده، ما هى رفضت الأكل لفترة طويلة،  ورفضت تاخد دوا القلب كمان، ورفضت تاخد أى  حاجه تعيشها، زى ما تكون تقريبا قررت إنها تموت، حاجة كده،  فأنا بعد كده قلت لأختها ان هى تخش المستشفي، هى رفضت وهما اترددوا، قالولها طب تقعدى عند مامتك، قعدت عند مامتها وبعدها رجعت قعدت لوحدها وابتدت تاكل.

د. يحيى: طيب ما هو كويس اهه

أ. مختار ماجد: لكن بصيت لقيت فيه قرار تانى خالص ان هيا حاتتخلى عن مسئولية الاولاد،  مش عايزه مسئولية الأولاد خالص، وحاتسيبهم،  واعملوا فيهم اللى انتم عايزينه

د. يحيى: إيه ده ؟!!

أ. مختار ماجد: ما انا برضه اتخضيت، أنا مزنوق فى كده دلوقتي

د. يحيى: وبعدين ؟

أ. مختار ماجد: هى دلوقتى اللى بتقول انا عايزه اخش المستشفى، ولما بارفض وأنبهها إن حالتها ماتستاهلشى، أو إننا يعنى حانعمل إيه أكتر فى المستشفى؟  تقول طيب ودّونى دار مسنين، أفكرها بسنها تقول دى  شهادة الميلاد بس اللى بتقول كده.

د. يحيى: ده كلام مهم  فعلا يا مختار

أ. مختار ماجد: فادلوقتى انا مش عارف اضغط عليها بإيه، هى كانت بتخاف من دخول المستشفى جدا، دلوقتى مش زى قبل كده ، دلوقتى مافيش مشكلة عندها إنها تخش المستشفى فى سبيل ان هى ماتربيش الولاد

د.يحيى: دى الحكاية وسعت قوى، طيب السؤال بقى واحدة واحدة؟

أ.مختار ماجد: أولا انا هل أدخلها المستشفى ولا لأ ؟

د.يحيى: لأه ، السؤال التانى بقى؟

أ.مختار ماجد: تانى حاجة:  هل أضغط عليها إن هى ترجع لأولادها ؟

 د.يحيى: هما اولادها مع مين دلوقتى؟

أ.مختار ماجد: ولادها أساسا عند خالهم بس حالهم ده مش مستقر، فبين خالهم وخالتهم

د.يحيى: بتقعد معاها 50 دقيقة كل جلسة؟

أ.مختار ماجد: عادى طبعا،  50 دقيقه آه

د.يحيى: وهى بتقول إيه لما بتقترح عليها تلم عيالها، وتقعد معاهم

أ.مختار ماجد: مش كده، أنا نفسى مش عارف إيه اللى أصلح للأولاد، يعنى هل هى تصلح دلوقتى مع الرفض ده، والحالة كده، إنها تربى الأولاد دول؟ أنا حاسس إنها طول الوقت بتأذيهم

د.يحيى: واذا مارجعتشى يعنى، هى دى مش أذية برضه

أ.مختار ماجد: ما هو انا مزنوق عشان كده 

د.يحيى: الولاد قلت لى سنهم كام ؟

أ.مختار ماجد: 11 و 8

د.يحيى: إيه موقفهم من امهم؟

أ.مختار ماجد: الولاد ملهيين مع عيال خالهم وخالتهم، والناس دول بصراحة مش مقصرين، بس حاسس إنهم مركزين على الوفاء بالتزامهم بالصرف والفلوس أساسا، يعنى دروس، مش دروس، إنما مش واخدين بالهم من أى حاجة تانية .

د.يحيى: لما بيقعدوا مع امهم  بيبقى شكلهم إيه،  ولما بيقعدوا مع خالهم بيبقى شكلهم إيه؟

أ.مختار ماجد: بيتهيألى  لما بيقعدوا معاها بتبقى الحياة مستقرة أكتر، يمكن من غير ما تقصد، بيبقى ماشى الحال، هى بتبقى منظمة وكده لما بتكون ملمومة ، لكن لما الحالة بتتقلب، بيبقى فيه عياط وخناق وبهدله، وخالتهم بتاخدهم الفترة دى

د.يحيى: مدارسهم ماشية؟

أ.مختار ماجد: ماشية، ماهى مدارس خاصة وكده

د. يحيى : فيه تاريخ عائلى للأمراض بتاعتنا؟

أ.مختار ماجد: فيه حاجة أنا عرفتها مؤخرا  كانت حصلت زمان، إن أمها، أم المريضة يعنى، كانت فى سن كده معينه زمان طفشت برضه من ولادها ومن جوزها وراحت اسكندريه، واختفت،  واتجوزت، وماعرفوش عنها حاجه إلا من 7 – 8 سنين

د.يحيى: ليه عِرِفت ده متأخر كده يا شيخ؟!!

أ.مختار ماجد: أنا عرفته من بدرى، بس ماكنتش متصور إن له أهمية كبيرة، بس دلوقتى يتهيأ لى إن فيه حاجة كده فى العيلة يمكن نسميها ” التخلي” مثلا أو حاجة كده، هى عموما والدتها رجعت، بس مش بخطرها قوى، هما جابوها وقعدوها  فى شقه هنا فى مصر

د.يحيى: بصراحة الأمور مش واضحة قوى، مش حالة أم العيانة بتاعتك دى وصلت إلى درجة مرض نفسى يا بنى، مش مجرد تخلى وزعل وخصام وكلام من ده

أ.مختار ماجد: أظن كده، وده بيخلّى الحالة تبقى أصعب، وأصعب؟

د. يحيى: بصراحة آه، ودلوقتى أنا باراجع نفسى، مش عارف عيانتك دى اطلقت عشان جوزها حرامى زى ما قلت لنا فى الأول، ولا عشان إن عندها صعوبة شديدة فى إنها تعمل علاقة من أصله مع أى “آخر”، سواء جوزها، أو عيالها، أو غيره

أ.مختار ماجد: أظن هى اتطلقت عشان ده وده مع بعض، جوزها فعلا مش تمام، أثناء ما كان معاها كان اختها وجوز اختها بيصرفواعليهم برضه، وهوه كان بياخد الفلوس منها، وكأنها حقه، ومع ذلك هوه عايز يرجع لها دلوقتى

د.يحيى: وهى دخلت المستشفى أول مرة  قبل ما تتطلق؟

أ.مختار ماجد: آه ، دخلت المستشفى بعد العمليه وكده،  بعد عملية القلب، قبل ما تتطلق

د.يحيى: بصراحة، مره تانيه هيه حاله من أصعب ما يكون، عايزالها كام “فرض” كده، كل واحد لوحده، وبعدين نحاول نلضمهم فى بعض، بس دلوقتى من الناحية العملية هى دى حالة تستحمل تقعد تتكلم فى ده وغيره  50 دقيقه كل اسبوع لمدة 3 سنين؟ ولا هى محتاجة أكتر لعملية تأهيل ومتابعة دقيقة من خلال العلاقة العلاجية دى، طبعا كتّر خيرك إنك صبرت عليها تلات سنين، وما دخلتشى المستشفى السنتين الأخرانيتين، بس باين إن الحالة مش ماشية، وإن الأعراض عمالة تتقلب يمين وشمال وبس، بس كويس إن لسه فيه علاقة معاك يمكن نقدر نعمل حاجة من خلالها. 

أ.مختار ماجد: ما هو مافيش بديل قدامى، المستشفى وهى عايزة تخش، هربا يعنى زى ما حضرتك شفت، يبقى المستشفى ماعادتشى وسيلة ضغط، يعنى مافيش أى حاجه أعرف أضغط بيها عليها عشان تنفذ برنامج التأهيل اللى حضرتك بتشاور عليه.

د.يحيى: ماشي، باقول لك كتر خيرك، أنا ما عنديش اعتراض معين، هى حالة صعبة على أى واحد، وإنك تقعد معاها المدة دى كلها، تحاول تلمها وتصلح الممكن، ده شىء مش شوية،  3 سنين ده وقت مش قليل، واحنا لسه كده “محلك سر” أو حتى راجعين لورا،  وبعدين إنت عملت شغل تانى كويس اللى هو إنك انت يعنى بقيت تستشير زميلك الطبيب الدكتور أحمد أول بأول، خصوصا إن باين فيه خطر على نفسها، مش بس على عيالها، يعنى قلة أكلها وسرعة خسسانها دول إنذارات مهمة، وبرضه تـَخليها عن عيالها بالصورة دى حاجة صعبة خالص، مع إن الظروف بره شكلها معقول من ناحية إن اختها ما اتخلتشى عنها ولا عن ولادها، وجوز اختها مش ملزم، وبيصرف بطيبة وكرم زى ما بلغتنا، إنت عرضت حاجات كتير مع بعض كلها صعب بصراحة، أولادها، ووزنها، وحالة قلبها، ووحدتها، وقلة شغلها، ورفضها الحياة، ومحاولة الهرب للمستشفى أو لبيت مسنين، ده بالإضافة إلى خلفية ماضيها ودلالات هرب أمها أو تخليها الغريب ده، كل ده داخل فى بعضه بشكل صعب يا ابنى، عندك حق.

أ.مختار ماجد: طيب دلوقتى أنا أعمل إيه؟ أكمل ازاى؟ أبدأ منين؟  والأمور عايزة شغل فى كل ناحية؟

د. يحيى: عندك حق، بس تبدأ إيه، ما انت بدأت بقالك تلات سنين، أنا رأيى إن الصعوبة بدأت من امها، وانت عارف علاقتى بالوراثة إيه، إحنا مش بنوْرث مرض معين، إحنا بنورث برامج معمولة من مئات، وساعات آلاف السنين، باين إن برامج “صعوبة العلاقات البشرية” بتظهر فى تنويعات وأشكال وألوان حسب الظروف المتاحة، وبتوصل طبعا لحد المصايب والأمراض إذا ما كانتشى تلاقى ظروف فى التربية  والمجتمع تلملمها وتوجّهها، إنت قلت هنا إنك حسيت زى ما يكون فيه ميل لحاجة اسمها “التخلى”، ظهر عند أمها وما عندناش تفاصيل عن مساره لمدة مش قليلة، سبع تمن سنين أو أكثر، ولا  احنا عارفين تفاصيل عن مآله، لأنك ما قلتش لنا هى أمها وهى قاعدة لوحدها دلوقتى عاملة إيه، وعلاقتها بيها إيه وكلام من ده، إنت لازم تبحث الموضوع ده لو سمحت، لازم نعرف أكتر، عشان نتحمل المسئولية أكتر.

الست دى بتتخلى عن عيالها زى ماقلت، لكن أنا ما اقدرشى اعتبرها اتخلت عن جوزها فى حدود المعلومات اللى انت قلتها، الظاهر كان فيه عيوب مش قليلة، لا يمكن التعايش معاها من واحدة عادية، فما بالك بواحدة هشة وهرابة بالشكل ده، لكن بالنسبة لأولادها فيه تخلى يعنى فيه تخلى، ومش مفهوم قوى، ما هو احنا ما نعرفشى عمق العلاقة بين الأهل والأولاد خصوصا فى الطبقة المتوسطة دى، احنا بنبص للأهل من بعيد وبنحكم على علاقتهم بأولادهم بأحكام ظاهريه وخلاص، إنما الظاهر إن فيه علاقات أكثر بدائية وزحمة من الأعراض والأمراض والخطر والكلام ده، إحنا بنشوف النتايج ونحكم، أما طبيعة العلاقة وعمقها البيولوجى النفسى معا حسب فكرى، وتشكيلاتها، وتغيراتها فأظن دى منطقة لسه مش فى متناول العلم بالشكل الكافى فى مرحلة المعرفة الحالية، يعنى كل اللى بنشوفه إذا كان الأولاد ماشيين فى المدارس ولا لأه، بيلعبوا ولا لأه، وكلام من ده، لما بنيجى بقى ونلاقى غريزة أصيلة زى غريزة الأمومة انضربت، ولو فى الظاهر بالشكل ده، نقف ونستغرب، هو إيه اللى حصل بالظبط؟

أ. مختار ماجد: ما هو ده اللى خلانى مش عارف أقرر إيه الأصلح لها، وإيه الأصلح للأولاد

د. يحيى: عليك نور، ما هو احنا مسئوليتنا ممتدة للأولاد، وساعات بينى وبينك، بتبقى للأولاد أكتر، خصوصا لما يكون الأم أو الأب حالتهم صعبة، او متوقفة زى الحالة دى، ما هو ربنا حايسألنا على ده، وعلى ده، أنا بيتهيأ لى إن الست دى كانت أكثر صراحة مع نفسها من أمهات كتير بيضروا أولادهم  أو بيستعملوهم من غير ما يدروا، فيه احتمال يا ابنى إنها تكون سابتهم مش تخلى، لأه، بغريزة الأمومة الأقوى يمكن هى شافت اللى انت شايفه، قصدى اللى انت حطيته كاحتمال، وقالت جوا جواها، أرحمهم منى، ثم إن المرض هنا مش صريح قوى، يعنى إنت ماقلتلناش برغم إنها دخلت المستشفى أكتر من مرة إن كانت بتشوف هلاوس مثلا أو بتعتقد فى ضلالات ولا لأه،  أنا عندى خبرة إن الأولاد بيتأقلموا مع المرض الصريح بتاع أهلهم بسهولة أكتر من حساباتنا، لأن ده بيبقى واقع آخر بيتعاملوا معاه بطريقة أو بأخرى، ما دام بيهجمشى عليهم ويأذيهم، أو يقف فى طريقهم ويعطلهم، يعنى العيال بيشوفوا أمهم ولا أبوهم وهو بينام ويصحى، ويقعد معاهم ويروح دورة الميه وياكل ويشرب، وبعد كده مش مهم إن كان حتى بيشوف هلوسة ولا لأه، الست دى ما عندهاش كلام من ده، يمكن عندها ما هو أخطر، ويمكن سابت العيال رحمة بيهم، ده مجرد احتمال تحطه فى الاعتبار

أ.مختار ماجد: يعنى أحسن ماترجعشى للأولاد؟

د.يحيى: ماتتسرعشى كده، أنا باقول احتمالات، ثم إن المسألة مش فى إيدنا قوى زى ما انت شايف.

أ.مختار ماجد: طيب والدوا؟

د.يحيى: لا ، الدوا ده مهم جدا حتى من غير هلاوس ولا ضلالات ولا كلام من ده، بس لازم يتظبط أول بأول مع مسيرة العلاج، يعنى مش مجرد تهميد وخلاص، لأه، إحنا ندى الدوا فى الحالات دى زى ما انت عارف عشان نهدى المستويات الأقدم اللى بتنشط بعيد عن الواقع، وتعرض أو تفرض حلول بدائية، وبعدين أول ما نتطمن إن الدوا حدّ من النشاط البدائى ده احنا نقدر نشغل المستويات الأحدث بتاعة  الواقع والعلاقة بالموضوع، وده يسمح لنا إننا نخف إيدنا ونقلل الدوا والكلام اللى انت عارفه ده، برغم إنك مش طبيب، وده طبعا باستشارة د. أحمد زميلك طول الوقت لأنه هوه أدرى بيها منى، مش هو كان زميلك فى الجروب لما كانت معاكم؟

أ.مختار ماجد: أيوه

د.يحيى: وبالإضافة لكده ، أنا موجود، واحنا كلنا موجودين أهه

أ.مختار ماجد:  يعنى تقعد تاخد دوا لمدة قد إيه؟ خصوصا وهى مزرجنة بالشكل ده؟

د.يحيى: لأ بقى، مزرجنة، مش مزرجنة، الدوا ضرورى، وده بيحميها من إنها تخش المستشفى

أ.مختار ماجد: ما هو المصيبة إنها عايزة تخش المستشفى

د.يحيى: آه والله، مصيبة فعلا، هى معاها شهادة إيه؟

أ.مختار ماجد: بكالوريوس كلية نظرية

د.يحيى: طيب ما فكرتش إنها تشتغل بقى، ولو بالتدريج، بتدريج التدريج يعنى

أ.مختار ماجد: فكرت، وعرضت عليها، لكن المقاومة كانت فظيعة، لدرجة إنى حسيت إن الدعم المادى بتاع أختها وجوز اختها خلوها تريح على كده، وما تحسش إنها مضطرة تشتغل أكل عيش، لا عشانها ولا عشان أولادها.

د.يحيى: أظن عندك حق، بس من خلال العلاقة اللى بينك وبينها، اللى استمرت تلات سنين عالحلوة والمرة، أو على المرة والمرة، ممكن تلاقى سكة توصل لها إن الشغل دلوقتى ماعادشى أكل عيش وبس، ده مواعيد، وعلاج، ومجتمع، وكرامة، وإنجاز، وعلاقات، وكلام من ده.

أ.مختار ماجد: يا ريت

د. يحيى : ياريت إيه يا جدع انت، إنت قدها وقدود إن شاء الله،

أ.مختار ماجد: والأولاد

د.يحيى: لا، أظن تستنى شويتين على الخطوة دى، أعتقد إن هى لو اشتغلت يمكن الأمور ترجع طبيعية شوية شوية، وبعدين خلى بالك اللى عملوه اختها وأخوها للأولاد مش شوية، دى من الحاجات الرائعة فى مجتمعاتنا، دول لو فى بلاد بره مش حايلاقو حد يلمهم كده، صحيح فيه مؤسسات حكومية بتحمى الأولاد من أهلهم وكلام من ده، لكن لأه، هنا حاجة تانية تلقائية وشريفة وحميمة بصراحة، وبعدين إحنا عايزين معلومات أكتر وأكتر عن “التخلى” بتاع امها ده، يعنى ده لما حصل كان هى فى سن كام، وعملت إيه، وإيه اللى فاضل من ده دلوقتى عندها، وإيه وجه الشبه بين التخلى ده، والتخلى بتاع أمها، مش كده ولا إيه؟

أ.مختار ماجد: آه طبعا، بس الظاهر أنا مادقيتشى كتير فى التفاصيل عشان كنت حاسس إن مهما حصلت على معلومات، هى معلومات تاريخية، يعنى مالهاش نتيجة ممكن أستغلها لصالح الموقف الحالى يعنى

د.يحيى: إيش عرفك؟  إنت ماتعرفشى إيه المعلومة اللى تقدر تستغلها، وإيه المعلومة اللى مالهاش فايدة، يمكن فيه معلومات تفتح نفسك، وتخليك تصبر وتحسبها أصح

أ.مختار ماجد: يا ريت

د.يحيى: شوف اما أقول لك، المعلومات مش فرجة، ولا فك عقد، دى زى دراسة طبيعة المواد الأولية اللى حانعيد بيها البنا، إذا كان صالح للإعادة، أو على الأقل نعمل حسابها واحنا بنرممه.

أ.مختار ماجد: إزاى؟

 د.يحيى: لأه بقى، مش إزاى، المسألة مش نعمل كذا بالمعلومة الفلانية تحديدا، آه دا ممكن، لكن فيه حاجات بتخش جوانا كمعالجين وبعيدن تطلع لما نعوزها، بصراحة الحالة صعبة، وأى جهد فى أى اتجاه يمكن ينفع، يعنى انت مثلا ما قلتلناش كفاية عن الكام سنة اللى عاشتهم مع جوزها النصاب كانوا فيهم إيه، صحيح إنت بتاخد المعلومات من مصدر واحد مشكوك فى مصداقيته، إنما تشوف هى استحملت قد إيه، وابتدت ترفض إمتى، والأهل هما سبب الطلاق فعلا ولا هى اللى طلبت وهما ساعدوها، وكده

أ.مختار ماجد: وده حايفيد فى إيه؟

د.يحيى: يا ابن الحلال، مش احنا قدام “صعوبة علاقات”، و “هرب من الواقع”، و”سهولة تخلى”، يبقى أى دراسة لأى علاقة مع آخر، أو مشروع آخر، حاتفيدك تعرف قواعد النحو بتاع الست دى وهى بتعمل العلاقة العلاجية اللى هى تمهيد للعلاقات الطبيعية، كل ده مهم جدا، وصعب برضه.

أ.مختار ماجد: طيب وافضل أقعد معاها مرة كل أسبوع ساعة برضه ؟

د.يحيى: مش احنا قلنا حالا إن الست دى عايزة تأهيل منتظم أكتر ما هى عايزة كلام وحديت، يعنى إنت دلوقتى متأكد إن فيه علاقة معاك، وعلاقة طيبة، والعلاقة دى هى اللى خلتها تيجى تلات سنين بانتظام تقريبا، وأظن برضه هى اللى خلتها ماتدخلشى المستشفى ، يبقى آن الأوان إنك تستغل العلاقة دى فى العمل على تخطيط برنامج تأهيلى هادى محكم متواصل، أنا باعملها حتى مع العواجيز بالقلم والورقة، باكلف أولادهم إن النوم يبقى فى نفس الميعاد، والفطار فى نفس الميعاد، والخروج ما اعرفشى إيه، والزيارات، وأنا قلت لكم الكلام ده ييجى مليون مرة، وكل ما كانت العلاقة وثيقة وطويلة، تلاقى التعليمات بتوصل أحسن، ده اللى ساعات باسمّيه “الضغط المحب”.

أ.مختار ماجد: يعنى أبطل أقعد معاها ساعة

د.يحيى: أظن آه، بس بالتدريج، لأنها اتعودت على حكاية الخمسين دقيقة  دى، وعلى الحكى، والكلام ده، خليها يا أخى نصّ ساعة،  أو تلت ساعة وتلت ساعة مرتين فى الأسبوع، ويستحسن يكون حد من أهلها الطيبيين دول معاها عشان هما اللى حاينفذوا كتير من التعليمات، وإنت تعلمهم حكاية “الضغط المحب”، دى، ولو انها بينى بينك صعبة، يعنى سهل إنك تقولــْها، لكن وانت بتنفذها أحسن لازم تنسى التعبير ده، إنت تتعرف على إنك بتعمل ” ضغط محب” من النتايج مش من إنك تقوله كشعار، أنا ساعات لما باغلط واقول حاجة زى كده لعيان، يا إما ينسى ” الضغط”، يا ينسى “المحب”! أى والله، لكن لما بيوصل المحتوى أثناء الشغل، بتبقى الأمور حاجة تانية.

أ.مختار ماجد: فى ظل إن هى دلوقتى رافضه الاولاد ومتخليه جدا لدرجة ان هى عايزه تخش المستشفى عايزه تروح دار المسنين اضغط إزاى؟

د.يحيى: انت طلعت جدع انك انت ما استسهلتش دخولها المستشفي، لكن مش معنى كده إن دخول المستشفى مالوش فايدة على طول الخط، لو كان وصلك حاجة جديدة من العرض النهارده، لو عايز حد يساعدك وانت بترسم خطة التأهيل بدل الاقتصار على العلاج الكلامى، يمكن دخولها المستشفى لفترة قصيرة يكون إعلان لتغير طريقة العلاج، ونوع المتابعة، ويمكن برضه هى بنفسها تلاقى إن المستشفى ما هياش حل، وحتى ماهياش مهرب، لأنها فترة مؤقتة بطبيعتها، وبعدين بينى وبينك، يمكن تفكر بعد دخولها المستشفى إنها ترجع الجروب، أنا مش فاهم إنت رضيت إنت والدكتور أحمد إنها تنقطع عن الجروب ليه؟

أ.مختار ماجد: هى اللى رفضت  خالص

د.يحيى: ما هو ده له دلالته برضه، لأن الجروب امتحان علاقاتى أكبر بكتير

أ.مختار ماجد: يعنى نرجعها الجروب؟

د.يحيى: حا ترجعها إزاى فى الظروف دى، هوه بالعافية، واحدة واحدة، حسب خطة التأهيل الجديدة، سواء بعد دخول قصير للمستشفى، أو بدونه، وانا شايف إن التلات سنين اللى فاتوا دول ما راحوش هدر بصراحة

أ.مختار ماجد: على الله

د.يحيى: كله على الله، إحنا نعمل اللى علينا، وبرضه كله على الله.

****

التعقيب والحوار:

د. رضوى العطار

المقتطف: إحنا بنورث برامج معمولة من مئات، وساعات آلاف السنين، باين إن برامج “صعوبة العلاقات البشرية” بتظهر فى تنويعات وأشكال وألوان حسب الظروف المتاحة، وبتوصل طبعا لحد المصايب والأمراض إذ ما كانتشى تلاقى ظروف فى التربية  والمجتمع تلملمها وتوجّهها

التعليق: للأسف معاك حق، وأغلب الوقت المجتمع بتاعنا بيفركش ما بيلملمشى

د. يحيى

إن معايشة هذه الصعوبات واعتبارها مما يميز النوع البشرى هى الأساس الذى بنيت عليه فروضى عن “الحزن الحيوى الخلاق” وهو طور إيجابى لمرحلة الإنسان خاصة، وبذلك رفضت أن يقترن الحزن دائما بما هو شعور بالذنب سواء كان متعلقا بالانجذاب للمحارم (فرويد) أو ناتجا لقتل الأم (فى الخيال الطفلى) تخلصاً من مأزق تناقض الوجدان وهو الذى اسمته “ميلانى كلاين” ومدرسة العلاقة بالموضوع “الموقع الاكتئابى” Depressive Position أثناء نمو الطفل “مدرسة العلاقة بالموضوع”.

أما الفرض الذى وضعته بديلا فهو أن مواجهة هذا الموقف بوعى بشرى خلاق هو عملية إبداعية جدلية، مستمرة وقد اسميتـُه طور “الحزن الحيوى الخلاق”، الذى يميز “الطور العلاقاتى البشرى” الذى أحللته محل الموقع الاكتئابى فى النمو الإيجابى

إذن يا رضوى إذا كان المجتمع بيفركش هذا الموقف فإنه يكون قد تنازل عن حق المنتمين إليه فى أن يكونوا بشرا يدفعون ثمن أنْسَنتهم (من إنسان).

د. محمد أحمد الرخاوى

بصراحة انا حبيت الست دى جدا وانا فعلا حاسس انها بتحب عيالها جدا عشان كدة عايزة تتعالج الاول اكتر من انها بتتخلى عنهم.

الدرس المستفاد من الحالة دى او التحدى او التعرية هى  “يا ترى فعلا احنا لازم احنا نفسنا نبقى اصحاء نفسيا عشان ما نضرش عيالنا من ورا ضهرنا او من ورا ضهرهم”

بصراحة دى ست شريفة جدا وصادقة جدا وعظيمة جد

 ربنا معاها ومعاكم.

 د. يحيى

نحن نحب كل المرضى (المفروض يعنى) حتى حين نرفضهم، أو نكرههم، فهذا نوع آخر من الحب، لأنه يستبعد الشفقة والتخدير المسترخى، المهم أن تستعمل العواطف البشرية من الجانبين لصالح مسيرة العلاج،

أما علاقة صحة الآباء بنمو الأبناء وفرصهم فى الصحة فهى حقيقة بديهية مهمة.

لكننى لاحظت سطحية هذه العواطف التى تناولها تعليقك فى حالة شديدة الصعوبة والتحدى.

عذرا

د. تامر فريد

أنا طول ما انا بقرأ التحليل ده بقارن بين الكلام بوجهه نظر حضرتك وبوجهه نظر طبيب آخر مشغول بقضية حايكتب لها دوا إيه (النموذج الطبى)، وشايف أنك مش مشغول بس بالعيانة لأ ده بالمعالج والمتدربين وباقى العيانيين من خلالها، وشايف أن جزء كبير من خبرة المعالج هذه هى التى تحدد اختيار هذا النوع المسئول من العلاج واللى حضرتك قفلت معاه فى النهاية بكله على الله.

د. يحيى

نعم، كله على الله بالمعنى الإيجابى: أن نستعمل كل المعارف والمعلومات بمسئولية وحذر، ولصالح المريض الذى هو صالحنا فى نفس الوقت، رغم أنف كل من لا يريدنا أن نفعل ذلك، حتى يتمكن أن يجمع أكثر ما يستطيع من أدوات الضياع وآلياته، وفى نفس الوقت نثق في القوة الإيجابية الناتجة عن علاقتنا بخالقنا الذى أوصانا بتواصلنا، وهو معنا (اجتمعوا عليه وافترقوا عليه).

أ. أيمن عبد العزيز

فى حالة بقاء المريضة فى نفس الدائرة (محلك سر) وصعوبة تغيير أى شئ وبقاء الوضع كما هو ماذا يفعل المعالج خاصة إذا حدث تغير وأصبح هناك صعوبة فى دخول المستشفى.

د. يحيى

الوقت، والعلم، والصبر، وربنا من قبل ومن بعد

أ. أيمن عبد العزيز

هل مع محاولات الضغط يمكن يسهل التخلى عن العلاقة العلاجية مع المعالج، خاصة أن هذا البرنامج هو الأسهل، أعنى توجيه المسئولية للمريضة، وماذا يفعل المعالج تجاه ذلك.

د. يحيى

ضبط جرعة الضغط أصعب وأدق فى كثير من الأحيان من ضبط جرعة العقاقير.

أ. عبير محمد

أعتقد أن التخلى الموجود عند المريضة دى مالوش علاقة قوى بتخلى أمها، أقصد أنه مش برنامج موروث قوى، لأن أخواتها كلهم يمكن يكون عندهم ما هو عكس “التخلى” تماما بمدى احتضانهم لأولادها وليها هى كمان، وده برضه يخلينا ندور على معلومات أكثر فى كل من “التخلى” المريضة عن زوجها أو العكس وكذلك تخلى الأم.

د. يحيى

كل ما ذكرت يحتاج بذل جهد أكبر، ووقت أطول، وحرفة أمهر، ودعم ربانىّ رحمن رحيم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – نشرة الإنسان والتطور: 18-5-2010  www.rakhawy.net

 

تعليق واحد

  1. صعوبة العلاقات الانسانية وحتمية الجدلية هي من اكبر ما يواجه الانسان .
    فهو يعيش حتم مسؤليته الفردية وفي نفس الوقت حتم احتياجه للآخر في جدلية تسعي الي الكشف والتكامل.
    اعتقد ان صعوبة هذه السيدة هي في افتقادها هذا الاحتياج للآخر الحقيقي الذي يثريها و يرجعها الي ارض الواقع وحتم مواجهته. وغالبا العلاج الجمعي سيكون افضل الوسائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *