الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى شرف صحبة نجيب محفوظ : الحلقة الخامسة والستون الأربعاء: 31/5/1995

فى شرف صحبة نجيب محفوظ : الحلقة الخامسة والستون الأربعاء: 31/5/1995

نشرة “الإنسان والتطور

3-3-2011

السنة الرابعة

 العدد: 1280

 Photo_Mafouz

 الحلقة الخامسة والستون

الأربعاء: 31/5/1995

مررت على الأستاذ بالمنزل ‏لأراجع‏ ‏كم‏ ‏غذائه‏ ‏لأننى لاحظت كما لاحظ توفيق أن هزاله زاد، وأن لونه باهت نسبيا، تحدثت مع‏ ‏السيدة‏ ‏الفاضلة‏ ‏حرمه، ‏وجدته‏ ‏عاد‏ ‏يبالغ‏ ‏فى ‏الحمية‏ ‏ويصر‏ ‏ألا‏ ‏يتعشى ‏إلا‏ ‏كوب‏ ‏لبن‏ ‏ونصف‏ ‏تفاحة، ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏شديد‏ ‏المراس‏ ‏والالتزام، ‏إننى ‏أتأكد‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏أن‏ ‏عظمة‏ ‏المبدع‏ ‏تكمن أيضا فى ‏حل‏ ‏هذه‏ ‏المعادلة‏ ‏الصعبة: ‏إطلاق‏ ‏كل‏ ‏القدرات‏ ‏فى ‏إطار‏ ‏محكم‏ ‏من‏ ‏حبكة‏ ‏البنيان‏ ‏وصلابة‏ ‏الواقع

اتفقنا‏ – ‏السيدة‏ ‏حرم‏ ‏الأستاذ‏ ‏والأستاذ‏ ‏وشخصى – ‏أن‏ ‏يتناول‏ ‏بعض‏ ‏العشاء‏ معنا فى ‏الخارج‏ ‏ما‏ ‏أمكن‏ ‏ذلك، ربما لأضمن المتابعة والحث،  ثم ‏ ‏اتفقنا أيضا ‏أن‏ ‏نزيد‏ ‏من‏ ‏كمية‏ ‏الأكل‏ ‏ظهرا‏ ‏ومساء، ‏ما أمكن ذلك . كان‏ ‏الأستاذ‏ ‘ ‏يزرجن‏’ ‏مثل‏ ‏أى ‏طفل‏ ‏لا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يلتزم‏ ‏

الخميس‏ (‏الحرافيش‏) 1/6/1995

‏ ‏ظهر‏ ‏توفيق‏ ‏أخيرا، ‏لماذا‏ ‏انشغل‏ ‏توفيق‏ ‏عن‏ ‏الأستاذ، ‏هناك‏ ‏شيء‏ ‏يظهر‏ ‏ببطء‏ ‏فى ‏علاقتهما، ‏”واحشنى يا توفيق، ‏الله‏ ‏يكون‏ ‏فى ‏عونك‏ ‏مشغول”، ‏”هو‏ ‏فيه‏ ‏حاجة‏ ‏تشغلنى ‏عنك‏ ‏يا‏ ‏نجيب‏ ‏بك”، ‏”أبدا‏ ‏قلبنا‏ ‏معاك”

 ‏لم‏ ‏يحضر‏ أحمد ‏مظهر، ‏وجميل شفيق ‏ ‏فى ‏الإسكندرية أو الشاطئ الشمالى لست متأكدا، ‏وبهجت‏ ‏عنده‏ ‏ضيفة‏ ‏من‏ ‏لبنان، ‏إبنة‏ ‏صديق‏ ‏هناك، ‏قال‏ ‏الأستاذ‏: ‏خليه‏ ‏يعملها‏ ‏مرة‏ ‏بقى، ‏فاستفسرت‏ ‏يعمل‏ ‏ماذا؟‏ ‏قال‏ ‏على ‏طول‏ ‏معزوم‏ ‏معزوم، ‏خليه‏ ‏يعزم‏ ‏بقى، ‏وضحك‏ ‏ضحكة ‏متوسطة

كان‏ ‏الأستاذ‏ ‏مشغولا‏ ‏أن‏ ‏يتمادى ‏اللين‏ ‏الذى ‏يحس‏ ‏به‏ ‏فيقلقه‏ ‏أو‏ ‏يفسد‏ ‏خروجه‏، ‏طمأنته‏ ‏بحذر‏ ‏ورحت‏ ‏أراقب، ‏مضى ‏الأمر‏ ‏بسلام، رجع‏ ‏يشكوا‏ من ‏النوم، ‏أعنى‏ ‏من‏ ‏قلة‏ ‏النوم، ‏وللمرة‏ ‏الكذا‏ ‏أخذ‏ ‏يصف‏ ‏كيف‏ ‏يذهب‏ ‏للنوم، ‏وكيف‏ ‏أنه‏ ‏أخذ‏ ‏يتمشى فى الحجرة بجوارالسرير ‏تجنبا‏ ‏للدخول فىالفراش، وبالتالى تجنبا لما أسميته له مسبقا ” ‏لعبة‏ ‏القط‏ ‏والفأر”، (بين البحث عن النوم وهرب الأخير ثم اختطاف بعضه ثم التهديد بغيابه…إلخ)، ‏، ثم يكمل الأستاذ : ‏”وفجأة‏ ‏أجد‏ ‏نفسى ‏أستيقظ، ‏متى ‏ذهبت‏ ‏للسرير، ‏ومتى ‏نمت، ‏وهأنذا‏ ‏أستيقظ، لا بد إننى إذن نمت!!”، لم أعقـّب، ‏قال‏ له  ‏توفيق‏ ‏إنك‏ ‏مشغول‏ ‏بشىء‏ ‏ما، ‏ولن‏ ‏تنام‏ ‏مرتاحا‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏توقف‏ ‏هذا‏ ‏الانشغال‏ ‏أو‏ ‏على ‏الأقل‏ ‏خفـّت‏ ‏حدته، ‏قال‏ ‏الأستاذ‏ : ‏أبدا، ‏ثم‏ ‏إن‏ ‏أخبار‏ ‏هذا‏ ‏العام‏ ‏كلها‏ ‏طيبة‏ ‏فماذا‏ ‏يشغلني؟‏ ‏من‏ ‏بعد‏ ‏الحادث‏ ‏لم‏ ‏أسمع‏ ‏ما‏ ‏يشغل‏ ‏كثيرا‏ ‏أو‏ ‏قليلا، ‏كل‏ ‏التقدير‏ ‏والمفاجآت‏ ‏الطيبة، ‏الوسام‏ ‏الفرنساوى، ‏والإندبندنت، ‏والتكريم‏ ‏وكل‏ ‏شيء‏ ‏سارّ‏ ‏وطيب، ‏ ‏فماذا‏ ‏يشغلنى ‏حتى ‏لا‏ ‏أنام، ‏واستزدت‏ ‏الأستاذ‏ ‏أن‏ ‏يصف‏ ‏مرة‏ ‏أخرى ‏دخوله‏ ‏إلى ‏النوم، ‏ففعل‏ ‏ضاحكا، ‏وعاد يشرح أنه بناء على حوارناـ تعلم كيف يعامل النوم كشخص قائم، و‏كيف‏ ‏يتحايل‏ ‏عليه، ‏وينتظره، ‏ويسهـّيه، ‏ويرفضه، ‏ويتحداه، ‏ويتصنع‏ ‏الاستغناء‏ ‏عنه، ‏وكذا‏..،  ‏و”كده‏ ‏يعنى”، ‏وهو‏ ‏تعبير‏ ‏كرره‏ ‏للإجمال‏ ‏مشيرا‏ ‏بيده‏ ‏مثل‏ ‏تعبير‏ ‏آخر‏ ‏حين‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏ما‏ ‏يدهش‏ ‏مع‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏الابتسام‏ ‏حد‏ ‏الضحك، ‏يميل‏ ‏الأستاذ‏ ‏إلى ‏الوراء‏ ‏ويشكونى ‏من‏ ‏جديد‏ ‏لتوفيق‏ ‏متسائلا‏ : “ألا‏ ‏يوجد‏ ‏حل‏ ‏كيميائى ‏ينهى ‏هذه‏ ‏المسألة، ‏وأقول‏ ‏له‏ ‏إنه‏ ‏يوجد‏ ‏مائة‏ ‏دواء‏ ‏ودواء‏ ‏لهذه المسألة، ‏لكن‏ ‏الخوف‏ ‏كل‏ ‏الخوف‏ ‏هو‏ ‏أن‏ ‏يتعود‏ ‏ ‏الجهاز‏ ‏العصبى على أى منها،  ‏فنحتاج‏ ‏إلى ‏جرعات أكثر فأكثر‏ ‏حتى ‏نضر‏ ‏أجهزة جسمية ‏ ‏أخرى، ‏ثم‏ ‏الخوف‏ ‏الثانى ‏يأتى من احتمال أن ‏ ‏زيادة‏ ‏الجرعة‏ ‏قد‏ ‏تجعل‏ ‏الجهاز‏ ‏العصبى، ‏وهو‏ ‏جهاز‏ ‏خاص عنيد، ‏يتحدى ‏فيأتى ‏بعكس‏ ‏النتيجة، ويقرنى ‏توفيق‏ ‏على ‏ذلك، ‏قلت‏ ‏للأستاذ‏ ‏إن‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نجمع‏ ‏ساعات‏ ‏النوم‏ ‏خلال‏ ‏أربع‏ ‏وعشرين‏ ‏ساعة، ‏فإذا‏ ‏وصلت‏ ‏إلى ‏خمس‏ ‏ساعات‏ ‏كان‏ ‏ذلك‏ ‏كافيا، ‏ويقترح‏ ‏توفيق‏ ‏أن‏ ‏تقرأ‏ ‏له‏ ‏إحدى ‏بناته‏ ‏قبل‏ ‏النوم‏ ‏شيئآ‏ ‏هادئآ‏ ‏حتى ‏ينام، ‏ويضحك‏ ‏الأستاذ‏ ‏فى ‏حب وحنان وربما بعض الألم: ‏ ‏قائلا‏ ‏إنه‏ ‏لا‏ ‏يعرّفهم‏ ‏شيئآ‏ ‏عن‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الذى ‏يجرى، ‏وإنه‏ ‏يذهب‏ ‏للنوم‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏البيت‏ ‏قد‏ ‏خلا‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏صوت‏ ‏أو‏ ‏حركة، ‏وأتذكر كيف‏ ‏ضحك‏ ‏وأضحكنا‏، ‏ونحن نخفى ألما طبيعيا، وهو‏ ‏يقول: ‏ ‏إنه‏ ‏أحيانا‏ ‏يجلس‏ ‏أما‏‏م‏ ‏التليفزيون‏ ‏وحده‏ ‏لا‏ ‏يرى ‏إلا‏ ‏زغللة، ‏ولا‏ ‏يسمع‏ ‏إلا‏ ‏ضجيجا‏ ‏غيرمفسر، ‏ولكنه‏ ‏يظل‏ ‏يبحلق‏ ‏فيه‏ ‏مبتسما‏ ‏وكأنه‏ ‏يتابعه‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر، ‏وأضع‏ ‏فرضا‏ ‏جديدا‏ ‏قديما‏ ‏يقول‏: ‏إنه‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يخلو‏ ‏البيت‏ ‏وتنتهى ‏المواعيد، ‏وتغلق‏ ‏الأبواب‏ ‏يواجه‏ ‏الأستاذ‏ ‏هذه‏ ‏الإعاقات‏ ‏التى ‏تحول‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏العالم، ‏كما‏ ‏تحول‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏أن‏ ‏ينشغل‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏وظائفه‏ ‏الحيوية مثل النوم، وهكذا تتضخم أهمية هذه الوظائف فى  ‏بؤرة‏ ‏انتباهه، فتزيد حدته، ‏وأقول‏ ‏له‏ ‏ذلك وأنا أحاول أن أخفف من وقع استنتاجاتى، ‏ويقرنى ‏فى ‏ألم‏ ‏صابر لا يظهر، ‏وأسأله‏ ‏عن‏ ‏علاقته‏ ‏بالنوم‏ ‏قديما ‏أى قبل الحادث، فيقول‏: ‏طول‏ ‏عمرى ‏لا‏ ‏أنام‏ ‏نوما‏ ‏سلسا‏.‏

يتقدم‏ ‏إلينا‏ ‏مصور‏ ‏بلجيكى، ‏ويطلب‏ ‏أن‏ ‏يأخذ‏ ‏صورة‏ ‏مع‏ ‏الأستاذ‏ ‏قائلا‏ ‏إنه‏ ‏رآه‏ ‏فى ‏التليفزيون عندهم، ‏وأنه‏ ‏يشرفه‏ ‏أن يتعرف به وكذا‏ ‏وكيت، ‏ويقبل‏ ‏الأستاذ‏ (‏كالعادة‏) ‏ولا‏ ‏يعترض‏ ‏توفيق‏ ‏على ‏غير‏ ‏العادة

ثم ينتقل‏ ‏الحديث‏ ‏إلى ‏مشرع‏ ‏توفيق‏ ‏الجديد، ‏فيحدثنا توفيق عن أثمان‏ ‏آلات‏ ‏التصوير الحديثة، ‏وتطور استخدامات الكمبيوتر فى السينما، ‏وأشياء‏ ‏من‏ ‏هذا القبيل، ‏ويتمنى ‏له‏ ‏الأستاذ‏ ‏التوفيق، ‏‏ويطرأ‏ ‏على ‏فكر توفيق‏ ‏اقتراحا‏ ‏يقوله‏ ‏فورا‏: ‏إنه‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يذهب‏ ‏إلى ‏الأستاذ‏ ‏يوم‏ ‏السبت، ‏بعد‏ ‏انصراف‏ ‏سلماوى، ‏ويتحدث‏ ‏معه‏ ‏فيما‏ ‏يشبه‏ ‏وصية‏ ‏للجيل‏ ‏القادم، ‏أو‏ ‏للجيل‏ ‏الأصغر، ‏ومن‏ ‏خلال‏ ‏هذا‏ ‏الحديث‏ ‏يتصور‏ ‏توفيق‏ ‏أنه‏ ‏سيحصل‏ ‏على ‏مادة‏ ‏فيلم‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏غيرمسبوق، ‏فيلم‏ ‏طويل‏ ‏عادى ‏وليس‏ ‏فيلما‏ ‏تسجيليا، ‏ويذكره‏ ‏بخبخرتهما فى فيلم “درب‏ ‏المهابيل”، ‏وأتذكر‏‏ ‏كيف‏ ‏قال‏ ‏لى ‏الأستاذ‏ ‏أن فيلم‏ “‏الاختيار” الذى أعجبنى جدا، وذكرت له ذلك، ‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏قصة ‏ قصيرة مكتوبة كما تخيل البعض، ‏وإنما‏ ‏كانت‏ ‏فكرة حكاها شفاهة ليوسف شاهين، ‏ويرجع الأستاذ إلى اقتراح توفيق فيوافق‏ من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ، ‏ويحدد‏ ‏الميعاد‏ ‏السابعة‏ ‏والنصف‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏أسبوع،ثم يسهم لبعض الوقت، ويعود فجأة رافعا رأسه متجها لتوفيق وهو يقول: ‏تانى؟‏!! ‏سوف‏ ‏تجعلنى ‏أشتغل‏ ‏تانى، ‏وأفكر، ‏ولا‏ ‏أنام، ‏صعب‏ ‏يا‏ ‏توفيق، ‏صعب، ‏وأتعجب‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏الاعتراض، ‏ومع ذلك أضبط نفسى فرحا ‏ ‏بموقفه الثانى أكثر من موافقته الأولى، ‏ ‏لأنه‏ بدا لى ‏أقرب‏ ‏إلى ‏الصدق‏ ‏والواقع، ‏ ‏الأستاذ‏ ‏فى نظامه الجديد ‏ لا‏ ‏يرهق‏ ‏نفسه بما ينبغى وما هو مفروض، ‏مع‏ ‏أنه‏ ‏يفكر‏ ‏أنشط‏ ‏منا، ‏ولعلع يُرهق‏ ‏أيضا‏ ‏أعمق‏ ‏منا، ‏وأتذكرحين‏ ‏سألته‏ ‏عن‏ ‏معنى عيد‏ ‏الميلاد، ‏ومعنى ‏الزمن، ‏وقال‏ ‏لى ‏هذه‏ ‏مسائل‏ ‏فلسفية‏ ‏لا‏ ‏تجرجرنى ‏إليها‏ ‏الآن لو سمحت، وفهمت، وعرفت الفرق بين تفكير سلسل طلق وسط قلوب محبة، وتفكير منظم ملتزم لأداء مهمة بذاتها، وفهمت لماذا فرحت أنه رفض عرض توفيق حالا.

فجأة يلتفت الأستاذ إلى ويرد على سؤال قديم سألته إياه منذ مدة فى إحدى لقاءاتنا الحرافيشية، ربما  منذ أسابيع، ولا أعرف كيف ولا لماذا تذكره فجأة، يقول لى : إنه فاروق صبرى، ويقال إنه ‏أصبح‏ ‏متعدد‏ ‏الملايين،‏ ‏وهو يملك‏ ‏مسرح‏ ‏الهرم‏ ويؤجره منه ‏الزعيم‏ ‏عادل إمام ‏ ‏العام‏ ‏بمليون‏ ‏جنيه‏..، يا خبر يا عمنا، يا خبر، ربنا يحميك.(أنا حتى الآن لست متأكدا من صحة الاسم)

ويعود‏ ‏الكلام‏ – ‏فى منزل‏ ‏توفيق‏- ‏عن‏ ‏قانون‏ ‏الصحافة‏ ‏الجديد، ‏وأتذكر‏ ‏تعليق‏ ‏الأستاذ‏ ‏أن‏ ‏الصحفى ‏سيكتب‏ : ‏جاءتنا‏ ‏هذه‏ ‏الإشاعة‏ ‏الكاذبة‏ ‏التى ‏تقول كذا وكيت، وأن الكاريكاتير سيكون أصلح للتعبير وقد يكتب الصحفى لحماية نفسه مايلى : إنه ‏من‏ ‏وجهة‏ ‏نظر‏ ‏كاريكاتيرية‏: ‏حدث كذا‏ ‏وكيت

ونضحك معا

ما‏ ‏زلنا‏ ‏فى ‏شرفة‏ ‏توفيق، ‏نطل‏ ‏نحن الثلاثة على ‏النيل‏، ‏توفيق‏ ‏يجلس‏ ‏بالقرب‏ ‏من‏ ‏الأستاذ، ‏وأنا‏ ‏أجلس‏ ‏على ‏الكرسى ‏المقابل، ‏موقع‏ ‏يسمح‏ ‏لى ‏بالسرحان‏ ‏الإرادى، ‏أسرح‏ ‏فى ‏لا‏ ‏شىء، ‏أى ‏فى ‏كل‏ ‏شىء، ‏ينتقل‏ ‏السرحان‏ ‏من‏ ‏النيل‏ ‏المتمدد‏ ‏فى ‏قوة، ‏رغم‏ ‏قلة‏ ‏الطمى، ‏إلى ‏هذا‏ ‏المصرى الهرم الحى ‏الذى ‏يجلس‏ ‏قبالتى ‏مليئا ‏ ‏بالحيوية‏ ‏والخلود‏ ‏الحقيقيين، ‏إن‏ ‏الأستاذ‏ ‏لا‏ ‏ينتج‏ ‏الآن، ‏لا‏ ‏يكتب، ‏لا‏ ‏يضيف، ‏لكنه‏ ‏يبدع‏ ‏حياتنا، ذواتنا، ونحن حوله نعكس بعض إشعاعه الخاص ما أمكن ذلك، ‏إشعاع‏ ‏يصلنا‏ ‏منه بيقين ودفء متجددين، ‏هو‏ ‏حضور‏ ‏هادئ‏ ‏يتسحب‏ ‏فى ‏ثقة‏ ‏وقوة‏ ‏واضطراد، ‏أفيق‏ ‏من‏ ‏سرحانى ‏الإرادى ‏على ‏الأستاذ‏ ‏وهو‏ ‏يقاوم‏ ‏الطعمياية‏ ‏الرابعة، ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏يأكل‏ ‏الأستاذ‏ ‏ثلاث‏ ‏طعميات، ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏المطيع‏ ‏عظيم‏ ‏العناد‏ ‏رائع‏ ‏الاستجابة !!!

لماذا‏ ‏نسيت‏ ‏اليوم ما‏ ‏دار‏ ‏خلال‏ ‏ساعتين‏ ‏قضيناهما‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الشرفة‏ ‏الرائعة، ‏لم‏ ‏يبق‏ ‏منه‏ ‏إلا‏ ‏كلام‏ ‏عن‏ ‏العملية الجراحية التى أجراها‏ ‏إبن‏ ‏مصطفى ‏خليل‏ ‏فى ‏إسرائيل‏ ‏وزيارة‏ ‏عزرا‏ ‏وايزمان‏ ‏له، ‏وتصوير‏ ‏التليفزيون‏ ‏لهذه‏ ‏الزيارة، ‏وتصريحات‏ ‏مصطفى ‏خليل‏ ‏بأن‏ ‏إبنه‏ ‏قد‏ ‏أجرى ‏عملية‏ ‏كذا‏ ‏التى ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏من‏ ‏يجريها‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏الجراح‏ ‏الإسرائيلى، ‏ثم يضيف مصطفى خليل‏ ‏أنهم‏ ‏فى ‏مصر‏ ‏لم‏ ‏يتمكنوا‏ من إنقاذ ابنه، وأنهم لا‏ ‏يستطيعون‏ ‏كذا‏ ‏وكيت، ‏ويحكى ‏توفيق‏ ‏كيف‏ ‏ثارت‏ ‏زوجته‏ ‏الفلسطينية‏ ‏على ‏هذه التصريحات التى تقدس كفاءة وتقدم هذا العدو البغيض، ‏وأقول‏ ‏إنه‏ ‏بالرغم‏ ‏من‏ ‏احترامى ‏لهذا‏ ‏االشخص‏ – ‏مصطفى ‏خليل‏- ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏استغلال‏ ‏إصابة‏ ‏إبنه‏ ‏للدعاية‏ ‏هكذا‏ ‏هو‏ ‏أمر‏ ‏مرفوض‏ ‏بكل‏ ‏المقاييس، ‏ثم أعلن مخاوفى من أن السلام مع اأردن قد‏ ‏ينقل‏ ‏مراكز‏ ‏السياحة‏ ‏الطبية‏ ‏إلى ‏الأردن‏ ‏ولبنان‏ ‏وإسرائيل‏ ‏بما‏ ‏سيضر‏ ‏اقتصاد‏ ‏مصر‏ ‏ضررا‏ ‏بالغ‏.‏

وكنت‏ ‏قد‏ ‏ذكرت‏ ‏للأستاذ‏ ‏خبرا يقرر‏ ‏أن‏ ‏تل‏ ‏أبيب‏ ‏هى ‏أكبر‏ ‏بلد‏ ‏فيها‏ ‏دعارة‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏بسبب‏ ‏المهاجرات‏ ‏الروسيات‏ ‏بلا‏ ‏عمل‏ ‏ولا‏ ‏مصدر‏ ‏رزق، ‏

وننصرف وأنا أشعر أنها ليست ليلة حرفوشية كما اعتدت

وألوم نفسى، وجلوسى فى مواجهة الأستاذ، وليس بالقرب من أذنه، وأيضا لأن سرحانى وقتا طويلا بعيدا عنه كان غالبا هذه الليلة،

يا ترى : فى ماذا؟

لم أتبين، لكننى شعرت بتقصير ما أثناء عودتى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *