الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم‏ (77)

فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم‏ (77)

نشرة “الإنسان والتطور”صورة نشرات محفوظ

الخميس: 28-6-2018                

السنة الحادية عشرة

العدد: 3953

 

فى رحاب نجيب محفوظصورة نشرات محفوظ

مراجعة وتحديث التناص على الأحلام المتبقية

 (من 53  إلى 210)

 

تقاسيم على اللحن الأساسى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (77)

انعطفت‏ ‏إلى ‏الشارع‏ ‏الجانبى ‏الهادئ‏ ‏حاملا‏ ‏حقيبتى ‏بيدى، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏تلقيت‏ ‏من‏ ‏الطريق‏ ‏سيلا‏ ‏من‏ ‏الذكريات‏ ‏والأشواق‏ ‏المحفوفة‏ ‏بالقلق‏ ‏والخوف‏.‏

وتوقعت‏ ‏عتابا‏ ‏على ‏غيبتى ‏غير‏ ‏القصير‏ة ‏واستعددت‏ ‏له‏‏ بالمعاذير‏ ‏المناسبة‏.‏

وبلغت‏ ‏مدخل‏ ‏العمارة‏. ‏فلاحت‏ ‏لى ‏الشقة‏ ‏الأرضية‏ ‏على ‏بعد‏ ‏أربع‏ ‏درجات‏ ‏من‏ ‏السلم‏ ‏وضغطت‏ ‏على ‏الجرس‏ ‏متطلعا‏ ‏بوجه‏ ‏باسم‏، ‏وفتحت‏ ‏الشراعة‏ ‏عن‏ ‏وجه‏ ‏رجل‏ ‏غريب‏ ‏فى ‏جلباب‏ ‏منزلى ‏يوحى ‏بأنه‏ ‏صاحب‏ ‏المكان‏ ‏وفجأة‏ ‏هوى ‏وجدانى ‏الملتهب‏ ‏إلى ‏قاعة‏ ‏بحيرة‏ ‏جليدية‏ ‏وفكرت‏ ‏بسرعة‏ ‏فى ‏اختلاق‏ ‏كذبة‏ ‏تنتشلنى ‏من‏ ‏ورطتى ‏فادعيت‏ ‏أنى ‏تهت‏ ‏وأبحث‏ ‏عن‏ ‏سكن‏ ‏فلان‏ ‏أفندى ‏المدرس‏ ‏وأننى ‏ضللت‏ ‏العمارة‏ ‏فقال‏ ‏الرجل‏ ‏وهو‏ ‏يتفرس‏ ‏فى ‏وجهى ‏بارتياب‏ ‏وتحفز‏.‏

‏- ‏هذه‏ ‏شقته‏ ‏وهو‏ ‏فى ‏الداخل‏ ‏فمن‏ ‏حضرتك‏ ‏لأبلغه؟

وأدركت‏ ‏أننى ‏انكشفت‏ ‏وخرست‏ ‏مبهوتا‏ ‏فارتفع‏ ‏صوت‏ ‏الرجل‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏:‏

‏- ‏ما‏ ‏أنت‏ ‏إلا‏ ‏كذاب‏ ‏وفاسق‏ ‏مثل‏ ‏جميع‏ ‏من‏ ‏جاءونى ‏قبلك‏.‏

ولم‏ ‏أطق‏ ‏المزيد‏ ‏فهرولت‏ ‏نازلا‏ًً ‏وكدت‏ ‏أفقد‏ ‏توازنى ‏فسقطت‏ ‏الحقيبة‏ ‏من‏ ‏يدى ‏وانفتحت‏ ‏فظهر‏ ‏داخلها‏ ‏زجاجة‏ ‏نبيذ‏ ‏وكيلو‏ ‏كباب‏ ‏فى ‏طبق‏ ‏من‏ ‏ورق‏، ‏ولكنى ‏لم‏ ‏أكن‏ ‏أفكر‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏أمر‏ ‏واحد‏ ‏وهو‏ ‏أن‏ ‏أختفى ‏فى ‏سرعة‏ ‏البرق‏.‏

 التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

…. انطلقت إلى الشارع الرئيسى مهرولا أنظر خلفى خائفا، وأسرعت الخطى وأنا أتلفت، حتى مضى وقت كاف، ثم وجدت نفسى أرجع من نفس الطريق، وصلت إلى نفس الشارع الجانبى، وبعد أن تأكدت من خلوه من المارة- اتجهت مباشرة إلى حيث سقطت الحقيبة ووجدت أن زجاجة النبيذ لم تنكسر، كما كان كيلو الكباب ملفوفا كما هو داخل طبق الورق، ولم أكد ألمسه حتى فاحت رائحة كريهة، فكرت أن آخذ زجاجة النبيذ وأمضى مستعوضا الله فى كيلو الكباب، لكننى قررت أن أتخلص من لفة الكباب وكأنها ستدل علىّ، فى أقرب صندوق قمامة، حملتها بعيدا عنى ما استطعت تجنبا للرائحة، وإذا بسرب من  القطط المتوحشة تهجم على  اللفة فى يدى فتركتها تسقط وهممت أن أعدو بعيدا إلا أننى تسمرت فى مكانى وكأن شللا أصابنى، هجمت القطط المتوحشة على اللفة تنهشها نهشاً، وخفت أن يأتى الدور علىّ وأنا فى هذه الحال من الشلل. وإذا بى أجد مجموعة أكبر من الكلاب المتوحشة تقترب عدوا من أقصى الشارع، فتدور معركة  دموية بين القطط والكلاب، وأنا أزداد رعباً وأزداد عجزاً، وفجأة لاح لى قادم من بعيد  أنست له وكدت أستغيث به، ثم تبينت أنه الرجل الذى فتح لى الباب، وحين لمحنى وتأكد من أننى أنا، أشار للكلاب والقطط بيده إشارة سحرية غامضة، فتوقفت المعركة، وانصرفت الكلاب إلى ناحية، والقطط إلى ناحية  وأشار لى الرجل بيده وقال اتبعنى، فتبعته فرحا وأنا أسرع الخطى لألحق به، لكن المسافة ظلت تزيد بيننا بشكل متسارع، حتى اختفى، ووجدت نفسى فى شارع آخر، به عمارات أخرى، وكأنى فى زمن آخر، لكننى سمعت نباح الكلاب ومواء القطط وهى تعود فتدنو أكثر فأكثر، فعرفت أن المؤامرة قد حبكت أطرافها أوثق مما كنت أتصور، وسلمت أمرى لله.

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *