لغة العيون

اليوم السابع

الأربعاء: 1-1-2014

لغة العيون

أنت شجاع يا سيادة الفريق، أنت أيها المصرى البسيط القوى العادى قد وضعت رأسك، ورأس من كان معك يوم 3/يوليو 2013 على كفك وتقدمت الصفوف وأنت تعلم أن أية هفوة فى الحسابات، أو خطأ فى التوقعات معناه حبل المشنقة، وهو الأمر الذى لا يزالون يعلنونه بصريح العبارة، وأنه سيكون أول إنجاز بعد عودة الدكتور مرسى مباشرة لا قدر الله، وهم لا يحتاجون دليلا للخيانة العظمى، ولن تستغرق المحاكمة أكثر من أسبوع، وقد ظل أبطال حركة يوليو 1952 يعلنون فضلهم أنهم عرضوا رؤوسهم للمشانق من أجلنا، وهم أيضا أبطال فعلا حتى لو كانت حركة ثم ثوّرها زعيمها.

هل تعرف يا سيادة الفريق معنى أن تلبس نظارة سوداء بعد ذلك حتى لو كانت لضرورة طبية، ولحد علمى، هذه الضرورة نادرة فى الأماكن المغلقة وذات الظل الوفير، ألا تعرف أننا نراك بدونها أقرب، وأطيب، بمعنى الطيبة المصرية القوية الواثقة.

المهم: مع اعترافى، واعتراف كل مصرى شريف يحب هذا الوطن بشجاعتك القصوى هذه، ينبغى أن تحسن الاستماع للصغير قبل الكبير، وللشىء الذى يبدو ثانويا، جنبا إلى جنب مع ما يحتل الاهتمام من عظائم الأمور، ومن ذلك معنى ودلالة، وخطورة ما يمكن أن يصل إلى الناس من هذا المنظار الأسود الذى تصر على ارتدائه وأنت تخاطبنا يا سيادة الفريق: شعبا وجيشا.

أنا لم آخذ على الرئيس الأسبق إلا نومه على السرير فى ساحة المحكمة وهو فى حالة صحية قدّرتُ – طبيا  من بعيد – أنها لا تحتاج إلى ذلك، وكتبت وقلت أن من أشار عليه بذلك، سواء كان طبيبا أم محاميا أم قريبا لاستدرار العطف، قد أساء إليه، وأنه بخبرته كرئيس سابق يعرف الأصول كان عليه أن يرفض هذا الاقتراح احتراما للمحكمة ولنفسه كما أنى عدت فأبديت رأيى فى لبسه النظارة السوداء، المرآه، فى ساحة القضاء أيضا، حتى كدت أحتج على القاضى – بينى وبين نفسى- أنه سمح بذلك لولا أنى رددت على نفسى أنه ربما يكون هذا احتراما لحكم السن، لكن لا ، إن تكوين “عقيدة القاضى” يحتاج من القاضى أن يقرأ المتهم كله وهو ماثل أمامه، بنفس القدْر الذى يحتاجه وهو يدرس الأدلة الواحد تلو الآخر، وقراءة المتهم تشمل قراءة عينيه وتعبيرات وجهه، وهزات يديه، ورعشة شفتيه ، تماما مثلما يفعل الطبيب النفسى وهو يكشف على مريضه كما وصفُتها ذات مرة : مش‏ ‏بس‏ ‏عْنيك‏،‏ تدويرة‏ْْ ‏وِشــّـك، وسلام‏ ‏بُـقَّـكْْْْْ‏ ‏عَلَى ‏خَدّك‏،‏ والهزّه‏ ‏ف‏ْ ‏دقنك‏،‏  وكلامِ ‏اللون‏ :‏اللون‏ ‏الباهت‏ِ ‏الميّتْ‏،‏ واللون‏ ‏الأرضى ‏الكـَلـْحـَان‏،‏ واللونِ ‏اللى ‏يطق‏ ‏شرارْ‏،‏ واللون‏ ‏اللى ‏مالوش‏ ‏لونْ‏،‏ وعروق‏ ‏الوشْ‏،‏ والرقبهْ‏،‏ وخْطوط‏ ‏القورة‏ْْ،‏ وطريقةْ‏ ‏بَلْعَكْ‏ ‏ريـقــكْ تشويحة‏ْْ ‏إيدك‏ْْ…‏،إلى ‏آخرُهْ‏ْ.‏

إن المريض يا سيادة الفريق الذى يحضر إلىّ وهو يلبس نظارة سوداء، وأطلب منه أن يخلعها لنتعارف ونتقارب، ويرفض، أسمح لنفسى أن ارجع له الكشف معتذرا، وينصرف، أو يخلعها.

 لعل الرسالة قد وصلت سيادتكم يا سيادة الفريق!!!، فإن شئت مزيدا من الإيضاح ، فإليك بعض ما وصفته من عيون باللغة المصرية العامية الجميلة التى تتحدث بها سيادتكم معنا، ومع الناس، والتى سأعود إلى التعليق على ذلك فيما بعد، قلت وأنا أقرأ عيون أحدهم متذكرا السويقة فى بلدنا: أهى ‏نظرة‏ ‏عينُهْ‏ ‏زىّ ‏سويقةِ‏ ‏السبتْ‏.‏ فيها‏ ‏كلّ‏ ‏كلامِ‏ ‏الدنيا‏، ‏وفْ‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ْْ. ‏فيها‏”‏رغبهْ‏” ‏على ‏”‏دعوه‏ْْ”، ‏على ‏”‏إشمعنَى‏”، ‏على‏”‏رعشِةْ‏ ‏خوفْ‏”،‏ على “‏صرخة‏ ‏طفلْ‏”، ‏على ‏حَـلَمةْ‏ ‏بزْ‏،‏ على “‏عايزه‏ ‏اختارْ‏”، ‏و‏ “‏انا‏ ‏مالى ‏ياعمْ‏”،‏ “‏مش‏ ‏عايزه‏ ‏ألمْ‏”،‏على “‏نِفْسِى ‏أعيش‏”، “‏بس‏ ‏ما‏ ‏تمشيشْ‏”،‏ “‏خلينى ‏معاكْ‏”، “‏خلينى ‏ْبعيدْ‏”،‏ وِاذَا‏ ‏قلت‏ ‏أنا‏ ‏أههْ‏، ‏أنا‏ ‏جىْ،‏ يسمعنى ‏كَمَا‏ ‏صُفارة‏ ‏القطر‏، ‏ويْخَافْ‏.‏ ‏وينط‏ ‏كلام‏ ‏العين‏ ‏جُوَّهْ‏: ‏فى ‏البطنْ‏،أو‏ ‏تحت‏ ‏الأرضْ‏.‏ وتْلاقى ‏سوادْها‏ ‏وِبَياضها‏ ‏بيجرُوا‏ ‏ورا‏ ‏بعض‏،‏ زى ‏النسوان‏ ‏اللى ‏بتجرى ‏بقففها‏.‏ ‏

وبعد

هل وصلك يا سيادة الفريق كم هو مهم أن نقرأ عينيك كما تقرأ قلوبنا إن استطعت بإذن الله؟ انت مصرى شجاع طيب واضح بسيط، فلا تجعل هذه النظارة توصل لنا غير ذلك،

 وسأعود غالبا إلى ما هو غير ذلك.

حفظك الله وحفظ مصر مستقلة ذات سيادة حقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *