الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / متى تأتينا حكومة تكتب “ذلك” فى الصحف؟

متى تأتينا حكومة تكتب “ذلك” فى الصحف؟

 12-9-2012

تعتعة الوفد

متى تأتينا حكومة تكتب “ذلك” فى الصحف؟

سأل الولد أباه: لماذا يا أبى يرفض عبد المعز أفندى أن يصرح فى الفصل أنه مسموح لى أن أقابل صاحبى وائل ونحن عند ربنا، قال أبوه: وائل؟ ابن “طنط” سعاد؟ قال الولد: نعم، قال أبوه، ومن قال لك أنكما لن تلتقيا هناك، قال الوالد: قلت لك عبد المعز أفندى، لماذا لا تسمعنى يا أبى؟ قال أبوه: ومن هو عبد المعز أفندى؟ قال الولد: مدرس العربى، قال أبوه: ومن الذى عين عبد المعز افندى ضابط أمن رحاب الله؟ قال الولد: انت يا أبى الذى قلت لى أن اسمع كلامه لأنه يعرف فى الدين أكثر منك، قال الأب: آه صحيح لأنك كنت تسألنى عن قواعد فى الصلاة والوضوء وهو المختص فى هذه الأشياء. قال الولد: وهل لقاء الأصدقاء الذين يحبون بعضهم بعضا هى من ضمن هذه الأشياء التى تحتاج اختصاصا؟ ألم تقل لى أننا سندخل الجنة وأنت لست مختصا؟! قال الوالد: هل أنا قلت لك أننا مبشرون بالجنة، إن المبشرين بالجنة معروفون وهم يعدون على الأصابع وأنا لا أعرف حتى أسماءهم، قال الولد: وهل يمكن يا أبى أن ترجو المختصين أن يسمحوا لوائل أن يدخل معنا الجنة؟، قال الوالد: إعمل معروفا، ومن أدرانا أننا سندخل نحن الجنة؟ قال الولد: عبد المعز أفندى يقول إننا سندخلها لأننا مسلمون، قال الوالد: آه صحيح، لكن لن يدخل أحد الجنة إلا برحمة ربنا، قال الولد: ولماذا لا تشمل رحمة ربنا وائل صديقى، قال أبوه: سوف تشمله حين يكبر ويقرأ ويعرف الدين الصحيح ويدخله، قال الولد: ولكن لنفرض أنه لم يعرف إلا أن دينه هو الصحيح كما قال له أهله، وكما قلت أنت لى عن ديننا؟ فهل يدخل النار؟ قال الأب: ما هذا يا ولد؟ أهو تحقيق أم ماذا؟ قال الولد: هذا ما فهمته من حضرتك، وكذلك من عبد المعز أفندى فى الفصل، قال الوالد: الله يخرب بيت عبد المعز أفندى هذا، أقصد الله يسامحه. قال الولد: عبد المعز أفندى رجل طيب وأنا أحبه وهو يقول هذا الكلام فى الفصل فقط، لكنه يقول كلاما أطيب بينى وبينه، فقد صرح لى أنه يخاف أن يفصلوه لو قال غير الذى يقوله فى الفصل. قال الوالد: أنا مشغول كما ترى وليس عندى وقت لهذا الكلام الفارغ، إعمل معروفا واذهب عنى واسأل عبد المعز أفندى ما دمت تحبه هكذا، أو اسأل أمك: هل أنا المخطىء أننى أنجبتك مسلما؟ وأن طنط سعاد ليست مسلمة؟ قال الولد: أمى تقول إنك السبب أننى ولدت مسلما، وأن هذا هو الذى سيجعلنى أنا واخوتى ندخل الجنة، قال الوالد: الحمد لله أنها اعترفت أخيرا بفضلى فى الآخرة. يارب تعترف بفضلى عليها وعليكم، فى الدنيا قبل فوات الأوان، قال الولد: وماذا فعلت يا أبى حتى أولد أنا واخوتى مسلمين لأفعل مثلك فى المستقبل؟ قال: ماذا جرى لعقلك يا ولد، قال الولد: عقلى أنا؟ قال الوالد: إذن عقل من يا قليل الأدب، قال الولد: أنا آسف يا أبى والله العظيم آسف، لكن ربنا هو الذى خلق لى هذا العقل الذى يطرح علىّ هذه الأسئلة فأطرحها عليك وعلى عبد المعز أفندى، قال الوالد: لو استعملت عقلك استعمالا صحيحا لحمدت الله وشكرتنى على أننى أنجبتك مسلما، قال الولد: شكرا يا والدى والحمد لله، ولو أننى لا أعرف كيف عملتها لى ولأخواتى هكذا بالجملة، قال الوالد: هذا بفضل والدى أنا أيضا، لقد ولدت مسلما أبا عن جد، وهكذا جئت إلى هذه الدنيا على الدين الصحيح والحمد لله، قال الولد: وكيف عرفت يا أبى الدين الصحيح قبل أن تولد؟ قال الوالد: لا لا!! لا لا!!، لقد زوّدتها بجد، أغرب عن وجهى قبل أن ألقيك من هذه النافذة، قال الولد: آسف يا أبى، والله العظيم آسف، لن استعمله ثانية؟ قال الوالد: لن تستعمل ماذا يا غبى؟ قال الولد: لن استعمل عقلى مع حضرتك ثانية، قال الرجل: ليس هذا عقلا، بل إنه الشيطان، أو لعله وائل صاحبك، أو أهله، أنا ألاحظ أنك تزورهم كثيرا هذه الأيام، إذهب يا ولد اذهب واستغفر، قال الولد: استغفر على ماذا؟ هل عملت ذنبا؟ أليس ربنا هو الذى خلق لنا العقل لنستعمله؟ قال الرجل: تستعمله فيما هو صحيح يا حمار، دون أن تتجاوز حدودك، قال الولد: حاضر يا أبى حاضر، سوف أستعمله دون أن أتجاوز حدودى التى لا أعرفها، قال الوالد: نعم هكذا يكون الكلام، قال الولد: أنت لم تفهم ما قلته الآن يا والدى، قال الوالد: بل أنا أفهم أكثر منك ألف مرة، والحمد لله أنك عرفت أن الصحيح هو الصحيح، قال الولد: ربنا يخليك لنا يا والدى.

*****

قالت البنت لأخيها: ماذا فعلت بأبى؟ إنه يكاد لا يطيق رؤيتى، أعنى رؤيتنا، قال أخوها: والله مالى دعوة قالت: لكنه بدأنى بعد أن أعطانى مصروفى بأن طلب منى ألا أسأله اية أسئلة على الإطلاق، وأضاف: “مثل أخيك الذى جُنّ”، قالها بغضب شديد حتى تصورت أنه سوف يمنع عنى مصروفى إذا أنا سألته حتى عن صحته، قال أخوها: بالله عليك هل قال اننى قد جننت فعلا؟ قالت: أى والله، قال: ألم تسأليه كيف عرف ذلك؟ قالت: سألته ورد علىّ ردا غريبا، قال أنك استعملت عقلك، قال الولد: هل رأيتِ أنه يشترط حتى لا نتصف بالجنون ألا نستعمل عقولنا، قالت البنت: أنت المخطئ لماذا شغلت عقلك أمامه، قال الولد: وهل العقل عضو قليل الأدب لا نستعمله إلا فى السر؟ قالت: لا أقصد، لكن طبعا لا يجوز، قال الولد: ما هذا الذى لا يجوز؟ ماذا تقولين؟ قالت: لا يجوز أن تشغل عقلك أمام أبينا بالذات فهو رجل طيب قال: لست فاهما، إذا كان عبد المعز أفندى لم يخرجنى من الفصل حين سألته نفس الأسئلة لكنه أسرّ لى بكلام طيب فى حجرة المدرسين، هل منزلنا يعتبر مكانا عاما أكثر من حجرة المدرسين؟ قالت: يبدو أن أبى على حق، فأنت تقول كلاما فارغا طول الوقت، قالت: انت تحكمين علىّ حتى دون أن تعرفى الموضوع أصلاً، قالت لا أريد أن أعرف، أنا لست ناقصه أسئلتك الغبية. قال الولد: هل وصلتكِ العدوى؟ قالت: عدوى ماذا؟ قال: لا شىء.

*****

قال الولد لأمه: وأنت يا أمى؟ قالت الأم: أنا ماذا يا حبيبى؟ قال: كيف ستزورين طنط سعاد وهى ستكون فى الناحية الثانية قالت الأم: الناحية الثانية أين يا حبيبى، قال: عندما نكون عند ربنا، قالت: من قال لك هذا الكلام الفارغ إن الأحباب فى الدنيا سوف يظلون أحبابا فى الآخرة، قال الولد: هل انت متأكدة؟ قالت: طبعا، وإلا فأنا لا أعرف عدل ربنا كما ينبغى، قال الولد: فلماذا لا يكتبون ذلك فى الصحف؟ قالت الأم: يكتبون ماذا؟ هل جننت؟ قال الولد: يا خبر!! هل اتفقت مع أبى أننى جننت لمجرد أننى أطلب إعلان عدل ربنا، قالت الأم: أنت تطلب أن يكتبوا فى الصحف عن عدل ربنا، هل عدل ربنا ناقص إعلانا، قال الولد: وفيها ماذا؟ أليس من المحتمل أن يقرأ هذا الخبر من يهدد عبد المعز أفندى بالطرد إذا قال فى الفصل ما قاله لى فى حجرة المدرسين؟ أو ربما يقرأه أبى فلا يتهمنى بالجنون، قالت: أما أبوك، فأنا أعرفه، دعه وشأنه، ولكن من هو عبد المعز أفندى هذا؟ قال: مدرس العربى الطيب الذى أحبه، وأحترمه، قالت: وهل هو الذى خرب مخك؟ قال الولد: يا أمى أنا مخى مثل مخك، ومثل مخه وهو يحدثنى فى حجرة المدرسين دون الفصل، ألم تقولى الآن أنك ستلقين “طنط” سعاد هناك لأن الأحباب فى الدنيا أحباب فى الآخرة، قالت الأم: نعم نعم، ولكن!! قال الولد: لكن ماذا؟ هل ستتراجعين، قالت: أبدا، ولكن هل الأمر بيدى؟ قال الولد: إذن بيد من؟ قالت: بيد ربنا.

قال الولد: الحمد لله، فهو سبحانه العدل حتى لو لم يكتبوا ذلك فى الصحف، متى تأتينا حكومة تكتب ذلك فى الصحف!!؟

قالت الأم: تكتب ماذا يا ولد؟

قال الولد: آسف، لا شىء!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *