الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى الحلم‏ (85)

فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى الحلم‏ (85)

نشرة “الإنسان والتطور”صورة نشرات محفوظ

الخميس: 23-8-2018                         

السنة الحادية عشرة

العدد: 4009

فى رحاب نجيب محفوظ

مراجعة وتحديث التناص على الأحلام المتبقية صورة نشرة 23-8-2018 فقط

 (من 53  إلى 210)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

الحلم‏ (85)

هذه محطة ترام وأنا حائر بين أبعادها لانتظار مجئ ترام ما، ولكن ترقبى لسطوع القمر فى النافذة المطلة على المحطة حيث أختلس نظرة بعد نظرة. وأتمادى فى الطلب وما أكثر الأصدقاء الذين يسألوننى. حتى متى تبقى وحشتى. ولكن أنا فى رحلة لا مفر منها كأنها قضاء وقدر، والحق أنها رحلة شاقة مرهقة وأطول مما تصورت وعند العودة لم يتبين لى إلا قفص مربع هو النافذة ووجدتها بموضعها ولكنها بدت واجمة لا تستجيب ولا تجيب، وكما كنت بالأمس، وقفت تحت النافذة منتظرا غير عابىء بالمارة وأخيرا هبط على صوت حديث كالهمس يتخلله ضحك مكتوم.

ثم سمعت صوتاً يتساءل:

–  ما حكاية الرجل الذى يقف تحت النافذة؟

فأجابه صوت ضحكتها:

–  إنه يبكى عن ذكرى حبيب ومنزل.

التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

…شككت فى نفسى، فأنا صحيح أقف من مدة تحت النافذة، لكننى لم أصدر أى صوت، ولا أنا بكيت أصلاً، فالتفت إلى يمينى فوجدته يبكى بحرقة وتساءلت كيف لم أسمعه وهو بكل هذا القرب؟ ورحت ألوم نفسى أننى لست أنا الذى كنت أبكى، وتصورت أنه كان علىّ أن أبكى وأنشج بصوت مرتفع حتى تسمعنى، وقد تتعطف علىّ بإطلالة، أو على الأقل أنال نصيبى من هذه التعليقات الحانية الساخرة معا.

لاحظت أن دموع الرجل بجوارى تسيل فعلا بغزارة، وهو غارق فى صمته، ثم أخذت الدموع تتجمع، وتتوالد، وتتكاثر، ثم تتدفق بسرعة مذهلة، وكأنها شلال يهدر، حتى راحت تحفر فى الأرض مجرى سرعان ما اتسع وصار نهرا جاريا يتلألأ ضوء القمر على صفحته، فقفزت إلى الزورق الذى اقترب من الشاطئ وكأنه يدعونى شخصيا إليه.

…..

يتغير المنظر لأجدنى فى ترام آخر، ليس تراما تماما، وسمعت الميكرفون يعلن وصول الديزل الأسبانى إلى محطة طنطا، ووجدتها تركب القطار وتتجه إلى الكرسى الوحيد الخالى بجوارى، فتزحزحت قليلا نحو النافذة، لكنها مضت فى الممر حتى تجاوزتْنى، واستمرت حتى نزلت من باب العربة الناحية الأخرى

وقام القطار مواصلا رحلته إلى الاسكندرية وقد عاودنى رعب الزورق والأغنية، ونظرت من النافذة، لكن القطار كان يسير بأقصى سرعته.

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *