الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ (تكملة قراءة صحفة 135)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ (تكملة قراءة صحفة 135)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 5-12-2013

السنة السابعة

العدد:  2288

 صورة نشرات تدريب محفوظ

ص 135 من الكراسة الأولى (تكملة قراءة ص 135)

135 صفحة تدريب محفوظالله‏ ‏واحد

لا‏ ‏إله‏ ‏إلا‏ ‏الله

من‏ ‏عمل‏ ‏صالحا

الهدى ‏لمن‏ ‏اهتدى

‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

اهل‏ ‏الهوى ‏يا‏ ‏ليل

انا‏ ‏فى ‏انتظارك‏ حطيت

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

        ‏ 21/6


القراءة:

أنهيت تداعياتى الأسبوع الماضى عن فقرة “من عمل صالحاً” هكذا:

اخترت أن أقرأ فى صلاتى هذه الأيام سورتين قفزتا إلىّ تفيقانى: هما سورة “العصر” وسورة “التين” باستمرار، وكأنى عثرت على كنز، “إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ”، هذه الحركية شدتنى فى ذاتها، وتوازى معهما أن يـَرُدّ الله سبحانه الإنسان أسفل سافلين، ثم يستثنى: “ِإلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ” ويعدهم بأن “فلهم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ” فهذا ما أكمل رؤيتى المرحلية للطبيعة البشرية الأصيلة (دون تفسير علمى للقرآن). جمعت تشكيلات ومواكبات من “عَمِل صالحا” فوجدتها تحتاج إلى تقسيم وتشكيل يطول شرحهما، فأستئذنك شيخى أن أؤجلها للأسبوع القادم (انتهى المقتطف).

وهأنذا أعود إلى العمل الصالح، وكيف ورد فى القرآن الكريم وهو يقترن بشكل وافر مع الإيمان طول الوقت، فى سورة “العصر” وكذلك سورة “التين”، وأكرر كيف تبينت أن الذى ينقذ الإنسان من الخُسْرٍ، ويرفعه من أسفل سافلين هو العمل الصالح، فى السورة الأولى لحقتها إضاءة أن ما يدعم الإيمان والعمل الصالح هو “الحق” و”الصبر”، ويا لثقل أى منهما فما بالك بهما معاً، الأمر يحتاج إلى أن “يتواصى” المؤمنون بهما، ليواصلوا عمل الصالحات انطلاقاً من الإيمان.

أما فى سورة التين: فإن الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد أنقدهم إيمانهم وعملهم الصالح من الهبوط إلى أسفل سافلين، أنقذوا من هذا المآل السحيق بل وزيد على ذلك أن لهم أُجِرَا أجْراً غير ممنون من الله أحكم الحاكمين، فمن أين يأتى التكذيب بالدين؟

ننتقل الآن إلى بقية آيات المصحف الكريم فيما يتعلق بالإيمان وعمل الصالحات، بدأت بهذه الآية:

  • إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”

لم أفهم جيدا لماذا لم تدرج الآية الكريمة الذين أسلموا مع الذين هادوا والنصارى والصابئين هذا ليس استبعاداً لهم طبعا فكتاب الله هو كتاب المسلمين أساسا وإن كان هديا لكل الناس، خطر لى احتمالان:

 الأول: أن المسلم  هو المضيف لكل لمن آمن من هؤلاء حتى دون أن يُسْلم.

 الثانى: أن المؤمن هو هو المسلم الذى هدى الله قلبه للإيمان فإذا برحابة قلبه تشمل الذين هادوا، والنصارى، والصابئين.

وبعد

كنت أنوى يا شيخنا أن أكمل وبالذات بالنسبة لربط الإيمان بالعمل الصالح، إلا أننى توقفت عند أول الثلاث آيات التى ذُكِرَت فيها طائفة “الصابئة”، ولم أكن أعرف من هم هؤلاء الصابئة تحديدا، ولا أظن أن كثيرا من المسلمين توقفوا عند هذه الطائفة بوجه خاص، فقلت انتهزها فرصة ونتعلم من تداعيات ما طاف بقلمك يا شيخنا المزيد عن ديننا من هذا المدخل:

ذكرت هذه الطائفة – الصابئة- من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَرَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .

ما الحكاية بالضبط؟

الصابئة: جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .

قال الطبري : “والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، … ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا … يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..” وقد اختلف الناس فى هذه الطائفة اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم: ما بين اعتبارهم فئة من النصارى يخالفونهم فى الفروع دون الأصول وقيل أنهم :هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين. وهم أنواع: صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . ولهم كتب وتآليف وعلوم ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .

وجملة أمرهم أنهم لا يكذِّبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم، وعندهم أن من اتبعهم [يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم، فهو سعيد، وإن لم يتقيد بهم، فعندهم دعوة الأنبياء حق، ولا تتعين طريقا للنجاة، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات.

أتوقف يا شيخى هنا طويلا لأتساءل، ويا حبذا إن وجدتُ عندك الإجابة: أليس فى ذكر القرآن الكريم لهذه الطائفة ووضعها بإصرار مع الذين هادوا والنصارى ثم إلحاق الثلاثة مع إضافة المجوس إليهم فى سورة البقرة، ثم إلحاق كل ذلك بشرط من آمن بالله وعمل صالحا فى سورة البقرة: الآية (62) ثم سورة الحج: الآية (17) أليس فى كل هذا ما يشير إلى رحابة صدر الإسلام الحنيف، وأن عباءة الإيمان الذى هو هدف الإسلام يمكن أن تحتوى كلاً من آمن وتوجه إلى الله عز وجل وعمل صالحا.

إن مجرد احترام من غيّر دينه هكذا، سواء فى عمومية المعنى اللغوى، أو فى خصوصية وصف هذه الطائفة المحددة هكذا قد تعنى أن كل هذه الطوائف أمامها الفرصة أن تؤمن بالله وتعمل صالحا فيعود لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يجزنون، البقرة: الآية (62). ثم تأكد من جديد أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، المائدة: (69)، ثم نترك الأمر لله سبحانه وتعالى يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد. الحج الأية (17)

كل هذا يا شيخنا فاجأنى وأرعبنى وفرّحنى وحذرنى وشعرت أننى فخور أننى أنتمى إلى دين الإسلام وكتابه الكريم الذى رحب بكل هذه الطوائف مادامت تؤمن بالله وتعمل صالحا، والله يحكم بينا

من فرط هول الكشف يا شيخى أتوقف اليوم بعد إذنك لأكمل الأسبوع القادم عن علاقة الإيمان بالعمل الصالح.

 أيضا مازلنا فى البداية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *