الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” الفصل الثانى التاريخ العائلى (2)

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” الفصل الثانى التاريخ العائلى (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 3-4-2022

السنة الخامسة عشر

العدد:  5328

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” (1)

الكتاب الثانى: المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (8)

استهلال:

نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب وآمل أن تُقْرأ نشرة أمس قبل متابعة نشرة اليوم التي سنقدم فيها ما تيسر من الفصل الثانى.

          يحيى

   الفصل الثانى

التاريخ العائلى (2)

…………….

……………

 (7/جـ) ‏فرط‏ ‏التقاضى Legitimacy يشير هذا المصطلح ‏إلى ‏الإفراط  في اللجوء ‏‏إلى ‏سلطة‏ ‏البوليس‏ ‏أو‏ ‏القضاء‏ ‏فى ‏كل‏ صغيرة ‏وكبيرة‏‏، ‏ورفض‏ ‏المصالحات‏ ‏والتسويات‏ العرفية الودّية ‏المحتملة‏، ‏وذلك‏ ‏حتى ‏يكاد‏ ‏التنقل‏ ‏من‏ ‏قاض‏ ‏إلى ‏قاض‏ ‏ومن‏ ‏قسم‏ ‏بوليس‏ ‏إلى ‏آخر‏ ‏يستغرق‏ ‏وقت‏ ‏الشخص‏ ‏كله‏.

التحديث:

أعتقد أن هذه الظاهرة أصبحت أقل تواترا، وعموما فإن ما تبقى منها ويتم  رصده (2) فى التاريخ الأسرى قد يكون له دلالة مهمة إذْ قد يكتشف الطبيب النفسى من خلال رصده تواتر مثل هذه الظاهرة  أنه أمام ثقافة فرعية يغلب فيها الاعتماد على ألفاظ قانون مكتوب أكثر من حوار بين مستويات الوعى البينشخصى والوعى الجمعى، وكلما زاد تباعد الأفراد عن بعضهم البعض، وزاد تقديسهم للمواثيق والقوانين المكتوبة جملة وتفصيلا أكثر من اعتمادهم على العرف الإيجابى، والتكافل الجمعى الإيمانى الفطرى، زادت ظاهرة فرط التقاضى، وَوَضْعُ ذلك فى الاعتبار أثناء رصد التاريخ العائلى يكون مفيدا فى حفز جهد أكبر للتغلب على مثل ذلك ليس بنفى القانون أو إهماله، وإنما بتوضيح حدوده، وإنشاء قنوات أخرى للتواصل والتعامل، الأمر الذى قد يتيح للمريض المنتمى لثقافة الألفاظ والكلمات المكتوبة أن يجد بدائل أخرى فى قنوات أخرى – أقرب إلى ثقافتنا- تـُنمِّى قدرات تواصله بالوعى البينشخصى والوعى الجمعى بما يسهم فى استعادة تنشيط نبضه المبدع فى الاتجاه الأقرب إلى ترجيح الحياة البشرية السليمة للفرد والجماعة فالنوع.

‏8– ‏الضـِّرار (3)، ‏والحرمان‏، ‏والإهمال‏: ‏للأطفال (خاصة).Screenshot (53)

‏( المتن):

 (8/أ) يسأل‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏المظاهر‏ ‏الثلاثة‏ ‏مع‏ ‏التاريخ‏ ‏الأسرى حيث أنها‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تسرى ‏فى ‏أسرة‏ ‏من‏ ‏الأسر‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏غيرها‏، ‏كما‏ ‏يمكن ‏أن‏ ‏يترتب‏ ‏عليها‏ ‏أضرار‏ ‏محددة‏ ‏تلحق‏ ‏بالمريض‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏أضير‏، ‏أو‏ ‏أن‏ ‏تدل‏ ‏على ‏نوع‏ ‏المجتمع‏ الخاص الذى ينتمى إليه، ‏وعن كم‏ ‏المخاطر‏ ‏التى ‏نشأ‏ ‏المريض‏ ‏فى ‏جوها‏ حتى لو لم يكن هو المُضَار شخصيا، ‏وضرار‏ ‏الأطفال‏ ‏فى ‏مصر‏ ‏والبلاد‏ ‏العربية‏ ‏أقل‏ ‏مما‏ ‏هو‏ ‏شائع‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏الغربى، حسب المتاح من أرقام ليس لها مصداقية كافية، ‏فى ‏حين‏ ‏أن‏ ‏حرمان‏ ‏الأطفال‏ ‏وإهمالهم‏ ‏هو‏ ‏أكثر‏ ‏تواترا‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏العربى.

التحديث:

الشائع أن الضرار الجسدى للأطفال خاصة (الضرب والإيذاء الحسى)  أكثر تواترا فى مجتمعاتنا عن المجتمعات الأكثر تقدما، كما ألمحScreenshot (52)نا إلى ذلك، – وإن كان هذا يتراجع مؤخرا تدريجيا – ومع ذلك فإن ثمة ملاحظات تشير إلى أنه مازال متواترا عندنا بدرجة تسترعى التنبيه والرصد للمعالجة، وحتى لو كان قد تراجع مؤخرا من باب تقليد المتحضرين السابقين فإن خبرتى تقول إن كثيرا من هذا التراجع هو ليس إلا تقليدا ظاهريا،  وأنه قد تكون له دلالة سلبية لو ثبت أنه دليل على تراجع دور الوالد الحازم وتخليه عن مسئولية التربية الصحيحة التى تستلزم حزما، فإذا كان الأمر كذلك فهذا تراجع شكلىّ زائف أو ضار، ومازالت ثقافتنا الأقدم تنبه إلى دور الكبير كما ورد فى الشعر القديم:

 “فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازما فليقْسُ أحيانا على من يرحم”

كما يمثله أبسط صور المثل المصرى العامىّ القائل:”اللى مالوش كبير يشتريله كبير”.

أما الأكثر شيوعا فى ثقافتنا وينطبق عليه ضرار الأطفالChild Abuse  فهو إهمالهم: إما بالاستهانة  بهم وإما بنسيان أبسط حقوقهم، وإما بالانشغال المفرط عنهم، وكل هذا قد يكون عاملا مهيـِّئا مباشرا بالنسبة للمريض تحت الفحص، أو قد يُرصد فى أسرته دون تحديد أنه بالذات المُستهدف، ومن أهم الملاحظات أن تكون هناك أسر بأكملها ليس عندها ثقافة احترام الطفل والاعتراف به فى الوقت المناسب وبالتدريج المناسب، فلا ينتبهون إلى وجود الضرار أو خطورته أصلاً.

على انه يوجد نوع أخطر من الضرار لا يُتَحَدَّثُ عنه غالبا حتى يبدو غير شائع فى مجتمعاتنا إلا أن المتابع الراصد قد تصله أحداث وأرقام تجعله ينتبه إلى عدم التسليم لمثل هذا النفى، ألا وهو الضرار الجنسى، وممارسة الجنس مع المحارم أطفالا، وبرغم المبادرة بالنفى الجاهز تحت الزعم بأننا مجتمع ملتزم دينيا: فإنه أمر يحتاج لمراجعة حيث لاحظت أنه أكثر تواترا مما يحسب أغلب الناس.zz

مع ظهور المؤسسة الزواجية فى تاريخ تطور البشر بدأت ظاهرة منع الجنس بين المحارم، وقد عثرت على اسم بالغ الدلالة بالانجليزية لتوصيف هذه الظاهرة: حيث سموا ذلك المنع Grammer of the Family أى “أجرومية الأسرة”، فكما أنه فى علم النحو Grammer هناك باب اسمه “الممنوع من الصرف” فإن ما يقابل ذلك فى “نحو” الأسرة هو “الممنوع من الجنس” ولن أطيل فى مغزى ذلك وتوظيفه تطوريا، إلا أننى لاحظت، حتى  فى أكثر المناطق والمحافظات المشهورة بالتقاليد والتربية (في الصعيد مثلا)، لاحظت أن كسر هذه الظاهرة ليست بالندرة التى نزعمها لبعضنا البعض، ولأنها ظاهرة تمارس سرّا جدا، فإنها  لا تكون فى المتناول عادة عند فحص المريضة (أو المريض) وعادة ما لا يذكرها الأهل، بل وينكرونها: إما لفرط الكبت عند المرافق الحاكى حتى أنه نفاها حتى من متناول ذاكرته أصلاً، أو لفرط الحرج والخجل، على أن الفحص الدقيق والحاذق قد يصل إلى بعض المعلومات فى الأسرة التى  منها المريضة (أو المريض) مما يضيف بُعدا هاما على العلاج يدعو  إلى النظر فى كيفية احتواء ذلك عند المريض، والمسألة ليست مسألة تحقيق وحب استطلاع ولكنها من العوامل المساعدة أكثر على الإحاطة بأغلب ما ينبغى أن يحيط به الفاحص من تاريخ واحتمالات.

وبالنسبة للطبنفسى الإيقاعحيوى فإن من يمارس ذلك قد يكون بداخل داخله امتداد لأجداده من الأحياء حيث لا توجد قواعد فى “نحو” عائلات الحيوانات تمنع من ممارسة الجنس مع من يقابل المحارم عند الإنسان، وفى هذا ما يدعو الفاحص إلى مراجعة أقوال بعض أفراد الأسرة الجاهزة بالتحمس لنفى هذا الاحتمال، تماما، وإطلاقا، وعلى الفاحص ألا يواجه هذا الإنكار بالرفض والحكم الأخلاقى الجاهز، بل عليه أن يحمل مسئولية استكمال نضج المريض والأسرة للالتزام بما وصل إليه المجتمع المتحضر من تنظيم، فى مقابل ما سمحت به بعض التجمعات فى التفويت الخفىّ غالبا؟

……………

 (ونكمل الأسبوع القادم)  

 

[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث أبواب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، الناشر: جمعية الطب النفسى التطورى (2022) وهو (تحت الطبع) ورقيا، إلكترونيا حاليا بالموقع: www.rakhawy.net

[2] – ليس لأننا صرنا أفضل، ولكن ربما لأن كثيرا  من الحقوق، أو الزعم بالحقوق، صارت- للأسف- تؤخذ بالجهود الفردية مباشرة، حتى صارت البلطجة أسلوبا للتعامل حتى فى استرداد الحقوق

[3] – أستعملُ كلمة ضرار (وليس ضرر) مقابل  كلمة Abuse بالانجليزية

 

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

2 تعليقان

  1. , صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف : الضرار الجنسى، وممارسة الجنس مع المحارم أطفالا
    التعليق : لعلها مصادفة أن يرد هذا الوصف فى الحالة التى تم تناولها هذا الأسبوع long sheet،فقد ورد ضمن أقوال المريض أن أحد أقاربه قد تحرش به أثناء نومه ،وأنه لم يستطع إخبار أحد بما حدث خشية أن لا يصدقون بحجة أنه ” ولد زيه ” فلماذا يفعل به ما فعل ؟! ….ولعل هذه الواقعة ،كما وصفها هكذا ،كانت ضمن العوامل المؤدية لتحريك الأنثى بداخله،مبكرا ،لتستقبل هى هذه الممارسات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *