الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (62) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (62) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 24-2-2022

السنة الخامسة عشر               

العدد: 5290

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (62)

الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!‏

الأصداء

‏62 – ‏الحياة

‏”‏أجبرتنى ‏ظروف‏ ‏الحياة‏ ‏يوما‏ ‏لأكون‏ ‏قاطع‏ ‏طريق‏، ‏وبدأت‏ ‏أولى ‏ممارساتى ‏فى ‏ليلة‏ ‏مظلمة‏ ‏فانقضضت‏ ‏على ‏عابر‏ ‏سبيل‏ ‏وارتعب‏ ‏الرجل‏ ‏بشدة‏ ‏شارفت‏ ‏به‏ ‏الموت‏ ‏وهتف‏ ‏برجاء‏ ‏حار‏: “‏خذ‏ ‏جميع‏ ‏ما‏ ‏أملك‏ ‏حلالا‏ ‏لك‏ ‏ولكن‏ ‏لا‏ ‏تمس‏ ‏حياتى ‏بسوء‏”.‏

ومنذ‏ ‏تلك‏ ‏اللحظة‏ ‏وأنا‏ ‏أحوم‏ ‏بروحى ‏حول‏ ‏سر‏ ‏الحياة‏”!.‏

أصداء الأصداء

فى ‏الحياة‏ ‏ذاتها‏ – ‏دون‏ ‏أى ‏مبرر‏ ‏أو‏ ‏معنى ‏أو‏ ‏متعة‏ ‏أو‏ ‏بعد‏ – ‏سر‏ ‏يحفظها‏، ‏تشاهد‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏سرب‏ ‏نمل‏ ‏يمشى ‏على ‏الحائط‏، ‏وفى ‏صف‏ ‏من‏ ‏الأسماك‏ ‏الصغيرة‏ ‏يتلوى ‏تحت‏ ‏الماء‏، ‏بل‏ ‏إنى ‏أقف‏ ‏امام‏ ‏مريض‏ ‏من‏ ‏مرضاى ‏انقطع‏ ‏عن‏ ‏العالم‏ ‏منذ‏ ‏عشرين‏ ‏سنة‏، ‏وعن‏ ‏الحوار‏ ‏ولو‏ ‏بلفظ‏ ‏واحد‏ ‏حتى ‏مع‏ ‏من‏ ‏حوله‏ ‏من‏ ‏المرضى، ‏وعن‏ ‏الشكوى، ‏وعن‏ ‏الأمل منذ أكثر من ذلك، ‏ولم‏ ‏يبق‏ ‏فيه‏ ‏إلى ‏عينان‏ ‏لامعتان‏ ‏تطل‏ ‏منهما‏ ‏الحياة‏ ‏كأقوى ‏ما‏ ‏يكون‏، ‏وجسد‏ ‏يتحرك‏ ‏يؤدى ‏طقوس‏ ‏الأكل‏ ‏والنوم‏ ‏والقيام‏ ‏والجلوس‏، ‏أقف‏ ‏أمام‏ ‏هذا‏ ‏المريض‏ ‏أسـِّبح‏ ‏والأسئلة‏ ‏لاتكف‏ ‏عن‏ ‏الدوران‏، ‏لماذا‏ ‏يستمر؟‏ ‏إذن‏ ‏ماذا؟‏ ‏وماذا‏ ‏بعد؟‏ ‏وما‏ ‏الفائدة‏ ‏التى ‏يجنيها‏ ‏من‏ ‏الاستمرار‏ ‏هكذا؟‏ ‏وما‏ ‏سر‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الحرص؟‏ ‏وأذكر‏ ‏كيف‏ ‏حضرنى ‏مثل‏ ‏ذلك‏ ‏وأنا‏ ‏أزور‏ ‏المرحومة‏ ‏خالتى ‏المطلقة‏ ‏العاقر‏ ‏وقد‏ ‏تجاوزت‏ ‏عامها‏ ‏السبعيين‏ ‏وهى ‏وحيدة‏ ‏تماما‏، ‏تكاد‏ ‏لاتتحرك‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فأكاد‏ ‏أجزم‏ ‏أننى ‏لم‏ ‏أر‏ ‏مثل‏ ‏تمسكها‏ ‏بالحياة‏، ‏والأصداء‏ ‏مليئة‏ ‏بحيوات‏ ‏لها‏ ‏زخمها‏ ‏الذى ‏يعلن‏ ‏عنفوانها‏ ‏فى ‏ذاتها‏، ‏أما‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏التساؤل‏ ‏حول‏ ‏سر‏ ‏الحياة‏ ‏مبعثه‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏المهاجـَم‏ ‏فضـَّـل‏ ‏تسليم‏ ‏ما‏ ‏معه‏ ‏لقاطع‏ ‏طريق‏ ‏فهذا‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يستوقفنى، لكن خطر لى خاطر آخر يعمق الرؤية ويبرر الحكى، إ ربما أن الراوى نفسه‏ ‏قاطع‏ الطريق‏ ‏لم يكن واقعا خارجيا‏، ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏كيان داخلى‏ ‏قد‏ ‏أجبرته‏ “‏ظروف تطور‏ ‏الحياة‏” ‏أن‏ ‏يقطع‏ ‏طريقها‏، ‏فانقض‏ ‏على ‏الذات‏ ‏الأخرى ‏المغتربة‏ ‏فى ‏مكاسب‏ ‏لامعنى ‏لها‏، ‏وبدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تتمادى ‏المعركة‏ (‏التى ‏ربما‏ ‏تنتهى ‏بالقضاء‏ ‏على ‏الاثنين‏: ‏بالانتحار‏) ‏رجـحت‏ ‏كفة‏ ‏الحياة‏ – ‏فى ‏ذاتها‏ – ‏على ‏كفة‏ ‏الـملكية‏ ‏للتملك‏، ‏والتى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتمادى ‏على ‏حساب‏ ‏الحياة‏ ‏إلى ‏اغتراب‏ ‏لا‏ ‏نهاية‏ ‏له‏.‏

وهكذا‏ ‏تصالحت‏ – ‏بالعافية‏ – ‏مع‏ ‏صدى ‏هذه‏ ‏الفقرة‏ ‏

 

   ‏‏ ‏ 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

النشرة التالية 1

admin-ajax

2 تعليقان

  1. ومنذ‏ ‏تلك‏ ‏اللحظة‏ ‏وأنا‏ ‏أحوم‏ ‏بروحى ‏حول‏ ‏سر‏ ‏الحياة‏”!

    ‏رجـحت‏ ‏كفة‏ ‏الحياة‏ – ‏فى ‏ذاتها‏ – ‏على ‏كفة‏ ‏الـملكية‏ ‏للتملك‏، ‏والتى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتمادى ‏على ‏حساب‏ ‏الحياة‏ ‏إلى ‏اغتراب‏ ‏لا‏ ‏نهاية‏ ‏له‏.‏
    أظن أنه صراع المتناقضات.. الروحى و المادى و إيجاد نقطة التلاقى أو التصالح .. الله المستعان
    لك محبة منى أبى و معلمى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *