الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (198) من الكراسة الأولى (3)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (198) من الكراسة الأولى (3)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 7-5-2015

السنة الثامنة

العدد: 2806 

mahfouz 2

نفس صفحة 198 من الكراسة الأولى (3)

7-5-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

الأصدقاء الأعداء المسيح يصلب من جديد

الشيخ والبحر، الصخب والعنف، فرانسوا

ساجان، عن الحرب والسلام، الأخوة كرامازوف

اللصوص، يوسف واخوته، البحث عن

الزمن المفقود، القلعة، الحكمة،

(ك.غ)(1)، الجريمة والعقاب، لمن تدق الأجراس ، أحلام شهر زاد ، سليمان

الحكيم، أهل الكهف، سارة، إبراهيم    

الكاتب، زينب، ماجدولين

                     نجيب محفوظ

                      27/8/1995

   القراءة:

     قلت فى نشرة الخميس الماضى إننى لظروف خاصة قد أقسّم تداعياتى على هذه الخواطر الموسوعية فى هذه الصفحة على أكثر من نشرة، وهأنذا أفعل:

فى النشرة السابقة  ألمحت إلى كازانتاكس وعلاقتى بالعملين الذين قرأتهما له “زوربا اليونانى”، والمسيح يصلب من جديد” كما رجحت أن شيخى حين كتب “الأصدقاء الأعداء” كان يقصد “الأخوة الأعداء” وهى من تأليف: كازانتاكس أيضا. المهم. اقتصر تعقيبى (أو تداعياتى) الأسبوع الماضى على اقتطاف علاقة كازانتاكس بنيتشه ثم مقتطف محدود من الجزء الذى قرأه فى هذا السفر الضخم: رواية “المسيح يصلب من جديد” وهو المقتطف الصالح للمقارنة مع خبرة عمر الحمزاوى فى “الشحاذ” فى الصحراء الممتدة، وأوردت نصّ الخبرتين دون تعليق تقريبا، وكنت قد وصلت إلى صفحة 226 فقط من (575 صفحة من رواية كازانتاكس) ثم واصلت قراءة الرواية على حساب كل شىء فى واجابات نهاية الأسبوع (يسميها الناس عطلة نهاية الأسبوع) وأنهيتها فعلا ضحى يوم السبت الماضى، وإذا بى أكتشف كأنى أقرأ الرواية لأول مرة، ومع التقدم فى القراءة راحت تتبين لى مساحات التلاقى بين نجيب محفوظ وكازانتاكس فى أعمال أخرى أهم وأكثر دلالة حتى حضرنى الفرض التالى:

أعاد نجيب محفوظ كتابة تاريخ البشرية وبالذات الأديان السماوية بواقع رمزى جديد فى “أولاد حارتنا” التى لم أتحمس لها أبدا، وكررت ذلك عليه مرارا، وانتهزها فرصة لأثبت حوارنا حولها من (نشرة 16-12-2010 فى شرف صحبة نجيب محفوظ-  الحلقة الرابعة والخمسون).

الأحد: 30/4/1995

“……. ثم‏ ‏عرج‏ ‏الحديث‏ ‏إلى ‏أولاد‏ ‏حارتنا‏ ‏من‏ ‏جديد، ‏وقلت‏ ‏للأستاذ‏ ‏رأيى ‏للمرة‏ ‏الكذا، ‏وأننى ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏قرأت‏ ‏ثلثها‏.. ‏مثلا، ‏رحت‏ ‏أنتظر‏ ‏الأحداث‏ ‏هى ‏هى ‏كما‏ ‏أعرفها، ‏اللهم‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏الجزء‏ ‏الأخير‏ ‏من‏ ‏الرواية، ‏وهو‏ ‏الجزء‏ ‏الخاص‏ ‏بموقف‏ “‏عرفة” ‏حتى ‏هذا‏ ‏الجزء‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏جديدا‏ ‏بالنسبة‏ ‏إلى.‏

قال‏ ‏الاستاذ:‏ ‏ربما، ‏فهذه‏ ‏الرواية‏ قد تعتبر ‏من‏ ‏نوع الأليجورى‏ ‏الــ‏  Allegory‏وليست‏ ‏رمزا، ‏ولو‏ ‏أنه‏ ‏تم‏ ‏نقاش‏ ‏موضوعى ‏حولها، ‏أو‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏أن‏ ‏مجمع‏ ‏البحوث‏ ‏الإسلامية‏ ‏أو‏ ‏دار‏ ‏الافتاء، ‏أو‏ ‏أى ‏جهة‏ ‏رسمية‏ ‏دينية‏ ‏ناقشتنى ‏فيها، ‏لكنت‏ ‏أوضحت‏ ‏الأمر‏ ‏من‏ ‏ناحية، ‏واستفدت‏ ‏شخصيا‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏أخرى، ‏لكنهم‏ ‏ضربوا‏ ‏لى ‏موعدا، ‏ولم‏ ‏يحضروا…….”

مازلت غير متحمس لهذه الرواية حتى الآن، لكنه حين أعاد كتابة تاريخ القوة الغاشمة والقهر فى مواجهة الناس والإيمان على خلفية صراع الموت والخلود الزائف مع طرح أمل العدل والرزق فى “ملحمة الحرافيش” تجاوز وأضاف كما تعودت منه وله، ثم حضرتنى رحلة ابن فطومة ودراستى لها بالمقارنة مع ساحر الصحراء لكويلهو(2)، فوصلنى تأكيد جديد على موقع محورية قضية الوجود فى فكر شيخنا وإبداعه وخاصة فى علاقة الإنسان بخالقه بحركية الإيمان بامتداد الوعى البشرى إلى الوعى المطلق إلى وجه الله، وهى القضية التى تناولتها -ومازلت أتناولها – عند محفوظ من قديم، وأكتفى بأن أقتطف هذا المقتطف الذى أثبتُّه من مداخلة سابقة(3) واستشهدت به فى آخر دراسة لى فى أطروحة “الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ(4)

وإليكم المقتطف كما ورد:

“…. بعد أن امتلك ‏‏ ‏محفوظ ناصية‏ ‏الحكى أكثر فأكثر، راح يدور‏ ‏راقصا سابحا طائرا مع ‏دورات‏ ‏الحياة‏ ‏مباشرة‏ ‏دون‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏رمز‏ ‏يستعيد‏ ‏به‏ ‏أحداث‏ ‏التاريخ‏……. ‏راح‏ ‏يتناغم‏ ‏مع‏ ‏المطلق ‏وهو ‏يعرى “‏ضلال‏ ‏الخلود‏” ‏فى هذه الدنيا ويساويه‏ ‏بالموت‏ ‏الآسن‏، وفى نفس الوقت هو يضع‏ “‏الوعى ‏بالموت” ‏فى ‏بؤرة‏ ‏الحفز‏ ‏إلى ‏الحياة‏، وذلك ‏حين ‏نجح‏ ‏أن‏ ‏يرسم‏ ‏دوراتها‏ ‏وكأنه‏ ‏يدور‏ ‏معها‏ ‏مواكبا‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏الممتد‏، ‏ظهر‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏درة‏ ‏أعماله‏ “‏ملحمة‏ ‏الحرافيش‏”.

فإذا كان محفوظ قد تناول هذه القضية بالطول (البعد التاريخى عبر الأجيال وعبر الأحوال، ودورات السلطة والعدل حتى النهاية المفتوحة) فإن كازانتاكس قد تناول فى هذا العمل نفس القضية بالعرض، فى قطاع محدد برغم التشابه فى التحديث، فقد أعاد كتابة تاريخ المسيحية بوجه خاص، وكأنه يعيد كتابة فترة محددة من التاريخ بالعرض وليس بالطول، لكن عمله فى هذه الرواية بدا لى بمثابة نقد واضح لما تحولت به ديانة هادية مضيئة إلى كهنوت جاثم قاهر، كما تجلى فيه صراع الإيمان الأصل مع التدين الكهنوتى القاهر، وأيضا صراع المال والسلطة مع مقاومتهما بالعدل والعمل والإيمان الإبداعى، وهذا هو نفس ما شغل محفوظ بالطول كما ذكرنا.

محفوظ قدم لنا جدَل الأديان الواحد تلو الآخر مع الواقع” وكذلك صراعها معه فى (أولاد حارتنا)، ثم قدم النظم السياسية الواحد تلو الآخر (ابن فطومة)(5) مع صراع الطبقات متنوعا فيه ايضا الواحد تلو الآخر، على نفس المسار إلى وجه الله أيضا: “دار الجبل”، أما كازانتاكس هنا فقد قدم عينة واحدة تعتبر استعادة استعراضٍ واحدٍ بالعرض لفترة زمنية معينة، فهو تحديث أيضا، لكنه تحديث محدود، لكن القضية واحدة وقد أضاف لها كازانتاكس أرضية شديدة الأهمية وهى الصراع مع الاستعمار (التركى) الصريح، كل ذلك بالإضافة إلى ما قام بتعريته طول الوقت عن الصراع بين أسوا ما آل إليه الدينين العظمينين على أيدى طغاة الكهنوت وبين إصرار وعى الناس أن يعيشوا بشرا مؤمنين كما خلقهم الله وأرسل إليهم من يعينهم على ذلك.

وبعد

أعتذر مرة أخرى وأتصور أننى سأعود إلى دراسات مقارنة أكثر تفصيلا بشكل أو بآخر،

وأعد نفسى وأعدكم بالعودة إلى ما جاء من هذه الإشراقات الموسوعية فى هذه الصفحة التى لو تركنا التداعيات طليقة إزاءها فلن تنتهى أبدا.

[1] – كلمة غير مقروءة من الجائز أن تكون “ريبيكا”

[2] – يحيى الرخاوى: دورية نجيب محفوظ: العدد الثانى: ديسمبر 2009 “الأسطورة الذاتية: بين سعى كويلهو، وكدْح محفوظ”)

[3] – يحيى الرخاوى: “نجيب محفوظ: حكاية بلا بداية ولا نهاية” مجلة العربى الكويتى – عدد ديسمبر 2006

[4] – يحيى الرخاوى: “الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ” دورية نجيب محفوظ – العدد السابع : ديسمبر 2014 – المجلس الأعلى للثقافة.

[5] – يحيى الرخاوى: دورية نجيب محفوظ: العدد الثانى: ديسمبر 2009 “الأسطورة الذاتية: بين سعى كويلهو، وكدْح محفوظ”)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *