الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فصامى يعلمنا (7): وقفة مراجعة، وربما تراجع!

فصامى يعلمنا (7): وقفة مراجعة، وربما تراجع!

“نشرة” الإنسان والتطور

  12-5-2009

العدد: 620

فصامى يعلمنا (7):

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى أو التدريبى).

وقفة مراجعة، وربما تراجع!

هذا هو الجزء السابع من عرض هذه الحالة

 وانتباها إلى عزوف الزملاء وأصدقاء الموقع عن التعقيب على هذه الحالة المهمة –من وجهة نظرى- وما تقدمه من فروض (وهذا ما أشرنا إليه فى بريد الجمعة الماضى) سوف  أقوم بتحوير طريقة التقديم اعتبارا من نشرة اليوم لأسباب عملية، حتى لو انتقص ذلك من تفاصيل كانت يمكن أن تفيدنا، فى محاولة تقييم الفرض أو تقنينه وفيما يلى تبرير ذلك مع الاقتراحات البديلة:

أولا: يصعب، بل يكاد يستحيل أن أطلب من القارئ أن يرجع كل مرة للحلقات السابقة.

ثانيا: لاحظت كيف تتولد فروض جديدة تحتاج للربط بالفرض الأول (الحلقة الأولى) ثم بما تفرع حوله من فروض، الأمر الذى تصعب –أيضا- متابعته.

ثالثا: لن ألتزم من الآن بإثبات نص المقابلة كله حرفيا، فقد راجعت ما تبقى من صفحات فزدات عن ثمانين صفحة، من القطع الكبير بها من التكرار ما بها، وهذا ربما يؤدى بالقارىء إلى الإملال أو التشتت.

رابعا: سوف أكتفى بالإشارة فى الهامش إلى عناوين وملاحظات علمية مختصرة، دون إطالة كما فى الحلقة السابقة، فقد نبهنى بعض الأصدقاء أن النظر فى الهوامش أولا بأول يقطع سياق متابعة الحوار، ويحرم القارئ من التلقى المباشر بطريقته الخاصة، دون وصاية الهوامش (وقد نفصل الهوامش لاحقا حين ننشر الحالة كلها فى كتاب ورقى يسمح بالرجوع والعودة).

وبعد

من باب الاعتذار أو التذكرة، سوف نقصر نشرة اليوم على مايلى:

1- إعادة ملخص أسباب التقديم (النشرة الأولى) بتاريخ 21-4-2009  “فصامى” يعلمنا(1): “كيف الفصام”، “دون أن ينفصم”!!

2-إعادة نشر موجز الحالة (النشرة الثانية) بتاريخ 22-4-2009 “فصامى” يعلمنا(2): الوضوح الغامض

3- إعادة نشر الفرض الأساسى والفروض المتفرعة (النشرة الخامسة) بتاريخ 5-5-2009 “فصامى” يعلمنا(5): استعادة “الفرض” وإضافة محدودة إليه

– نشر أهم ما وصلنا إليه فى آخر نشرة وما قبلها.

الجزء الأول من النشرة الأولى بعنوان:

“فصامى” يعلمنا(1): “كيف الفصام”، “دون أن ينفصم”!!

ملحوظة: (ما بين الأقواس مضاف اليوم)

أما أنه فصامى، فقد اكتملت فيه كل محكات تشخيص الفصام فى الدليل الأمريكى الرابع، وإلى درجة أقل، فى التصنيف العالمى العاشر، وبشكل أو بآخر: فى التقسيم المصرى (العربى) الأول.

أما أنه رصد حركية الانفصام فوصفها بكل ما عرفت به (وما لم تعرف به!) إمراضية الفصام، فهذا ما سوف نراه سويا (ما رأيناه) من واقع شكواه، وفحصه والحوار معه (حتى الآن وفيما بعد)

أما أنه لم ينفصم، فهذا ما حدث إذ ظل محتفظا بتماسكه، واحدا صحيحا، لم يتفسخ، ولم يتبلد، ولم ينسحب تماما، ولم يفقد إرادته الخاصة التى فرض بها فى نهاية المطاف قرار سفره للخارج (لأكل العيش) بمخاطرة متحدية محسوبة.

أظن أن الأمر ازداد غموضا برغم هذه المقدمة المتسحبة

فليكن

تعالوا نتابع (نراجع) فحص الحالة (حتى الآن، وفيما بعد) والحوار معها وننسى العنوان تماما،

– المهم:

 سواء صح أم لم يصح : أنه فصامى،

سواء صحّ أم لم يصح أنه رأى حركية الانفصام ووصفها، بداخله وخارجه

سواء صح أم لم يصح أنه – برغم ذلك – لم ينفصم، بما حاور وقرر وفعل

سواء صح أى من ذلك أم لم يصح، فلا يمكن أن تصل إلى ما أريد توصيله:

  1. إلا إذا: نسيتَ تماما هذا العنوان
  2. إلا إذا: نسيتَ كل ما سمعته عن الفصام خاصة من العامة والهواة ، والأطباء النفسيين أيضا:غالبا،
  3. إلا إذا: تذكرت أن التقسيمات الأحدث جدا ، الامريكى الرابع، والعالمى العاشر، تُوفر “الاتفاق” -ثبات استعمال نفس اللفظ لوصف مجموعة من السلوك المرضى: الأعراض- فى حين أنها تفتقر تماما إلى المصداقية – حيث لا يتضمن اللفظ المستعمل نفس المضمون أو نفس المحتوى أو نفس المعنى عند من يستعملونه: أنظر نشرة 2-12-2007 بعنوان تشخيص الفصام دون تحديد ماهيته!!”)
  4. إلا إذا: صدقتَ كل إلا إذا أو أغلب، ما يقوله المريض، دون الإسراع بتكذيبه، أو اتهامه بالغموض على الأقل
  5. إلا إذا: صبرتَ علينا حتى تنتهى حلقات العرض
  6. إلا إذا: تذكرتَ أننا لا نبحث عن اسم آخر (تشخيص آخر) أكثر تلاؤما مع الحالة أو صلاحية لفهمها، وإنما نبحث فى ما هو ماثل أمامنا أولا، لما نحن مكلفون به (العلاج هنا).

الجزء الثانى من النشرة بعنوان:

 “فصامى” يعلمنا(2): الوضوح الغامض

رشاد مَرِضَ، وتوقف سنة ونصف عن العمل، وقبل بضعة شهور عانى من نوبة سابقة دخل بسببها نفس المستشفى -قصر العينى-، وشفَى منها بسرعة لكنه لم يعاود العمل، قبل ذلك جاء بنفسه وحده يشكو من أحاسيس غريبة حول ما جرى ويجرى “فى مخه” بالإضافة إلى ضلالات الاضطهاد والهلاوس السمعية، وشفافية أو فقد أبعاد الذات، وأن ما يدور بخلده أصبح مشاعا، ومذاعا، وقد انسحب من مخالطة الناس مع توقفه عن العمل، وأفرط فى النوم، وكان يتهيج أحيانا لمدة قصيره حين يستثار.

وقد شخصت حالته على أنها “فصام بارانوى، بكل دلائل التشخيص العالمى والأمريكى والمصرى (العربى).

(وقد استعمل رشاد لغة خاصة، وعامة، أشارت إلى احتمال رؤيته لحركية المرض داخله، فى ذلك تباطؤ التربيط، وخلخلة التشكيل، وضعف التمثيل الفورى للمعلومات، وما ترتب عليه من مشاعر وأعراض وشكوى وإعاقات)

الجزء الثالث من النشرة بعنوان:

“فصامى” يعلمنا(5) : استعادة “الفرض” وإضافة محدودة إليه

الفرض:

إن ثمة عين داخلية (آلة “حس” داخلية لها علاقة بالحواس وما حولها)، هى نوع متطور من الإدراك القديم، (مراحل الادراك الأولى إلى ما قبل الإنسان)، (وهذه الحاسة الداخلية – العين الداخلية) تستطيع أن ترصد الداخل بما هو، وهى تنشط فى النوم أثناء النشاط الحالم أساسا -نوم حركة العين السريعة  REM“ريم”-، كما تنشط فى بداية الذهان خاصة، وهى ترصد الداخل “بما هو” فى البداية، كما قد تتعامل معه بآليات الذهن الأحدث من خيال، ولغة، وتفكير، وذاكرة،

 فى هذه الحالة التى نقدمها، تَمَّ رصد عملية الانشقاق (الفصم)، وأيضا عملية الصعوبة التى لحقت آلية “فعلنة المعلومات” حتى أصبحت كأنها “ترى” بالعرض البطىء

الفروض الفرعية التى ظهرت حتى الآن – النشرة الخامسة:

(أ) إن داخل البشر حقيقة موضوعية -واقع موضوعى- وليس مجرد ذكريات أو نفى  لما هو “شعور”، “لا” شعور.

(ب) إن (القدرة على) رصد التفكك بواسطة رشاد (ومثله) لا يترتب عليه تلقائيا حدوث التفكك سلوكيا وأعراضاً.

(جـ) إن تصديق (نصدّق أن ما يقوله المريض هو وصف لواقعه الداخلى وليس تربيتا أو تخيلا) فى مثل هذه الحالات، قبل ترجمة خبرته إلى أعراض وقبل تسميته باسم مرض بذاته، هو مفيد علميا وعلاجيا.

(د) إن هذا المنهج قد يحل إشكالة … (تفسير) العلاجات الشعبية، وأيضا قد يساعد فى الاستفادة من الفهم الإمراضى التركيبى لصالح إعادة التشكيل الصحى للمريض.

(هـ) إنه يمكن التحاور مع المريض الذهانى (بما فى ذلك الفصامى) على مستوى عال من التماسك والتفاهم.

تطويرا لهذا الفرض الأساسى بعد ما عرضنا من هذه الحالة حتى الآن، نقدم فروضا فرعية أكثر اتصالا بإشكالة الفصام:

(1) فى الفصام تختل عملية “فعلنة المعلومات” Information Processing فى مراحلها المختلفة، الإدخال Input ، والفعلنة، Processing  والإخراج  Output.

(2) فى الفصام ينقطع -بدرجات مختلفة التواصل التكاملى … بين النصفين الكرويين (وبين مستويات أخرى من التركيب الدماغى).

(3) مع تمادى الانشقاق (الوظيفى) بين النصفين الكرويين تصبح عملية فعلنة المعلومات منقسمة أو بطيئة أو معطلة أو عشوائية ، أو كل ذلك، حسب مرحلة ودرجة الفصام – ومن ثَمَّ حسب نوعه.

(4) فى الفصام البادئ Incipient وأحيانا فى الفصام المتماسك، وأحيانا أيضا ليست نادرة، فى أنواع تبدو متدهورة من الفصام، يمكن للمريض أن يصف هذا الخلل الذى حدث كأنه يراه رأى العين، وبالسرعة البطيئة (وهذا هو الهدف الأساسى من تقديم هذه الحالة، وربما مثلها مستقبلا).

(5) يختلف وصف المريض لحالته باختلاف ثقافته، ولغته، وطلاقته، وأيضا باختلاف درجة سماح المتلقى -الطبيب المعالج أساسا-، وصبره ومحاولة استيعابه (بشكل جاد لكل ما يقوله، ويفعله المريض دون استثناء).

(6) هذا الخلل كله أو أغلبه ليس خللا أوليا، وإنما هو مترتب على إمراضية أساسية، تتمثل فى تنشيط غائِىّ لمستويات أقدم من مستويات الوعى ، وهى المستويات المقابلة لمستويات الدماغ المرتبة هيراركيا تطوريا، وغائيا،

(7) هذه المستويات الأقدم التى استعادت نشاطها حتى السيطرة النسبية، جعلتها تحفز الانسحاب والنكوص، وبالتالى هى … تستولى على قدر من الطاقة الحيوية (الأمر الذى يؤدى إلى انسحاب كل من الطاقة من المخ الأحدث، علما بأنها الطاقة) الضرورية للتكامل فى فعلنة المعلومات وغيرها،

(8) يترتب على سحب الطاقة من المخ الأحدث أن يفتقر إلى مرونة التماسك وجدلية الفعلنة.

(9) يترتب على ذلك أيضا أن تنشق “واحدية Oneness” الدماغ (تدريجيا، أو مرة واحدة، أو على مراحل كما فى هذه الحالة)، فيعبر عنها أحيانا انها انشقت إلى نصفين، كما فى حالة رشاد.

(10) تنفصل وحدات وظائفه (الدماغ) عن بعضها البعض، وقد يحدث ذلك دون المرور بمرحلة الشق إلى نصفين التى سماها رشاد هنا : المِجْرى، ثم الأُوَضْ، وتصبح الحركة فيما بينهما دفقية -من الدفقة- متقطعة وأيضا مشتتة بشكل أو بآخر.

(11)  هكذا يفقد المخ “الكل” البشرى واحديته، وكذلك يفقد تمحوره حول فكرة غائية، (ليس بمعنى الفكرة التى تستعمل فى التفكير)، وإنما بمعنى التوجه الغائى الضام لكل واحدات الوعى والدماغ والوجدان على كل المستويات.

(12) يترتب على ذلك أن تدخل المعلومات إلى هذه القطاعات مجزأة أو متدفقة، وبدلا من “الفعلنة” للتمثل والامتزاج قد تسلك مسارات مستقلة أو متعارضة، أو عشوائية فى بعض الأحيان (وهذا ما يعبر عنه رشاد تحديدا).

(13) فى أطوار معينة من المرض، يمكن للمريض أن يرصد كل ذلك أو أغلب ذلك، بدرجة أو بأخرى، باللغة المتاحة له حسب تركيبه وثقافته وحسب درجة تماسكه …..

وبعد                          

لا أعتقد أن هذه المراجعة سوف تساعد فى الحفز إلى إعادة قراءة الحالة (الست أجزاء السابقة؟ صفحة بالاضافة إلى مالا أدرى من أجزاء متبقية، حتى بعد الحذف والتعديل، ومع ذلك فقد تراجعت عن التراجع بالذات لهذه الحالة، إذ يبدو أن الأمر لم يعد بيدى إلا بالنسبة لحالات لاحقة.

ولننتظر لنرى

نصيحة: أنصح من يستطيع أن يصبر على متابعة الحالة أن يفصل نشرة اليوم عن سائر النشرات، وأن يتابع محاولة اثبات الفرص من واقع ما نشر وما سوف ينشر.

(وكله بثوابه!!)

وغدا نكمل حوار المقابلة بتاريخ 9/4 التى قطعنا الأسبوع الماضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *