الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور” الفصل الخامس: “الطبنفسى التطورى”

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور” الفصل الخامس: “الطبنفسى التطورى”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 24-2-2024

السنة السابعة عشر

العدد: 6020

مقتطفات من كتاب:  

   “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور”[1]

الفصل الخامس:

الطبنفسى التطورى

مقدمة:

أولا لعل “الطب النفسى التطورى” هو الأقدم تاريخا، وفى نفس الوقت هو الأحدث طبنفسياً، ولن أتطرق لتاريخه تحديدا حيث أن فكرته الأساسية – حتى من منظور طبى– ظهرت فى منظومات معرفية أخرى سابقة كثيرة ومتنوعة: قبل أن يختص أحد فروع الطب النفسى بهذا الاسم، ولعل أهم ما جمع معالمه مؤخرا هو كتاب بهذا الأسم “الطب النفسى التطورى” بعنوان فرعى يقول: “بداية جديدة” لمؤلفيه أنتونى ستيفن وجون برايس [2].

سوف أكتفى بهذه المقدمة الآن لأقدم مقتطفات دالة من كتاب ستيفن وبرايس هذا، ثم أعقب عليها.

ابتداءً أود أن أذكر الأسباب التى دعتنى أن أعلن مخاوفى البدئية فأتحفظ وأبدأ بوضع الطب النفسى التطورى الأصلى ثم الطب الإيقاعحيوى التطورى فيما هو الطب النفسى الطوبائى أو المثالى، ذلك لأنى أعتقدت لأول وهلة أن الاهتمام بالفرد ممثلا للنوع بغض النظر عن جنسيته أو معتقده أو لونه أو موقفه الاجتماعى، هو أساس الانتماء للفكر التطورى بكل تجلياته وتشكيلاته، وبما أن هذا الانتماء أصبح بعيدا عن الواقع الذى تركز بحق: إما فى السعى لإرضاء الحاجات الأكثر إلحاحا للاكتفاء العملى الاختزالى المتواضع بالمطالب الأساسية إن وجدت، وهذا ما يسمى “مستوى الضرورة”، أو تركز بغير وجه حق فى واقعية سطحية تقوم بتقزيم الوجود البشرى عند ما حصَّل من معارف ومعلومات وقيم مشكوك فى عمق موضوعيتها ومدى إرجاع جذورها لأصل الحياة، وامتداد فروعها إلى خالق الحياة، وبديلا عن هذا أو ذاك تقوم برفع شعارات ملتبسة مثل الحرية الشخصية والحقوق المكتوبة، أقول إنه لما صار الأمر إلى هذا أو ذاك أصبح كل من ينادى بالنظر فى جذور الإنسان، ثم حفزه إلى إطلاق فروعه إلى كل المدى بغير نهاية محددة، أصبح يبدو طوبائيا مرفوضا غالبا، (إن لم يسمع الكلام!!).

لكن ماذا نفعل وقد انقرضت الأحياء جميعا، وما بقى منها وهو واحد من كل ألف من كل الأحياء منذ بدء الحياة، والإنسان أحد هذه الأحياء الباقية، ويبدو أن الدور قد جاء عليه للانقراض أولا إن لم يلحق نفسه (ولو بالطب النفسى التطورى!!).

إن الحضارة لم تتقدم لا بالاختزال والتوقف عند مستوى الضرورة ولا بالانخداع فى قيم مشبوهة مكتوبة لصالح الأقوى والأكثر انغلاقا على نفسه أو على ناسه.

من هذا المنطلق انتبهت إلى أنه:

 ما لم يقدم لنا الطب النفسى التطورى منهجا “عمليا” للمرضى يبين لنا ضرورة إسهام كل المعارف والمهن طول الوقت أفرادا وجماعات فى محاولة تأنيس الإنسان، فإنه سوف يستحق أن يعد طبا سلبيا بالضرورة، بمعنى أنه: إن لم يقدم لنا سبيلا نتعلم منه ونمارسه ونتأكد من خلاله أن الاهتمام بالفرد هو اهتمام بكل الناس، وأن تأنيس المريض ومعه تأنيس الطبيب هو مجرد عينة قابلة للاقتداء والامتداد، ما لم يحدث كل ذلك فإنه مرة أخرى جدير بأن ينضم إلى فصيلة الطب النفسى السلبى دون الإيجابى.

دعونا نبدأ بالطب النفسى التطورى المستورد من “بلاد بّره” وهو رائع وعميق وإنسانى وتطورى فعلا و”ناقص”، نعم ناقص مثل كل عمل عظيم لا يكتمل إلا بنقصانه.

المقتطفات والتعليق:

سوف أكتفى مبدئيا بالاقتطاف من مقدمة الكتاب السالف الذكر تأليف: ستيفن وبرايس والتعليق على عدد محدود من المقتطفات.

جاء فى مقدمة الكتاب ما يشبه الوعود أو الآمال المنتظر تحقيقها من هذا النوع من الطب وخاصة وأن العنوان الفرعى للكتاب كان “بداية جديدة” A New Beginning  فهل هو كذلك فعلا؟

يقول الكتاب فى المقدمة:

المقتطف (1):  إن الطب النفسى التطورى: سوف يتيح إمكانية إعادة توصيف ماهية الأبعاد الأساسية لما يسمى “الصحة النفسية”، وبذلك تتكامل معطيات وملاحظات الطب النفسى مع كل من: “علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) – البيولوجيا الاجتماعية – الأنثروبولوجيا عبر الثقافات وغيرها.

المناقشة:

هذا المأخذ أخذته على ما يسمى الطبنفسى الإيجابى عامة، فمع اقتناعى بأن الطب النفسى بالذات والطب عامة يستحيل أن ينفصل بذاته عن سائر مصادر المعرفة والعلوم المتكاملة معه، إلا أن التأكيد على أهمية ذلك ووضعه أولا قد ينقل التركيز على ما هو الطب المهنة الفنية الحرفية لعلاج المرضى فردا فردا إلى الصحة النفسية كقيمة عامّة إيجابية وقائية لها مؤسسات أوْلى بها وأقدر على تنميتها، ومن هنا يجئ الاتهام بالطوبائية، إذْ مَا دخل المريض الفرد بالأنثروبولوجيا عبر الثقافات، وغاية مراده أن يشفى ليعود لعمله ويلملم أسرته؟

المقتطف (2): إن الطب النفسى التطورى سوف يسمح بأن نضمّن ما نعرفه عن النمو البشرى كإنسان مع ما نعرفه عن النمو عند الكائنات قبله، وبالتالى سوف يفتح لنا آفاق وضع فروض جديدة تشرح لنا كيفية حدوث نشأة وتطور النفسمراضية (السيكوباثولوجيا) لكثير من الأمراض والمرضى.

المناقشة:

يبدو لى أن هذا المقتطف أقل مثالية، بمعنى أن به حفز طيب يدفع الطبيب أن يستمد معلوماته التطورية العملية ليس فقط من تاريخ نمو الفرد أو حتى الإنسان، وإنما تمتد رؤيته إلى النمو (والتطور) عند الأحياء السابقة، وأرى أن هذه الإضافة لها تطبيقات عملية ليست فقط فى فهم النفسمراضية وإنما فى العلاج عامة بما فى ذلك انتقاء العقاقير، وتحديد جرعتها وتوقيتها([3])، بما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل السيكوباثولوجى، والعلاج.

المقتطف (3): نظراً لأن الطب النفسى التطورى يعطى ثقلا مناسبا ومتوازنا لكل من الجوانب العضوية والنفسية فإن ذلك سوف يسمح بالسعى إلى مزيد من البحث فى العلوم النفسية والعلوم العصبية معا بهدف التكامل مع بعضها البعض، ومع الجسد ككل، ليصب كل ذلك فى معلومات لازمة للطب النفسى.

المناقشة:

أعتقد أن هذه المزية ليست خاصة بالطبنفسى التطورى، فهى شائعة ومكررة، بعمق وبغيره، فى نماذج أخرى مثل النموذج النفسى البيولوجى الاجتماعى، وحتى فى النموذج الطبى بامتداده الأشمل،  وربما تكون الإضافة هنا بالنسبة للطبنفسى التطورى هى فى الأمل فى تكامل أعمق وليس مجرد إضافة إلى جهد الأخصائى النفسى أو الاجتماعى، بمعنى أن يكون الطبيب نفسه قادرا على معايشة هذا التكامل وعلى الرجوع إلى هذه الحقائق الأصلية الأساسية بحيث يصعب عليه  فصل أى منها عن طبيعة العلاقة  المتكاملة مع مريضه.

وبعد

أكتفى بهذه المقتطفات من المقدمة، وبرغم ما تحمل من آمال طيبة إلا أننى افتقدت فيها – وفى كثير من غيرها فى هذا الكتاب الجيد – إشارات كافية إلى الخطوات العملية لإمكانية تحقيق هذه الآمال، فأجـّـلت الحكم حتى ألمّ بقدر أكبر من هذا الكتاب الرائع.

ولكن قبل أن أختم أود أن أذكر بالفضل أن الطب النفسى التطورى موجود من قبل هذا الاسم، فمثلا بالنسبة لمدرسة وتوجهات كارل جوستاف يونج الذى لم يغب عن مؤلفى هذا الكتاب ذكر فضله والاقتطاف منه كلما لزم الأمر، تعتبر أراؤه تطورية بامتياز، لذلك سوف أختم بمقتطفين من ذلك:

الأولى: استشهد المؤلفان بكارل يونج وهو يقول:

 فى النهاية فإن حياة كل فرد فى نفس الوقت: هى الحياة الأبدية لنوعه.

المناقشة:

لاحـِظ كل “فرد” فى “نفس الوقت”

 (ثم): “الحياة الإبدية لنوعه”!!!

الثانية: استشهد المؤلفان أيضا بقول يونج:

“إن التفرد (العملية التى يتكامل بها الإنسان بشرا سويا) هو ممكن إذا أتيحت الفرصة للشخص أن يتكامل فيه: ما هو “إنتوجينيا” مع ما هو “فيلوجينيا”، وبالتالى يتوحد وجوده الذاتى مع كل إمكانات الإنسانية وهو يستعمل نفس الآلية التى مُنِحْنَا إياها بأقصى ما تستطيع قدراته.

المناقشة:

لاحظ كيف رأى يونج أن تكامل تطور النوع (الفيلوجينيا) مع تطور الفرد (الأنتوجينيا) تطور، وليس مجرد الاستعادة Recapitulation

ولاحظ أيضا ربط الوجود الذاتى مع كل إمكانات الإنسانية

تطبيق عملىّ:

فى هذا العمل الرائع رحت أبحث عن التطبيق العملى الممكن لهذه الأحلام السعيدة!! حتى وصلت إلى صفحة”242″، وإذا بى أفرح فرحا شديدا بمقطع شديد الجمال والدلالة، برر لى موقفى، وهذا نصه:

“حين يدخل مريض إلى حجرة الكشف فإنه يدخل ومعه – إن صح التعبير – جمهرة من الناس الممثلين تاريخه الشخصى، هذا ما يعرفه الطب النفسى من قديم، الذى يضيفه الطب النفسى التطورى هو أنه تبين أن هذا المريض نفسه يحضر معه أيضا أجداده من الصيادين وآكلى النمل والزواحف من تاريخ أسلافه،

وحين تقترب الاستشارة من نهايتها  تصبح حجرة الكشف مليئة بمعارض المخلوقات البدائية التى لكل منها الحق أن يـُـستمع له، وأن يُستجاب لاحتياجاته [4] .

الذى أفرحنى فى هذا المقتطف هو أننى حين رحت أتمثله والمريض أمامى ومعه (بداخله/وامتدادا له) عشرات الأشخاص الذين استوعبهم وعيه بإذنه، أو رغما عنه فى حجرة الكشف، أقول عشرات بل هم أكثر (إذن ليسوا فقط حالات الذات الطفل والناضج والوالد التى وصفها إريك بيرن فى التحليل التفاعلاتى)، حين تمثلت هذا الوضع ثم تلفت حول المريض وحولى وإذا بحسب هذا المقتطف يحضر وكل هذه الأحياء معه وهى تملأ حجرة الكشف (أو حجرة الدرس بل حجرات وعيى ووعيه !!) وجدت أن الدنيا قد ازدحمت أكثر مما أحتمل، لكننى لم أتنازل عن فرحتى بهذا التصور الخيالى/الواقعى معا، واعتبرته أول خطوة نحو ترجمة التنظير إلى التطبيق، إن أمكن.

فهل يمكن ؟!!؟ وكيف؟

وجدت أننى فى ممارستى وفى حدود خبرتى وتنظيرى: أحاول دون قصد أن أتصرف كذلك، ولكن فى حدود ثلاث أو أربع أنواع من هذه الأحياء جميعا أو (أكثر إذا ما اضطررت إلى ذلك: وهذا ما سوف أعود إليه حين أقدم الطب النفسى الإيقاعحيوى التطورى) وتعجبت كيف يتصرف ستيفن أو زميله رايس فى هذا الموقف! يا تُرى ماذا تفعل فعلا يا عمنا ستيفن حتى بمساعدة زميلك رايس؟

وكيف ستستمع  لكل هؤلاء ليس فقط من البشر، ولكن من سائر الأحياء الذين حضروا مع المريض فعلا ؟ وإذا به يسمعنى ويسارع بالإجابة  “اجابة رائعة” قال ما يلى بالنص:

“….ويصبح دور الطبيب النفسى مثل مدرب كرة القدم الذى يدرب كل لاعب على أداء دوره ويشحذ مهاراته حتى يتكامل مع سائر اللاعبين فتكون نتيجة تفاهمهم وتكاملهم هو اللعب بكفاءة كفريق فعلا وليس كأفراد يتنافسون فيما بينهم”

الله!!  الله!! وزادت فرحتى، وزادت حيرتى.

رجعت مرة أخرى لأتعرف على  مهنة تدريب الفريق هكذا، فوجدت الكتاب يتكلم عن التفاؤل العلاجى Therapeutic Optimism يقول فى ذلك:

“إن تـَفـَهـُّمَ الأعراض على أنها إبداع وآلية هادفة، يكشف قيمة هذا التفاؤل العلاجى لدى الطبيب والمريض على حد سواء.

وهو يشرح هذا التفاؤل العلاجى بأن يواصل:

“فبدلا من إدراك الأعراض على أنها معاناة مـُخِلّة، فإنه يمكن استقبالها باعتبارها آلام النمو لشخص يجاهد ليتكيف لمتطلبات الحياة التى فرضت عليه”.

……………

“وعلى ذلك فإن مساعدة المرضى هو الأخذ بأيديهم ليواصلوا نموهم بعد عبور هذا المأزق المؤلم الفاشل (المرضى) الذى اختاروه مضطرين لأنه كان الممكن قبل العلاج”.

(مازال الكلام من الكتاب):

“وبدلا من أن تكون مهمة المرضى هى تلقى الدعم والأدوية يجرى تشجيعهم بالمشاركة فى معاناتهم حتى نواجه معا “معنى” المرض.

وهكذا تكون موضوعية (وجدوى) العلاج فى القدرة (قدرة المريض والطبيب معا) على تنمية علاقة إبداعية مع الأعراض، بما تعنيه من محاولات تكيف، وإن كانت قد أخطأت السبيل، فوظيفة العلاج هى تصحيحه إبداعاً.

أتوقف هنا عن الاقتطاف والإضافة الشارحة بين الأقواس (فقد كدت أقوم بترجمة الكتاب كله) ثم أقدم التعليق التالى:

التعليق:

مع اتفاقى (اتفاقنا) مع هذا التوجه العام للبحث عن معنى الأعراض بدلا من الاكتفاء برصد الوصف بهدف تسمية هذه الأعراض، ومن حيث إسهام المريض فى اختيار المرض[5]  وبالتالى إمكان (بل ضرورة) إسهامه فى إعادة اختياره بإبداع حل أفضل معاً، فإنى أرى أن ما قدمه المؤلف[6]  يحتاج إلى ترجمة عملية أبسط وأكثر واقعية وتحديدا، كما يحتاج إلى إعداد معالجين مبدعين مشاركين وليس فقط رحماء أو منفـِّـذين مثلا [7] ، وهكذا أجدنى مضطرا أن أعود للاقتطاف أمانة إذْ يبدو أن المؤلف قد سمعنا، فبادر يقول:

“حتى نتقدم بوضوح لشرح متطلبات مثل هذا العمل (العلاج هكذا) فإن على المعالجين أن يتعهدوا ذواتهم بدفع عجلة نموهم – شخصا، وحفز قدراتهم الابداعية إذا كانوا يأملون فى رأب صدع مرضاهم ليعودوا لمواصلة وجودهم الصحيح، لكن هذا قد يضع الطبيب النفسى الذى يلتزم بذلك فى موقع التحدى (الإبداعى) لتحقيق ما يعد به هذا المسار إذ يتوقف النجاح فى هذه المهمة على مهارة المعالج فى إطلاق سراح القدرات الابداعية غير المستعملة عند المريض مثلما هو معروف فى “علاج كارل ج يونج” الذى يقوم بتعتعة النماذج البدائية: (الفيلوجينية) للتكامل الخلاق مع سائر قدرات المريض…الخ.

وبعد

ألستم معى بالله عليكم أن كل هذا الجمال وهذه المواصفات سواء فى المريض أو فى المعالج يمكن أن تعتبر صفات طوبائية ما لم يكن هناك تغير جذرى فى طرق التدريب (بل فى طرق الحياة المعاصرة كلها غالبا)؟

بالله عليكم كيف يمكن أن يقوم مدرب كرة القدم هذا (المعالج) بتدريب هذه الألوف (بل الملايين) من الأحياء الذين حضروا مع المريض فى نفس الوقت بالإضافة إلى ما تحرك بداخله هو من شخوص وأحياء أيضا، حتى يمكن أن يتخلق وعى جماعى داخلى متكامل متعاون، يعمل معا حتى يصيب الفريق الهدف (وليس اللاعب وحده)….الخ.

مادام الوصف بهذا الصدق، والمعلومات بهذه الموضوعية، والنية بهذا العمق، فقد كنت أتوقع أن أجد بعض التفاصيل العملية عن طريقة العلاج وآليات التدريب حتى أستطيع أن أدافع عن هذا الطب النفسى التطورى بقدر ما فرحت به وأنست له وطمأننى، وقد وجدت بعض ذلك لكنه لم يكن كافيا.

هامش واعتذار:

وأنا اكتشف جهلى وتقصيرى فى الإلمام ببعض مراجع هذه النقلة التطورية فى الطب عامة والطب النفسى خاصة، انتهزت الفرصة لتعويض ما فات، وفعلا عثرت على بعض المراجع بنفس العنوان وبعناويين أخرى مثل: الطب النفسى الدارونى[8] Darwinian Psychiatry، وهو نوع من الطب الدارونى عامة Darwinian Medicine ، ولم أطلع بالقدر الكافى على ما يختلف أو يضيف، وإن كان القدر اليسير الذى اطلعت عليه – وأنا اكتشف جهلى المتراكم- لم يتفوق على هذا الكتاب الذى اقتطفت منه ما اقتطفت، بل كان أكثر تنظيرا وإجمالا وهو يركز أساسا على التفرقة بين المرض والدفاع Disease and Defense باعتبار أن العرض قد يكون دفاعا مشروعا (من منطلق تطورى) أما المرض فهو حين يتمادى هذا الدفاع فيسقط دوره الدفاعى وتحل الخسارة محل المكسب.

فى نفس الوقت حمدت الله على جهلى طوال أكثر من أربعين عاما، لأنه أعطانى الفرصة أن استمد مادتى وتنظيرى فيما اسميّه “النظرية التطورية الإيقاعحيوية”، ومن ثم الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى، من واقع الممارسة التى افتقدتها فى معظم ما قرأت مؤخرا، وقد تصورت أننى لو بدأت بالنظريات المتاحة أولا لما استطعت مواصلة كشوفى من واقع الممارسة مع القراءة والمراجعة كما حدث حتى الآن.

……………….

…………………

ونواصل الأسبوع القادم  تقديم  الفصل السادس: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى: (2019)  الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور، الناشر: جمعية الطب النفسى التطورى – القاهرة.

[2]- Evolutionary Psychiatry, A New Beginning second edition by Anthony Stevens  and John Price. Copyrighted:  ROUTLEDGE Taylor & Francis Group. London and Philadelphia. 2000.

وقد طبع الطبعة الأولى سنة 1996 والطبعة الثانية (التى سوف أقتطف منها) سنة 2000.

وجدير بالذكر أن جمعية الطب النفسى التطورى والعمل الجماعى، وهى الجمعية التى أسستها مع بعض زملائى لتحتوى فكرى الموازى وقد تم تسجيلها رسميا سنة 1978، وظهرت المجلة الخاصة بها (الإنسان والتطور) من يناير 1980 فصلية وحتى عدد إبريل/يوليو 2000/2001، ثم توقفت حتى تواصل نشر نفس الفكر فى نشرة يومية بموقعى بنفس الاسم “الإنسان والتطور” منذ سبتمبر 2007، وحتى تاريخه.

[3] –  هذا بعض ما حاولته فى ترتيب فاعلية العقاقير النفسية ترتيبيا هيراركيا حسب ترجيح عمل كل منها انتقائيا على أى مستوى من مستويات المخ: الأقدم فالأحدث (تحت النشر)

– [4] لأهمية هذا المقتطف واستمرار مناقشته رأيت أن أورد نصه بالإنجليزية من الكتاب الأصلى وها هو ذا:

Page: 242

When a patient enters the consulting room, he brings with him, in a manner of speaking, a crowd of people from his past. That psychiatry has always known. What evolutionary psychiatry has recognized is that he also brings the hunter-gatherers, anteaters, and reptiles from his ancestral past. By the end of a consultation, the room is crammed with this menagerie, each member of which has a right to be listened to, and, if possible, to have his needs fulfilled. It is, says Gilbert (1989), like training a football team, encouraging each individual player to develop his skills and to integrate them with the skills of the other players, so that they come to the point where they play m effectively as a team rather than a set of competing individuals.

[5] – أنظر قبلا اختيار الجنون  (نشرة 13-7-2008 زخم الطاقة، والإيقاع الحيوى، واختيار الجنون “1”) و(نشرة 20-7-2008 “زخم الطاقة، والإيقاع الحيوى، واختيار الجنون” “2”)  www.rakhawy.net

[6] – ابتداء من هنا سوف اتحدث عن المؤلف (مفردا) نيابة عن المؤلفين حتى لا اضطر إلى الإشارة طول الوقت ما لم يعد يهم القارىء العادى.

[7] – كما يدّعى الطب النفسى الترجمى Translational Psychiatry

[8] – الطب التطوري أو الطب الدارويني هو تطبيق نظرية التطور لفهم ماهية الصحة والمرض حيث يوفر منهجًا علميًا مكملاً لمنهج التفسيرات الآلية المعاصر الذي يسيطر على العلوم الطبية وخاصة التعليم الطبي الحديث

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *