الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية”(12) الفصل الثالث: “التاريخ المرضى السابق” (3)

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية”(12) الفصل الثالث: “التاريخ المرضى السابق” (3)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 17-4-2022

السنة الخامسة عشر

العدد: 5342

مقتطفات من: “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”([1])

الكتاب الثانى: المقابلة الكلينيكية: بحث علمى بمهارة فنية” (12)

استهلال:

نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب وآمل أن تُقْرأ نشرة أمس قبل متابعة نشرة اليوم التي سنقدم فيها ما تيسر من الفصل الثالث.

          يحيى

 الفصل الثالث

التاريخ المرضى السابق (3)

(مع إشارة إلى المرض العضوى، والشخصية قبل المرض)

أولا: التاريخ المرضى السابق

………………

……………..

توصيات من منطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى:

(1) أن يتذكر الطبيب (الفاحص) طبيعة حركية الوجود البشرى بين نوبات مختلفة من بينها احتمال المرض، وبالتالى المرض، فيعتبر “التاريخ السابق” بعض تجليات هذه الحركية المفرطة فى اتجاه النشاز، فنواكبها لنعمل على احتوائها.

(2) أن يضع فى الاعتبار أن التاريخ السابق هو مؤشر مهم لكل من: “التكهن” Prognosis  و”المآل” Outcome على خلفية من الحركية والتفاؤل مهما بلغت شدة المرض.

(3) أن يضع فى الاعتبار –بالتالى- احتمال أن النوبة السابقة ليست وشْماً – على طول الخط،أو دليلا سلبيا على التكهن أو المآل، بل إن بعض المآلات قد تكون إيجابية، فى اتجاه إطلاق مسيرة النمو = الإبداع الذاتى أو غيره، برغم أن ذلك لا يحدث إلا نادرا، وفى ظروف مناسبة  أو مع علاج من منظور النمو المستمر، والنبض الخلاّق المـُجدِّد.

(4) أن يكون السؤال عن التاريخ السابق مرتبطاً بالسؤال عن التاريخ الأسرى، لأن ما يُورّث ليس هو نوع المرض بقدر ما هو “زخم الحركة” و”طبيعة نمط نبضات الإيقاع الحيوى” الذى لا يجرى بنفس التواتر ولا بنفس التأثير، ولا بنفس العواقب عند كل الأجيال مثل بعضهم البعض، وباعتبار أن المخ هو مفاعل([2]) للطاقة والمعلومات، (ونضيف: من خلال الإيقاعحيوى) فإن نوعية عمل هذا المفاعل تتبع قواعد عامة مُنَظَّمَةٌ، لكن تفاصيل حركيته تختلف من عائلة إلى عائلة، إلى الأجيال اللاحقة ويورَّث نمطها أيضا من حيث المبدأ، ليكتمل تشكيله مرضا أو عكسه حسب المحيط التربوى فالنمائى.

(5) أن يُطمْـئـِنُ الفاحصُ الأهلَ أن هذا الربط (بين التاريخ العائلى، والتاريخ السابق) ليس وصمة لا للمريض ولا لأهله، وأن ما يورَّث فى حالة المرض ليس بالضرورة سلبيا على طول الخط، وإنما هو صورة من صور تمادى عملقة الطبيعة لأطوار بذاتها لم تكتمل إيجابيتها لإعادة التشكيل، فانقلبت (ولو مرحليا) إلى درجة نشاز مزعج، فهو المرض.

(6) أن يتذكر أن مهمته هى الحفاظ على استمرار النقلات لكن بجرعاتها المناسبة إلى غايتها الإيجابية، بعد ضمان اختلاف العوامل التى شوَّهَت فاعلية الإيقاعحيوى، والجدل النمائى، وفرص الإبداع، وحركية العلاقات، وقد ألمحنا إلى ذلك فى التاريخ الأسرى.

(7) أن نحصل من التاريخ السابق على تفاصيل نوع العلاج الذى أعطى للمريض، وما كان يتميز به،  وما كان ينقصه، وما يمكن أن يـُتعلم منه، وما يمكن أن يضاف إليه، باحترام شديد لكل المحاولات السابقة مهما كانت نتائجها.

(8) أن نضع فى التخطيط العلاجى ومراحله، وبالذات بالنسبة للتوقيت لخطوات العلاج، والتكامل العلاجى، كل المعلومات التى تم الحصول عليها من التغيرات التفصيلية سواء فى المرض، أو فى أسلوب العلاج.

(9) أن يهتم الطبيب (الفاحص) بمدى الامتثال Compliance  الذى التزم به المريض فى النوبات  السابقة، وأيضا مدى التأهيل الذى أتيح له بعدها، حتى يمكن تجنب السلبيات المحتملة، وألا يكتفى بالامتثال لتعاطى الأدوية فحسب، بل يمتد بالانتقال إلى التأكيد على تنفيذ برامج التأهيل إلى ما يدعم تكاملها – ما أمكن – مع دورات الإيقاع الحيوى الطبيعية، مثل إيقاع الصلاة، وإيقاع النوم، وإيقاع العمل تناوبا مع إيقاع اللعب ..والراحة الخ ..الخ.

تذكرة:

أود الآن أن أوضح كيف يختلف التفكير إذا تبنى  الطبيب فكرة استمرار الحركة، فلا يدرس الماضى على أنه ماضٍ صرف، وإنما يدرسه على أنه  “حاضر كامن يمكن أن يتكرر”، وكما سبق التنبيه إلى أنه “لا يُصلح العطار…ما أفسد الدهرُ”، لكن “يصلح الدهر .. ما أفسد الدهر”، فإننا يمكن تطبيق هذه المقولة على فكرة “مواكبة الحركة” لتعديل مسارها “فى دوراتها اللاحقة”، وخصوصا الآنية منها (هنا والآن) ، بالمشاركة الجدلية بين مستويات الوعى([3]) (الأمخاخ) المتعددة بالعرض، والممتدة فى الطول، وهكذا يصبح دور الطبيب جزءًا من حركية الطبيعة وإيقاعات الدهر الإيجابية، وشتان بين ذلك وبين الطبيب صاحب سوبر ماركت العقاقير، مهما حَسُنْتْ بضاعته.

………………..

………………

(ونواصل الأسبوع القادم)

_______________________________________

[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث كتب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، وهو (تحت الطبع) ورقيا، إلكترونيا حاليا بالموقع: www.rakhawy.net وهذه النشرة هي استمرار لما نشر من الكتاب الثانى: “المقابلة الكلينيكية: بحث علمىّ بمهارة فنية”.

[2] – مع تحفظ لاحق عن كون المخ  مجرد مفاعل للطاقة فهو يتجاوز ذلك.

[3] – هذا يتضمن فى تناول ظاهرة “التناصّ”  Intertexuality بين الطبيب والمريض.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *