الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور” الفصل السادس: الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (1 من 2)

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور” الفصل السادس: الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (1 من 2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 2-3-2024

السنة السابعة عشر

العدد: 3027

مقتطفات من كتاب:  

  “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور”[1]

الفصل السادس:

الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (1 من 2)

Evolutionary Biorhythmic Psychiatry [2]

استهلال:   

وأنا مقبل أخيراً على تقديم بعض ملامح نظريتى التطورية الإيقاعحيوية شعرت أننى لابد أن أوضح نقطتين جوهرتين لعلهما معا، وخاصة الأولى منهما، قد أسهمتا فى تأجيل عرضى النظرية متكاملة طوال هذه المدة.

النقطة الأولى:

إنه ما كان لى أن أومن بالفكر التطورى بهذا العمق، وأنا أقوم بتطبيقاته إكلينيكيا ونقدا، إلا من منطلق إيمانى بخالق كل هذا الكون بما فى ذلك برامج التطور وقوانينه، إن التطور لم يبدأ ولم يستمر ولن يستمر إلا بفضل خالق الحياة (وليس فقط خالق الإنسان) منذ بدئها بقوانينها، ومنها برامج التطور منذ مالا نعلم إلى ما لا نعرف فى الغيب الواعد، وإن البقاء للأقدر إبداعا من كل الأحياء وأيضا للأقدر تكافلا والأنجح اتساقاً.

 يأتى بعد ذلك انتقالى إلى فروضى فى الإدراك[3]، وإلمامى بدور العقل الوجدانى الاعتمالى،[4] ثم سياحتى فى محيط الوعى المتعدد المستويات والممتد الدوائر، إلى الغيب[5]

إن أى هجوم تقليدى لدحض نظرية (نظريات التطور) باعتبار أنها ضد المسلمات المقدسة، أرجو أن يراجعه أصحابه وخاصة إذا كان كل اعتمادهم على تفسيرات معجمية قدسوها فـَصـَنَّـمُـوا اللغة، وقد أشرت من قبل كيف وصلنى حدس وإيمان تشارلز داروين حتى رغما عنه، وأن جوهر نبض إيمانه هو الذى هداه إلى نظريته ربما أكثر من ملاحظاته ورحلاته! فكتبت فى ذلك أطروحة بعنوان: “تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى”[6]

النقطة الثانية:

هى عن القهر الجاهز من جانب التراثيين السلطويين المحدثين سدنة المؤسسة العلمية الأيديولوجية التكاثرية الباهظة التكاليف، الذين قرروا أن يحتكروا المعرفة وأن يزعموا بمنهجهم المختزل أن من حقهم أن يقيّموا ما حدث خلال ملايين السنين كما عاشته آلاف الأحياء، وتطور من تطور منهم بفضل الله، وانقرض من انقرض ثمنا لوأد إبداعه وانفصاله عن “المحيط” فالكون إليه، ويقيّمون كل ذلك بمنهج قاصر خانق، إن هؤلاء مهما قدسوا مناهجهم الكميِّة المقارَنَة: غير قادرين على أن يوقفوا نمو الإنسان إليه، بل إنهم قد يمثلون العامل الأول، بالتعاون سرا مع من جاؤوا فى النقطة الأولى، فى احتمال انقراض نوعنا، (ذلك دون إنكار فضل عطاء بعضهم فى جزئيات صالحة لأن تتوافق مع، وأحيانا تدعم مسيرة، التطور إليه).

إن الطبنفسى التطورى الإيقاعحيوى لا تصلح لدراسته، ولا  لتقديمه: مناهج البحث الكمّية المستعرضة، فأغلبه فروض عاملة تنبع  من الممارسة الكلينيكية (مدعمة ببعض معلومات تطورية موضوعية) مع القياس الطولى على كل المستويات.

وبعد

لعل كل ما تحفظت عليه بالنسبة للطب النفسى التطورى عامة يسرى تلقائيا على تحفظاتى على الطب النفسى الإيقاعْحَيوى التطورى وقد قمت بمراجعة متأنية لمراحل تطور النظرية عندى عبر أربعة عقود.

 وأفضل الآن أن أبدأ بمعلومات ضد النظرية، معلومات تلوّح باحتمال هدمها من جذورها، ثم نرى كيف سوف نتعامل معها، وأنا متمسك أكثر بحقى فى إبلاغ ما بلغنى من مرضاى ومن حقول الإبداع التى أتيحت لى معايشتها.

المأزق: ما بـُنـِـىَ على باطل فهو باطل!!

 صدّق أو لا تصدق أن النظرية التطورية الإيقاعحيوية ومن ثـَـمَّ الطب النفسى المسمى باسمها مبنية على نظريتين بلغ شجبهما أو دحضهما درجة غير مسبوقة: النظرية الأولى وهى أحسن حظا من الثانية، هى نظرية أصل الأنواع لتشارلز داروين أما النظرية الثانية فهى نظرية الاستعادة (أو القانون الحيوى) لإرنست هيكل، فقد نالت شهرة أقل لكنها نالت هجوما أقسى وأشمل لدرجة اعتبارها شطحا وتزييفا حتى أصدروا قرار موتها، وبرغم كل ذلك تظل هذه النظرية الأخيرة (لإرنست هيكل) هى أساس جوهرى لكل ما سوف أذكره تقريبا، من كل ذلك فإنه إذا ما ثبتت صحة مبررات شجبها ورفضها (وقد زعموا أنه ثبت) حتى إعلان موتها فى أكثر من محفل علمى فى التاريخ الحديث، فإن كل ما سوف أبنيه عليها مآله إلى نفس النهاية، وبما أننى مازلت أرى صحتها بعد إطلاعى على أغلب ما قيل فيها شجبا ودحضاً ورفضا وتكذيبا، لكننى لازلت أراها رأى العين فى ممارستى، وليس من حقى أن أنكر ما أرى ويصلنى، حتى أصبحت على يقين أن مـَنْ يبقى منِّـا (نحن البشر) إن بقى أحد، سوف يرى فساد كل هذا الهجوم، الأمر الذى يعرفه مرضاى، ويعرفه أبسط من أعرف من البشر فى العلاج الجمعى وغيره.[7]

زيادة الطين بلة:

انطلاقا من هذا الباطل (كما زعموا)، وبالذات نظرية الاستعادة وأن الانتوجينيا تلخص (وتكرر) الفيلوجينيا، سوف أزيد الطين بلة بالتمادى فى التطوير والقياس على هذه النظرية[8]، الأمر الذى يمكن أن يدعم الرافضين لها أكثر فأكثر، وإليكم بعض هذا التمادى:

أولا: العملية ليست مجرد تلخيص بمعنى الإيجاز، وإنما هى دورة حيوية مكررة مفتوحة النهاية حتى لا تنغلق الدائرة، والفارق هو الوحدة الزمنية، بمعنى أن ما تم فى ملايين (أو بلايين السنين) هو يعاد خلال عمر الكائن البشرى الأن (الأنتوجينيا تلخص وهى تستعيد الفيلوجينيا)، ثم قس على ذلك (أنظر بعد).

ثانيا: إن نفس دورات التلخيص والاستعادة تتكرر مع كل دورة نمو أوضح: مثلا: ما يمثلها أعمار الإنسان الثمانية لإريك إريكسون[9] وقد أسميتيها شخصيا “ماكروجينى” دون أن يسميها إريكسون ذلك، ثم خذ عندك دورات ونبضات أقصر فأقصر.

ثالثا: إن أية دورة إيقاعحيوى، خاصة دورات إيقاع المخ البشرى، وهو يعيد بناء نفسه باستمرار، هى استعادة أصغر فى زمن أقصر فأقصر، طبعا اقصر من دورات النوم ودورات حلم الريم REM التى هى أقصر ما يمكن تسجيله برسام المخ الكهربائى، أقول إن أية دورة إيقاعية هى استعادة إبداعية تخدم التطور إليه، ما لم نحُلْ دون ذلك بالاغتراب والإنكار…الخ.

رابعا: إن الإبداع عامة لا يقتصر على الناتج الإبداعى المعروف، وإنما هو أساس التطور وطريق النمو وسبيل الإيمان ونبض الحياة المستمر ليلا ونهارا (وإلا توقف كل شىء عن كل شىء).

خامسا: إن مفهوم الوعى مازال غامضا تماما، وأى اختزال له بادعاء فهمه أو الإحاطة بأبعاده يحمل احتمال الخطأ والتشويه معا، لكن الاجتهاد واجب فى اتجاه مزيد من إضاءة جوانبه، وذلك أن حركية الوعى على كل المستويات بدءًا من الوعى الشخصى إلى الوعى البينشخصى إلى الوعى الجماعى إلى الوعى الكونى “إليه” هى سر الوجود.

سادسا: إنه لكى ندرك – لا نفهم فقط – أبعاد الإحاطة ببعض برامج ومسار التطور علينا أن نشحذ – ولو بإرادة خفية – وسائل وقنوات معرفية خلقها الله لنحافظ بها على الحياة، يمكنها أن تتحرك بأقل قدر من القصدية المـعـْـلنة – ما بين أجزاء الثوانى إلى بلايين السنين – وفى نفس الوقت هى لا تتجاوز ما هو “هنا والآن” .

وبعد:

أعرف تماما ما يمكن أن يقال عن هذا الكلام لدرجة توصيف قائله، لذلك أرى من المناسب الإشارة إلى بعض المراحل التى عايشتـُها قبل الإقدام على كتابته.

بدأت المسألة تنظيرا متواضعا لما وصلنى من واقع الممارسة مدعما بالخبرات الذاتية واجتهاداتى فى النقد والإبداع، وقد سبق أن أشرت بإيجاز شديد لمثل ذلك، وأفضـِّـل أن أبدأ بالإشارة إلى بعض ما سبق  لمن أراد.[10]

مراحل تطور الفروض التى تحدد معالم النظرية:

أولاً: غيرتُ اسم النظرية التى أقدمها من النظرية التطورية الإيقاعية إلى النظرية التطورية الإيقاعحيوية Evolutionary Biorhythmic Theory   ، لأننى لاحظت أن بعض من سمع بالاسم قد استقبل كلمة إيقاع منفصلة عن الإيقاع الحيوى الذى أقصده تحديدا، وبالرغم من طول الكلمة المضغمة وغرابتها مقارنة بسهولة الكلمة الانجليزية المقابلة،Biorhythm فإنى أفضلها مرحليا حتى أجد بديلا أكثر رشاقة.

ثانياً: صححتُ  ترجمة نظرية الاستعادة بالعربية من أن “الأنتوجينا تكرر الفيلوجينا” إلى أن الأنتوجينا “تلخِّص الفيولوجينيا وتكررها”،  فهذا أقرب إلى معنى Recapitulation  ومع ذلك فهذا مجرد عنوان، والتلخيص لا يعنى الإيجاز هنا، وإنما يعنى المرور  بنفس كل الأطوار ولكن فى وقت “موجز” جدا مع احتمال استكمال مسيرة النمو أو التطور، فالعملية  ليست مجرد تكرار أو تلخيص وإنما هى دورة حيوية لابد أن تختلف نقطة نهايتها عن نقطة بدايتها وإلا انغلقت الدائرة ولم تعد إيقاعا.

ثالثاً: إن هذه الدورة التى استغرقت فى حدود المعروف عنها ملايين السنين، ويوجزها نمو الإنسان فى تسعة أشهر ثم بضع عشرات من السنين، (متوسط عمر الكائن البشرى الآن)، تتكرر فى كل أزمة نمو فيما يسمى إعادة الولادة، ولعل أهم ولادات معروفة – دون أن يسميها صاحبها كذلك ، هى – كما أشرت حالا –  أزمات النمو التى وصفها  إريك إريكسون، فيما هو معروف باسم:  أعمار الإنسان الثمانية[11] وهذه الأزمات تستغرق أياما وأسابيع وشهوراً فى طورها النشط، وفى تقديرى من واقع خبرتى وترجمتى لبعض الخبرات التاريخية وبعض الأساطير و”الحواديت” الشعبية أن الوحدة الزمنية المناسبة هى ستة أسابيع (أربعين يوما) ثم تكمل دورة الإيقاع ما بين الأزمة والأزمة باكتساب الخبرات ومعالجة المعلومات القابلة لإعادة التشكيل فى الأزمة التالية وهكذا، وقد اسميتُ هذه الاستعادة أو الإيجاز  دورة الماكروجينى Macrogeny[12] وبالتالى يمكن القول قياسا: إن الماكروجينيا تلخص الأنتوجينيا وتكررها، وهو ما يشير إلى أن كل أزمة نمو هى إعادة ولادة، وتلخيص لكل تاريخ الفرد (والنوع أيضا).

رابعاً: إن أية دورة إيقاع حيوى مهما قصر زمنها بعد ذلك تسير على نفس النهج.

خامسا: إذا بدأنا بإيقاع النوم يمكن اعتبار كل عشرين دقيقة من نوم الريم (النوم النقيضى = نوم حركة العين السريعة (REM Sleep، متكاملة مع دورة النوم العادى هى  تلخيص لكل من الفيلوجينيا والأنتوجينا والماكروجينى، وقد فضلت ألا أطلق عليها اسما خاصة  مكتفيا بأن  نتذكر وظيفة النوم وكيف أنه إعادة تنميط Re-patterning   للمعومات، وأن كفاءته مرتبطة بنجاح هذا الإيقاع فى أداء وظائفه التنظيمية  التى هى أقرب إلى الإبداع الفسيولوجى/البيولوجى  الطبيعى، والتى تعتبر العملية الأساسية وراء المفهوم الأحدث فالأحدث من أن “المخ يعيد بناء نفسه“The Brain Re-builds Itself  باستمرار، حتى وإن لم تتحدد أطوار دورات نبضه بوجه خاص.

سادسا: إذا كان نوم الريم يستغرق عشرين دقيقة كل تسعين دقيقة بانتظام خلال متوسط ساعات النوم الثمانى، فإن ما وصفه فرنر Werner[13]  واستفاد منه سيلفانو أريتى حول إرهاصات الإبداع ، تحت اسم Microgeny  [14] هو فى تقديرى دورة إيقاع حيوى شديدة القصر، يمكن أن تستغرق دقائق أو ثوانى تتم فيها نقلة نوعية مفيقة تسمح بإعلان إعادة تغير كيفى لا يظهر إلا  فيما بعد فى ناتج دورة إيقاع الإبداع هذه، وهذه النبضات الإبداعية  لا تـُرصد طبعا، وإنما تـُستنتج من نتائج تراكمها الإيجابى فى شكل ناتج إبداعى حسب نوع الرصيد من المعلومات: رموزا أو معادلات أو ألفاظ أو نظريات علمية أو أى إبداع من أى نوع كان وهو ما استعرت له مصطلح الميكروجينا.

سابعا: إنه إذا حيل بين انتظام اداء  الإيقاع الحيوى  الطبيعى وبين تحقيق  وظيفته التشكيلية فالنمائية والتطورية لأى سبب قهرى أو اغترابى، أو انغلاقى فإن دورات الإبداع الحيوى (النبض) قد تنغلق فيتوقف النمو (الإبداع) ويتوقف التغير الكيفى فيجهض الإبداع، وينغلق النبض إلى حركة دائرية مغلقة، (وهو ما أتى ذكره فى بعض اضطرابات الشخصية من منطلق توقف النمو) [15].

ثامنا: إذا زادت نبضة الإيقاع الحيوى جسامة وحدة، أو انحرفت أطوارها أو أجهضت فى أحد أطوراها الباكرة إلى ما لا يمكن احتواؤه فى حركية نبضات النمو والإبداع فإن  مضاعفات ذلك تظهر فى صورة إعاقة أو معاناة جسيمة وهو ما يبرر تسميتها مرضا، وقد نحتُّ لهذه النوبة المتجاوزة حدود النبض السوى لفظ  السيكوباثولوجى Psychopathogeny، وهو يعنى نبضة مختلة ذات عائد سلبى، ولكنها تظل “نبضة” و”دورية”، وأعتقد ان هذا قد يفسر دورية كثير من الأمراض النفسية النوابية.

 تاسعا: هكذا يمكن ترتيب توازى نبضات الإيقاع الحيوى المتصاعدة على الوجه التالى:

Ontogeny  recapitulates  Phylogeny

الأنتوجينيا تلخص الفيلوجينا

Microgeny recapitulates  Macrogeny

الميكروجينى  تلخص الماكروجينيا

أما السيكوباثوجينا‏ Psychopathogeny  [16]  فهى النبضة الفاشلة أو المنحرفة أو الجسيمة، وهى، أو آثارها، تمثل الإمراضية لمعظم الأمراض النفسية كما ذكرنا.

عاشرا: كما أن دورة الإيقاع الحيوى للقلب لها أطوار بنائية متتالية من أول طور الامتلاء السريع فالامتلاء المتباطئ حتى طور الدفع الأقصى طول الوقت طول الحياة، كذلك فإن الإيقاع الحيوى للمخ (الدماغ) له دوراته لكنها ليست بالتتالى المنظم مثل دورات القلب الأقرب إلى أن تكون ديناميكية كمية.

حادى عشر: لا أحد يعرف حتى الآن كيف يعيد المخ ترتيب نفسه مع كل دورة إيقاع حيوى، لكن الأبحاث تجرى على قدم وساق، فبعد أن نضجت وتأكدت معلومة أن المخ يعيد بناء نفسه أقرب إلى المسلمة، لم يتمكن العلم حتى الآن إلا من رصد نتائج هذا التنظيم مع كل دورة: بدءًا من دورات النوم حتى دورات الإبداع ولم أعثر – حتى الآن- على ما يربط ذلك بدورات النمو أو الامتداد إلى دورات الكون (الليل والنهار والنور والظلام ودورات الفلك).

ثانى عشر: يتوقف ترتيب الأمراض الناتجة من فشل أو انحراف أو إجهاض الإيقاع الحيوى للدماغ على ما إذا كان الناتج هو مظاهر تجاوُز حدة النبضة لحدود السواء حتى تفكيك النظام القائم مع العجز عن إعادة التنميط، أو  كان الناتج هو مظاهر إعاقة أداء النبض الحيوى للوظيفة التنظيمية والإيقاعية لإعادة التشكيل المستمر.

ثالث عشر: فى آخر تطور لفكرى فى مسألة الإبداع وصلت إلى أن مراحل نبض الإيقاع الحيوى تشمل خمس أحوال [17]  ولكنها لا تحدث بالترتيب كما فى حالة مراحل نبض القلب، وإنما ترتبط دوراتها المستمرة بظروف عادية، تلك الظروف التى تسمح بانطلاقها وتتبادل وتتشكل مع المراحل الأخرى حسب الفرص المتاحة إبداعا أو مرضا أو علاجا، وفى حالة المرض فإن النبض يستمر خاصة فى الأمراض الدورية لكن بنظام مختل وناتج فاشل.

إذن فنحن فى إيقاع حيوى مستمر فى الصحو والنوم، فى الصحة والمرض.

 وفيما يلى موجز لبعض ما أريد التأكيد عليه:

أولاً: برغم أنها نظرية نابعة من الممارسة الكلينيكية أساسا إلى أنها تدعمت، ومنذ البداية، بأصول من الطب عامة (وخاصة الجهاز الدورى بدءًا بإيقاع نبض القلب ثم الجهاز الهضمى الأيضى (أى شاملا التثميل الغذائى)، وحتى استعارة محدودة من علم جراحة العظام، كل ذلك تحت قيادة المخ (والجسد الشامل باعتباره وعيا متـَعَـيِّـناً،[18] وقد نشرت ذلك فى المجلة المصرية للطب النفسى [19] .

ثانيا: من حيث المصادر النفسية التى دعمتنى فقد كانت جماعا من مدارس متعددة من مدارس علم النفس المعاصر، وأكتفى بذكر أسماء بعضها لأننى غالبا سأعود إليها كلما لزم ذلك أولا بأول وأخص بالذكر:

أ- علم النفس التحليلى (كارل جوستاف يونج، وليس التحليل النفسى)، ثم المدرسة الإنجليزية فى التحليل النفسى، و(مدرسة العلاقة بالموضوع: ميلانى كلاين – فيريرى جانترب).

ب- أغلب أفكار وفروض كارل يونج بعد انفصاله عن فرويد.

ج- التحليل النفسى عبر التفاعلات Transactional Analysis  (إريك بيرن).

د- علم نفس الوعى (انتقاءات محدودة من هنرى إى الذى ابتدع اسماً ليميز مدرسته العضوية الديناميةOrgano-dynamisme  عن التحليل النفسى الذى كان يلقبه بعلم نفس اللاوعى، بما فى ذلك بعض استلهاماته من هوجلج جاكسون Huglig Jackson (دون الرجوع إلى الأخير مباشرة).

هـ- أفكار ساندور رادو الهيراركية البيولوجية.

و- قراءاتى مؤخرا فى النيوربيولوجيا والعلم المعرفى العصبى ونبذات من العلوم الكوانتية  [20] 

ز- كتاب “أنواع العقول” لدانيال دينيت وقد نشرت موجزا له ونقدا محدودا [21] 

ح- كتاب:”النفس ودماغها” لكارل بوبر، وجون إكلس [22] 

…………………………

…………………………

ونواصل الأسبوع فى عرض الملحق: “تأريخ وتوضيح”

وجدول مقارنة شاملة بين “الطبنفسى التطورى والطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى: (2019)  الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور، الناشر: جمعية الطب النفسى التطورى – القاهرة.

[2] –  هذا تخطيط مبدئى بخطوط عريضة لمقدمة سبق أن أشرت إليها فى أكثر من موقع، وقد اختصرته فى هذه البادئة وأضفت إليه، بعض ما تسمح به حدود هذا العمل المقدمة كله.

[3] – نشرة الإنسان والتطور 28-2-2012  الأساس فى الطب النفسى: الافتراضات الأساسية (الإدراك) “ثلاثة فروض أساسية”.

[4] – Emotionally Processing Mind

 – أنظر نشرات الإنسان والتطور (نشرة 27-7-2014 “الافتراضات الأساسية” (ملف الوجدان واضطرابات العواطف) “مقدمة عن: الوجدان والوعى والتطور” وأيضا (نشرة 25-8-2014  “التطور والعواطف والعقل البيولوجى”).

[5] – ساعدنى فى كثير من ذلك بالإضافة إلى الممارسة والنقد- تداعياتى على حدس مواقف مولانا النفرى المتواصل فى الغيب والتيه والمحاج وغيرها.

[6] – أنظر نشرة الإنسان والتطور (3-8-2014): “تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى” (وليس من “ديله”).  بموقع المؤلف

[7] –  وأيضا كما يعرفه من بقى من الأحياء غير الإنسان، دون أن يتلوث بكتابته تنظيراً فى وعى مغترب، لكنه حضر تفعيلا فى سلوكهم البقائى حتى بقوا للآن!!.

 – [8]  وهو الاسم الذى ابتدعه فيرنر هاينزنبيرج  (Werner Heisenberg)واستعاره سيلفانو أريتى فى كتابه “الذات داخل النفس”     Intra-psychic self

Silvano Ariti: Intrapsychic Self: Feeling, Cognition, and Creativity in Health and Me (German) Hardcover – 1967

[9]- Erik Erikson’s Eight Ages of Man  Int J Psychiatry. 1966 May;2 (3): 281-307.

[10] – أنظر نشرة الإنسان والتطور: 1-3-2015 (ملف اضطرابات الإرادة) ‏ “اضطرابات الإرادة من منظور الإيقاع الحيوى، الإرادة عملية متغيرة مع نبض الإيقاع”  بموقع المؤلف.

[11]- Erik Erikson’s Eight Ages of Man  Int J Psychiatry. 1966 May;2 (3): 281-307.

[12] – بحثت عن أصل كلمة macrogeny  بالإنجليزية، ولم أجد أنها تتناسب مع ما خطر لى بالعربية، ولم أجد كلمة بديلة، فخطر لى أن أتراجع ، وأن أبدا بالعربية، وأن أسمى التلخيص والاستعادة التى تحدث فى أزمات النمو الفردى اسما غريبا مثل اسم النظرية، وهو “نموّجينى” إشارة إلى أنها تعنى تكرار التطور الفردى الذى هو تكرار وتلخيص للطور الحيوى فى أزمات النمو المتتالية ، ثم تراجعت عن ذلك مكتفيا بهذا الاسم الغريب للنظرية نفسها الذى أتوقع أن يكون مجالا للتفكير ضمن احتمالات الرفض، وقررت أن استمر فى استعمال الكلمة المعربة “ماكروجينى” للغرض الذى حددته أنا وليس تناسبا مع الأصل الإنجليزى، ثم حين يأتى طور الترجمة إلى الإنجليزية!!!، ربما يقبلون أن أنحت لهم كلمة Growthegeny لتفيد ما أريد !!! عذرا.

[13] – هو الاسم الذى ابتدعه فرنر Werner  واستعاره سيلفانو أريتى فى كتابه الذات داخل النفس Intra-psychic self

[14] – على عكس كلمة ماكروجينى، وجدت أصلا مناسبا فى الإنجليزية لهذه الكلمة: “ميكروجينى”

Microgeny is used as an umbrella term to describe the symptoms which lead up to a specific behaviour or mental process. MICROGENY: “The steps which are the precursor to a behaviour reaction are the microgeny.”

[15] – يحيى الرخاوى: (1979) “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”. جمعية الطب النفسى التطورى. القاهرة.

[16] – يحيى الرخاوى: (1979) “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” الفصل الخامس “الاكتئاب”. جمعية الطب النفسى التطورى. القاهرة.

[17]- أنظر نشرة “الإنسان والتطور” بتاريخ: 14-3-2016، “تنويعات الإيقاعحيوى وحالات الوجود المتناوبة، ونشرة 15-3-2016 “علاقة الإيقاعحيوى بفرض الحالات المتناوبة” بالموقع.

[18] – Concretized consciousness                   

[19]- Egypt. J. Psychiatry. (1980a) 3 159-161‏ “Expansion of the Concept of “Medical Model” in Psychiatry”

[20] – Quantum  Sciences

[21] – نشرة الإنسان والتطور: بتاريخ 2-1-2008، “أنواع العقول  (وإلغاء عقول الآخرين) الطريق إلى فهم الوعى”  بموقع المؤلف.

[22] -The self and Its Brain, By Karl R. Popper and John C. Eccles, Springer International , 1977.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *