الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (109) من الكراسة الأولى (1)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (109) من الكراسة الأولى (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس : 21 – 3 – 2013

السنة السادسة

 العدد: 2029

mahfouz 2

ص 109 من الكراسة الأولى

 21-3-2013

 

القراءة: (تعمدت أن أنشر الصورة اليوم دون ترجمة إلى حروف المطبعة)

توقفت أمام هذه الصفحة أكثر، وبرغم أننى استطعت أن أفك شفرة السطر الأول ربما لارتباطه بأسماء الله الحسنى التى جاء كثير منها بإشراقاتها المتميزة والمتنوعة فى الصحفتين السابقتين كما جاء فى هذا السطر: “هو الله المتعال الجبار الرحيم” ففرحت وهممت بالانطلاق لأتعرف أكثر على هذا النور واحدة واحدة، اسما اسما، كما أتاح لى شيخى، لكنى فوجئت بعدد من الكلمات بدءًا من السطر الثانى، وقفت عاجزا أمامها، واختلفت مع مساعدى أحمد السيد حولها مثلا:

فى السطر الثانى الكلمة الثالثة هل هى “لتخصيص” أم “لتمحيص” أم “لتخفيض”، ثم ما يليها هل هى “أبدا” أم “جدا“.

ثم السطر الذى يليه أول كلمتين هل هى “دار الحكمة” أم “إن المهمة

قلت أنتقل أنظر فى أسفل الصفحة فوجدت الأمور أوضح:

أنقذتنى الآية الكريمة “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ”

وبعدها

 “أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمْ ….”

وبعدها

“مفيد فوزى، آمال العمدة”

ثم

“النيل نجاشى حليوة أسمر”

قلت فُرِجَت،

 وفجأة صدمنى السطر الأخير

فلا أعرف أول كلمة هل هى “الحسنيين” أم الحسنية”

ثم حروف متفرقة (شخبطة) لم تكوّن كلمة

بصراحة توقفت، واحترت، بل وامتلأت غيظا،

 قلت أترك النص دون ترجمته إلى حروف المطبعة بكل هذه الاحتمالات

 وأطلب من القارىء يساعدنا إلى الأسبوع القادم،

 لكن يبدو أننى رفضت ذلك وخفت من التأجيل، فالتوقف.

 وزادت حيرتى حتى أغفيت دون قصد.

* * *

وقال لى: كفى، أنا أعرف ظروفك

قلت: هل لاحظت حضرتك مقاومتى الداخلية، ماذا أفعل؟

قال: كم أشرت عليك أن تكتب نظريتك،  فهى أوْلى

قلت: أوْلى من أن أصحبك هكذا؟!! وأتعلم منك كل هذا!!!؟

قال: أوْلى من كل شىء

قلت: أوْلى من أن أواصل نقد أعمالك؟؟

قال: إياك أن تهرب من تحمّل مسؤولية ما وصلك لتوصله إلى أصحابه

قلت: ومَنْ أصحابه؟ حضرتك سيد العارفين كم حكيت لك عن ما وصل إليه حال الطب النفسى عبر العالم، وما تفعله شركات الدواء بأمخاخ الأطباء

قال: لا تبالغ، ولابد من حوار

قلت: حوار ماذا؟ مع من؟ إنه فن يستعمل القلم والمعلومات

قال: لكن هذا لا يعفيك من مواصلة محاولة توصيل رسالتك الأولى، فما أتيح لك -كما بلغنى منك- لم يتح لغيرك

قلت: أنت تعرف أننى لم أكف عن مخاطبتهم أغلب أيام الأسبوع ويوم واحد ألقاك فيه هكذا، فتثير تداعياتى آثارُ قلمك مهما بلغ تناثرها، فأتعلم من هذا وذاك ما وصلك بعضه خلال عامين وست أسابيع.

قال: أنا أشكرك وأحترم كل ذلك، ولكن ليس على حساب غير ذلك

قلت: لكنه يوم واحد، يوم الخميس، يوم لقائنا منذ 11/12/1994 وحتى الآن هى هى نفس الساعات التى كنا نقضيها معا فى لقاء الحرافيش، والتى تعلمت فيها ما استطعت، ثم هأنذا أواصل صحبتنا بما تركت، وهى تعلمى الآن.

قال: لكنك أوْلى بهذه الساعات هذه الأيام، لقد تعرفنا وعندى بضع وثمانين عاما، وأنت الآن ستتم الثمانين بعد بضعة شهور “كل وقت وله أذان”

قلت: سوف أفتقدك ولن أستطيع

قال: أنا لا أريد أن أشير إلى أحلامك القديمة بإكمال نقد أعمالى، وأعمال ديستويفسكى، أليست أوْلى؟

قلت: هل اعتبر ذلك طلبا منك أن أخصص نفس الساعات لمواصلة نقد أعمالك

قال: بصراحة ليس تماما، أنا أريدك أن تكمل أعمالك أنت، علمك بالذات

قلت: أنت تعرف أن علمى ليس علما بالمعنى الذى تقدس حضرتك به العلم، وقد اهتديت أخيرا إلى أنه نوع من النقد، “لكنه نقد النص البشرى”، نص المريض ونص المعالج معا، بما يشبه التناصّ

قال: بلغنى ذلك، وفرحت به، لكن هذا سوف يسمى علماً أيضا، والناس أحوج إليه ووقتك أوْلى به

قلت: إن كنت ترى الآن أن هذا هو الصواب، مع أننى غير مقتنع به، فلماذا لم توقفنى فى البداية أو بعدها بقليل، فى الصفحة “خمسين” أو حتى الصفحة “المائة”

قال: أنا أعرف عنادك، وكنت أفرح بلقائك كما تفرح بلقائى كل خميس هنا أيضا، لكننى لاحظت أن صعوبات خطى تزداد مؤخرا، وأيضا لاحظت وفرة مفرداتى وعدم ترابطها، والجهد الذى تبذله لتلملمها، وإشارتك للكلمات غير المقروءة (ك.غ.)

قلت: لكننى لم أتوقف

قال: صحيح لم تتوقف، لكننى لاحظت مقاومتك الداخلية لرغبتك فى التوقف وبالذات مؤخرا حين انتقلت إلى تحرير خبرتك فى العلاج الجمعى فى الكتاب الخاص بذلك، وكم حكيت لى عن بعض ما يجرى فى هذا العلاج مما يستأهل فعلا.

قلت: يا خبر!! ربنا يخليك هل تتابعنى؟

قال: طبعا، هل تشك فى ذلك؟

قلت: من يقرأ لك ما أكتب؟

قال: يقرأ لى؟؟!! ألم تعلم أننى عدت أقرأ من جديد، وبلا منظار طبى أصلا

قلت: والله العظيم؟

قال: تريدنى أن أحلف لك؟ منذ متى؟

قلت: حسبت أنك ترضينى وتطمئننى بطيبتك ورقتك وعطفك وأنت تعلم كم تمنيت ذلك

قال: وأنت أيضا تعلم كم أتمنى أن تكمل أعمالك أنت

قلت: لكنك ستوحشنى

قال: هل هذا كلام؟ ألسنا معا بصفة دائما

قلت: لو كنت أعلم أنك عدت تقرأ بنفسك لعرضت عليك صفحة اليوم التى عجزت أمام كثير مما جاء بها حتى بعد التكبير إلى 500 مرة، لتقرأها لى حتى لا أتوقف

قال: الحمد لله أنك لم تعرف، ولكن هل تتصور أنه مهما بلغت حدة نظرى الآن أستطيع أن أقرأ ما بها، مع أننى أنا الذى كتبته؟ هل تتصور أننى سأفك شفرة ما عجزت أنت وصديقك أحمد السيد عن قراءته

قلت: أحمد من؟

قال: أحمد السيد

قلت: هل تعرفه

قال: طبعا، ألم تذكره عدة مرات من قبل فى هذه النشرات، وأنه نجح أن يفك شفرة الخط بضع مرات، وأنه أحيانا يشير عليك بمصادر تداعيات أخرى

قلت: إنه سيفرح كثيرا حين يعرف أنك تعرفه وأنك ذكرته

قال: أبلغه تحياتى

قلت: حاضر، ولكن ما رأيك لو انتقيت من هذه الصفحة بضعة أسطر لنشرة اليوم، ولو حتى اكتفيت بأسماء الله المذكورة، لأننى أخشى لو توقفت اليوم ألا أراك الأسبوع القادم

قال: ما هذا؟ لا أنت تستطيع ولا أنا، وإياك أن تنسى أن الصفحتين الأخيرتين أخذت منك أكثر من شهر، وشغلت خمس نشرات، وقتك يا يحيى بيه، وقتك

قلت: ما زلت تقول لى بيه أيضا؟

قال: العادة، وأنت سيد العارفين

****

وانتبهت، وأفقت،

 وقـَبـّلت يده، وقبِلت سماحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *