الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز(1)” “غريزة الجنس” الفصل الأول “أصول ومنهج التعرف على ماهية الجنس” (3)

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز(1)” “غريزة الجنس” الفصل الأول “أصول ومنهج التعرف على ماهية الجنس” (3)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 6-8-2022

السنة الخامسة عشر

العدد: 5453

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” [1] 

الباب الأول: “غريزة‏ ‏الجنس”(من‏ ‏التكاثر‏ ‏إلى ‏التواصل)‏  [2] 

  الفصل الأول

أصول ومنهج التعرف على ماهية الجنس (3)

………………..

 ………………..

منهج‏ ‏التلـقـى

فى ‏مثل‏ ‏موقفنا‏ ‏هذا‏ ‏لا‏ ‏يصح‏ ‏أن‏ ‏نكتفى ‏بأن‏ ‏نتحدث‏ ‏عن‏ ‏منهج‏ ‏الرصد والكتابة ‏دون‏ ‏أن‏ ‏نعرج‏ ‏إلى ‏منهج‏ ‏المتلقى، ‏لأنه‏ ‏يبدو‏،(‏وخاصة‏ ‏فى ‏مسألة‏ ‏توظيف‏ ‏العلم‏ ‏لتشكيل‏ ‏الوعى = ‏الثقافة‏ ‏العلمية‏) ‏أن‏ ‏منهج‏ ‏المتلقى ‏لا‏ ‏يقل‏ ‏أهمية‏، ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يزد‏ ‏عن‏ ‏منهج‏ ‏الحصول‏ ‏على ‏المعلومة‏، ‏وعن‏ ‏منهج‏ ‏أسلوب‏ ‏تقديمها‏، ‏بمعنى ‏أن‏ ‏أيا‏ ‏من‏ ‏الحاضرين‏ ‏هنا‏، ‏أو‏ ‏حتى ‏ممن‏ ‏تتاح‏ ‏له‏ ‏قراءة‏ ‏هذه‏ ‏الورقة‏، ‏فيما‏ ‏بعد‏، ‏سوف‏ ‏يتلقى ‏ما‏ ‏ورد‏ ‏فيها‏، ‏بطريقة‏ ‏تحددها‏ ‏عوامل‏ ‏لا‏ ‏بد‏ ‏أن‏ ‏تؤثر‏ ‏على ‏تشكيل‏ ‏وعيه‏ ‏بشكل‏ ‏متفرد‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏لنا‏ ‏أن‏ ‏نأمل‏ ‏فى ‏ذلك‏، ‏ويصح‏ ‏هذاسواء‏ ‏كانت‏ ‏المعلومة‏ ‏أرقام‏ ‏إحصاء‏ ‏أم‏ ‏تنظير‏ ‏عالم‏ ‏أم‏ ‏فرض‏ ‏ممارس‏ ‏أم‏ ‏وعى ‏مبدع أم تشكيل مبدع أو ناقد؟

والأسئلة‏ ‏التى ‏تطرح‏ ‏نفسها‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏المقام‏ ‏تتساءل‏ ‏عن‏ ‏مصير‏ ‏المعلومة‏ ‏التى ‏تصل‏ ‏إلى ‏وعى ‏المتلقى، ‏وأحسب‏ ‏أننا‏ ‏لو‏ ‏وضعنا‏ ‏المسألة‏ ‏فى ‏شكل‏ ‏أسئلة‏ ‏محددة‏ ‏لكان‏ ‏ذلك‏ ‏أكثر‏ ‏اتساقا‏ ‏مع‏ ‏منطلقنا‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏اللقاء‏، ‏ولنحاول‏ ‏أن‏ ‏نـتساءل‏ ‏حول‏ ‏معلومة‏ ‏تصل‏ ‏إلى ‏السامع‏ (‏أو القارئ‏)، ‏معلومة‏ ‏تشير‏ ‏إلى: ‏دلالة‏، ‏أو‏ ‏ضرورة‏، ‏أو‏ ‏مغزى ‏ممارسة‏ ‏جنسية‏ ‏بعينها‏، ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏فى ‏تفسير‏ ‏النشاط‏ ‏الجنسى ‏نفسه‏، ‏أو‏ ‏ما‏ ‏يتعلق به‏ ‏من‏ ‏تواصل‏ ‏أو‏ ‏وداد‏ ‏أو‏ ‏حب‏ ‏أو‏ ‏ما‏ ‏شابه‏، ‏فماذا‏ ‏يمكن أن يكون‏ ‏منهج‏ ‏المتلقى ‏لهذه‏ ‏المعلومة‏؟‏

‏(1) ‏هل‏ ‏سيكتفى ‏بأن‏ ‏يقيسها‏ ‏بما‏ ‏سبق‏ ‏أن‏ ‏عرفه‏ ‏من‏ ‏معلومات‏ ‏حول‏ ‏نفس‏ ‏المسألة؟[3] 

‏(2) ‏وهل‏ ‏معلوماته‏ ‏السابقة‏ ‏هذه‏ – ‏سواء‏ ‏اتفقت‏ ‏مع‏ ‏ما‏ ‏سمع‏ ‏أم‏ ‏اختلفت ‏- ‏هى ‏نابعة‏ ‏من‏ ‏مسلمات‏ ‏دينية‏، ‏أم‏ ‏أحلام‏ ‏يقظة‏، ‏أم‏ ‏أيديولوجيات‏ ‏ثابتة‏، ‏أم‏ ‏خبرة‏ ‏ذاتية‏؟

‏(3) ‏فإذا‏ ‏كانت‏ ‏الأخيرة‏، ‏فهل‏ ‏سيغامر‏ ‏بأن‏ ‏يراجعها أو يراجع‏ ‏ممارسته؟

‏(4) ‏فإذا حدث‏ ‏اختلاف‏ ‏بين‏ ‏ما‏ ‏سمع‏ ‏وما‏ ‏يمارس‏، ‏هل‏ ‏سيسارع‏ ‏برفض‏ ‏المعلومة‏ ‏حتى ‏لا‏ ‏يقلق‏ ‏نفسه‏ ‏أو‏ ‏شريكه‏ (‏فيكون‏ ‏الرفض‏ ‏دفاعا‏ ‏مشروعا‏)‏

‏(5) ‏ثم‏ ‏هل‏ ‏سيذهب‏ ‏بما‏ ‏وصله‏ ‏ليتحقق‏ ‏منه‏ ‏من‏ ‏مراجع‏ ‏أخرى، ‏أو‏ ‏خبرات‏ ‏أخرى؟‏ ‏وأين‏ ‏المجال‏ ‏والفرص؟

هذه‏ ‏كلها‏ ‏تحديات‏ ‏أمام‏ ‏من‏ ‏يتصدى ‏لتقديم‏ معلومات ‏يهدف‏ ‏إلى ‏توظيفها‏ ‏فى ‏تشكيل‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏ثقافة، وبالذات ما هو ثقافة جنسية‏.‏

إشكالة‏ ‏التواصل‏ ‏البشرى: ‏

‏ ‏عنوان‏ ‏المحاضرة‏ ‏يقول:‏ “‏الغريزة‏ ‏الجنسية‏ ‏من‏ ‏التكاثر‏ ‏إلى ‏التواصل”‏، ‏ويبدو‏ ‏لأول‏ ‏وهله‏ ‏إنه‏ ‏لا‏ ‏ينقصنا‏ ‏فهم‏ ‏علمى ‏لما‏ ‏هو‏ “‏جنس‏”، ‏ودوره‏ ‏فى ‏التكاثر‏، ‏إذ‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏من‏ ‏أبسط‏ ‏مستويات‏ ‏ما‏ ‏انتهى ‏منه‏ ‏العلم‏، ‏لكن‏ ‏الإشكال يحتد‏ ‏فى ‏فهم‏ طبيعة وأبعاد ‏التواصل‏، ‏لأننا‏-‏فى ‏واقع‏ ‏الحال‏- ‏لا‏ ‏نعرف‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏التواصل‏ ‏الذى نفترض أنه من أهم غايات النشاط الحيوى الجنسى للإنسان.

 ‏تعريف‏ ‏التواصل‏ ‏بين‏ ‏البشر‏ ‏بالمعنى ‏الإنسانى ‏الموضوعى، ‏لتحقيق‏ ‏الوجود‏ ‏الصحيح ‏القادر‏ ‏على ‏تخليق‏ ‏كيانات‏ ‏مستقلة‏ ‏متفاعلة‏ ‏متولدة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏التقائها‏ ‏طول‏ ‏الوقت:‏ ‏هو‏ ‏التحدى ‏الحقيقى ‏الذى ‏يلقى ‏فى ‏وجه‏ ‏العلم‏ ‏والممارسة‏ ‏على ‏حد‏ ‏سواء، وهو الذى يميز البشر فى أرقى مراحل تواجدهم.

وقد‏ ‏حاولتْ‏ ‏مدارس‏ ‏نفسية‏ ‏كثيرة‏ ‏أهمها‏ ‏مدرسة‏ ‏أو‏ “‏مدارس‏ ‏العلاقة‏ ‏بالموضوع”‏، وهى مدرسة تحليلية نفسية (بعد فرويد مع ارتباطها بفكره) [4]، ‏أن‏ ‏تحدد‏ ‏مراحل‏ ‏التواصل‏ ‏بين‏ ‏البشر‏ ‏أثناء‏ ‏رحلة‏ ‏النمو‏، ‏وأن‏ ‏تحاول‏ ‏أن‏ ‏تؤكد‏ ‏على ‏أنه‏ ‏بغير‏ ‏”آخر”‏ ‏حقيقى (‏ليس ‏موضوعا‏ ‏ذاتيا مـُسـْـقـَـطا‏: ‏الذى هو ‏موضوع‏ ‏ليس‏ ‏بموضوع‏) ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نـُعتبر‏ ‏أننا‏ ‏بشر‏ ‏بحق‏، ‏وبما‏ ‏أن‏ ‏التعامل‏ ‏مع‏ ‏”آخر”‏ “‏موضوعى‏” ‏تماما‏ ‏هو‏ ‏أمر‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏اليوتوبيا‏، ‏فإن‏ ‏غاية‏ ‏المراد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏تطور‏ ‏البشر‏ ‏يسير‏ ‏فى ‏اتجاه محاولة ذلك‏، ‏أى ‏أن‏ ‏يرتقى ‏الإنسان‏ ‏باستمرار‏ ‏من‏ ‏“استعمال‏” ‏الآخرين‏ “‏كما‏ ‏يراهم”‏، ‏إلى “‏التفاعل‏ ‏معهم‏ ‏”كما‏ ‏هم‏”، ‏وهذا‏ ‏ ‏ ‏ضد‏ ‏الاستسلام‏ ‏الشيزيدى ‏تحت‏ ‏عنوان‏ ‏الحرية‏ ‏أو‏ ‏الديمقراطية‏ ‏أو‏ ‏الاعتراف‏ ‏بالخلاف‏ ‏وادعاء‏ ‏التحاور‏ السطحى،وإنما‏ ‏هو‏ ‏يعنى ‏فى ‏المقام‏ ‏الأول‏: ‏التفاعل‏ ‏الخلاّق‏ ‏الذى ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏إعادة‏ ‏النظر‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏جولة‏ ‏التحام‏، ‏سواء‏ ‏كان‏ ‏التحاما‏ ‏جنسيا‏ ‏أم‏ ‏التحاما‏ ‏عدوانيا‏، ‏ولكنه‏ ‏أبدا‏ ‏ليس‏ ‏ادعاء‏ ‏تحرّرِياً‏، ‏أو‏‏ ‏حوارا‏ ‏لفظيا.

 ‏ومن‏ ‏كل‏ ‏الآراء والأفكار‏ ‏التى ‏عرضتها‏ ‏سابقا‏، ‏وعلى ‏وفرة‏ ‏تناول‏ ‏هذا‏ ‏الموضوع‏ ‏فى ‏مدارس‏ ‏علم‏ ‏النفس‏ ‏التحليلى ‏وغيرها‏، ‏فإن‏ ‏الإبداع‏ ‏الأدبى ‏خاصة‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏أسهم‏ ‏إسهامات‏ ‏فائقة‏ ‏فى ‏توصيف‏ ‏هذه‏ ‏الإشكالية‏ ‏البشرية‏ ‏بحق

وفى ‏الحياة‏ ‏العامة‏ ‏تظهر‏ ‏مشاكل‏ ‏التواصل‏ ‏على ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مستوى: ‏من‏ ‏أول‏ ‏إشكالات‏ ‏الحب‏ ‏والخيالات‏ ‏التى ‏تدورحوله‏، ‏حتى ‏مزاعم‏ ‏الديمقراطية‏ (‏وادعاء احترام الرأى ‏الآخر‏) ‏مارين‏ ‏بالصراع‏ ‏بين‏ ‏الأجيال‏ ‏وتحديات‏ ‏الاختلافات‏ ‏الفردية‏ ‏مما‏ ‏لا‏ ‏مجال‏ ‏للاستطراد‏ ‏فيه‏ ‏حتى لا نبتعد‏ ‏عن‏ ‏موضوعنا‏ ‏الأصلى.

………………..

 ………………..

 (ونواصل غدًا)

__________________________________

[1] – يحيى الرخاوى،  كتاب “الطب النفسى والغرائز (1) “غريزة الجنس” (من التكاثر إلى التواصل) و“غريزة العدوان” (من التفكيك إلى الإبداع) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2022) (تحت الطبع حاليا)

[2] – تحديث محدود لمحاضرة “الغريزة الجنسية”‏ ‏ألقيتها‏ ‏فى ‏منتدى ‏أبو‏ ‏شادى ‏الروبى (15/12/1998) ضمن نشاط محاضرات لجنة‏ ‏الثقافة‏ ‏العلمية: المجلس الأعلى للثقافة.

[3] – ختان‏ ‏الإناث‏ ‏جريمة‏ ‏إنسانية‏، ‏وليس‏ مجرد ‏خطيئة‏ ‏‏جنسية‏، ‏ولكن‏ ‏الختان‏ ‏النفسى ‏الذى ‏يحدث‏ ‏للإناث‏ ‏فى بعض ‏المجتمعات المتخلفة مهما بلغ ظاهر تمدنها يكاد يكون‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏الختان‏ ‏الجسدى، ‏فماذا‏ ‏لو‏ ‏سمع‏ ‏الحاضرون‏ ‏بحثا‏ ‏يثبت‏ ‏فيه‏ ‏أن‏ ‏المتختنات‏ ‏نفسيا‏ (‏بالدفاعات‏ ‏والقهر‏ ‏وزيف‏ ‏المعلومات‏) ‏أكثر‏ ‏برودا‏ ‏من‏ ‏المتختنات‏ ‏جسديا‏، ‏وبنفس‏ ‏القياس‏ ‏ماذا‏ ‏لو‏ ‏سمع‏ ‏الحاضرون‏ ‏بحثا‏ ‏إحصائيا‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏المنقبات‏ ‏أكثر‏ ‏استجابة‏ ‏جنسيا‏ ‏من‏ ‏المحجبات‏ ‏اللاتى ‏هن‏ ‏بدوهن‏ ‏أكثر‏ ‏استجابة‏ ‏من‏ ‏السافرات‏ ‏اللاتى ‏ربما يكنّ‏ ‏أكثر‏ ‏استجابة‏ ‏من‏ ‏العاريات‏، ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏أمثلة‏، ‏ولكننى ‏أعرض‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏الهامش‏ ‏تساؤلات‏ ‏حول‏ ‏طبيعة‏ ‏تلقى ‏ما‏ ‏لا‏ ‏نتوقع‏، ‏لا‏ ‏أكثر‏ .‏

‏(‏ملحوظة‏: ‏للأمانة‏ ‏أعترف‏ ‏أن‏ ‏ممارستى ‏الكلينيكية‏ ‏تشير‏ ‏إلى مشروعية هذه التساؤلات).

[4]- Harry Guntrip, Schizoid phenomena, object-relations, and the self , Published by International Universities Press in New York, 1969 .

 

تعليق واحد

  1. قصيدة للحلاج.

    لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي
    لَبَّيكَ لَبَّيكََ يا قَصدي وَمَعنائي
    أَدعوكَ بَل أَنتَ تَدعوني إِلَيكَ فَهَل
    نادَيتُ إِيّاكَ أَم نادَيتَ إِيّائي
    يا عَينَ عَينِ وَجودي يا مدى هِمَمي
    يا مَنطِقي وَعَبارَتي وَإيمائي
    يا كُلَّ كُلّي وَيا سَمعي وَيا بَصَري
    يا جُملَتي وَتَباعيضي وَأَجزائي
    يا كُلَّ كُلّي وَكُلُّ الكُلِّ مُلتَبِسٌ
    وَكُلُّ كُلِّكَ مَلبوسٌ بِمَعنائي
    يا مَن بِهِ عَلِقَت روحي فَقَد تَلِفَت
    وَجداً فَصِرتُ رَهيناً تَحتَ أَهوائي
    أَبكي عَلى شَجَني مِن فُرقَتي وَطَني
    طَوعاً وَيُسعِدُني بِالنَوحِ أَعدائي
    أَدنو فَيُبعِدُني خَوفي فَيُقلِقُني
    شَوقٌ تَمَكَّنَ في مَكنونِ أَحشائي
    فَكَيفَ أَصنَعُ في حُبٍّ كُلِّفتُ بِهِ
    مَولايَ قَد مَلَّ مِن سُقمي أَطِبّائي
    قالوا تَداوَ بِهِ فَقُلتُ لَهُم
    يا قَومُ هَل يَتَداوى الداءُ بِالدائي
    حُبّي لِمَولايَ أَضناني وَأَسقَمَني
    فَكَيفَ أَشكو إِلى مَولايَ مَولائي
    إِنّي لَأَرمُقُهُ وَالقَلبُ يَعرِفُهُ
    فَما يُتَرجِمُ عَنهُ غَيرُ إيمائي
    يا وَيحَ روحي وَمِن روحي فَوا أَسفي
    عَلَيَّ مِنّي فَإِنّي أَصِلُ بَلوائي
    كَأَنَّني غَرِقٌ تَبدوا أَنامِلَهُ
    تَغَوُّثاً وَهوَ في بَحرٍ مِنَ الماءِ
    وَلَيسَ يَعلَمُ ما لاقَيتُ مِن أَحَدٍ
    إِلّا الَّذي حَلَّ مِنّي في سُوَيدائي
    ذاكَ العَليمُ بِما لاقَيتُ مِن دَنَفٍ
    وَفي مَشيئَتِهِ مَوتي وَإِحيائي
    يا غايَةَ السُؤلِ وَالمَأمولِ يا سَكَني
    يا عَيشَ روحِيَ يا ديني وَدُنيائي
    قُلي فَدَيتُكَ يا سَمعي وَيا بَصَري
    لِم ذي اللُجاجَةُ في بُعدي وَإِقصائي
    إِن كُنتَ بالغَيبِ عَن عَينَيَّ مُحتَجِباً
    فَالقَلبُ يَرعاكَ في الإِبعادِ وَالنائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *