الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (24) الفصل السادس: التاريخ العلاقاتى (2)

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (24) الفصل السادس: التاريخ العلاقاتى (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 29-5-2022

السنة الخامسة عشر

العدد: 5384

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” [1] 

الكتاب الثانى: المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (24)

استهلال:

نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب وآمل أن تُقْرأ نشرة أمس قبل متابعة نشرة اليوم التي سنقدم فيها ما تيسر من الفصل السادس.

          يحيى

الفصل السادس

التاريخ العلاقاتى (2)

الملحق

تناولت تجليات الحب كما انكشف لى عبر رحلتى الطويلة حول هذه المسألة بمعظم تجلياتها ومضاعفاتها وروعتها وعطائها، فسجلتها شعراً عاميا في ديوانى “فقه العلاقات البشرية” الذى اقتطف منه الآن قصيدة واحدة مع شرح على المتن وهو ما غامرت به برغم احتمال تشويه الشعر بشرحه:

القصيدة:  قلب الخساية (أو النداهة)

النداهة [2] 

المأزق الذى وجدت أن علىّ أن أواجهه ونحن نتقدم نحو المزيد من كشف أزمة (أزمات) التواصل فى مرحلة تطور الإنسان المعاصر، هو مأزق تناول العلاقات البشرية بعد أن بلغ هذا الكائن الحى الشقى الرائع: هذه الدرجة من الوعى بنفسه، وبضرورة الآخر شرطا لتواجده بشرا سوياً، أو ما يسمى عادة الحب، وبين ما أسميه جدل الموت والحياة، وكلتا القضيتين متعلقتين بدرجة الوعى (الأمانة) التى تورط فيها هذا الكائن الخاص جدا المسمى الإنسان.

اكتشفت أن تناولى لإشكالة العلاقات البشرية من خلال هذا المتن تحتاج إلى توضيح مبدئى، وإن بدا مكررا، قبل المضى قدما فى ذلك :رحت أكتب مقدمة لهذه الحالة الخامسة فإذا بها تصلح مقدمة للعمل كله:

مقدمة: نلتقى حين نسعى

لاحظت حتى الآن – للأسف – أن تعرية العلاقات المسماة “الحب” حتى النخاع هكذا، تنتهى إلى ما يشير إلى يأسٍ ما، أو قل إلى إيحاء باستحالة أن يتحاب البشر فيما بينهم بما وصلوا إليه من أزمة “الوعى، والوعى بالوعى”: بما يشمل “مسئولية المشاركة فى جدل نمو الإنسان فردا ونوعا”.

فكرت أن أتوقف عن التمادى فى توصيل رسائل مثل هذه قد تحمل فى ظاهرها جرعة من اليأس أو العجز لم أقصدها، قلت أنبه القارئ ببعض التوصيات التى قد تعيننى على توضيح ما قصدت إليه من هذه المحاولة هكذا:

أولاً: أن يتذكر القارئ أنها محاولة لفك شفرة النص البشرى، أو لعلها “نقد النص البشرى” كما يغلب علىّ حاليا، توصيف ما أكتبه فيه، وما أمارسه فهو ليس حـُـكـْـما دامغاً.

ثانياً: أن هذا العمل مرتبط بنص محدد هو متن شعرى كتب منذ نحو 40 سنة، وينشر الآن كما هو إلا ما ندر من تصحيح شكلى لجملة أو تحديث محدود فى شطر، ذلك أننى راعيت أن أى تغيير فى المتن أكثر من ذلك هو تجاوز لا مبرر له.

ثالثا: إن أعمال الكاتب تكمل بعضها بعضا، فإذا وصلتْ رسالة مثل الرسالة الحالية بها هذا القدر من التعرية لدرجة التلويح باليأس أو الاستحالة، فهى ليست فصل الخطاب، فهى مثل حروف وأرقام الشفرة (الكلمة المفتاح فى بريدك الإلكترونى/ أو “مِيِلَكْ” مثلا) لا يمكن أن تفتح الشفرة إلا باكتمال إدخال الكلمة المفتاح حَرْفا رقماً.

رابعاً: أن يتحمل معى القارئ قدرا من التكرار، لا أريد أن ألزم نفسى بتجنبه فى المرحلة الحالية.

تُرَى: هل يستطيع القارئ أن “يعلق الحكم” (بلغة الفينومينولوجيا)، فيضع رأيه بين قوسين حتى ينتهى من قراءة مجمل كل حالة، والأصعب والأهم: حتى ينتهى من قراءة العمل كله، [3]  والأصعب جدا: حتى يلم بما يكمله من أعمال الكاتب الأخرى؟

إن ما أحاول توصيله لا ينتهى بحكمٍ يحتاج إلى تعليق (تعليق الحكم) بقدر ما هو دعوة لتحريك الوعى فى اتجاه أرى أنه يصلح أن يجمعنا معا كلما مضينا قدماً أكثر فأكثر، وعندى يقين بأننا نلتقى حين نسعى إلى أن نلتقى، قبل أن نلتقى فعلا (انظر بعد).

المستويات (الأولى) للتجاذب البشرى:

ذكرنا أن هذه القصيدة إنما تقوم بتعرية المستويات الأولى للتجاذب البشرى :

المستوى الأول: الجذب النداء، والانجذاب الذاهل.

المستوى الثانى: اللذة المشتركة بعض الوقت.

المستوى الثالث: اللعب الحر معا – أحيانا.

هذه القصيدة تـُظهر بعض التعدد المتداخل فى محاولة عمل علاقة حب: حيث يظهر أن مستوى صفقة الغواية الخارجية، هو السائد على حساب أى تطور للحوار الأعمق والأكثر تكاملا، وقد حذرنا من الميل إلى شجب هذه المستويات البـَـدْئِـيـّة، اللهم إلا إذا طغت حتى غطت على فرص التبادل والجدل مع سائر المستويات النابضة الأخرى، كما سوف نتبين مثل ذلك فى هذه القصيدة، وبالذات قرب نهايتها، فنهايتها:

فى بداية هذه القصيدة، يبدو أن التركيز كان على مستوى الجذب والانجذاب، وهو ما يـُـسـَـمـَّـى أحيانا الكيمياء الوجدانية المتبادلة، وهو مستوى – كما أشرنا – ليس مرفوضا من حيث المبدأ، بل لعله بداية مهمة لا غنى عنها، ويبدو أن وسائل الجذب كانت تبدو فاعلة فى بداية القصيدة، لدرجة ثقة النداهة بسحرها القادر على جذب السائر على شط الترعة، حتى تسحبه إلى غير رجعة (هذا ما يُحكى عن “الجـِـنـّـية النداهة” فى بلدنا، وهو بعض ما استلهمه يوسف إدريس فى قصته “النداهة[4] . وهو ما خالج صاحبنا من أن هذا الجذب الساحر، يحمل وراءه الاختفاء الغامض.

 القصيدة هنا تبدأ بتعرية هذا المستوى من النداء والغواية، وهو مستوى قد يقابله بعض بدايات التعاقد فى العلاج النفسى، الذى قد يتم بشكل مباشر أو غير مباشر بين معالج له حضور قوى يبعث على الثقة، وبين مريض يحتاج هذه الثقة فيستجيب لها بسرعة، وبأقل قدر من الشروط والحذر:

رجاء: أوصى ألاّ يقرأ هذا الجزء إلا من يريد أن يقرأه!!! (شكراً)

قصيدة : قلب الخسّاية (سابقا: الندّاهة)

(1)

وعيون‏ ‏مكـْحُـولة‏ ‏مْـنَـدِّيــة‏.‏

‏تِسْحِـَر‏ ‏وتشِدْ.‏

منديلْها‏ على ‏وش‏ ‏الميّة

             مِـستنّى ‏تمـدْ‏:

‏إيدك‏، ‏تسحبْـها‏ ‏تروحْ ‏فيـها‏،‏

‏       ‏ولا‏ ‏مينْ‏ ‏شـَافْ ‏حـدْ‏.‏

لابد أن لحكاية أو أسطورة النداهة أصل شديد الغور فى النفس الإنسانية، أسطورة النداهة من الأساطير الريفية المصرية، حيث يزعم الفلاحون أنها امرأة جميلة جدا وغريبة تظهر في الليالي الظلماء في الحقول، لتنادي باسم شخص معين، فيقوم هذا الشخص مسحورا ويتبع النداء إلى أن يصل إليها، ثم يجدونه ميتا في اليوم التالي، أو يلقونه وهو يهيم على وجهه جنونا، وقد يـُـسخـَـط حيوانا عقابا له أنه انجذب لهذه النداهة الغاوية فى عالمها السفلى بعد أن شدته إليه بغوايتها.

(2)

ماتكونشى ‏يا‏ ‏واد‏ ‏الندّاهة‏‏؟‏  ‏

‏ ‏حركات‏ ‏الجنّية‏ ‏اياها‏؟

أنا‏ ‏خايف‏ ‏مـِاللـِّى ‏مانـِيشْ ‏عارْفُهْ‏.‏

أنا‏ ‏شايفْ‏ ‏إِللِّى ‏مانيش‏ ‏شايفُــهْ.‏

وتـْلاحِـظ‏ ‏خوفى ‏تْـطَـمّنى‏.‏

وتقولّى ‏كلام‏، ‏قال‏ ‏إيه‏ ‏يعنى :‏

ماتبصّش‏ ‏جوّهْ ‏بـزْيادة‏، ‏

‏ ‏خلّــيك‏ ‏عالقَــدْ‏.‏

شوف‏ ‏حركة‏ ‏عودى ‏الميـّادَة‏،‏

‏شوف‏ ‏لــون‏ ‏الخدْ

هذه القصيدة لا تستوحى أسطورة النداهة إلا من حيث هذا الانجذاب المسحور إلى النداء، ذلك لأنه فى حين تؤكد الأسطورة على أنه حين يقترب صاحبنا من السطح، يكون منجذبا انجذابا خالصا لسحر الغواية، وهو يبدو أنه يريد ما وراء ذلك بشكل ذاهل، نلاحظ فى هذه القصيدة من البداية أنه منجذب بقدر ما هو خائف، يقترب ويرجو ما تحت السطح، فتنبهه الغاوية أن الصفقة ينبغى أن تقتصر على هذا المستوى الخارجى، وأن عليه ألا يتجاوز الحدود، وأنه غير مسموح له أن يخطو إلى ما بعد السطح (ما تبصّش جوّه بزيادهْ، خليك عالقدْ) ولتحقيق ذلك تذكـّره بجمال خارجها، وميادة عودها، ووردية خدودها… إلخ.

 هو يستمع إلى كل ذلك، لكن يأتيه همسٌ من أعماقها، يناديه بلغة أخرى، وكأنه يستغل هذا الجذب المبدئى ليتعرف من وراء الظاهر إلى طبقة أكثر عمقا وتلقائية، وأقل صفقاتية وذهولا، وكأن على من يحاول أن يواصل حركية جدل العلاقة، أن يستوعب مستوى الجذب ليتجاوزه وهو يحتويه، لينطلق منه إلى نكوص مشروع، ولعب حر، وهو ما تعنيه هذه الفقرة من: تنشيط ما بالداخل من جاذبية الطفولة، وتلقائية الفطرة، وحلاوة اللعب، وبهذا نقترب من المستوى الثانى والثالث (اللذة المشتركة، واللعب الحر معا) مع الحذر الواجب من احتمال التوقف عند الجذب والانجذاب واللذة المنفصلة.

 (3)

وأحس‏ ‏بهمْس‏ ‏اللى ‏معاها‏،

‏أنــوِى ‏أَقــرَّبْ.‏

وأشوف‏ ‏التانية‏ ‏جُــوَّاهَـا‏،

‏أحلى ‏وأطيبْ‏.‏

والخوف‏ ‏يغالبنى ‏من‏ ‏ايـّاهـَا‏،

‏لأْ‏، ‏مش‏ ‏حَـاهـْربْ‏.‏

هذه الأخرى التى تناديه من عمق أبعد من جذب منديل السطح، ربما هى الفطرة عروس البحر، ولكن من يضمن له إذ يتقدم إلى هذا العمق الأجمل أن تستولى عليه النداهة المرتبطة بالمنديل السطحى، فيختفى فيها ومعها دون أن يكمل مشوار الحب التكاملى الجدلى ، وحين يستشعر هذا الخطر، وتراوده فكرة التراجع يجد أنه لا سبيل إلى ذلك إن أراد لجدل العلاقة أن يتواصل، فيقرر أن يواصل: فيتراجع عن التراجع: لأ مش حاهربْ

استجابة لهذا التصميم يأتيه نداء الداخل، مع الحذر المناسب من الاقتراب.

مستنى تمدّ:

إيدك تسحبها تروح فيها،

ولا مين شاف حد

الحب بقدر ما فيه من سعى نحو ما هو “قرب”، فيه قدر مساوٍ – وأحيانا أزيد – من: “الخوف” من “القرب”.

 يسرى ذلك على من يقترب، وعلى من يستجيب لمحاولة الاقتراب.

والطفلة‏ ‏تشاوِرْ‏ ‏وتعـافرْ، ‏

‏ ‏بتقـّربْ‏، ‏ولاّ‏ ‏بـْتـِتاَّخـِرْ؟

                        وانّ‏ ‏مدّيت‏ ‏إيدى ‏ناحيتها‏، ‏بتخاف‏ ‏وتكشْ‏.‏

والتانية‏ ‏تنط‏ ‏تخلــّـيها‏: ‏تـهـْرَبْ‏ ‏فى ‏العـِشْ.  ‏

دى ‏غيامةْ‏ ‏كــِدب‏ ‏وتغطــيّة‏، ‏ومؤامرة‏ ‏غِشْ‏.‏

الوعى الداخلى: الفطرة المستجيبة، ضعيفة بطبيعتها، بقدر ما هى جميلة بتلقائيتها.

الظاهر الجاذب المكتفى بهذا المستوى حتى لو كان الاختفاء فى الذهول هو نهايته، لا يتزحزح عن محاولته إفساد أية خطوة تحاول تجاوزه إلى داخل الداخل الصادق الواعد، بل إنه يكبت هذه المحاولة الأعمق حتى تنسحب الذات الأجمل والأعمق على أثر التخويف من الاقتراب الحقيقى، وبمزيد من الإغراء بالاستكفاء بظاهر الجذب فالانجذاب، وهما ليسا إلا بديلا عن حقيقة العلاقة وعمقها، ومن ثم  يبلغنا كى نفهم كيف أن هذا الإبدال أو التوقف ليس إلا: “غيامة كدب وتغطيّة، ومؤامرة غش”.

مع تواصـُـل السعى إلى الحوار والجدل مع المستوى الأعمق والأجمل، يفشل جذبُ الانسحاب، فهو لا يصدق أن المستوى الأعمق غير موجود، أو كان وهما، بل هو يعلن أن “حلوة الداخل” لم تمـُتْ، لأنها لا تموت، مهما بـَـعـُـدَتْ أو اختفت.

(4)

وماصـدّقشى،‏

ولا‏ ‏اسلّمشِى،‏

أنا‏ ‏واثق‏ ‏إنها‏ ‏ما‏ ‏مَـتِـتْـشٍى

أنا‏ ‏سامع‏ ‏همس‏ ‏الماسْكِـتْشِـى ‏

مش‏ ‏حاجى، ‏لو‏ ‏هيه‏ ‏ما‏ ‏جَاتْـشِى‏.‏

فهو يواصل الإنصات، ويشترط لمواصلة الحوار (الحب) وجودها الأصل الصادق: ليكمل معها هى وليست بدليتها على السطح.

أنا سامع همس المـَـاسـْـكـِـتـْـشـِى“.

تلك الأخرى – على السطح – تتصور أنه وهو يقترب، يقترب منها هى، استجابة لغوايتها، لكنه ينبهها، وربما ينبه نفسه أنه:

مش حاجى لو هيا ما جاتشى

هذا موقف حاسم: مهما بدا إغراء جذب السطح.

تنبيه واجب هنا:

  • إن المسألة هى ليست “إما ..أو”، اللهم إلا إذا أصر “السطح” على استبعاد كل ما عداه، وهذا نادر إلا فى بعض اضطرابات الشخصية القصوى.

  • إن علاقة الحب الحقيقية هى حب لكل المستويات، بكل المستويات، بما فى ذلك حب الغاوية السطحية، ولو بابا إلى العمق، ولكن التى على السطح هنا لا تعترف إلا بنفسها، ولو وصل الأمر إلى تفضيل أن “تلعب حبا” بدلا من “أن تحب“، ها هى تنبرى لتحول بينهما، بين داخلها الحر الجميل، والساعى إلى حب حقيقى، وهو تحول دون اقترابه رغما عنها بالمنع والتحذير والتشريط:

(5)

– ‏جرى ‏إيه‏ ‏يا‏ ‏أخينا؟‏ ‏عَـلى ‏فـِينْ‏؟‏ ‏

‏  ‏حَاتْـصـَحّى ‏النايـِمْ‏؟‏ ‏بـِـضمانْ‏ ‏إيه‏”‏؟‏

‏جَـرَى ‏إيهْ؟

مش‏ ‏عاجـْبـَك‏ ‏رسمى ‏لـِحـَواجـْبى، ‏ولاَ ‏لُـونْ‏ ‏الُّروجْ‏؟

‏ ‏مش‏ ‏عاجبك‏ ‏تذكرةِ ‏الترسو‏، ‏ولا‏ ‏حتى ‏اللوجْ‏‏؟

ما‏ ‏كَفاكشِى ‏زْوَاق‏ ‏البابْ؟

هيّا ‏وكالة‏ ‏من غير‏ ‏بّوابْ؟

هذه الغاوية على السطح إنما تعلن وصايتها على سائر المستويات، معترضه على مواصلة السعى، فهى تدافع عن مشروعية الوجبات السريعة وتلوّح بالاكتفاء بلذتها، وربما نستشهد قياسا أنه: “إيش رماك على أن تلعب حبا، قال قلة الحب“. هذه التى على السطح تريد ضمانا (بضمان إيه؟)، وهى مهما قُدّم لها من ضمانات (بما فى ذلك ورقة الزواج أيضا) لن تسلـّم – طالما هى منفصلة هكذا – و هى لا تسمح لجميعها أن يشاركوا فى العلاقة المتعددة المستويات، أى فى علاقة حب. وليس لعبة حب، فهى تتعجب من عدم رضاه بكل ما فـَـعـَـلتـْـه لإغوائه ليكتفى بهذا الظاهر (ما كفاكشى زواق الباب، هيا وكالة من غير بواب؟)

وقفة:

ماذا يحدث فى العلاج النفسى؟

على أى مستوى تتم العلاقة؟

بصراحة، إن العلاقات (العلاجات) المطروحة على مستوى الاقتصار على الإيحاء والطمأنة والتسكين (بالعقاقير أو بدونها) هى أقرب إلى مستوى الغواية والجذب والانجذاب، لا نزعم أن نهايتها هى بالذهول أو العدم مثلما هو الحال فى أصل أسطورة النداهة، وإنما قد تكون نهايتها هى توقف مسيرة النضج.

تـَـواصـُـل العلاج النفسى الأعمق الذى قد يرتقى بالعلاقة إلى هذا التحاور على هذا المستوى الأعمق، هو الذى يحفز النمو ويطلق جدل التطور بحيث يتم إعادة التشكيل فالإبداع والنمو من خلال أزمة المرض ما أمكن ذلك.

لماذا يخاف أغلب المرضى من المضىّ قدما إلى أبعد من الانبهار والتسليم فيما يسمى العلاج التسكينى؟ لا يوجد علاج حقيقى فيه إطلاق نمو أو إعادة تشكيل إلا ويمر المريض فيه بما نسميه “مأزق التغيير” بكل مخاطـِـرِه وصعوباته والتهديد بمضاعفاته، من هنا، وبالذات فى العلاج الجمعى، يكون الحذر والتحذير، مصاحب بالخوف والتخويف، وكثيرا ما يتمادى هذا الخوف والحذر إلى ظهور آليات دفاع أكثر حدة تجمّد مسيرة النمو، فينقطع العلاج فجأة، أو تنتقل الزملة المرضية إلى زملة أكثر صلابة وأقدر مقاومة.

إن الزملاء الذين يبدأون بالتسكين، وأحيانا يسمونه الطمأنينة، وينتهون بالتسكين، مفضلين “السلامة” أولا وأخيرا (وأن الطيب أحسن) لا ينتمون إلى مسيرة النمو من خلال العلاج، وربما إلى مسيرة النمو برمتها، لأنه لا يوجد نمو دون آلام ومخاطر من حيث المبدأ، لكن للهرب مبرراته:

أنا‏ ‏مش‏ ‏ناقصة‏ ‏التقليبهْ‏ ‏ديّــةْ،‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏جوّاىَ “‏الْـمِشْ‏ ‏هيّةْ”،‏

ولاَ‏ ‏فيه‏ ‏بنّـوتــة‏ ‏بـْمَـرايلْهـَا‏،‏

ولا‏ ‏فيه‏ ‏عيّـل‏ ‏ماسك‏ ‏ديلهاَ‏،‏

وبرغم كل ذلك التحذير والإنكار والمحو، فالطبيعة البشرية هى الطبيعة البشرية، وهكذا يستمر النداء الخفى، مع تواصـُـل إصرار حفز النمو، فيتواصل بالمقابل التحذير، ويحل الصد وإعلان الدفاعات المانعة من التواصل، محل الجذب الذى يثبت من خلال ذلك أنه يريد أن يستكفى بعلاقات الجذب والغواية السطحية حتى لو كان “كنظام الحب” وليس “الحب”.

(6)

إوعى ‏تخطّى، ‏أبْعـَدْ ‏منّى، ‏حاتْلاقى ‏الهِـِوْ.‏

البيت‏ ‏دا‏ ‏ما‏لوهْشـى ‏اصْـحـَاِبْ‏.‏

دُولْ‏ ‏سـَافروُا‏ ‏قَـبـْلِ‏ ‏ما‏ ‏يـِيـِجـُوا‏.‏

‏من‏ ‏يوم‏ ‏ما‏ ‏بنينا‏ ‏السدْ.‏

‏‏السد‏ ‏الجوّانى ‏التانِى‏.‏

وانْ‏ ‏كان‏ ‏مش‏ ‏عاجبكْ‏، ‏سدّى ‏البرّانـِى‏.‏

تبقى ‏فقست‏ ‏اللعبة‏،‏

ومانيـِشْ‏ ‏لاعبةْ‏.‏

هنا وقفة مهمة:

إن العلاقات البشرية تنبنى على أساس سلامة لبِنَات التواصل الأولى التى توضع فى محلها، منذ الطفولة توضع فى وقتها، لغرضها، وهى التى يبنى بها بيت الثقة الأساسية فالكيان النابض النامى.

إن التى (أو الذى) تستطيع أن تطلق داخلها ليشارك فى (لا ليستقلّ بـ) عملية الحب، لا بد أن تكون قد اطمأنت طفلةً (ثم بعد ذلك فى أى ولادة جديدة فى أزمات النمو) إلى أنها ليست وحيدة، إلى أنها جزء من آخرين يريدونها ويعترفون بها فتريدهم وتعترف بهم، هكذا تتاح لها الفرصة أن تبنى نفسها “بيتا” (وليس لنفسها بيتا)، بيتا له أصحاب، هى أولهم، وليست آخرهم.

فالقصيدة هنا وهى تعرى هذا الخواء الداخلى: “البيت دا ما لوهشى اصحاب” إنما تعلن سبب هذا الهروب الكبير، وتعرىّ إحلال المنديل على سطح الترعة، محل جنية البحر الطفلة الفطرة الجميلة، “البيت” ليس له أصحاب لأنهم كانوا أشباحا لم يحضروا واقعا مغذّيا أمنا أبدا، وهم مهما تحركوا إنما يلعبون لعبة تشبه الحياة، تشبه الحب، تشبه التواصل، يلعبونها سرا مع أنفسهم، ويختفون قبل أن يظهروا.

دول سافروا قبل ما ييجوا

 لكن هل يعقل أن يبنى طفلا ذاته (بيته) دون أن “ينتمى” أصلا؟

وكيف ينتمى وهو منذ وُجد لم تواجهه إلا الحواجز التى أقيمت لتحول دون التواصل الحقيقى (القبول والاعتراف والأخذ والعطاء) فحالت هذه الحواجز فعلا منذ البداية، بل قبل البداية، دون إلقاء بذرة الحب التى يمكن أن تؤتى أُكـُـلـُـها كل حين “حبا حقيقيا متجددا”؟ ذلك الحب المتعدد المستويات الذى حيل بينه وبين أن يتنامى بواسطة تلك التى أدت إلى الميكانزمات (الاستغناء عنه) بإقامة السدود، ليس فقط سد الغواية البرانية البديلة عن العلاقة، وإنما السد الجوانى التانى، وهو الذى يشير إلى عدم الأمان الأولى.

 إذن: فالحاجز الذى تقيمه بالغواية كان حاجزا احتياطيا ليحول دون العلاقة المتكاملة، وهو لم بعد هو السبب الأساسى فى الإعاقة الحالية، وإنما يرجع السبب إلى الحاجز القديم “السد الجوانى التانى“، أما هذا السد البرانى، فكل المطلوب منه هو أن يقوم باللازم ليحقق المراد الجزئى فى وجبة سريعة، أو فى واجبات رسمية راتبة، كنظام الوجبات المستخرجة من “الديب فريزرعلى طول المدى (الزواج الساكن الخامد). دون أن يكون بداية لنبض جدلى تصعيدى منتظم إلى المستويات فيكتفى بهذا، وهذا المستوى هو يقلل أيضا مستوى العلاج النفسى التسكينى، مع إجهاض كل ما هو غير ذلك.

تنتهى القصيدة الحالية بتوصية ساخرة، بنكوص هروبى أيضا بديلا عن مسيرة النمو، وربما يكون هذا أكثر تمثيلا لمستوى العلاقة التى أسميناها “اللذة المشتركة بعض الوقت” (المستوى الثانى)، وهو ليس أفضل كثيرا من مستوى الجذب والانجذاب، فهو جاهز لتوقيف مسيرة النمو أيضا:

(7)

دوّر‏ ‏على ‏واحدة‏ ‏تكون‏ ‏هبْلهْ‏،‏

بتْسوُرَقْ ‏مِنْ‏ ‏حَصْوِة‏ ‏نِبْلهْ‏.‏

تديلك‏ ‏قلْب‏ ‏الخسّاية‏!!‏

ومالكشِى ‏دعوة‏ ‏بْجُوّايَا

…..‏.‏

يا‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏نفـِسى،‏

بس‏ ‏ياروحْ‏ ‏قلبى “‏ما‏ ‏يُحْكمشِى‏”.‏

يبدو أن من يريد أن يحب، ولا يكتفى بأن “يلعب حبا”، عليه أن يغامر بأن يعطى ويأخذ “قلب الخساية” ولايكتفى بأوراقها أو رأسها.

ولكن هل يكون للخساية قلب إلا إذا أحاطته كل هذه الأوراق التى ذبلت وجفت من فرط قيامها بدورها الرائع فى الحماية والدفاعات؟  إن من يريد أن يلقى بهذه الأوراق الصلبة ليكتفى بقلب الخساية هو أيضا ليس محبا، وإنما هو قناص مستسهل.

وبعد (مرة أخرى):

خيل إلى أن المسألة أصبحت أصعب.  ليكن.

  قلنا من البداية، حتى لو لم يكن لدينا بديل: “نستعمل الواقع (الخطأ)، لا نستسلم له، ونرفضه ونحن نستعمله حتى نغيره”.

 فهل نستطيع ذلك فى مسألة الحب هذه؟ (ربما مثلها مثل مسألة الديمقراطية والحرية والمال، وأشياء أخرى كثيرة)، وإذا لم نستطع فهل يمكن أن نرضى بالموجود باعتباره النقص الواجب الدافع للتحريك؟ أم نستسلم له باعتباره البديل الدائم طالما لا يوجد غيره؟

تـُرى هل أصبحتْ المسألة أسهل أم أصعب؟

هل نشتغل فى المستحيل ليكون ممكنا؟ أم نستسلم للمكن ليصبح استمراره مستحيلا؟

جدلية المقابلة الكلينيكية فالعلاج النفسى تخوض في كل ذلك وتُعرّية، لتنجح في إرساء علاقة إيجابية ناضجة برغم كل هذه الألاعيب والمناورات.

وبعد

 ها هو المتن متكاملا لمن شاء أن يتخلص من وصاية الشرح والتنظير.

(1)

وعيون‏ ‏مكـْحُـولة‏ ‏مْـنَـدِّيــة‏،

‏                 تِسْحِـْر‏ ‏وتشِدْ.‏

منديلْها‏ على ‏وش‏ ‏الميّة

‏                  مِـستنّى ‏تمـدْ‏:

‏إيدك‏، ‏تسحبْـها‏ ‏تروحْ ‏فيـها‏،‏

‏ ‏ولا‏ ‏مينْ‏ ‏شـَافْ ‏حـدْ‏.‏

 (2)

ماتكونشى ‏يا‏ ‏واد‏ ‏الندّاهة‏‏؟‏  ‏

‏ ‏حركات‏ ‏الجنّية‏ ‏اياها‏؟

…………

أنا‏ ‏خايف‏ ‏مـِاللـِّى ‏مانـِيشْ ‏عارْفُهْ‏.‏

أنا‏ ‏شايفْ‏ ‏إِللِّى ‏مانيش‏ ‏شايفُــهْ.‏

وتـْلاحِـظْ ‏خوفى ‏تْـطَـمّنى‏.‏

وتقولّى ‏كلام‏، ‏قال‏ ‏إيه‏ ‏يعنى:‏

ماتبصّش‏ ‏جوّهْ ‏بـزْيادة‏، ‏

‏ ‏خلّــيك‏ ‏عالقَــدْ‏.‏

شوف‏ ‏حركة‏ ‏عودى ‏الميـّادَة‏،‏

‏شوف‏ ‏لــون‏ ‏الخدْ

(3)

وأحس‏ ‏بهمْس‏ ‏اللى ‏معاها‏،

‏أنــوِى ‏أَقــرَّبْ.‏

وأشوف‏ ‏التانية‏ ‏جُــوَّاهَـا‏،

‏أحلى ‏وأطيبْ‏.‏

والخوف‏ ‏يغالبنى ‏من‏ ‏ايـّاهـَا‏،

‏لأْ‏، ‏مش‏ ‏حَـاهـْربْ‏.‏

والطفلة‏ ‏تشاوِرْ‏ ‏وتعـافرْ، ‏

‏ ‏بتقـّربْ‏، ‏ولاّ‏ ‏بـْتـِتاَّخـِرْ؟

وانّ‏ ‏مدّيت‏ ‏إيدى ‏ناحيتها‏، ‏بتخاف‏ ‏وتكشْ‏.‏

والتانية‏ ‏تنط‏ ‏تخلــّـيها‏: ‏تـهـْرَبْ‏ ‏فى ‏العـِشْ.  ‏

دى ‏غيامةْ‏ ‏كــِدب‏ ‏وتغطــيّة‏، ‏ومؤامرة‏ ‏غِشْ‏.‏

(4)

وماصـدّقشى،‏

ولا‏ ‏اسلّمشِى،‏

أنا‏ ‏واثق‏ ‏إنها‏ ‏ما‏ ‏مَـتِـتْـشٍى

أنا‏ ‏سامع‏ ‏همس‏ ‏الماسْكِـتْشِـى ‏

مش‏ ‏حاجى، ‏لو‏ ‏هيه‏ ‏ما‏ ‏جَاتْـشِى‏.‏

‏(5)

– ‏جرى ‏إيه‏ ‏يا‏ ‏أخينا؟‏ ‏عَـلى ‏فـِينْ‏؟‏ ‏

‏  ‏حَاتْـصـَحّى ‏النايـِمْ‏؟‏ ‏بـِـضمانْ‏ ‏إيه‏”‏؟‏

‏جَـرَى ‏إيهْ؟

مش‏ ‏عاجـْبـَك‏ ‏رسمى ‏لـِحـَواجـْبى، ‏ولاَ ‏لُـونْ‏ ‏الُّروجْ‏؟

‏ ‏مش‏ ‏عاجبك‏ ‏تذكرةِ ‏الترسو‏، ‏ولا‏ ‏حتى ‏اللوجْ‏‏؟

ما‏ ‏كَفاكشِى ‏زْوَاق‏ ‏البابْ؟

هيّه‏ ‏وكالة‏ ‏من غير‏ ‏بّوابْ؟

أنا‏ ‏مش‏ ‏ناقصة‏ ‏التقليبهْ‏ ‏ديّــةْ،‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏جوّاىَ “‏الْـمِشْ‏ ‏هيّةْ”،‏

ولاَ‏ ‏فيه‏ ‏بنّـوتــة‏ ‏بـْمَـرايلْهـَا‏،‏

ولا‏ ‏فيه‏ ‏عيّـل‏ ‏ماسك‏ ‏ديلهاَ‏،‏

(6)

إوعى ‏تخطّى، ‏أبْعـَدْ ‏منّى، ‏حاتْلاقى ‏الهِـِوْ.‏

البيت‏ ‏دا‏ ‏ما‏لوهْشـى ‏اصْـحـَاِبْ‏.‏

دُولْ‏ ‏سـَافروُا‏ ‏قَـبـْلِ‏ ‏ما‏ ‏يـِيـِجـُوا‏.‏

‏من‏ ‏يوم‏ ‏ما‏ ‏بنينا‏ ‏السدْ.‏

‏‏السد‏ ‏الجوّانى ‏التانِى‏.‏

وانْ‏ ‏كان‏ ‏مش‏ ‏عاجبكْ‏، ‏سدّى ‏البرّانـِى‏.‏

تبقى ‏فقست‏ ‏اللعبة‏،‏

ومانيـِشْ‏ ‏لاعبةْ‏.‏

(7)

دوّر‏ ‏على ‏واحدة‏ ‏تكون‏ ‏هبْلهْ‏،‏

بتْسوُرَقْ ‏مِنْ‏ ‏حَصْوِة‏ ‏نِبْلهْ‏.‏

تديلك‏ ‏قلْب‏ ‏الخسّاية‏!!‏

ومالكشِى ‏دعوة‏ ‏بْجُوّايَا

               …..‏.‏

يا‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏نفـِسى،‏

بس‏ ‏ياروحْ‏ ‏قلبى “‏ما‏ ‏يُحْكمشِى‏”.‏

وبعد

هل يقبل الطبيب (المعالج) النفسى أن يغامر بعلاقة فيها كل هذه الألعاب والحوارات، والمحاولات، والتراجعات، والإقدام، لكن كل هذا مطلوب إذا صدق العلاج وسمح لمستويات الوعى كلها أن تتجادل( فهو النمو والإبداع “ربنى كما خلقتنى”، “اجتمعا عليه وافترقا عليه”.

أثناء مراجعتى لهذه القصيدة شعرت بصعوبة ما أرادت توصيله، وخشيت أن يكون الشرح قد طمس نبض الشعر وأخمد تحريكه، فقررت الاقدام على هذه المغامرة مع دعوة من القارىء أن يعيد قراءة القصيدة دون وصاية لشرح!!.

عذراً، وشكراً.

 ………………

………………..

 (ونواصل الأسبوع القادم)

________________

[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث كتب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، وهو (تحت الطبع) ورقيا، إلكترونيا حاليا بالموقع: www.rakhawy.net وهذه النشرة هي استمرار لما نشر من الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمىّ بمهارة فنية”.

[2] – سبق أن نزلت بعض أبيات هذه القصيدة فى الديوان (أغوار النفس)  مؤخراً 2017 بعنوان “قلب الخساية” لكننى تراجعت وعُـدْتُ أفضل هذا العنوان الأصلى “النداهة

[3] – وقد توزّع بين أربعة كتب!! (انظر هامش 74)

[4] – يوسف إدريس “النداهة”، سلسلة “رواية الهلال”، دار الهلال، 1969 – القاهرة.

 

10 تعليقات

  1. صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف : ….هل يقبل الطبيب (المعالج) النفسى أن يغامر بعلاقة فيها كل هذه الألعاب والحوارات، والمحاولات، والتراجعات، والإقدام، لكن كل هذا مطلوب إذا صدق العلاج وسمح لمستويات الوعى كلها أن تتجادل( فهو النمو والإبداع “ربنى كما خلقتنى”، “اجتمعا عليه وافترقا عليه….
    التعليق : هذا التساؤل الذى عقبت به حضرتك على قصيدة ” قلب الخساية” ( هذا الاسم أحب واقرب عندى من اسم النداهة) أراه إجمال عميق لكل ما أوردته من شروحات للقصيدة ،والواقع يا مولانا أننى لا أراها شروحات بقدر ما هى عندى ” عرض لمدرستك العلاجية ” ،فقد فرحت جدا بوجودها هنا فى متن كتاب المقابلة الكلينيكية ،بعد أن كانت فى كتاب قراءة فى عيون الناس ،ولا أخفيك سرا يا مولانا أننى حين قرأتها هناك فرحت بذكائى وقدرتى على تلقى ابداعك العبقرى ،الذى تصورت آنذاك أنه يصف تشخيصات الأمراض بالشعر ،وطبعا قلت وقتها هنا يحدثنا عن الشخصية النرجسية ،أما الآن فقد تبين لى كم كنت وقتها : عيلة غبية وباستسهل…..غوصك هنا يا مولانا إلى عمق العلاقة بين المعالج ومريضه أيقظ محبتى واحترامى ومسئوليتى ،بل وخوفى أيضا : من ذا الذى يمكنه أن يحمل هذه الأمانة إلى العباد ؟! هل يمكننى ؟! هو أنا قدها ؟! طب ازاى ؟!

  2. عجبني جدا محاولة توضيح العلاقات البشرية عن طريق الشعر بهذه الطريقة.

    • شكرا يا مرام
      أوافقك لدرجة أننى أنتمى لكتابى (ديوان “أغوار النفس” (وإلى درجة أقل شرحه) فى “فقه العلاقات البشرية (3) قراءة فى عيون الناس”
      ربما أكثر من كثير من أعمال أخرى كثيره لى

  3. شكرا يادكتور يحيي النشرة افادتني جدا ووصلي منها معاني كتير عن الحب والعلاقات الانسانية

  4. العلاقات البشرية دايما معقدة في تكوينها، علي المستوي الاول من الانبهار والخوف اللي بيكلبشنا من القرب، ولان فطرتنا زي ما حضرتك وضحت مستجيبة ضعيفة تلقائية، فبتزق وتعند وتبعد اي حد يحاول يتعامل معاها علشان تحمي نفسها، فتعدد الشخصيات جوه كل واحد حساه اووي ميكانزم دفاعي لحماية قلب الخساية اللي جوانا من التعامل مع ناس تانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *