الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ماذا حدث لقِيَم المصريين؟! (2 من 2)

ماذا حدث لقِيَم المصريين؟! (2 من 2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 26 -4-2020

السنة الثالثة عشرة

العدد: 4621

ماذا حدث لقِيَم المصريين؟! (1) (2 من 2)

مقدمة:

نشرنا أمس الجزء الأول من ها المقال وقد تضمن المأزق المعاصر الذى يمر به المصريون في مواجهة الحراك المتسارع عبر العالم المتقدم الذى لا يمكن وصفه كله بالإيجابية، قد عرضنا في هذا الجزء المجموعة الأولى من هذه القيم وتشمل القيم السلبية التي تتسحب إلى مجتمعنا وثقافتنا وهى سابقة التجهيز سطحية التطبيق وتشمل قيم الاستهلاك وقيم السوق والديمقراطية الورقية وحقوق الإنسان المكتوبة …الخ

كما تشمل المواقف والمبادئ التي تجمدت في موقعها برغم انتهاء عمرها الافتراضى مثل قيم القبيلة والتعصب، وأخلاق القرية السلبية والشطارة العشوائية والثللية والوساطة

وأيضا عرضنا لقيم الشطارة والمؤامرة الحرفية، وكذلك شملت النشرة إشارة إلى السلطوية الرئاسية، وقيم المواقع الزائفة، والمكاسب المالية المتراكمة، والمناصب الطبقية المتوارثة، وأخيرا فقد شملت قيم الفخر بالكسل واللاعمل والترويع بممارسة كل ذلك بذكاء مصرى خاص

نشرة اليوم: سوف تتناول المجموعة الأخيرة: وهى قيم حسنة السمعة لكنها تحتاج أيضا للمراجعة.

 (المجموعة الثالثة)

قيم حسنة السمعة … ولكن

القيم الثوابت (بغير وجه حق)

مع حركية تغير منظومة القيم، نرصد فى الشخصية المصرية (ربما عند الأكبر فالأصغر) تمسكا ببعض القيم التى تحتاج إلى إعادة النظر فى السياق التاريخى الذى أفرزها، وإلى ضرورة تطويرها. مهما كانت الصدمة أو النتيجة.

كثير مما شاع على أنه قيمة إيجابية فى وقت معين فى سياق معين، لم يعد كذلك بل لعل بعضه انقلب إلى أن يكون رذيلة. (عكس الحال فى المجموعة الأولى التى اكتسبت فيها الرذائل أسماء الفضائل!) إن الشخصية المصرية – التى لا ينقصها الإعاقة، إذْ تتمسك بما رسخ من هذه القيم حتى تثَّبتها تثبيتا لا يتناسب مع انتهاء عمرها الافتراضى، وانتهاء الظروف التى نشأت فيها تستسلم إلى وهم زائف من التقدم لأن نتيجة التوقف والجمود تُفقد هذه القيم التى كانت لها مكانتها المتميزة فائدتها وقوة دفعها حتى تصبح ثقلا مربوطا فى أقدام أى تطور. وفيما يلى نعرض لبعض هذه القيم كأمثلة:

1- قيمة “الثبات على المبدأ”

حكاية “يحيا الثبات على المبدأ” هذه تبدو فضيلة (قيمة) تصل إلى أن يهتف بها المتظاهرون، ويعاير من يخالفها بأنه متقلب، أو غير وفى، أو حتى خائن لعهده، مع أن الأصل فى حركية النمو، فردا ومجتمعا هو أن يكون “المبدأ” غير ثابت يتحرك ويتحور مع تطور الزمن وتغير الأحداث، وبالتالى فالثبات عليه هو تثبيت له دون مبرر موضوعى. إن الدعوة لعدم الثبات على المبدأ هى دعوة للإبداع، وما نهى عنه بألا نتبع مبدأ “هكذا وجدنا آباءنا”، هو أمر مفتوح يسرى على كل شئ. كل مبدأ لا يستحق التقدير إلا أن يكون قابلا للتجديد، خاصة بعد أن يكون قد حقق أهدافه المرحلية.

الشخصية المصرية تتمادى فى هذه الوقفة عند الثبات على المبدأ وهى تؤكد أن الذى تعرفه أحسن من الذى لا تعرفه (اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش)، وهى تخشى المفاجآت حتى من أى قادم (يا قاعدين يكفيكوا شرالجايين) هذه الأمثال القديمة ما زالت حية فاعلة حتى تبدو لى الحركة التى يقوم بها ناسنا فى بعض الأحيان ليست إلا حركة فى المحل (محلك سر) بشكل أو بآخر. هذا الجمود الذى يصف الشخصية المصرية بشكل غالب، قد يسمى أحيانا هدوءا أو تعقلا أو صبرا، لكنه فى أغلب الأحيان دليل على فقر الإبداع إن لم يكن فقده. المبادئ الرائعة رائعة، لكنها تزداد روعة حين تكون قادرة على توليد ما هو أروع منها.

2- قيمة ‏الطيبة (والبراءة)

المشهور عن المصرى العادى أنه طيب، هذا المشهور كادت تعريه بقسوة أغنية مصرية بسيطة مشهورة أيضا (بدرجة أقل) يرددها بعض الشباب فى بعض الرحلات (زمان على الأقل)، الأغنية تبدأ بأن يقول البعض (أو أحدهم) “فلان ده طيب” فترد المجموعة: “دا لا هو طيب ولا حاجة داهبل وعبيط، (بل إنها تضيف ولا مؤاخذة: “وريالته نازله على صدره أربع قراريط”). تقترن الطيبة أحيانا بصفات قد تتداخل مع ما نسميه “البراءة”، سواء براءة الأطفال أوْ ما نطلق عليه “على نياته”، كل هذه الصفات لها مكانها فى سياقها، لا أكثر ولا أقل. التساؤل هو: هل ما زالت الشخصية المصرية جديرة بأن توصف بالطيبة سواء بالمعنى الإيجابى أو السلبى؟ الجواب عندى أن نعم، هى توصف بالطيبة بالمعنى الإيجابى والسلبى معا، وإن كانت الطيبة الإيجابية قد تراجعت قليلا أو كثيرا، فإن الطيبة السلبية قد أخذت أشكال اللامبالاة والاستسلام والانسحاب والأنامالية وفقد الطموح والعجز، الأمر الذى ينبغى أن نتداركه بالبدء فى التفرقة بين الطيبة الإيجابية والسذاجة السلبية، دون التوقف عند الفخر بأن “المصرى طيب” وخلاص.

3-‏ قيمة التوافق (جدا)

 أن تكون مثل الآخرين، هذا هو أسهل الحلول لتعيش آمنا فى مصر، وهو حل يلقى قبولا من الانسان المصرى حيث يقبع فى داخله أمران: الأول يبدو إيجابيا (وهو لا شعورى غالبا) تحت زعم أنه واثق من جذوره التاريخية التى تميزه، وأن هذا التشكل الظاهر لن يمس شخصيته الأصلية بتغيير جوهرى. والأمر الثانى هو احتمال أن المصرى تابع مطيع كسول بطبعه، يخاف التغيير، أو ينتظره من خارجه، وهو لا يقدم عليه إلا مع موجة غالبة، أو موجة تعد بأن تكون غالبة، سواء كانت هذه الموجه تسير فى اتجاه سلبى أم إيجابى، سلفى أم ثورى، حقيقى أم زائف.

الذى يحتاج للمراجعة هو: متى يكون التكيف مع الأغلبية قيمة إيجابية، ومتى يكون قيمة سلبية، وبالعكس : متى تكون المخالفة إلى العكس المطلق تأكيدا للذات؟ ومتى تكون نفيا للذات؟

الإبداع، هو المخرج الحقيقى من هذا المأزق، وليس الخُلْف.

هذا بالذات هو ما نفتقر إليه فى مصر، وباضطراد حيث مازالت قيمة الإبداع الحقيقى، وخاصة إبداع الذات. باهتة وتزداد ضموراً فى كل مجال.

4- قيمة ‏الانتماء إلى الحق (الخاص)

 من حق كل واحد منا (من المصريين والناس عامة) أن يتصور ويأمل  فى أن يكون على حق، لا أحد يقبل، ناهيك عن أن يختار، أن يكون على باطل. كلما كنت على رأس مجموعة من الناس، أو رأس سلطة ما، كان الحق معك أكثر!!، يصح ذلك إذا كنت على رأس الدولة، أو على رأس الجامعة، أو على رأس الشركة، أو على رأس العائلة إلخ. فى مصر، غالبا ما يكون الحق هو الذى عليه الرئيس (أو الأغلبية) وهو حق ثابت طالما ثبت الرئيس.

الانتماء إلى الحق والحقيقة لا يكون فضيلة إلا بالتوجه إلى احتمالات مفتوحة، ونحن ، المصريين، أصبحنا أبعد ما نكون عن الانتماء إلى هذا التعبير الجامع “الاحتمالات المفتوحة” لأنه – غالبا – لا يوجد إلا احتمال واحد صحيح!!.

5- قيمة التسامح وقبول الآخر (بشروطك!)

 ما أسهل أن تزعم أن المصرى متسامح، بل ومتسامح جدا، مستشهدا بكيف عاش المصريون معا على اختلاف مذاهبهم وأديانهم قرون عددا، وما أصدق أن تثبت ذلك عبر التاريخ من واقع ندرة التطهير العرقى المرصود، والحروب الأهلية الممتدة، ثم قد تستشهد بعد ذلك إلى عهد قريب، وربما حالا، بنشاط تبادل المصالح، وطيب المعاشرة، وحسن الجيرة، وحرارة الأحضان….الخ

 العمق الآخر لمسألة التسامح يحتاج إلى مراجعة، خاصة فى الآونة الأخيرة. أنت تصبح متسامحا حقيقيا إذا تبنيت حقيقة ماهية الآخر وتفاصيل رأى ومعتقد هذا الآخر بجدية ومسئولية، أولا: لتراه كما هو لعلك تفهمه، تفهم الرأى وتفهم الآخر فى آن، وثانيا: لتأخذ منه ما تعدّل به رأيك ومعتقدك باحترام متبادل. أنا لا أزعم أن هذا العمق هو موجود عند غيرنا من الذين يزعمون “قبول الآخر”، الخطأ الشائع عبر العالم دون استثناء العالم المتحضر جدا، هو القبول الانتقائى الاختزالى لمن نسمية آخراً. يتطلب قبول الآخر بالمقاييس الحديثه أن تجهل، أو تتجاهل، أنه “آخر” بكل أبعاده وأغواره، أى أن تغمض عينيك عن حقيقة وعمق الاختلاف. يظهر ذلك – مثلا- من خلال الفخر المعلن – ثم الدعوة الملاحقة- بإلغاء خانة الدين من الأوراق الرسمية، هذا الإجراء فى ذاته يبين كيف نعجز عن أن نقبل الآخر حتى على الورق!! إلا بإخفاء بعضه. قبول الآخر الحقيقى يتطلب عكس ذلك تماما. موقف التعصب لا ينشأ من قراءة اسم مواطنك (أو أى شخص) وأمامه ديانته. إن الفخر بقبول الآخر لا يكون فخرا جديرا بالاحترام بمجرد حذف جزء من هذا الآخر (الحل النعامى)، ثم التفويت لكثير من تفاصيل موقفه (تأخذه على قدر عقله وأحيانا: على قدر دينه). ماذا يتبقى بعد ذلك من الآخر حتى تقبله بعد أن حذفت من وعيك ومعلوماتك غوره الموقفى والدينى الحقيقى،

6– قيمة ‏التضحية (المزعومة غالبا)‏‏

 يقال إن المصرى يتسم بقدرته على التضحية من أجل الآخرين، وبعض ذلك صحيح، خاصة بالنسبة للأم المصرية. المبالغة فى هذه القيمة دون تحفظ يغفل أن التضحية قد تعنى من عمٍق ما إلغاء الذات، والذات لا تلغى أصلا إلا أن تلتهم الأخر فتخفيه، أو أن تختبئ فى الآخر لتعوقه. من هنا جاء التحذير من اعتبار هذه القيمة فضيلة على إطلاقها. هذا لا يعنى أننا نحذر من التضحية أو ننكر فضلها، لكن علينا أن نبحث فى الثمن المعلن والخفى الذى يختفى فى ثنياتها للمضحِّى والمضحَّى من أجله على حد سواء.

7- قيمة “فض الاشتباك”: بين الناس، وقيصر، والله”

 كثيرون هم الذين يعيشون ويرددون قيمة أن “الدين لله والوطن للجميع” فرحين مزهوين طول الوقت، وهم -عادة- من أطيب الناس وأذكاهم وأكثرهم وطنية، ومع ذلك فلا مفر من مراجعة الشعار بجدية جديدة. ظهر هذا الشعار فى موقف تاريخى معين (لعله كان ثورة 1919) فى مواجهة محتل يلعب لعبة “فرق تسد”، وربما يكون هذا الشعار قد أدى واجبه فى حينه، لكن أن يظل هكذا راسخا فى وعى ناسنا طول هذا الوقت وكأنه الحل الأمثل، فهذا ما يحتاج إلى مراجعة. المتدين الحقيقى يعرف أن الأمر كله لله، (حتى بنص الآية الكريمة)، وحين يكون الأمر كله لله، يكون الوطن لله، والجميع لله، وليس معنى “أن الوطن لله، هو أن دينا” معينا سوف يحتكر الوطن، ويسجله فى الشهر العقارى، ليصبح أهل هذا الدين هم أولياء أمر إدارة الوطن لحساب الله. أما أن الوطن للجميع فهذا تحصيل حاصل، وتأكيد هذه القيمة لا يضيف ما يضمن تطبيق ما نريده من إرساء العدل واحترام بعضنا البعض.

 من نفس المنطلق، وبنفس الدعوة للتأمل، يمكن أن نتوقف أمام قيمة أخرى تبدو دعوة لفض الاشتباك أيضا وذلك فى استعمالنا الهروبى: لمبدأ أن ندع “ما لقيصر لقيصر، ومالله لله”، الآية وردت فى سياق آخر، الحقيقة أن قيصر ليس له شىء يختص به دون الله رضى أم لم يرضَ، وما لله هو كل شئ  وكل واحد حتى قيصر نفسه لمن أراد أن يمتد فى الناس والزمن والتاريخ إلى ما يعد به تطوره. كل ما فى الأمر أن الله سبحانه لم يعين وكلاء عنه دون سائر البشر، الله سبحانه وتعالى هو رب كل الأديان، واللاأديان، أما قيصر فليس له شئ، حتى لو استحوذ على كل شئ.

تصحيح مسار القيم بالوعى بإيجابية برامج التطور لتنميتها

لا يمكن الإحاطة بإيجابية حركية القيم فى مقابل ثبات بعضها، وتشويه بعضها، وعكس بعضها، دون العروج إلى النظر فى مسيرة التطور واحتمالات مساره. الذين يخافون من قوانين التطور ينظرون إليه من زاوية داروينية مسطحة، أو دينية منغلقة، حركة التطور الدائمة لا تعنى أن تحل قوانين التنافس محل قوانين الجدل والتكيف، ولا أن تحل الحركة للحركة محل القيم الثوابت (مرحليا)، حركية التطور نابضة ودائمة وممتدة إلى مطلق الكون المفتوح النهاية، إلى وجه الله.

الدراسات الأحدث، حتى للداروينية المتطورة تنبه إلى أن ثمة قيم تطورية ليست تنافسية بالضرورة، بل هى عكس ذلك. هذه القيم شاركت فى بقاء النوع من جهة والتوازن الحيوى للأنواع من جهة أخرى، خذ مثلا ما ثبت من أن قيمة “الغيرية” ultruism، لم تكن قاصرة على رعاية الأم صغارها، بل امتدت إلى أفراد النوع، وإلى التوازن الحيوى للأنواع كافة.

يحتاج هذا الجزء إلى مداخلة مستقلة لاحقة تسمح ببعض التفاصيل. فأكتفى بتقديم بعض العناصر والعناوين، الأساسية وكذلك ملامح الفروض، حتى نتمكن من عودة ضرورية.

أولا: مارست الأحياء –على مر الزمن- قيما بقائية، هى التى حافظت على استمرارها، لكن دون وعى بها

ثانيا: عقول ما قبل الإنسان هى البرامج البقائية التى تحولت إلى مستويات الوعى الكامنة لدى البشر الآن.

ثالثا: حين تميز الإنسان بما يسمى “الوعى بالوعى”، وأيضا بما يسمى العقل الإرادى التخطيطى، أدرك ماهية هذه القيم، ثم أصبحت لديه القدرة على التدخل فى مسارها

رابعا: لم يكن هذا التدخل إيجابيا طول الوقت، وخاصة فى الآونة الأخيرة

خامسا: بداية تصحيح المسار تبدأ من النظر فى البرامج البقائية التى حافظت على الحياة والأحياء، وكيف أن مسيرة الإنسان الأحدث لم تستوعبها بالقدر الكافى، حتى انتهت إلى تقزيم بعضها (أو أغلبها) وتشويه بعضها، وعكس بعضها (أنظر قبلا)

سادسا: إن هذه القيم البقائية الأقدم، برغم أنها ليست إلا برامج بيولوجية راسخة، إلا أنها حين تتجلى فى وعى الإنسان حاليا، تصبح واعدة ودافعة بمسيرة التطور إلى ما هو أرقى فأرقى، إلى ما لا نعرف إلا اتجاه حركتها للأرقى (وللغيب).

سابعا: إن تشكيلات الإبداع بكل تجلياته هى أهم معالم هذا المسار الواعد، كما أن الايمان إبداع بلا حدود، هو جمّاع كل ذلك.

ثامنا: إن بعض ملامح هذه القيم الأقدم قد تظهر متفرقة فى تشكيلات بدائية أو نكوصية أو حيوانية تدهورية أو مرضية، وهى لا تكون إيجابية إلا إذا تخطت كل ذلك إلى التناغم والتجاوز بإعادة التشكيل فى اتجاه تناغم الوعى الفائق عند البشر مع الوعى الكونى توجها إلى المطلق ابتغاء وجه الله إبداعاً وتناغماً.

تاسعا: تبدو اللغة الرمزية الحالية أعجز عن إطلاق اسماء أو صفات معينة على هذه القيم الواعدة.

عاشرا: إن التوجه الأحدث لنقد الفكر الغربى، وبعض الشرقى الذى يقوم به علماء انتبهوا لكل هذه المخاطر والخدع: يتواصل فى  إرساء قواعد وأسس جديدة لتصحيح المسار ومن ذلك العلم المعرفى وعلوم الشواش والتركيبية وعلوم اللغة الأحدث وغيرها، مما يعد باكتشاف وإحياء وتطوير منظومات قيم جديدة قابلة للتحقق على أرض الواقع بنظم جديدة وعلاقات جديدة خليقة بموقع الإنسان على قمة هرم التطور الذى نعرفه.

الخلاصة

إن القيم الواعدة بتوجه حركية التطور إلى مسارها ليست مترادفات لمنظومات الأخلاق الفوقية، ولا لمواثيق حقوق الإنسان، أو مواد القانون المكتوبة، وإنما هى القيم التى تبدأ من إيجابيات التاريخ ولا تنتهى عند غيب المطلق، وهى لا تقاس إلا بناتجها التطورى للنوع كافة.

اعتبارا لكل ما سبق من صعوبة تسمية هذه القيم دون تفصيل، كنت أفضل أن أتجنب تقديم عينات لما خطر لى من قيم واعدة فى هذا الاتجاه، ومع ذلك، فقد وجدت أن ذلك قد يكون نوعا من الهرب بشكل أو بآخر، فآثرت أن أختم هذه المقدمة بأسماء بعض العينات التى قد تثير التأمل، وتسمح بالعودة مثل: قيمة (فضيلة) ‏الحيرة‏ ‏الطزاجة، قيمة الدهشة المخاطرة، قيمة ‏الحس‏ ‏النقى، قيمة الاتقان المتفتح، قيمة‏ ‏الوعى ‏الممتلئ، قيمة ‏الجهل‏ ‏المعرفى، قيمة المعرفة الفعل، قيمة الجمال الحركى، قيمة الغموض المضئ، قيمة ‏الإنصات‏ ‏النشط، قيمة التلقى ‏المبدع، قيمة ‏التأجيل المسئول، قيمة الاقتحام‏ ‏الحر، قيمة الحوار‏ ‏الجسدى الجنسى المعرفى، قيمة العمل‏ ‏البدنى الإنشائى، قيمة الإيمان الإنارة.

ولنا عودة. (ما أمكن ذلك).

****

  

[1] – مجلة وجهات نظر – يوليو 2006  

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *