الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” الباب الثانى: “غريزة العدوان”(من‏ ‏التفكيك إلى الإبداع)‏ الملحق (2) .. (عبر النقد الأدبى):”ليالى ألف ليلة” لــ “نجيب محفوظ” القتل بين مقامـَـىْ العبادة والدم (13)

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” الباب الثانى: “غريزة العدوان”(من‏ ‏التفكيك إلى الإبداع)‏ الملحق (2) .. (عبر النقد الأدبى):”ليالى ألف ليلة” لــ “نجيب محفوظ” القتل بين مقامـَـىْ العبادة والدم (13)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت : 17-12-2022

السنة السادسة عشر

العدد: 5586

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)”([1])

الباب الثانى: “غريزة العدوان”(من‏ ‏التفكيك إلى الإبداع)‏ ‏([2])

الملحق (2) .. (عبر النقد الأدبى):

“ليالى ألف ليلة” لــ “نجيب محفوظ”([3])

القتل بين مقامـَـىْ العبادة والدم([4](13)

…………

…………

13- ‏البكاؤون

‏ ‏خاتمة‏ ‏بعد‏ ‏النهاية‏: ‏مزيدة‏ ‏وملفقة‏ ‏

يبدو‏ ‏أن‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏كان‏ ‏مصرا ‏-‏ بوعى ‏أو‏ ‏بغير‏ ‏وعى‏- ‏على ‏أن‏ ‏يخفف‏ ‏من‏ ‏جرعة‏ ‏الفزع‏ ‏التى ‏جرَّعنا‏ ‏إياها‏ ‏فى ‏بداية‏ ‏حكاياته‏، ‏فعاد‏ ‏يضيف‏ ‏خاتمة‏ ‏بعد‏ ‏النهاية‏، ‏رسم‏ ‏فيها‏ ‏حلم‏ ‏الجنة‏ ‏الحسى ‏الساكن‏، ‏دون‏ ‏صراع‏ ‏أو‏ ‏اعتراض‏ “‏افعل‏ ‏ما‏ ‏بدالك‏” (‏ص‏216)، ‏وبدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يجعل‏ ‏الحلم‏ ‏هو‏ ‏الواقع‏ ‏الآخر‏ ‏كما‏ ‏علمنا‏ ‏طوال‏ ‏الليالي‏، ‏وبدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يمزج‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏الواقع‏ ‏الأول‏ ‏فى ‏تداخل‏ ‏مناسب‏ ‏كما‏ ‏عودنا‏، ‏جعله‏ ‏بديلا‏ ‏منفصلا‏ ‏تماما‏، ‏أوقف‏ ‏فيه‏ ‏الزمن‏ ‏فصار‏ ‏ممتدا‏ ‏بلا‏ ‏حدود‏، ‏ولم‏ ‏ينتبه‏ ‏شهريار‏ ‏إلى ‏أنه‏ ‏الخلود‏ ‏الخامد‏، ‏أو‏ ‏لعله‏ ‏رفض‏ ‏ذلك‏، ‏فتصور‏ ‏حاجته‏ ‏لاستمرارٍ‏ ‏ما‏، ‏بدءًا‏ ‏بالاستمرار‏ ‏البيولوجى ‏فى ‏ولده‏: ‏متى ‏يكون‏ ‏لنا‏ ‏ولد‏ (‏ص‏263)، ‏ولكنه‏-‏مثلما‏ ‏فعل‏ ‏السندباد‏- ‏اندفع‏ ‏إلى ‏مواصلة‏ ‏رحلة‏ ‏البحث‏ ‏عن‏ ‏ما‏ ‏وراء‏ ‏الباب‏ ‏المحظور‏ ‏فتحه‏، ‏وعلى ‏خلاف‏ ‏ما‏ ‏ينتظر‏ ‏من‏ ‏سندباد‏ ‏أن‏ ‏يحصل‏ ‏على ‏مزيد‏ ‏من‏ ‏الماس‏‏، ‏وجد‏ ‏شهريار‏ ‏نفسه‏ ‏فى ‏صحراء‏ ‏الندم‏ ‏واليأس‏، ‏يشارك‏ ‏البكائين‏ ‏حسرتهم‏ ‏على ‏ضياع‏ ‏الخيال‏ ‏المنشق‏ (‏إذن‏: ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏حلما‏ ‏واقعا‏ ‏آخر‏ ‏بل‏ ‏كان‏ ‏خيالا‏ ‏منفصلا‏ ‏مصنوعا‏!!).‏

‏ ‏وتنتهى ‏الليالى ‏بنصيحة‏ ‏عبدالله‏ ‏العاقل‏ ‏له‏ ‏أن‏ ‏يأخذ‏ ‏مكانه‏ ‏القديم‏ (‏ربما‏ ‏مجنونا‏ ‏نادما‏) ‏تحت‏ ‏النخلة‏ ‏قريبا‏ ‏من‏ ‏اللسان‏ ‏الأخضر‏ (‏ص‏268) ‏ربما‏ ‏ليكون‏ ‏شهريار‏ ‏البري‏.. ‏ينثر‏ ‏الحكمة‏ ‏العشوائية‏، ‏ويرى ‏ما‏ ‏لا‏ ‏يراه‏ ‏الآخرون‏، ‏ويؤكد‏ ‏عبدالله‏ ‏العاقل‏ ‏فى ‏النهاية‏، ‏أن‏ ‏”الطريق‏ ‏بلا‏ ‏نهاية‏، ‏وأنه‏ ‏لا‏ ‏وصول‏ ‏اليه‏ ‏ولا‏ ‏مهرب‏ ‏عنه‏ ‏ولابد‏ ‏منه”‏ (‏ص‏268).‏

وهكذا‏ ‏ينقذنا‏ – ‏الكاتب‏-‏ رغم‏ ‏فرط‏ ‏المباشرة‏ ‏والأسلوب‏ ‏التقريرى ‏من‏ ‏الاستسلام‏ ‏لنهايته‏ ‏المصنوعة‏.. ‏ما‏ ‏دام‏ ‏يعلن‏ ‏أن‏ ‏محطة‏ ‏الوصول‏ ‏لم‏ ‏تحن‏ ‏بعد‏.‏

 وبعد

فمن‏ ‏حق‏ ‏القاريء‏ ‏أن‏ ‏يتساءل‏ ‏عن‏ ‏مكان‏ ‏هذه‏ ‏النهاية‏ ‏من‏ ‏موضوعنا‏ ‏الذى ‏اخترناه‏ ‏عنوانا‏ ‏لهذه‏ ‏القراءة‏ ‏”القتل‏ ‏بين‏ ‏مقامى ‏العبادة‏ ‏والدم”‏، ‏وليس‏ ‏عندى ‏جواب‏ ‏جاهز‏، ‏الا‏ ‏أننى ‏تصورت‏-‏غير‏ ‏مقتنع‏ ‏تماما‏- ‏أنه‏ ‏من‏ ‏الجائز‏ ‏أن‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏قد‏ ‏خاف‏-‏مثلنا‏-‏من‏ ‏البعد‏ ‏الذى ‏اندفع‏ ‏إليه‏ ‏فى ‏البداية‏ ‏يكشف‏ ‏فيه‏ ‏عن‏ ‏داخلنا‏ ‏وداخله‏، ‏وأنه‏ ‏فى ‏الثلث‏ ‏الأخير‏ ‏من‏ ‏العمل‏- ‏فيما‏ ‏عدا‏ ‏طاقية‏ ‏الاخفاء‏-‏وحتى ‏النهاية‏ ‏قد‏ ‏عاد‏ ‏يخفف‏ ‏عنا‏ (‏وعنه‏) ‏من‏ ‏جرعة‏ ‏الرؤية‏، ‏فتوارى ‏القتل‏، ‏وتوارى ‏الدم‏، ‏ولم‏ ‏يبق‏ ‏من‏ ‏وجه‏ ‏العبادة‏ ‏إلا‏ ‏الأمل‏ ‏المنشق‏، ‏والجنة‏ ‏المسحورة‏، ‏والندم‏ (‏الكاثوليكى) ‏على ‏فقدها‏، ‏وكأنه‏ ‏انتهى ‏بنقض‏ ‏ما‏ ‏بدأ‏ ‏به‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏باخر‏، ‏قلت‏: ‏لست‏ ‏مقتنعا‏ ‏بهذا‏ ‏تماما‏ ‏ولكنه‏ ‏ما‏ ‏خطر‏ ‏ببالى ‏حتى ‏هذه‏ ‏اللحظة‏.‏

ولا‏ ‏يصح‏ ‏أن‏ ‏أخفى ‏أنى ‏كدت‏ ‏أنكر‏ ‏ما‏ ‏ذهبت‏ ‏إليه‏ ‏مندفعا‏ ‏فى ‏بداية‏ ‏الأمر‏ ‏لأثبت‏ ‏من‏ ‏خلاله‏ ‏الفــرض‏ ‏الذى ‏تقدمه‏ ‏هذه‏ ‏القراءة‏.. ‏وذلك‏ ‏حين‏ ‏فوجئت‏ ‏بهذه‏ ‏النهاية‏ ‏التقريرية‏ ‏الساكنة‏، ‏فقلت‏ ‏لنفسي‏: ‏لعل‏ ‏التناقض‏ ‏النوعى ‏بين‏ ‏النهاية‏ ‏والبداية‏ ‏يرجع‏ ‏إلى ‏إندفاعك‏ ‏فى ‏رؤية‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يقصد‏ ‏الكاتب‏ ‏إليه‏ ‏أصلا‏، ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏فإننى ‏لم‏ ‏أستطع‏ ‏التراجع‏، ‏إذ‏ ‏من‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أرى ‏حتى ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يره‏ ‏الكاتب‏ ‏أو‏ ‏لم‏ ‏يقصد‏ ‏إليه‏ ‏واعيا‏، ‏ومن‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أرى ‏اندفاعات‏ ‏ابداعه‏ ‏ثم‏ ‏تردد‏ ‏تراجعه‏، ‏ومن‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أذهب‏ ‏أبعد‏ ‏منه‏ ‏إن‏ ‏استطعت‏، ‏وأن‏ ‏أقف‏ ‏دون‏ ‏رؤيته‏ ‏إن‏ ‏عجزت‏، ‏نعم‏ ‏من‏ ‏حقى ‏كل‏ ‏هذا‏، ‏أخطأت‏ ‏أم‏ ‏أصبت‏، ‏وإلا‏: ‏فلماذا‏ ‏القراءة‏ ‏؟‏ ولماذا النقد؟

‏ * * *‏

 ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏علينا‏ ‏مهما‏ ‏غاص‏ ‏الإبداع‏ ‏أو‏ ‏اجتهدت‏ ‏القراءة‏ ‏أن‏ ‏نتذكر‏ ‏مع‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏أن‏ ‏”الوجود‏ ‏أغمض‏ ‏ما‏ ‏فى ‏الوجود”‏ (‏ص‏6)، ‏و”‏‏أن‏ ‏الإنسان‏ ‏أعظم‏ ‏مما‏ ‏نتصــور”‏ (‏ص‏55)‏


[1] – يحيى الرخاوى،  كتاب “الطب النفسى والغرائز (1) “غريزة الجنس” (من التكاثر إلى التواصل) و”غريزة العدوان” (من التفكيك إلى الإبداع) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2022)

[2] – تحديث محدود لمحاضرة “الغريزة الجنسية”‏ ‏ألقيتها‏ ‏فى ‏منتدى ‏أبو‏ ‏شادى ‏الروبى (15/12/1998) ضمن نشاط محاضرات لجنة‏ ‏الثقافة‏ ‏العلمية: المجلس الأعلى للثقافة.

[3] – صدر هذا النقد فى عمل لى فى “قراءات فى نجيب محفوظ” الطبعة الأولى (1990) الهيئة العامة للكتاب، والطبعة الثانية (2005) والطبعة الثالثة (2017) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى. 

[4] – بدءًا من هذه الحلقة سوف أنشر الحلم مكتملا أولا، وذلك بعد ما وصلتنى رسائل متعددة، واحتجاجات منطقية، نأسف أنها لا تستطيع أن تتابع النقد دون الرجوع إلى “المتن الأصلى” فقررت أن أجرب اليوم أن أنشر المتن مكتملا قبل النقد.

3 تعليقات

  1. أحمد عبد الله الشوربجي

    حاضر في غيابك .. أم حاضر بنوع مختلف .. عد إلينا بسلام.

    أنا فاتح من موبايل و يبدو النص ناقصا أو مختلا ..

  2. ‏صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف : ….من‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أرى ‏حتى ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يره‏ ‏الكاتب‏ ‏أو‏ ‏لم‏ ‏يقصد‏ ‏إليه‏ ‏واعيا‏، ‏ومن‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أرى ‏اندفاعات‏ ‏ابداعه‏ ‏ثم‏ ‏تردد‏ ‏تراجعه‏، ‏ومن‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أذهب‏ ‏أبعد‏ ‏منه‏ ‏إن‏ ‏استطعت‏، ‏وأن‏ ‏أقف‏ ‏دون‏ ‏رؤيته‏ ‏إن‏ ‏عجزت‏، ‏نعم‏ ‏من‏ ‏حقى ‏كل‏ ‏هذا‏، ‏أخطأت‏ ‏أم‏ ‏أصبت‏، ‏وإلا‏: ‏فلماذا‏ ‏القراءة‏ ‏؟‏ ولماذا النقد؟
    التعليق : نعم ياسيدى هذا من حقك ،ومن حقك هذا أبدعت علاجك الجديد ” نقد النص البشرى ” واكتشفت كيف يحدث التناص بين نصوص البشر مثلما يحدث بين نصوص الأدب …سبحان من أبدعك ومنحك حقوقك وإليه سعيك فى عباده ،وكدحك إليه ….

  3. تجربة ومحنة المرض هي شديدة الخصوصية والدلالة .
    اتصور انها مرحلة مخاض في وساد نوعية حضور اعجز من ان يوضع في كلمات .
    و قد تكون رحلة عبور حتمية شديدة القسوة ولكني اظن انك مستعد لها قادر علي استيعابها حتي وانت في ظاهر الضعف.
    ربنا معاك يا عمنا ويتولاك ويتولانا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *