الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (206) من الكراسة الأولى (3)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (206) من الكراسة الأولى (3)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  8 -10-2015

السنة التاسعة

العدد: 2960

mahfouz 2

ص 206 من الكراسة الأولى (3)

1-10-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

هذه الطرق تؤدى إلى الهدى

وهذا الهدى يؤدى إلى الطريق

وغزا الجزيرة حتى جاءنى بنأ

ياليت الشباب يعود يوما فاخبره

أيها القوم المخبون فى الأرض المجدون

فكما أنتم كنا وكما نحن تكونون

إيزيس وفينوس وديانا

                   نجيب محفوظ

                    4/9/1995

القراءة (مجرد مقدمة!!):

مازلنا فى صفحة (206)

 سطر واحد هو المتبقى فى هذه الصفحة فيه أسماء ثلاث آلهه هم “إيزيس” و”فينوس” و”ديانا“!!

 يبدو أن شيخنا يأبى إلا أن يتيح لأمثالى الفرصة للتعرف على حاكمينا من البشر الآلهة أو الآلهة البشر كأنه لا يوجد فرق، وقد هممت أن أكتفى بإيزيس وحكايتها فى مصر بعد أن تذكرت موقفها كأحد قضاه محكمة “أمام العرش” مع تعريف شديد الإيجاز بالأخريتان، إلا أننى وجدتها وحدها تحتاج إلى أكثر من نشرة.

ولكن قبل أن نبدأ دعونا نقدم لمحة شديدة الإيجاز عن ما وصلنى عن علاقة نجيب محفوظ بالأسطورة.

علاقة نجيب محفوظ بالتاريخ والأسطورة علاقة خاصة ثرية مبدعة متداخلة معا، وهو حين يكتب فى هذا المجال يبدو ملما إلماما منهجيا موضوعيا بأصل ما يكتب عنه وأحيانا يصلنى أنه قرأ مئات الصفحات ليخرج منها مبدعا ثلاث أو أربع صفحات يستطيع أن يجعلها توصل لنا ما وصله مخترقا ناقدا، وقد لاحظت حرصه بالذات على الوقوف على التفاصيل الصغيرة وأبعاد الشخصيات الأسطورية والتاريخية.

 ثم إنه لا يلتزم بما يلم به إلتزام الأكاديمى المحترف بل ينطلق منه انطلاق المبدع الذى يضيف إلى شخوص التاريخ وذوات الأساطير وحيواتها ما يجددها ويقربها من ناحية، وكذلك ما يتراءى له من نقد إبداعى لها من ناحية أخرى وهو يوظف الأسطورة والتاريخ لتوصيل ما وصله من نبض الوعى الجماعى للناس فى حقبة معينة أو حقبات متتالية من التاريخ، لعله يحرك ما يقابله من الوعى الجماعى الآنى، وكثيرا ما يوظف أحداث الأساطير وبعض التاريخ ليطلق العنان لإبداعه فى مساحات أوسع وأشمل يتطلبها ثراء وزخم إبداعه الأصيل الشامل الممتد بلا زمن محدد.

وللأسطورة كما يوظفها محفوظ أرتباط بالمكان بقدر ارتباطها بالزمان، ولكن هذا لا يقيدها فى المكان والزمان بل هو يسمح باتخاذها نموذجا صالحا للاستعادة فالاستثاره بتجدد مستمر.

وقد لا تظهر الأسطورة بشكل مباشر، لكن المتلقى المتصالح مع إبداعه ومع الأساطير مع أسطورته الذاتية أيضا: يمكن أن يرصد ملامح ما هى أسطورة فى عنف النقلات أو نوبات الجنون أو تحديث ومعارضة النص الاسطورى القديم فى كثير من إبداع محفوظ مثل “ليالى ألف ليلة”، ورحلات “ابن فطومة” و”الباحث عن الحقيقة” وغيرها.

وبما أننا سوف نؤجل تفاصيل موقف “إيزيس” ونحن نناقش رواية “أمام العرش” الأسبوع القادم، دعونا بندأ بتقديم الإلهتين الأخرتين فى إيجاز اليوم.

أولاً: فينوس:

هى آلهة الحب والجمال لدى الرومان واسمها فى اليونانية الآلهة أفروديت، أعتقد الرومان أن الإلهة فينوس ولدت فى البحر وجاءت إلى شواطىء قبرص فى محارة.

كان لافرودايت ابن اسمه كيوبيد إله الحب اشتهر بسلاحه القوس الذي اذا اصاب شخصا ما يقع في الحب بشكل جنونى، أصابه سهمه ذات يوم فوقع في حب امراة اسمها بسايكى التى اصابه أيضا سهمه لكن افرودايت لم تقبلها فحاول كيوبيد إخفائها ولم يستطع .

ثانياً: ديانا:

 بعد أن استبعدت أن تطفو على سطح وعى شيخنا الأميرة الراحلة (الأمورة)، الدلوعة، وجدت أن الأقرب لوعى شيخنا فى هذا السياق هى غالبا ديانا ڤرساي ربة الصيد والغابات والتلال والقمر والتى تتمثل فى النسخة الرومانية من التمثال اليونانى الذى صنعه ليوخارس.

على أن ما شدنى فى تاريخها أنها كانت منتمية للحياة بطولها وعرضها، وليس فقط لبنى قومها ولا حتى لبنى جنسها من البشر، فقد تعهدت بالرعاية والعناية كل ما يعيش على الأرض، وكانت تسهر على الناس وقطعان الماشية الداجنة والوحوش البرية، وتبارك الزواج والولادة، ولكنها مع ذلك طلبت من والدها أن يأذن لها بالمحافظة على عذريتها كأختها مينرفا، فقبل ذلك ومنحها قوساً وسهاماً، ونصبها ملكة على الغابات، تساعدها حاشية من الفتيات، ومارست معهن الصيد هوايتها المفضلة.

 وبصراحة لم أرتح لتفضيلها العذرية وهى تحب الحياة كل هذا الحب. وعموما فقد لاقت عبادة الإلهة ديانا انتشاراً كبيراً في مختلف أرجاء الامبراطورية الرومانية، وحظيت بشعبية واسعة، وربما كان لولعها بالصيد وممارسته علاقة بأن كثيراً ما بادر الصيادون إلى تقديم الأضاحي طلباً لرضاها، لتيسر لهم حملة صيد ناجحة.

والأغلب أن شيخنا كان سيوافقنى على تحفظى على عذريتها وأيضا على فتورى أمام هذه القرابين والأضاحى طلبا لرضاها وهى التى تعهدت بالرعاية لكل ما نعيش على الأرض.

ثالثاً: إيزيس:

حتى لا أشغل النشرة القادمة بالتعريف التقليدى بإيزيس قررت أن أضيفه هنا حتى أركز على قراءة “أمام العرش” وهى حاضرة على منصة القضاء بجوار زوجها وأخيها “أزوزريس”.

إيزيس: هى الاهه مصرية قديمة تمثل صورة الام المثالية والزوجة الوفية، وهى أخت وزوجة أوزوريس وأم حورس، انتشرت عبادتها فى مصر وسوريا واليونان وروما ومن المعتقدات المصرية الجميلة هى ان نهر النيل يفيض بسبب دموعها التى تذرفها على موت زوجها أوزوريس الذى قتله أخوه ست.

وقد انتشرت عبادتها فى العصر البطلمى فى  اسكندريه، وفى السنين الأولى للديانة المسيحية كانت عبادة الالهة المصرية إيزيس منتشرة فى كل أنحاء الامبراطورية الرومانية وحتى فى العاصمة روما……الخ.

.. ايزيس كان لها معبد فى جزيرة فيلة فى النوبة استمر الكهنة هناك محافظين على طقوس عبادة ايزيس حتى القرن السادس الميلادى حين أمر الامبراطور البيزنطى (جوستينيان) بقفل المعبد بحجة انه اخر معقل للوثنية فى الامبراطورية المسيحية.

أما أسطورتها فتقول بأن الاله آتو كان عنده اربع احفاد سيت ونيفتيس واوزوريس وايزيس. اوزوريس كان ملك لمصر وكل الناس يحبونه ولذلك قتله غيرة اخوه سيت قتله من كتر الغيرة وقطع جثته ثلاث عشره قطعة، ووزعهم على كل نواحى مصر. الزوجة الوفية ايزيس جمعت أشلاء زوجها وراحت تبكى حتى استعاد الحياة، لكنه فضل أن يكون إله للموتى. وتقول بقية الأسطورة أن الابن حورس انتقم لمقتل أبيه أوزوريس وهزم عمه سيت.

وبعد

سوف نناقش الأسبوع القادم ما أثاره عندى اسم “إيزيس” فجعلنى أراجع “امام العرش” من زاوية أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *