الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم (68)

فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم (68)

نشرة “الإنسان والتطور”محفوظ

الخميس: 26-4-2018                      

السنة الحادية عشرة

العدد: 3890

فى رحاب نجيب محفوظ

مراجعة وتحديث التناص على الأحلام المتبقية5-4-2018

 (من 53  إلى 210)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)  

 الحلم‏ (68)

ما‏ ‏أجمل‏ ‏هذا‏ ‏المكان‏. ‏إن‏ ‏سماءه‏ ‏وأرضه‏ ‏وما‏ ‏بينهما‏ ‏تتألق‏ ‏بلون‏ ‏الورد‏ ‏الأبيض‏. ‏وجوه‏ ‏آية‏ ‏فى ‏النقاء‏ ‏والصفاء‏. ‏أما‏ ‏معجزته‏ ‏الحقيقية‏ ‏فهى ‏أنه‏ ‏جمع‏ ‏أصدقاء‏ ‏العمر‏ ‏الأحياء‏ ‏منهم‏ ‏والأموات‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يثير‏ ‏ذلك‏ ‏دهشة‏ ‏أحد‏. ‏فلا‏ ‏نحن‏ ‏سألناهم‏ عما‏ ‏وجدوا‏ ‏فى ‏العالم‏ ‏الآخر‏ ‏ولا‏‏هم‏ ‏سألونا‏ ‏عما‏ ‏حدث‏ ‏فى ‏الدنيا‏ ‏عقب‏ ‏رحيلهم‏.‏

ولكنا‏ وجدنا ‏أنفسنا‏ ‏جميعا‏ ‏فى ‏اللهو‏ ‏متمنين‏ ‏أن‏ ‏تدوم‏ ‏الحال، ‏غير‏ ‏أن‏ ‏الحال‏ ‏لم‏ ‏تدم ‏إذ‏ ‏هبطت‏ ‏من‏ ‏السماء‏ ‏سحابة‏ ‏سوداء،‏ ‏حتى ‏ساد‏ ‏الظلام‏ ‏وفرق‏ ‏بيننا،‏ ‏وانهمر‏ ‏مطر‏ ‏مثل‏ ‏الشلالات‏ ‏وتتابع‏ ‏البرق‏ ‏والرعد‏ ‏دون‏ ‏هدنة‏ ‏حتى ‏بلغت‏ ‏القلوب‏ ‏الحناجر‏.‏

وهنا‏ ‏تسلل‏ ‏لأذنى ‏أصوات‏ ‏بعض‏ ‏الأصدقاء

قال‏ ‏الأول‏ “إنها‏ ‏النهاية‏”‏.

وقال‏ ‏الثانى “‏إنى ‏لمحت‏ ‏عند‏ ‏الأفق‏ ‏قبسا‏ ‏من‏ ‏الفرج”‏.

وقال‏ ‏الثالث “‏مهما‏ ‏يكن‏ ‏من‏ ‏الأمر‏ ‏فلا‏ ‏مفر‏ ‏من‏ ‏الحساب‏”.‏

 التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

… حين انقشع الظلام وتوقف المطر – وجدنا أننا قد قسمنا إلى فريقين متميزين، الأحياء فى ناحية والأموات فى ناحية ولم أجد نفسى بين أى من الفريقين، واحتج الأموات وعلت الأصوات وميزت بينها صوتاً يقول: لقد حوسبنا مرة، فكيف نحاسب من جديد!! فجاء رد ميت آخر: أنه كان علينا أن نحذر أن نختلط بهؤلاء الأحياء إذ يبدو أنهم خدعونا وحمّلونا ذنوبهم فقال ميت ثالث: لو كنت أعرف أن المسألة هكذا كنت أقررت بكل ذنوبى، وارتحت، وأخذ الأحياء يستمعون إلى هذا الحوار فى عجب وعدم فهم بالغين.

بلغت بى الحيرة حَداً لم أعد أحتمله، وعزمت أن أنضم إلى فريقى. لكننى لم أعرف أحقية انتمائى إلى أى من الفريقين، فقرصت فخذى فتألمت فعرفت أننى من الأحياء؛ فاندسست بينهم. لكن أحدا منهم لم يتعرف علىّ مع أنهم أصدقاء العمر، فشككت فى نفسى، فتسحبت إلى حيث الفريق الآخر، وقرصت أحد أصدقائى الموتى فجأة وبشدة، فإذا به يقفز من فرط الألم، وحين استدار ورآنى تعرف علىّ، وتصورت أنه سيأخذنى بالحضن يعوّضنى عن تنكر الأصدقاء الأحياء، وإذا به يصفعنى حتى صفرت أذنى مثل بوق عربة بوليس النجدة، فراح يقبل رأسى وهو يعتذر ويتأسف وهو يزعم أنه لم يتحقق من أننى “أنا” هو أنا فعلاً.

صدقته وقلت له بتوسل جاد: ما دمت عرفتنى هكذا، فهل يمكن أن تخبرنى هل أنا منكم أم منهم؟

قال لى: ماذا تقول يا رجل؟ هل هذا كلام؟

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *