الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / … فى مثل “ذلك” اليوم: “وعد بلفور”

… فى مثل “ذلك” اليوم: “وعد بلفور”

“يوميا” الإنسان والتطور

الأربعاء 31 – 10 -2007

… فى مثل “ذلك” اليوم: “وعد بلفور

لأن غدا 11/1/ 2007 هو يوم نجيب محفوظ وبعد غد11/2 هو بريد/حوار الزوار سوف نعرض لهذا الحدث، وهو حدث 2 نوفمبر، اليوم:

وزارة الخارجية”  2 من نوفمبر 1917م عزيزى اللورد “روتشيلد” يسرنى جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالى الذى ينطوى على العطف على أمانى اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته: “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يُؤْتَى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن فى فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى البلدان الأخرى .وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح . المخلص: أرثر بلفوور
 

لم أقرأ هذا النص العبثى (وعد بلفور) بألفاظه المحددة هكذا من قبل!!

ما هذا؟

كيف؟

ما حكاية: “العطف على أمانى اليهود؟” اسم الله!!

ثم يكرر “تنظر بعين العطف” اسم النبى حارسك!!

ثم كيف يكون هذا اللغو: “مفهوم بشكل واضح أنه لن يُؤْتَى بعمل من شأنه أن ينقص… الخ“، مفهومٌ لمن؟ “بأمارة” ماذا؟…وماذا حدث؟ الله يخيبكم كما خيبنا!!. الخ.

كلمات: “وعد”، “عطف”، و”أمانى”، و”مفهوم بشكل واضح” كلمات تصلح لموضوع تعبير يكتبه تلميذ فى سنة ثانية إعدادى.

الذى يقرأ السياسة، قديما وحديثا، من خلال التصريحات والوعود، والمواثيق، لابد أن يعيد النظر فى ذكائه عدة مرات، لم يعد يصلح ما ينشر علينا فى كل القنوات الرسمية، والإعلامية، لتفسير أى من الجارى.

وقع فى دائرة وعيى مؤخراً كتابا، بعنوان: “المفهوم المادى للمسألة اليهودية“، وهو كتاب قديم صدر سنة 1946، ثم صدرت ترجمته أيضا منذ أكثر من ثلاثة عقود 1970، ثم أعيد طبعها 1973، عن دار الطليعة للطباعة والنشر. بيروت، وبرغم ذلك، وبرغم التفسير المادى الأيديولوجى القوى المتناسب مع تاريخ صدور الكتاب، فهو مازال واجب  القراءة لفهم الجارى بدءاً بوعد بلفور.

 المؤلف هو أبراهام ليون الذى ولد فى أسرة يهودية “.. كان الأهل فى منزل ليون الوالدى يمثلون الصهيونية البرجوازية الصغيرة التقليدية. ولقد كان الولد يحس لدى أول احتكاك بالواقع جذب الأسطورة الصهيونية كنشوة دينية، لقد كانت الأسطورة قيد التحقق ..الخ “، لكن “ليون” نمى، ونَظَرَ، وأعاد النظر، وفَهمََ، وفسّر واهتدى إلى الرؤية الموضوعية التى فسّر بها المسألة اليهودية، نعم! نظر من زاوية المادية آنذاك حين كانت معظم الأفكار تجد لها تفسيرا ماديا حتى نظرية المعرفة، حتى قام روجيه جارودى -مثلا- بالتفسير المادى لنظرية المعرفة، (أظن فى أطروحته للدكتورة) فى باكر حياته ماركسيا، تفسير ليون، برغم قدمه، يفصح كل الجارى بما فى ذلك “وعد بلفور” (يا ناس!!).

التاريخ لايعيد نفسه، والتفسير المادى أدّى واجبه تماما، والفكر الموضوعى والتجربة والتطور تجاوزوه دون أن يلغوه أو ينكروا فضله، لكن ما نحن فيه الآن – عبر –  العالم  يحتاج إلى تفسير “تآمرى”!! أكثر شجاعة وأمضى اختراقا.

الذى يجرى على الساحة فى كل العالم يحتاج تفسيرا تطوريا ماديا بيولوجيا إيمانيا لتعرية شياطين البشر الذين يحكمون العالم من تحت الأرض، ومن شفرة مكاتب الشركات العملاقة، ذلك التعاون الوثيق بين رجال المافيا، ورجال المخدرات، ورجال المال الكاسح القاتل، كل ذلك هو ما يدفع بالعالم إلى الهاوية.

إنْ لم نستطع أن نفهم الحروب والمجازر والمعاهدات والمؤتمرات والمعاهدات من خلال هذا المنطلق، مهما اتَّهِمْنا بالتفكير التآمرى. فلا جدوى من الإحاطة بما يجرى، أو مواجهته.

الذى يتناول المسألة الصهيونية الآن –  مثلا–  من خلال وعد بلفور أو بدءاً بوعد بلفور، هذه الوثيقة العبثية المضحكة لابد أنه يضحك على نفسه، تماما كالذى يتناول حرب العراق ومجازره من خلال تصريحات السيد دبليو بوش والست كوندى .

لا أجد فى نفسى ميلا إلى نقد هذا الوعد من جديد، ناهيك عن شجبه وتفنيده، ماذا فعلنا بكل ما قلنا فيه؟

يكفى أن تقرأه أنت مرة أخرى.

 وأنت تبتسم،

ثم وأنت تضحك،

ثم وأنت تبكى،

ثم وأنت تستعد،

ثم وأنت تعمل شيئا آخر غير أن تقف عند وعد خريطة الطريق، وطريق الخريطة، ومؤتمر واشنطن، واحتفاليات شرم الشيخ.

…………..

…………..

عذراً ، ولكن حدث أيضا فى مثل “ذلك” اليوم:

كنت قد علمت لاحقاً – من والدى رحمه الله- أن هذا اليوم، “2نوفمبر” هو اليوم الحقيقى الذى جئت فيه إلى هذه الدنيا، مع أنه سجّلنى يوم أول نوفمبر لأسباب تتعلق بمواعيد افتتاح الدراسة (كان رحمه الله مدرسا)، وكان قد فعل مثل ذلك مع أخَوَىّ (اللذان ولدا فى يوليو وأغسطس فسجلهما فى سبتمبر)، كنت قدعلمت هذه المعلومة قبل أن أعلم تاريخ وعد بلفور، فزاد تحفظى على هذا التاريخ وما تصلنى إليه من رسائل، وقلت لنفسى:

 وهل علاقتى بتاريخ مولدى كانت ناقصة هذه المعلومة: أنه نفس يوم هذا الوعد السخيف العبثى؟.

اعتدت أن أدّعى أننى لا أحب هذا اليوم الذى زعمت أنى أرفضه لأنه لا فَضْل لى فيه، ثم تراجعت حين أدركت قيمة الاحتفال به للأطفال خاصة، وقلت ربما نحن نعتذر لهم أننا أنجبناهم دون إذنهم، إلى آخر ما جاء فى حوارى مع شيخى نجيب محفوظ حول معنى عيد الميلاد عنده وعندى، لكننى لم أتوقف عند هذا التراجع بل تماديت فى التفكير فى تنويعات حول ابتداع تشكيلات خاصة بى رحت أعبث بها مع هذا اليوم، وهذه المناسبة، إليكم بعضها:

(1) أنا أكره حكاية الهدايا فى هذا اليوم، وتعانى زوجتى بطيبة وكرم، من شهر معين، لعله سبتمبر، حيث تقع فيه عدة أعياد ميلاد معاً، مما يستتبع ذلك من ضرورة تقديم هدايا بعدد المولودين، لكنها تفرح بكرمها أكثر، قلت فى نفسى: هذه مناسبة تكبد الذين يهادون مصاريف زائدة ليست فى حسبانهم، قد تجعلهم – لا شعوريا – لا يرحبون بهذا اليوم برغم قيامهم بالواجب، طيب، ماذا لو قلبت أنا الآية؟. وخاصة بعد أن سترها الله معى ماديا؟ ماذا لو أهديت أنا من أحب فى اليوم المسمى بعيد ميلادى هدية؟ أليس هذا أضمن أن أجعله يفرح بهذا اليوم، بدلا من أن ينشغل بالتزامه بإهدائى ما تيسر، ويا ترى عنده، أم لا، وفعلتها أحيانا، ونفعت!!.

(2) حين كان يخطر ببالى أن أعطى أحد أحفادى (أو غيرهم) هدية ما ، أتعمد أن تكون بلا مناسبة، وحين يسألنى أحدهم “بمناسبة إيه” هذه الهدية أقول له: هذه “هدية عيد ميلادك”، فيقول: لكن عيد ميلادى ليس اليوم، فأقول له: “إيش عرّفك“، وحين تكرر هذا الموقف كفوا عن التساؤل، واعتبروا أن أية هدية منى هى هدية عيد ميلاد أى منهم بشكل ما، لأن أى يوم يمكن أن يكون هو يوم مولدنا حسب ما نقرر.

وتذكرت دعاء الاستيقاظ يوميا: “الحمد لله الذى أحيانى بعد ما أماتنى وإليه النشور“، ثم رباعية صلاح جاهين: “نهار جديد أنا قوم شوف نعمل ايه، أنا قلت يا حتقتلنى يا حقتلك

(3)  خطر لى خاطر آخر هو أن أهدى نفسى فى هذا اليوم (أو غيره) هدية سرية لا أعلن عنها لأحد أبداً. وقد حدث لى ذلك وأنا أنهى الترحال الثالث والأخير.  قائلا: ص 221 “هكذا أمنح نفسى جائزة المغامرة بنشر هذا الكتاب”.

حين يحل هذا اليوم بعد غد، وهو يوم وعد بلفور، وأنا أدخل فى عامى الخامس والسبعين، وبعد أن التزمت ستين يوما بكتابة هذه النشرة، قلت: ماذا لو كانت هذه النشرة وهذا الموقع هو هديتى لنفسى هذا العام “واللى عاجبه!!.

(4)  ثم إنى عثرت حالا على قصيدتين قديمتين، وجدتهما قد اندسّتَا فى آخر ديوانى “سر اللعبة”، ثم اختفيا وراء شرحهما السخيف فى كتابى دراسة فى “علم السيكوباثولوجى”، فأحببتهما من جديد، وقلت أضيفهما إلى هدايا لنفسى هذا العام، خاصة وأن ما وصلنى منهما جعلنى أتفاءل وأعرف أننى يمكن أن  أواجه “وعد بلفور”، بما ينبغى، هكذا!!.

القصيدة الأولى:

رسالة‏ ‏من‏ ‏دون‏ ‏كيشوت إلى ‏إخوان‏ ‏أبى ‏لهب‏:‏

‏ -1-‏

يا‏ ‏سادتى ‏

‏’‏تبت‏ ‏يدا‏ ‏أبى ‏لهب‏’ ‏

ماذا‏ ‏كسب؟‏

‏.. .. ‏

يا‏ ‏سادتى ‏هذا‏ ‏أنا‏ ‏لمَّا‏ ‏أزلْ‏ ‏

‏’‏ألقى ‏السلاحْ؟؟‏’ ‏

لا‏ .. ‏هذى ‏أمانيكم

‏(…‏كذا؟‏) ‏

والسيد‏ ‏اليِأسُ‏ ‏المَلثَّمِ بالعدمْ

يلقى ‏التحية‏َ ‏الشماتةَ‏ ‏الندمْ

على ‏مُصارعِ ‏الهواء‏ِِ ‏الذاهبِ‏ ‏العْقِل‏ ‏المتَّيم‏ ‏بالأملْ، ‏

سيفى ‏خشبْ؟ّ!!!‏ ‏

خيرٌ‏ ‏من‏ ‏الحبلِ‏ ‏المسدْ

فى ‏جِيدكُمْ‏.‏

‏-2-‏

طاحونتى … ‏

عبث‏ ‏الهواء‏ ‏بكِّفهاَ

دارت‏ ‏تئنُّ، ‏توقفت‏ْْ ‏

دارتْ

طاحونتى،  ‏ثأرى ‏القديم

لكن‏ ‏رَوْضى ‏يرتوى ‏من‏ ‏مائِهَا

مهما‏ ‏علا‏ ‏سد‏ ‏الفزعْ

وتعثَّر‏ ‏المجرَى ‏بجندل‏ِ ‏ظنكمْ

لن‏ ‏تُوقفوا‏ ‏نهر‏ ‏الحياة‏ْ‏

بل، ‏فاحذورا‏ ‏طوفانها.‏

‏-3-‏

فى ‏روضتى .. .. ‏

ألقيت‏ُ ‏بذرة‏ ‏القلقْ

نبتَتْ‏ ‏بوجدانِ‏ ‏البشرْ

نحتَ‏ ‏الجنُين‏ ‏الطين‏ ‏فانهار‏ العدَمْ‏.

صرخ‏ ‏الوليد‏ ‏الطفل‏ ‏أَّذنَ‏ ‏بالألمْ.

وتطاول‏ ‏الشجرُ‏ ‏الجديدْ

يعلو‏ ‏قباب‏ ‏الكون‏ ‏إذ‏ ‏يغزو‏ ‏القمرْ

والشوكُ‏ ‏يُدمى ‏ الكفَّ‏ ‏إذ‏ ‏يحمى ‏الثمرْ‏ ‏

واللؤلؤ‏  ‏البراق‏ ‏فوق‏ ‏الساقِ‏ ‏من‏ ‏صمغ‏ الضجَرْ

‏-4-‏

ذى ‏صرختى .. ‏

سوط‏ ‏اللهيب‏ ‏النور‏ ‏رعد‏ُُ ‏القارعة

يكوى ‏الوجوه‏.. ‏

يا‏ ‏ويحكم‏ !! ‏

مَنْ‏ ‏يوقف‏ُُ ‏الرجْعَ‏ ‏الصدَى ‏فى ‏قلبكم‏.

هيهات‏ ‏إلا‏ ‏الموت

حتى ‏الموت‏ ‏لا‏ ‏يخفى ‏الحقيقةَ‏ ‏بعدَنَا.

‏.. ‏

يا‏ ‏ويحكم‏ ‏منها‏ ‏بداخلكم‏.، ‏

نعم‏ … ‏ليست‏ ‘‏أنا‏’ ‏

بل‏ ‘‏نحن‏’ ‏فى ‏عمق‏ ‏الوجود‏ ‏

بل‏ ‏واهبُ‏ ‏الطين‏ ‏الحياةْ

بل‏ ‏سر‏ ‏أصل‏ ‏الكون، ‏كل‏ ‏الكل‏ ‏نبض‏ ‏الله‏ ‏فى ‏جنباتنا‏ ‏

ليست‏ْْ ‏أنَا‏.

‏-5-‏

يا‏ ‏سادتي‏: ‏

هذا‏ ‏أنا‏ ‏لم‏ ‏أزلْ‏…‏

سيفى ‏خشب‏!!

لكن‏ ‏لؤلؤة‏ ‏الحياة‏ ‏بداخلى ‏لا‏ ‏تنكسرْ

وبرغم‏ ‏واقعنا‏ ‏الغبى

ينمو‏ ‏البشر‏…

‏فى ‏ملعبى‏. 

القصيدة الثانية:

دورة‏  ‏عباد‏  ‏الشمس‏  ‏وأهل‏  ‏الكهف

-1-

وطارتْ‏ ‏وُرَيْقَهْ،‏

وأخرى … ‏وأخرى،  ‏

وزهرة‏ ‏عباد‏ ‏شمس‏ ‏تهاوت‏ ‏إلى ‏الغرب‏ .. ‏

قبل‏ ‏الغروب‏ ‏

وهبت‏ ‏رياح‏ ‏الخريف‏ ‏تئن‏ ‏

وغطت‏ ‏جبال‏ ‏الظلام‏ ‏بقايا‏ ‏القمرْ

وصفَّر‏ ‏ناىٌ ‏حزين‏: ‏وداعا‏.‏

-2-‏

‏ ‏وتهرب‏ ‏بذرة‏ ‏

الى ‏جوف‏ ‏أرضٍ‏ ‏جديدةْ، ‏

لتكمن‏ ‏فى ‏الكهفِ‏ ‏بضع‏ ‏سنين‏  ‏قرونَا

يقولون‏ ‏خمسةُ، ‏ستةُ، ‏سبعْة‏ ‏

وكلبٌ‏ ‏أمينْ‏.

‏-3-‏

وثأر‏ ‏قديم‏ ‏يثور‏ ‏

صحا‏ ‏الديناصور‏  ‏

وغولُ‏ ‏يداعبُ‏ ‏عنقاَء‏ ‏وسط‏ ‏النمور‏ ،

وروح‏ ‏الجنين‏ ‏الجديد‏ ‏تطل‏ ‏خلال‏ ‏شقوق‏ ‏الضياع، ‏

فترتد‏ ‏رعبا‏.‏

‏-4-‏

تبيض‏ ‏الحمامة‏ ‏فوق‏ ‏السحابْ‏، ‏وكلبهمو‏ … ‏

يطاردُ‏ ‏جوع‏ ‏الذئابْ‏.‏

‏-5- ‏

وذات‏ ‏صباح، ‏

تمطَّى ‏الجنينْ، ‏

أزاح‏ ‏ظلامَ‏ ‏الهروبِ‏ ‏الجبانْ، ‏

ونادى ‏الوليد‏ ‏العنيد‏ ‏على ‏الشمس، ‘‏هيا، …‏

هيا‏ ‏اتبعيني‏… ‏

نهارٌ‏ ‏جديد‏’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *