الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ – الصفحة (30) الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ – الصفحة (30) الكراسة الأولى

 

نشرة “الإنسان والتطور”

21 -7- 2011

السنة الرابعة

العدد: 1420

 Mafouz & Yehia (1)

مقدمة:

كلما جلست أفك شفرات هذا النص النادر، تجنبت أن أسبق الدور وأنظر فى أية صفحة تالية، حتى أننى أتجنب أن أسأل السكرتارية كم صفحة بقيت، بل كم كراسة علينا أن نقرأها معا. ذلك لأننى عادة أخشى تكرار النص الذى كتبه شيخنا.

من أين يأتى هذا الرجل بالجديد هكذا؟، ومن أين بكل هذه الطزاجة هكذا؟

وأيضا أجدنى أخشى البعد عن النص بوفرة استطراداتى استلهاما وتداعيا.

ما أن أبدأ فى “القراءة” حتى أجد كل شىء جديد، حتى لو تكرر بعض النص، فأنا أعتقد أن نجيب محفوظ لا يكرر أبدا، المبدع يقول نفس الكلمات وهو فى حال مختلف، يقول “صباح الخير” اليوم، غير “صباح الخير” غدا، مع أنها نفس الكلمات، وهكذا.

تذكرت قراءتى النقدية لفقرة فى أصداء السيرة، نبهنا فيها محفوظ بأهمية وسحر كلمات بسيطة لا وزن لها فى ذاتها مثل “أنت”.. “فيم  تفكر”،  ولكن دعونا نقرأ الفقرة كلها على بعضها:

الفقرة 28 من أصداء السيرة

78 – ‏البلاغة

قال‏ ‏الأستاذ‏ ” ‏البلاغة‏ ‏سحر‏” ‏فآمنا‏ ‏على ‏قوله‏ ‏ورحنا‏ ‏نستبق‏ ‏فى ‏ضرب‏ ‏الأمثال‏. ‏ثم‏ ‏سرح‏ ‏بى ‏الخيال‏ ‏إلى ‏ماض‏ ‏بعيد‏ ‏يهيم‏ ‏فى ‏السذاجة‏. ‏تذكرت‏ ‏كلمات‏ ‏بسيطة‏ ‏لا‏ ‏وزن‏ ‏لها‏ ‏فى ‏ذاتها‏ ‏مثل‏: ‏أنت‏،.. ‏فيم‏ ‏تفكر‏ ‏؟‏… ‏طيب‏،. ‏يا‏ ‏لك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏… ‏ولكن‏ ‏لسحرها‏ ‏الغريب‏ ‏الغامض‏ ‏جن‏ ‏أناس‏،.. ‏وثمل‏ ‏آخرون‏ ‏بسعادة‏ ‏لا‏ ‏توصف‏،..‏

القراءة: (من أصداء الأصداء) (نقدا)

على ‏صغر‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏، ‏فإنها‏ ‏تطرحنا‏ ‏أمام‏ ‏قضية‏ ‏نقدية‏ ‏لأعمال‏ ‏محفوظ‏، ‏أنا‏ ‏لست‏ ‏متأكدا‏ ‏من‏ ‏أنها‏ ‏نالت‏ ‏حقها‏ ‏من‏ ‏الدراسة‏، ‏وهى ‏قضية‏ ‏اللغة‏، ‏وإن‏ ‏كنت‏ ‏قد‏ ‏قرأت‏ ‏أكثر‏ ‏عن‏ ‏علاقة‏ ‏يحيى ‏حقى ‏باللغة‏، ‏مبدعا‏، ‏وإلى ‏درجة‏ ‏أقل‏ ‏ناقدا‏، ‏فهنا‏ ‏ينبهنا‏ ‏محفوظ‏ ‏إلى ‏نوع‏ ‏من‏ ‏البلاغة‏ ‏تستأهل‏ ‏الوقوف‏ ‏عندها‏، ‏وأنها‏ ‏ليست‏ ‏أبدا‏، ‏ولا‏ ‏أصلا‏ ‏ذلك‏ ‏البريق‏ ‏الذى ‏ينبعث‏ ‏من‏ ‏ظاهر‏ ‏الألفاظ‏ ‏أو‏ ‏زينة‏ ‏الأسلوب‏، ‏وهى ليست‏ ‏أيضا‏ : ‏الحكـَم‏ ‏الرصينة‏ ‏المختصرة‏ ‏التى ‏تنطلق‏ ‏من‏ ‏مثل‏ ‏أو‏ ‏بيت‏ ‏شعر‏، ‏بل‏ ‏إن‏ ‏الحديث‏ ‏بالأمثال‏ ‏والاستشهاد‏ ‏بالشعر‏ ‏قد‏ ‏يصبح‏ ‏ضد‏ ‏البلاغة‏ ‏بالمعنى ‏الذى ‏تتناوله‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏، ‏وربما‏ ‏بالمعنى ‏الذى ‏قال‏ ‏فيه‏ ‏صلاح‏ ‏عبد‏ ‏الصبور‏ “‏يأتى ‏من‏ ‏بعدى ‏من‏ ‏لايتحدث‏ ‏بالأمثال‏”.

… ‏البلاغة‏ ‏التى ‏يقدمها‏ ‏لنا‏ ‏هنا‏ ‏محفوظ‏ والتى أعطى الفقرة عنوانها “البلاغة”، ‏هى ‏أن‏ ‏يحمل‏ ‏اللفظ‏ – ‏أى ‏لفظ‏ – ‏معناه‏ ‏تماما‏، بل معناه الساحر متجددا، ‏فيصبح‏ ‏سحرا‏ ‏قادرا‏ ‏أن‏ ‏يثمل‏ ‏به‏ ‏الناس‏ ‏فى ‏سعادة‏ ‏لا‏ ‏توصف‏، ‏وأن‏ ‏يجن‏ ‏فى ‏صحنه‏ ‏آخرون‏، ‏أية‏ ‏ألفاظ‏ ‏هذه‏ ‏التى ‏تـسكر‏ ‏وتـجِـن؟‏ ‏ألفاظ‏ ‏غاية‏ ‏فى ‏السذاجة‏، ‏هى ‏فى ‏ذاتها‏ ‏كأصوات‏ – أبعد‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏عن‏ ‏البلاغة‏ ‏مثل‏ “‏أنت‏” ‏هكذا‏ ‏فقط‏ : “‏أنت‏”، ‏أو‏ “‏فيم‏ ‏تفكر‏”‏؟‏ ‏نعم‏ “‏فيم‏ ‏تفكر‏” ‏أو‏ “‏طيب‏” ‏أكرر‏: “‏طيب‏” ‏ثم‏ “‏يالك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏”،،… ‏أعنى “‏يالك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏”،

هل‏ ‏أدعوك‏- ‏عزيزى ‏القاريء‏ – ‏أن‏ ‏تتوقف‏ ‏عند‏ ‏هذه‏ ‏الألفاظ‏ ‏فتكررها‏ ‏أنت‏ ‏للمرة‏ ‏الثالثة‏ ‏بصوت‏ ‏مرتفع‏، ‏ثم‏ ‏تترك‏ ‏كل‏ ‏لفظ‏ (‏أو‏ ‏تعبير‏) ‏منها‏ ‏يرن‏ ‏فى ‏وعيك‏ ‏شخصيا‏ ‏دون‏ ‏محاولة‏ ‏أن‏ ‏تكمل‏، ‏ودون‏ ‏محاولة‏ ‏أن‏ ‏تتذكر‏ ‏حوله‏ ‏أو‏ ‏به‏ ‏أو‏ ‏منه‏ ‏شيئا‏، ‏إذا‏ ‏فعلت‏ ‏ذلك‏ “‏هكذا‏”، ‏فسوف‏ ‏تعرف‏ ‏علاقة‏ ‏محفوظ‏ ‏بهذه الألفاظ حين تحضر فى الوعى بشكل آخر‏، ‏وربما‏ ‏تتصالح‏ ‏عليها‏ ‏وربما تطلق تداعياتك مثلما تنطلق منى بمجرد حضور نص تدريبات محفوظ فى وعيى!

دعوة:

يمكننى الآن أن أدعوك –عزيزى القارئ – أن تمارس نفس التجربة وأنت تقرأ ما تحسبه مكررا، حتى البسملة فى هذا التدريب ، ولن تجد حرفا واحدا مكررا.

الحمد لله، حللتها:

يبدو أن نفس المعنى  قد حضرنى وأنا فى رحاب الكعبة المباركة، فى إحدى عمراتى التى أوحت لى بثلاثة قصائد أثبتها فى ديوانى المجهول “البيت الزجاجى والثعبان” (1982) كانت إحداها بعنوان “أنهار المسعى السبعة: حيث جاء فيها

“……

قال‏ ‏النهر‏ ‏الرابع

لو‏ ‏أن‏ ‏السعىَ ‏تناغمَ‏ ‏بعد‏ ‏السعىِ ‏إلى ‏السعىْ

لرجعنا‏ ‏أطهر‏ ‏من‏ ‏طفل‏ ‏لم‏ ‏يولد‏ ‏بعد‏ ‏

لا‏ ‏نتكاثر‏ ‏بالعـُدَّةِ‏ ‏والعدّ

ولعادَ‏ ‏المعنى ‏

يملأ‏ ‏وجه‏َ ‏الكلمهْ

“يهتز‏ ‏الكون

لو‏ ‏يعنى ‏القائل‏ “‏أهلاً”

أنْ‏ “‏أهلاً”

النص

21-7-2011   30بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

لكل‏ ‏داء‏ ‏دواء

إلا‏ ‏الحماقة‏ ‏أعيت‏ ‏من‏ يداويها

‏ان‏ ‏بعد‏ ‏العسر‏ ‏يسرا

ربنا ارحمنا واعف‏ ‏عنا

تبارك‏ ‏الذى‏ ‏بيده‏ ‏الملك

لا‏ ‏فرق‏ ‏بين‏ ‏أسود‏ ‏وأبيض‏ ‏الا‏ ‏بالتقوى

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

26 فبراير 1995

القراءة:

….الخط أجمل،  والقراءة أسهل

حين قرأت بعد البسملة …، واسمه، …..  السطر الأول حسبت أنه يتعلق بالحالة  الصحية التى امتحننا الله بها، والتى يمكن أن يوصف موقفه منها بأى وصف إلا اليأس، وتصورت أنه يصبر نفسه بهذه الحكمة المختصرة، لكننى حين انتقلت إلى السطر التالى وجدت أن البيت الأول ليس إلا شطر  بيت شعر اكتمل فى السطر الثانى، فعرفت أن السطر الأول لم يكن “حِكْمه” مستقلة وإنما كان شطر بيت المتنبى الذى يقول:

لكل داء دواء يُسْتَطَبُّ به       إلا الحماقة أعيت من يداويها

وحين ذهبت أستشير عمنا “جوجل” وجدت معظم ما جاء تحت هذا الشطر، أو البيت كله، هو مواقع طبية أغلبها وصفات شعبية، أو مفاتيح صحية، أو علاج بالرقى أو القرآن أو  حتى بالأدوية والطب الحديث، وتعجبت أن يُجمع الجميع – تقريبا- أن يصنفوا هذه المواقع ببعض ما يفيده “الشطر الأول” (لكل داء دواء)، دون بقية البيت، مع أن الشاعر لم يقل الشطر الأول  إلا مقدمة ليكمله بالشطر الثانى، ليصف الحماقة المستعصية على العلاج، لا ليعلن أنه لكل داء دواء!!

انتقلت من هذا الاختزال السخيف فى تلك المواقع الصحية إلى بعض أصل ما جاء فى “الحماقة” فوجدت إلماما يوصفها من كل جوانبها، واستشهادات طريفة وسخيفه توضح أبعادها،  ومترادفات تربو على الأربعين، منها  ألفاظ غريبة فى رسمها ونطقها حتى ضحكت وأنا أقرأها، مترادفان مثل: الأحمق: الأزبق، الهلباجة، الهجأة، الجعبس……إلخ. عدت أفرح بلغتى الفصحى القادرة التى أضاعها أهلها حين ضاعوا، ما كل هذه الدقة والإبداع، أرجوك إقرأ أى لفظ من هذه المترادفات بصوت مرتفع، قل مثلا: فلان “أزبق”  أو فلانه “هلباجة“،  وسوف تعرف تلقائيا أنه “أحمق“، وأنها “حمقاء“.

لن أتوقف على علاقة الاستاذ بالمتنبى ومدى إعجابه به، بل وحبه له ودفاعه عن علاقته بسيف الدولة وهو يصحح لى موقفى منهما الذى لم يتصحح، وقد سبق أن تناولت ذلك من قبل.

أيضا : توقفت قليلا عند قول الخليل بن أحمد: الناس أربعة:

“رجلٌ يدري و يدري أنه يدري فذاك عالمٌ فخذوا منه

… و رجلٌ يدري و هو لا يدري أنه يدري فذاك ناس ٍ فذكروه

… و رجلٌ لا يدري و هو يدري أنه لا يدري فذاك طالبٌ فعلموه …

 و رجل لا يدري و لا يدري أنه لا يدري فذاك “أحمقٌ” فارفضوه …”

وحين رحت أتأمل وصف الخليل للأحمق بأنه “الذى لا يدرى ولا يدرى أنه لا يدرى”، قفز إلىّ عدد من رؤساء دولنا والأساتذة والعلماء المتخصصين، وقلت: ربنا يستر ألا أكون من بينهم! من أدرانى؟

أما الشعر الذى أعجبنى فى وصف صعوبة تصحيح الحمق باعتباره صفة مستعصية فهو ما قاله أحد الشعراء

اتق ِ الأحمق أن تصحبهْ         ***   إنما الأحمق كالثوب الخَلِقْ

كلما رقعتَ منه جانباً             ***   خرقته الريح وهناً فانخرقْ

أو كصدع ٍ في زجاج ٍ فاحش ٍ  ***   هل ترى صدق زجاج ٍ يرتتقْ

كحمار السوق إن أقضمتهُ      ***   رَمَحَ الناسَ و إن جاعَ نهقْ

أو غلام السوق إن أسغبتهُ     ***   سرق الناسَ و إن يشبع فسقْ

و إذا عاتبته كي يرعوي        ***   أفسد المجلس منه بالخرَقْ

صورة متكاملة شديدة الجمال وهى تصف سمة شديدة القبح

 ثم أتحفنى جوجل بالإشارة إلى: كتاب كامل لابن الجوزى بعنوان “أخبار الحمقى والمغفلين، وقد ألفه بعد انتشار كتابه “أخبار الأذكياء“، واشتمل عينات من مختلف شرائح المجتمع وابن الجوزى هذا معمر علامة بالغ التدفق فى التأليف،  مات وهو ابن مائة وخمس عشر سنة إن صح رأى ابن قنفذ فى ترجمته.

رحت أتساءل ما هو المقابل للفظ الحماقة بالعامية المصرية، “الأحمق”؟ هل هو الأهوج، الأرعن، المهفوف؟ الهايف؟ الطايش؟ الطايح؟ الأهبل؟ الأىْ كلام؟ ولكن أيا من هذه الألفاظ  لم تملأ وعيى مقارنة بحالى  مع المترادفات بالفصحى.

أيضا رحت أبحث عن ما يقابل الحمق والأحمق بالإنجليزية، فلم تصلنى إلا ظاهر الصورة، أو خطوط السمة أو درجة الذكاء، وتأكدت من أن لغتى الأم، هى القادرة وحدها على توصيل مضمونها إلى مجمل وعيى،

 لم يصلنى أيضا أى حمق حين قرأت بعض ما يقابله بالانجليزية مثل:

Stupidity Silliness Foolishness (Wrath) Anger Idiocy  etc….

ابتعدت عن هذه المعانى المطلقة وعدت أسأل نفسى بعيدا عن شعر المتنبى  الذى ورد فى النص:

* * *

والآن: ما علاقة نجيب محفوظ بالحمق والحماقة والأحمق

من ناحية أنا لم أرَ منه إلا عكس كل ما هو حمق بكل لغة، حتى أغاظنى ذلك، بل إننى كنت أعجب دائما من تحمله الزائد عن الحد لبعض الأصدقاء أوالزوار الذين تصورت أننى أعدهم من الحمقى الذين يحضرون مجلسه، بل أحيانا كنت أدهش من تحمله لبعض مواقفى شخصيا  التى قد توصف بالتجاوز أو بالحمق، وحين كنت أتصور أنه بهذا التقبل وذاك التسامح إنما يعلو  فوق الموقف، أو فوق الأحمق تفويتا أو تهوينا، كنت أكتشف خطئى المرة تلو المرة حين أتأكد أنه يحترمنا بحمقنا فى داخل داخله مهما شط حمقنا الأحمق، اللهم إلا إذا حق أذى بآخر من خلال ذلك، ومع ذلك فلم يكن شيخنا ينهر الأحمق صراحة، وإنما كان يلطف الجو، أو يحوّل الحديث، ما أمكن ذلك.

أما عن صفة الحمق عنده هو، فقل ما شئت فى غيابها الظاهر، فكما قلت أنا لم أره كذلك أبدا، وتعجبت، فعندى أنه لا توجد فضيلة كاملة إلا إذا اختلطت مع نقيضها فى مستوى ما بشكل ما، غياب الحمق عند الأستاذ، هكذا، بدا لى ضد هذا الفرض الذى يساعدنى فى مهنتى، ويعرفنى على نفسى، هل يمكن أن نصف ما عند الأستاذ بأنه ضد الحمق، أو “اللاحماقة”؟ بصراحة لم أستسغ ذلك ، “اللاحماقة” –عندى–  قد لا تكون فضيلة إلا أن يكون ضدها ممكن أو وارد، أى أنها لا تكون فضيلة إلا عند من يستطيع صاحبها أن يكون أحمقا، وهو يمتنع عن ذلك، هذا النوع الإرادى من الحماقة النادرة هى مكملة للاحماقة الفضيلة،  التى تنفى اللاحماقة الدماثة المسطحة.  

فهل يا ترى كان نجيب محفوظ قادرا بإرادته بعض الوقت على بعض الحماقات؟

الإجابة عندى دون حسم هى بالإيجاب، :نعم”. وهذا ما يشجعنى على نفى الحماقة الحمقاء من طبعه كليةً، واثباتها كفضيلة قوية إرادية طيبة، ذلك أننى فى أحيان نادرة، كان يصلنى من طرف بعيد أثناء حكى بعض ذكرياته مع أحمد مظهر أو توفيق صالح، يصلنى  بعض تفاصيل احتفالات الحرافيش الأصليين مثلا بعيد ميلاد أحدهم فى خيمة استأجروها تحت سفح الهرم، وقد كنت أتعمد ألا أسأل عن تفاصيل أى من ذلك، مهما بلغ حب استطلاعى، فأكتفى  بما يصلنى من طرف حديثهم عنه.

خلاصة القول: يبدوا أن الحماقة تصبح مزية إذا كانت مؤقتة ومقصودة لأنها تكون بمثابة نوع من التفكيك الإرادى أو شبه الإرادى دون أن يتشتكل فى إبداع، وأيضا دون أن يتمادى فى حماقة سلبية، وهى التى وردت فى بيت المتنبى:

لكل داء دواء يستَطَبُّ به       إلا الحماقة أعيت من يداويها

وبعد

لم ننته إلا من قراءة سطر واحد، بيت شعر واحد من تدريب اليوم

لو أكملنا قراءة النص فسوف ننتقل إلى موضوع آخر تماما؟

أليس من المناسب أن نتوقف عند هذه المرحلة، ونكمل –لأول مرة – بقية صفحة التدريب الأسبوع القادم؟ خاصة وقد شعرت أننا تعلمنا على يديه جرعة  دسمة مستقلة، عن الحماقة، يستحسن أن نحافظ على استقلاله هكذا حتى نستوعبها بحقها؟

….

….

شكرا يا شيخنا

تظل تعلمنا حتى لا ننسى فضلك، مع أنه احتمال غير وارد.

………

الفقرات التالية فى نفس الصفحة تقول :

إن‏ ‏بعد‏ ‏العسر‏ ‏يسرا

ربنا ارحمنا واعف‏ ‏عنا

تبارك‏ ‏الذى‏ ‏بيده‏ ‏الملك

لا‏ ‏فرق‏ ‏بين‏ ‏أسود‏ ‏وأبيض‏ ‏الا‏ ‏بالتقوى

***

أستأذنكم أن نتعاطاها جميعا فى الأسبوع القادم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *