الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه: الكتاب الثانى الحالات: من (41) إلى (60) الحالة: (47) الخطأ الجسيم، والاحترام الواجب، والتعلم الضرورى، والحذر الواجب!!

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه: الكتاب الثانى الحالات: من (41) إلى (60) الحالة: (47) الخطأ الجسيم، والاحترام الواجب، والتعلم الضرورى، والحذر الواجب!!

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 23-2-2022

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5289

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (41) إلى (60)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (47) من الكتاب الثالث من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!

****

الحالة: (47)

الخطأ الجسيم، والاحترام الواجب، والتعلم الضرورى، والحذر الواجب!!  (3)

د.عباس مختار: هى بنت عندها 26 سنة بتجيلى بقالها شهرين، بتجيلى هنا فى المستشفى، المشكلة اللى كانت جايه بيها هى بتشتكى من أعراض ضيقة وقلق، وساعات انشقاق خفيف خفيف،  بدأت أكتب لها على أدوية بسيطة وانتظمت فى الجلسات جلسة كل إسبوع

د.يحيى: بتشوفها بقالك أد إيه ؟

د.عباس مختار: شهرين

د.يحيى: هى بتشتغل إيه؟

د.عباس مختار: لما جت لى ماكانتش بتشتغل، لكن دلوقتى هى بدأت تشتغل سكرتيرة

د.يحيى: بقالها أد إيه؟

د.عباس مختار: مافيش بقالها أسبوع أو 10 أيام هى كانت طول الوقت تسيب الشغل وتروح شغل تانى، ما كانتش منتظمه فى الشغل أبدا،  المهم الأعراض كانت باينة  فى البدايه بسيطة، وقعدنا كده واحده واحده، وباحاول أفهم إيه  اللى فى الأسره بتاعتها وفى حياتها عشان أساعدها، وبعدين  إتفاجئت من أسبوعين إنها كانت فيه حاجات كتير مخبياها بالنسبة للعلاقات، علاقات جنسية يعنى، فقالت إنها دخلت فى علاقه جنسية كاملة مع جوز أختها الكبيرة بقالها سنة

د.يحيى: سنة!! وعلاقة جنسية كاملة ؟!

د.عباس مختار: أيوه سنة، بس علاقات متقطعة، يعنى فى السنة ديه عدد المرات اللى حصلت فيها حوالى 10 مرات

د.يحيى: كان أخر مره إمتى ؟

د.عباس مختار: أخر مرة كانت قبل ماتجيلى بشهر ونصف تقريباً أو شهرين

د.يحيى: فيه حاجة من دى حصلت أثناء ما كانت معاك، أثناء فترة العلاج؟

د.عباس مختار: لأ ، كل ده كان قبل ما تجيلى

د.يحيى: شهر ونصف قبل ماتجيلك؟

د.عباس مختار: آه

د.يحيى: وإنت بقالك شهرين معاها؟ مش كده؟

د.عباس مختار: أه، يبقى كله  تلات شهور ونص، ما فيش حاجة حصلت فيهم مع الجدع  ده

د.يحيى: أيوه، ده من ناحيتها، لكن هوه عمل إيه، بطل  يتعرض لها.

د.عباس مختار: لأ طبعا، بس هى بترفض

د.يحيى: أنا آسف، إنت قلت إن العلاقة كانت كاملة؟ 

 د.عباس مختار: آه حصل

د.يحيى: يعنى هية دلوقى مش بنت، منه ولا من غيره

د.عباس مختار: لأ منه طبعا، هى ماحصلش إنها عملت أى علاقه مع أى حد تانى،

 د.يحيى: طب وبعدين؟

د.عباس مختار: البنت قبل ماتجيلى بفتره بسيطة، تقريباً شهر،  إتقدم لها حد من معارفهم علشان يخطبها وكده ، وطبعا البنت ترددت جامد

د.يحيى: هى العلاقة دى مع الجدع ده: حب ولا لعب أى حاجة وخلاص

د.عباس مختار: حضرتك قصدك اللى بينها وبين جوز أختها؟

د.يحيى: آه

د.عباس مختار: أنا مش عارف أفسر الحكاية بالظبط، أنا شايف هو شخصيتة فيها حاجة بتميزه، وهى باين عليها منبهره بيه جامد.

د.يحيى: يعنى بتحبه ولا لأ، يعنى سلمت نفسها له علشان بتحبه؟ ولا إيه؟

د.عباس مختار: أظن بتحبه

د.يحيى: لحد دلوقتى ؟

د.عباس مختار: ما أظنش، دلوقتى بنفس الطريقة، أنا شايف إن  الدنيا متغيره خالص، لأ دلوقتى الدنيا مختلفه عن الأول لأن دلوقتى لما هى بدأت ترفض إنها تعمل معاه أى حاجة إبتدى هوه يهددها إنه هو حايقول لأهلها، وإن هو حاينشر القصة فى الأسرة وإن الدنيا حاتعرف، فالظاهر إنها شافته بشكل تانى.

د.يحيى: إنت بتقول إن فيه  حد متقدم لها  دلوقتى ؟

د.عباس مختار: لأ، مش دلوقتى قوى، ماهىّ رفضت اللى كان متقدم، لأنه ما كانشى ينفع.

د.يحيى: رفضته وهى معاك فى العلاج؟

د.عباس مختار: لأ، رفضته قبل ماتجيلى

د.يحيى: السؤال بقى؟؟

د.عباس مختار: السؤال إن فيه احتمال طبعاً طول الوقت  إن أى حد يتقدم، يعنى فيه فعلا كلام من ده دلوقتى، بس من بعيد لبعيد، لأن البنت جميله وفرصها فى الجواز مش قليله، بيتقدملها ناس كتير، أنا مش عارف اتصرف إزاى فى النقطة ديه لو إتقدملها حد؟ حايكون القرار إيه؟

 د.يحيى: فيه حاجة تانية؟؟

د.عباس مختار: آه، التهديد المباشر بتاع جوز اختها بإنه بيطلبها طول الوقت إن يحصل علاقة، وإن لو مش كده، هوه حايفضحها فى وسط الأسرة ويحكى لهم على القصة كده، علما بإن بقية أفراد الأسرة مش هنا، الجدع ده، قصدى جوز اختها، هوه اللى تقريباً المسئول عن تصريف شؤون  العيلة وكده، أختها شخصيتها ضعيفه خالص وإخواتها الصبيان على الهامش

د.يحيى: أبوها موجود

د.عباس مختار: أبوها موجود ، بس يعنى زى ما يكون مش موجود

د.يحيى: شغال إيه؟

د.عباس مختار: حالياً على المعاش

د.يحيى: واخواتها؟

د.عباس مختار: لها أختها الكبيرة  اللى جوزها ده، ولها أخ اكبر شايل إيده، وهمه نفسه، متجوز ومخلف وبيشتغل وساكن فى نفس بيت العيلة، قصدى نفس العمارة، وأخ صغير

د.يحيى: بصراحة الحالة صعب، والسؤال صعب، صعب فعلا، مش قادر ألمّها…

د.عباس مختار: إذا كانت صعب لحضرتك، أنا أعمل إيه ..؟؟…

د.يحيى: أنا مش عارف تعمل إيه، ولا أنا أعمل إيه، ما عنديش إجابة كده جاهزة، بس خلى بالك إحنا يادوب لسه مافاتشى غير شهرين، والمعلومات اللى عندنا ماتشجعشى على أى نوع من الرد الحاسم،  أصل احنا دلوقتى قدام إشكال  أخلاقى، وإشكال عاطفى، وإشكال مهنى:

 فالإشكال الإخلاقى الولد باين عليه مش تمام، يعنى بيتصرف كده بثقة تصل لدرجة الوقاحة، ومش باين عنده عاطفة ناحية البنت، ولا نيله، 

أما الإشكال العاطفى فهو زى ما انت  بتقول باين إن البنت بتحبه، وده عامل ما ينفعشى نهمله كده لمجرد إن رأينا إن الشخص ده  ما يستاهلشى الحب، أو إنه جوز اختها، ثم إن عاطفة البنت – مهما كانت غلط – إلا  إنها باين عليها عاطفة قوية ، وهى اللى خلتها تتخطى حواجز المحرمات، ولا همها إنه جوزاختها، وكمان فى الغالب حبها ده هوا اللى خلاها تتنازل عن عذريتها، وتكمل شوية بعد كده، ولحد دلوقتى مش عارفين الرفض تلات شهور دول دليل على إنها شافت حقيقته وإنه مش هوه، ولا الحكاية بقت خوف، ولا إيه

أما الإشكال المهنى بقى فهو اللى إحنا فيه دلوقتى، يعنى هوا دورنا إيه بالظبط؟ المفروض إن دورنا إن البنت تخف، طب تخف من إيه ؟ من الأعراض البسيطة اللى انت قلت وانت  بتقدمها إنها أعراض ما تستاهلشى لولا اللى بان وراها من كل اللى بتحكيه ده؟ ولا تخف من حبها اللى هوه زى ما يكون دليل على عدم النضج أكتر ما هو دليل على أى حاجة تانية، يعنى  موقفنا إحنا حايكون إيه فى مشكله حقيقيه وواقعية بهذا الشكل خصوصاً إن هما ساكنين فى نفس العمارة وهو رايح جاى قدامها طول الوقت، وكلام من ده، ده بالإضافة إلى تفاصيل موقفنا المهنى من جريمة محتملة، لأن اللى بيعمله الجدع ده اسمه ابتزاز، عملية إنه بيهددها بالفضيحة بالشكل ده يمثل جريمة قانونية، وسر المهنة غالبا يمنع تدخلنا المباشر فى مسألة زى دى حتى لو كانت تمثل جريمة بنص القانون، ثم إن البنت هى اللى حاتدفع التمن لو إنها لجأت للقانون، مانقدرشى نبتدى إحنا وننصحها بده، لا حاينفع واحنا عارفين عواطفها، ولا هوه مقبول اجتماعيا، ولا هى شغلتنا، ثم إنها هى واختها اللى حايدفعوا التمن أكتر منه ميت مرة، هما اللى حايتفضحوا أكتر منه، مجتمعنا بيدين الست، ويسيب الأوغاد.

د.عباس مختار: فعلا صحيح، وده طبعا حا يأثر على فرص جوازها كمان، ده حتى من غير فضيحة، هى فى زنقة حا تقول للى حا يتقدم لها على اللى حصل ولا لأه

 د.يحيى: أنا فاكر إحنا ناقشنا الحكاية دى كام مرة، بس هنا فى الحالة دى الحكاية أصعب، مش بس حاتقول له ولاّ لأ، إنما حاتقول له بالتفصيل، ولا حا تعمل إيه، دا انت صعبتها علينا قوى يا شيخ

 د.عباس مختار: ما انا باسأل برضه عشان كده

د.يحيى: أصل هنا المسألة بقت أصعب من الحالات اللى ناقشناها قبل كده، لأنها لو خبت على خطيبها أى معلومة، مثلا ما قالتشى تحديدا عن الشخص المسئول عن ده، يبقى برضه حاتعتبر نفسها كذابة، ويمكن خطيبها، ولو حتى بعد الجواز، يقعد يلح عليها عايز يعرف مين، وإذا قالت له  المسألة حاتتعقد ما فيش بعد كده، ما هو الجدع ده حايبقى عديله، وحايفضل فى وشه طول عمره، وبرضه أختها يمكن يتخرب بيتها ، ده إذا خطيبها كمل الخطوبة  من أصله، أو لو كانوا أتجوزوا، ماطلقهاش، المسألة فعلا صعبة.

د.عباس مختار: ما هو عشان كده انا مش عارف أعمل إيه

د.يحيى: ولا انا، لكن اسمح لى خلينا واقعيين ونمسك المسألة واحدة واحدة، وما تنساش إنك يا دوب مع البنية بقالك شهرين

د.عباس مختار: آه شهرين

د.يحيى: فاحنا مش مستعجلين قوى يعنى، لا البنت سنّها عدّى،  ولا حا يفوتها قطر الجواز، وهى جميلة زى مابتقول ومرغوبة وكلام من ده، يعنى ممكن ناخد وقتنا بالراحة ، وكل ما تقدم  الوقت، والبنت بتكبر بالعلاج، وبيك، وبالشغل، وبالألم، حانلاقى الأمور أوضح، والإجابات تقرب مننا من احسن إلى أحسن شوية شوية

د.عباس مختار: يعنى أعمل إيه ؟

د.يحيى: إنت ما تكركبهاش على نفسك، ما دام انت قدرت تكسب ثقة البنت، وما دام بتحترمها وبتحترم عواطفها وخطأها، وفى نفس الوقت ما فيش علاقة دلوقتى، يبقى الوقت فى صالح النضج لها، ويمكن لك انت كمان، إنت وشطارتك،

د.عباس مختار: طيب وإلحاح الواد ده عليها؟

د.يحيى: لأه بقى، إحنا ما صدقنا، دا احنا بنحاول نداوى فى الجرح القديم، ونخرج من المأزق القديم، يبقى حانجدد المسائل ونرمى بنزين على النار تانى ليه؟! إحنا مع كل احترامنا للعواطف، ومع محاولتنا احتواء الغلط، واحترام الامتناع اللى بدا حتى قبل العلاج، نعمل حسابنا إننا نقف جنب البنية بكل أبوة ومسئولية واحترام حقيقى، عشان تكبر بحق وحقيق، وعليك إنك تنبهها تفصيلا إنها تخلى المقابلات الاضطرارية فى  وسط الناس، وما فيش تليفونات ولا موبايلات ولا كلام من ده نهائى، يعنى مافيش مانع لو الظروف حكمت إنها تشوفه فى وسط العيلة فقط، أنا عارف إن واحد دِنـِـى زى ده مش حايبطل زن، إنما صلابة موقفها وهى معاك، حاتوصل له ولو بعد مدة إن ما فيش فايدة، مرة تانية لازم نفضل محترمـِـين عواطفها، وما تنساش إن دى أول تجربة، وبتبقى لها طعم تانى، ومعنى تانى، ولو هو بعد كده مابطلشى، تقول له – بمساعدتك طبعا ووقوفك جنبها – تقول له بوضوح إنه يعمل اللى هوه عايزه، واللى يحصل يحصل، تهديد تهديد إيه يعنى، الناس دول يهددوا إنما هما فى النهاية جـُـبـَـنـَـا، وإذا حتى فضح الدنيا، يبقى وقوع البلا ولا انتظاره، ما هو الغلط وارد وهوه مسئول زيها تمام، وبينى وبينك هوه مسئول أكتر، مش يعنى عشان هوه راجل، لا يا عم،

د.عباس مختار: طيب وعواطفها؟ واللى حضرتك قلته عن احترام عواطفها؟

د.يحيى: على العين والراس يا أخى، ما احنا كل ما كنا صادقين فى احترامها، وفى نفس الوقت حازمين فى عدم السماح بتكرار الغلط  تحت أى ظرف أو تهديد، ده حايسمح لها إنها تكبر زى ما بنقول، مش العلاج هوه كبران برضه !!، والعواطف بتنضج مع الكبران يا أخى، بس الخوف بصراحة إنها تكذب عليك أثناء العلاج لو حصلت حاجة كده أو كده

د.عباس مختار: بصراحة هى كذبت عليا فى الأول خالص، هى كانت فى الأول بتكذب عليا كتير يعنى ده الكلام ده قالتهولى فى الأخر، لما وثقت فىّ، وأعتقد دلوقت هى ما بتكذبشى.، أنا مش متأكد.

د.يحيى: … كل شىء محتمل، واحنا لازم ندفع ضريبة مهنتنا ونأجل الحكم، يعنى ده برضه من المشاكل المهنية الكبيرة، حاتلاقى نفسك كل شوية عمّال تتسائل: يا ترى هى بتكذب ولا مش بتكذب، وتبقى متلخبط، تيجى لو غلطت تبقى مش عارف لحد إمتى حاتسامح وتديها فرصة جديدة وكده، من غير هى ماتسىء فهم سماحك ده، دى حسبة صعبة فعلا ، إنت خد وقتك الأول، وما تسبقشى الأحداث، ونحلها سوا سوا واحدة واحدة

د.عباس مختار: طيب وحكاية تقول لخطيبها الجديد ولا ما تقولشى ؟

د.يحيى: … جرى إيه يا جدع انت إنت معانا ولا مع الاسد..، إنت بتصعبها علينا كده ليه، هى لسه اتخطبت؟!!

د.عباس مختار: ما انا خايف لحسن تكون حيرتها دى هى اللى مخلياها ترفض اللى بيتقدموا

د.يحيى: … محتمل جدا طبعا، فهى إذا فتحت الموضوع ده معاك ، لازم تفهمها إن المسألة حاتتوقف ساعتها على درجة نضجها، وبرضه على درجة نضج خطيبها، وعلى حبهم لبعض، وعلى الفرق بينه وبين الجدع ده، سواء كان الفرق فى الجذب، أو فى المسئولية، أو فى الندالة، كل الامور دى حاتبقى مكشوفة بدرجة حسب البصيرة اللى هى اكتسبتها من العلاج، مع احترام احتمالات الخوف والضعف، والتردد، والكلام ده، كل ده بيحصل أثناء العلاج من غير عناوين تشوِّهه أول بأول، يعنى كل شويه حانخبط على الباب فإذا كانت هى بتنضج من خلال العلاقه العلاجية، يبقى خير وبركة،  أما إذا كانت بتستعمل العلاقة العلاجية للتبرير وكلام من ده يبقى فيه كلام تانى، واخد بالك؟ على فكرة هى بتصلى ولا لأه؟

د.عباس مختار: أه، هى بدأت تصلى فى الفترة الأخيرة، قبل كدة ما كانتش منتظمة أوى، لكن فى الفترة الاخيرة بقت منتظمة

د.يحيى: خلى بالك، أنا مش باقول كده عشان الاستغفار والشعور بالذنب، ده وارد طبعا، بس التمادى فيه مابيفيدشى كتير، إنت عارف رأيى فى الشعور بالذنب، الدين الترهيبى والعقابى مش هوه المطلوب دلوقتى فى حالة زى دى، إنما  الدين المنتظم الرقيق اللى فيه عشم فى ربنا، وفيه حب واحترام، هوّ ده اللى ممكن  يساعدها، الدين الترهيبى التأنيبى حايخبى العواطف التلقائية، وهات يا “دفاعات”، وبعدين نفاجأ بمصايب فى الآخر.

د.عباس مختار: أنا أظن إن صلاتها دلوقتى هى من النوع الأخير ده

د.يحيى: يبقى الأرجح إن ده حايتعبنا لأن ده هوا اللى بيخلى العاطفة بدل ما هى فى المتناول تروح منسحبة وهات يا تغطية بالميكانزمات، تيجى التغطية تفشل،  تبص تلاقينا فى وسط الغلط من جديد، يبقى ما تفرحشى بالصلاة دلوقتى قوى، لكن برضه تحافظ عليها لحد ما يتقلب الاستغفار حــَـمـْـد، وانت عارف طريقتى فى الحكاية دى

د.عباس مختار: لأ مش عارف قوى

د.يحيى: لأ عارف، لانك بتقرا على الروشتات بتاعتى “يقلب الاستغفار حمدا مع الإكثار من الحمد”، ما هو دين الذهول والرعب بيعطل النمو، إنما الدين الرقيق المنتظم اللى فيه العشم والحوار هوا ده اللى بيقرب البعيد، ويشغـّـل مسألة  النمو والكلام ده

د.عباس مختار: مش فاهم !! يعنى إيه؟

د.يحيى: بالذمة الوقت يسمح أفهمك دلوقتى؟ ثم إن دى حاجات مش عايزة شرح ولا محاضرة، ولا عايزه فهم حتى، ما انت شغال فيها أهه ميه ميه، من غير ما أجاوب على سؤالك

 د.عباس مختار: آه فهمت 

د.يحيى: والله ما انا عارف فهمت إيه !! إذا كنت انا مش فاهم، دى حاجات يا جدع انت باقول لك مش للفهم، إنما هى بتكبر وتشتغل لوحدها من غير ما تتفهم، هى عايزة وقت، واتجاه صح

د.عباس مختار: يعنى إيه؟

د.يحيى: يعنى إذا كنا ما شيين صح، بنشوف نتيجة صح يا شيخ، مش هوه ده برضه “الفهم العملى”؟

د.عباس مختار: الظاهر كده

د.يحيى: الحمد لله

****

التعقيب والحوار:

أ. رامى عادل

الصله بين المعالج والعيانه هى الفيصل والحكم على الامور، مهم تكبر وتتفرع وتثمر، متبقاش على الواقف، الدواء بيدى خبره، وساعات بيهدى الاضطرابات، مع علاقه جيده، ممكن البنت ترجع تقف على رجليها، ويسندها الطبيب، اقصد الاتنين يتسندوا على بعض، وفى المازق ده تحديدا تعاد صياغة أمور كتير، منها الثقه فى الاخر، وانه يبقى المراية، الكلام ده فى أول العلاقة مع الطبيب، الثقه عشان تترسخ، ممكن تاخد شهور طويله، مش قليل ان حد يشوفنى ويحتوينى، اقوم بدورى احترمه وأكبر بكبرانه، دى كيمياء وتفاعلات، وساعات اللى بيحصل فى الجلسه وقت اشتداد الازمات، بيكون له مردوده وصداه، وبيسمـّـع طول ما العيان ماشى، وبيطبقه مع معظم اللى حواليه، يعنى المعالج وحنكته، وحيرته واضطرابه ممكن ينتج عنهم قرارات صائبه، احنا بنربى جوه البنت كيفية اتخاذ القرار،وده مش سهل، الدواء ركيزه اساسيه. احنا بنعالج، وده التزام ومسؤوليه وتعب، البنت لازم تشعر بالحب، يوصلها من أى مخلوق، ان شالله من جواها،انها تحس ان ليها قيمه، لازم تتدخل يا دكتور يحيي

د. يحيى:

حاضر يا رامى حاضر

لكن بالله عليك، كيف أتدخل أكثر من أن أقوم بمثل هذا الاشراف؟

يا عم رامى: واحدة واحدة علىَّ وعلى زملائى، وعلى المرضى الله يخليك.

أ. إيمان عبد الجواد

تفتكر لو واحد مفيش فى حياته “كبير”… ومفيش كبير يشتريه زى ما المثل بيقول… ممكن يكمل حياته وهو فى أشد الإحتياج لهذا الكبير.

إيه ممكن يعوض الإنسان عن احساس وجود الكبير فى حياته؟

واللى فوق كل ده…إزاى اللى مفتقد وجود كبير فى حياته..يكون كبير فى حياة إنسان تانى أصغر منه؟

لو حضرتك شايف ان الكلام ده خارج الموضوع …اعفى حضرتك من الرد.

 مع السلامة.

د. يحيى:

بالعكس، هو فى صلب الموضوع، لكن الكبير دائما موجود: مَنْ طَلَبه – بتواضع-  وَجـَـدَه، ودعينى أذكر نصّ المثل “اللى مالوش كبير يشتريله كبير” وربما لهذا يطلق بعض أهل الغرب على العلاج النفسى “صداقة للبيع”، وهى صداقة بمن يعرف أكثر ويصبر أكثر ويستوعب أكثر (المفروض المعالج هنا)

ثم إنه فى ثقافتنا نعيش أن الله أكبر، من كل كبير وهو حاضر ويحضر باستمرار وخاصة حين يعجز الكبير البشرى عن ملء الدور كما ينبغى، الله أكبر، دون أى اغتراب أو تجريد وهو – سبحانه – ليس فقط أكبر (الله أكبر) ولكنه أيضا يسهـِّـل لنا أن نجد الكبير الذى نحتاجه خصوصا من خارج السلطة الدينية الرسمية.

وتحت ظل هذا اليقين المسئول تتولد الحلول مع الوقت والصبر والاستمرار والتصحيح.

د. مها وصفى

الله ينور يا د. يحيى على: “يقلب الإستغفار حمدا مع الإكثار من الحمد

فقد احترت كثيرا من قبل فى توصيل هذه الفكرة، فوصلتنى منك كما السهل الممتنع، شكرا لك وللدكتور عباس فذهنه يبدو صافى جدا.

د. يحيى:

أنا الذى أشكرك.

د. ماجدة صالح

أنا لم أستدل فى هذه الحالة على شخصية الطبيب (رغم استنتاجى لشخصيته فى معظم الحالات السابقة)، ولكننى أعتقد أنه طبيب مبتدىء متلهف على سرعة التعلم، ولذلك أقترح أن يكون العنوان “النضج المتبادل يصحح المسار”.

د. يحيى:

موافق.

د. ماجدة صالح

أعتقد أن فرط حمايتك وإشفاقك ومسئوليتك وتحيزك لجنس النساء يا دكتور يحيى مع فرط لومك ورفضك لما يفعله الرجل بالمرأة مبالغ فيه بعض الشىء وفيه إضعاف لدور المرأة ومسئوليتها (فهى لم تعد مقهورة لهذا الحد فى مجتمعنا الآن)، وكل ما أخشاه هو تقمص هذا الموقف من المعالج المبتدىء فيعوق نموه الشخصى فى هذه المنطقة!!

مثلا فى هذه الحالة ليه زوج الأخت مسئول أكثر، ما يمكن يكون هو كمان غير ناضج زيها، وبعدين هو إذا كان خان مراته مع اختها فهى خانت أختها مع جوزها، خاصة أنه لم يغتصبها لا سمح الله ولاحاجة.

د. يحيى:

موافق على الجزء الأول من التعليق، لكننى متحفظ على الجزء الأخير، لعلك تذكرين يا ماجدة الابتزاز الذى مارسه هذا الرجل على مريضتنا شقيقة زوجته، وتهديد مريضتنا بالتشهير بها، وتجريسها، إن لم تواصل الاستجابة لجوعه، وكأنها فعلتها مع واحد آخر غيره، ومهما كانت المريضة شريكة ومسئولة فى البداية، وهى كذلك، إلا أنها عادت تعيد النظر كما بدا من أقوالها للطبيب المعالج، فكان على هذا الوغد أن يحترم ذلك ولا يهددها بعد امتناعها، إن كانت العلاقة حرة ومتبادلة، مع التذكرة بأنها علاقة محارمية.

 أ. إيمن عبد العزيز

لم أفهم كيف أن حبها هو دليل على عدم النضج، وهل عدم النضج يتضمن الجوع والاحتياج العاطفى، أم يمكن أن أكون ناضجاً ومعى هذا الاحتياج.

د. يحيى:

أولا: أظن أن انسياقها السهل لمثل هذه الغواية هو نوع من عدم النضج، وهذا لا يمنع تسميته حبا.

ثانيا: يمكن أن يظل مثل هذا الاحتياج قائما طول العمر، وكما تعلم فإن النضج – بينى وبينك – لا يكتمل أبدا، لكن ذلك لا ينبغى أن يبرر التمادى فى العبث واللامسئولية.

أ. إيمن عبد العزيز

الوقت والعلاج هما لصالح النضج، لكن هناك موضوع عدم العذرية، وهو موجود فى الخلفية. وهذا الموضوع قد يحتمل أن يكون هو السبب لرفضها الزواج.

د. يحيى:

طبعا ممكن ونـُـصّ، وأذكر أننا ناقشنا هذا الموضوع قبلاَ فى الحالة رقم (41) بعنوان: “ثمنٌ غالٍ لجوع غبىّ”، (ص 7)

أ. إيمن عبد العزيز

وما هو الموقف الأخلاقى والعلاجى فى حالة إجراء المريضة لعملية، وذلك متاح ومنتشر، وهل له دور فى العلاج أم لا؟

د. يحيى:

أنا رأيى الشخصى أن هذا حقها، خاصة لو كانت التجربة قد صهرتها، فهى لا تفعل ذلك لمجرد الكذب أو الخداع، ولكنها حسبة لا ينبغى أن تتحملها وحدها، إذْ يشترك فى المسئولية عنها كل من “المجتمع الغبى”، و”الآخر المشارك”، بقدر ما تشترك هى فيها بخطئها الذى لا ينبغى أن يظل حائلا دون تمتعها بالاحترام والحياة الطبيعية، أنا احترم تصحيح الخطأ بعملية آمنة، على شرط السرية المطلقة، وضمان التعلم من التجربة بحرص شديد.

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net، نشرت في الكتاب بهذا العنوان: هل السن عائق ضد العلاج النفسى، لكننى وجدته عنوانا أضعف من المحتوى، ففضلت هذا العنوان الآن، وهو ما سوف أصححه في الموقع، وفى الطبعات التالية للكتاب.

[2] – نشرة 20-10-2009 www.rakhawy.net

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

4 تعليقات

  1. جوع الح
    لا يعرف وجهة
    جلس قريب من الذاكرة
    مضي بعيدا ..
    ليبقي الجسد منخولا..
    يرشف الحزن..
    يقهر الوغد..
    لا يعرف رحمة ..
    اليست غرفتنا يا استاذنا
    تتسع لندبات الزمن
    لكنها تضيق ..
    تضيق كلما استعدنا شغف المشاعر
    وسلوي الوجع…
    نرجوه ..فتتسع
    نمضي لانعرف ..
    لكن لانقف…

  2. د هشام عبد المنعم

    الحاله صعبه فعلا، والموقف شائك ، هو فعلا الرهان على النضج بإستمرار العلاج وبداية تحملها المسؤوليه هو الحل المتاح رغم المخاطر الكثيره المحتمله ، اعتقد ان وصول الاحترام والتقبل مع عدم الإمضاء بالتسامح فيما بعد من قبل المعالج معادله صعبه فعلا محتاجه خبره وصبر ، الله يعيننا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *