الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / عن الالتزام بتقديم خبرات من ثقافة مختلفة (هذه النشرة والمنتدى، وجدوى المؤتمرات)

عن الالتزام بتقديم خبرات من ثقافة مختلفة (هذه النشرة والمنتدى، وجدوى المؤتمرات)

“نشرة” الإنسان والتطور

7-1-2008

العدد: 129

عن الالتزام بتقديم خبرات من ثقافة مختلفة

(هذه النشرة والمنتدى، وجدوى المؤتمرات)

منذ بداية هذا الشهر، وأنا فى حيرة حقيقية إزاء تقرير ما ينبغى أن أقدمه فى هذه النشرة اليومية، ما دامت المسألة قد لقيت هذا الاهتمام الطيب حتى تجاوزت مجرد أن أضع أفكارى وآرائى المحبوسة فى حاسوبى أو من أوراقى، أمام من يهمه الأمر، قبل أن أرحل.

التساؤل الذى ألح ويلح علىّ هو تحديد من هؤلاء “الذين يهمهم الأمر“، بل إن سؤالا أصعب يقفز ليتقدم يقول: ما هو هذا الامر؟ وقد سهل علىّ الإجابة الابن جمال ترك بالعشر كلمات التى لخص فيها ما انتهى إليه وجودى فى هذه النشرة، والتى أشرت إليها من قبل فى يومية أول يناير 2008 (يوم بداية الملتقى) ولا أجد حرجاً فى تكرارها، الأمر هو “…قراءته اليومية للنص البشرى فى سوائه واضطرابه من منظور تطورى”

 ثم إنى فوجئت أيضا بخطابه إلى الزملاء، وهو يحدد شروط المشاركة (أو الدخول) إلى هذا المنتدى، وذلك فى قوله دعوة المشاركة فى المنتدى مفتوحة للجميع، ولا يشترط فيها إلا أن يكون الإنسان “إنسانا”

استقبلت هذا الشرط فرحا فى أول الأمر، إذن لا شروط، ولا اقتصار على تخصص بذاته، ولا مقابل، لكننى بعد أن أعدت قراءة الشرط  الذى كتبه “أن يكون الإنسان إنسانا” وقد سوده بالبنط الأسود، توقفت طويلا أمام هذا الشرط خشية أن أعجز شخصيا أن أحدد الحد الأدنى الذى يسمح لى أن أشرف بهذه الصفة “أن أكون إنساناً“،

الأمر ليس مجازا، إن المتلفت حوله ليرى ما يجرى فى العالم، مِنْ قتل، وإبادة، وإجرام، واستعلاء، وتطهير عرقى، وكذب، مقارنة بسلوك الحيوانات “المتحضرة” التى استطاعت أن تصارع كل ظروف التاريخ لتبقى بعد أن انقرض 999 % من أنواع الأحياء (1) جميعا  عبر التاريخ ولم يبقِ إلا هذا الواحد فى الألف الذى لابد أن النوع الانسانى هو أحد أفراده، ومع ذلك، فأنا أشك الآن فى موقع هذا النوع الإنسانى على متدرج الانقراض القادم، وأعتقد – مع أنى لن أتنازل عن تفاؤلى أبدا – أن نوعنا يقع فى مقدمة الأحياء الحالية (من الواحد فى الألف) الباقية، المعرضة للانقراض أسرع من غيرها.

المهم:

إذا كان علينا أن نساهم فى الحفاظ على أمل بقاء نوعنا، أو على الأقل زحزحته بعيدا نسبيا عن مصير الانقراض السريع، فلا يكفى أن ننتبه إلى الاقلال من  المخاطر المحيطة بنا، أو تجنب المصائب التى نفعلها بنوعنا، وإنما علينا أن نسارع بالإسهام الإيجابى بالرؤية، والإضافة، والابداع والتخطيط والتفعيل لانقاذ هذا النوع الجيد من الأحياء المسمى “الانسان“.

لكى يتحقق بعض ذلك – إن شاء الله – على كل واحد أن يبدأ من حيث هو، لا ليؤكد اختلافه وتميزه، ولكن لأن هذا هو الممكن والطبيعى، وأن يعتبر أن أية إضافة حقيقية يحققها لصالح ناسه، هى ليست إيجابيه بالمعنى الذى أعنيه، إلا إذا كانت هى هى لصالح كل الناس، بما فى ذلك خصومه،

وإذا كان هذا الافتراض يبدو صعبا لأول وهلة، فلنتذكر :

أولا: أن الأنواع الأخرى التى يفترض أنها أدنى، قد حققت هذا التكامل بين نوعها، والأنواع الأخرى، بشكل ما، وإلا لما بقيت ضمن الواحد فى الألف التى ظلت أحياء حتى الآن؛

ثانياً: أن الفرصة الرائعة التى أتاحتها شبكة التواصل العالمية هكذا بين كل البشر (تقريبا) أمكنها تجاوز السلطات الحاكمة والمؤسسات الجاثمة، مما يجعل إنقاذ البشر فرض عين على الجميع وليس مهمة السلطات فحسب.

مقدمة كتابٍ ما

انطلاقا من هذه النقطة الأخيرة، ومع الوضع فى الاعتبار ضرورة البدء فى ترجيح الجرعة الطبنفسية والنفسية عموما فى هذه اليومية (برغم عدم تخصصها) رحت أعيد ترتيب أوراقى وأفكارى للانتقاء من بينها مايصلح للوفاء بما تصورته أن له بعض الأولوية، ولو مرحليا

 أثناء تدريسى فى قصر العينى على حالة ليست نموذجية، ومع حيرتنا فى وضع تشخيص مناسب (وهو أمر ثانوى بالنسبة لنوع ما أقدمه لطلبتى، بمعنى أن التشخيص يأتى فى المقام الرابع أو الخامس وأحيانا الأخير فى الأهمية أثناء رسم بورتريه للحالة يسمى “صياغة الحالة”)، أقول مع حيرتنا فى تشخيص تلك الحالة ذكر لى أحد طلبتى –زملائى- ما سبق أن أشرت إليه عن كتابتى وصف لستة ذهانات غير نموذجية (2)، واختار مقدم الحالة أحدها ليكون تشخيصا فارقيا  Differential Diagnosis، ثم أنه طلب منى فى لقاء تال أن أُحضر له ما كتبته عن هذه الذهانات الست، فبحثت عنها، وكنت أحسب  أنها إحدى افتتاحياتى فى المجلة المصرية للطب النفسى، حين كنت رئيس تحرير مشارك فيها، لكن سكرتاريتى لم تجدها، وبدلا من ذلك أحضرت لى مسودة كتاب لى بأكمله سجلتُ فيه هذه الذهانات، باسم “رؤية (عربية) مصرية فى مسألة تصنيف وتشخيص الأمراض النفسية من منطلق تركيبى- غائى 1992)(3)، وبداخله هذه الذهانات الستة، وإذا بى أفاجأ فى أول صفحة بعد العنوان بأننى أهديته إلى:

“إلى ‏زملاء‏ ‏المهنة‏ ‏الذين‏ ‏لم‏ ‏تتح‏ ‏لى ‏فرصة‏ ‏أن‏ ‏أتشرف‏ ‏بالحوار‏ ‏معهم‏ ‏أوالتدريس‏ ‏لهم‏ ‏مباشرة‏.‏

أهدى ‏هذه‏ ‏الملاحظات‏ ‏الإكلينكية، ‏و‏‏الفروض‏ ‏العاملة، ‏لعل‏ ‏بعضها‏ ‏يتحقق‏ ‏على ‏يديهم، ‏ولعل‏ ‏الآخر‏ ‏يـُنفى ‏بفضلهم”‏.‏

أما كلمة الكتاب فكانت هكذا:

“سوف‏ ‏يكون‏ ‏حساب‏ ‏التاريخ‏-‏والحق‏ ‏تعالي‏-‏عسيرا‏ ‏عسيرا‏ ‏لو‏ ‏تنازلنا‏ ‏عن‏ ‏حقنا‏ ‏فى ‏أن‏ ‏نـرى ‏ونرصـد‏ ‏ونفكر‏ ‏ونراجع، ‏مخترقين‏ ‏الوصاية‏ ‏والاستعلاء‏ ‏والإنكار‏ ‏والمناهج‏ ‏المكبلة‏ ‏الجامدة‏.‏

ثم إنى ألحقت بدعاء قلت فيه:

اللهم‏ ‏إنا‏ ‏نعوذ‏ ‏بك‏ ‏أن‏ ‏نَسْتسهلَ‏ ‏أو‏ ‏نــُطْحـن، ‏من‏ ‏داخلٍ‏ٍ ‏أو‏ ‏من‏ ‏خارجْ‏.‏

اللهم‏ ‏واجعل‏ ‏عملنا‏ ‏خالصا‏ ‏للمعرفة‏ ‏الحقيقية،

‏وسامح‏ ‏المطفِّفِين‏ ‏من‏ ‏الفرنجة، ‏الذين‏ ‏إذا‏ ‏اكتالوا‏ ‏علينا‏ ‏يستوفون، ‏وإذا‏ ‏كالونا‏ ‏أو‏ ‏وزنونا‏ ‏يخسرون‏.‏

اللهم‏ ‏لاتحرمنا‏ ‏فضلهم، ‏ولا‏ ‏توقفنا‏ ‏عندهم، ‏وألْهِمنا‏ ‏كدح‏ ‏السعى ‏إلى ‏الحقِّ، ‏إليك، ‏لا‏ ‏إليهم‏.‏

اللهم‏ ‏لا‏ ‏تجعل‏ ‏كل‏ ‏همنا‏ ‏أن‏ ‏يقولوا‏ ‏لنا‏ “برافو‏”.‏

‏ ‏ولا‏ ‏تَكِلْنَا‏ ‏إلى ‏أنفسنا‏ ‏متصوِّرين‏ ‏أننا‏ ‏أحسن‏ ‏منهم‏ ‏بمجرد‏ ‏حسن‏ ‏النية‏ ‏أو‏ ‏تعصب‏ ‏المستضعفين‏.‏

‏ ‏وامنحنا‏ ‏القدرة‏ ‏أن‏ ‏نضيف‏ ‏إليهم‏ ‏ما‏ ‏نعرف، ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏نستطيع،

… ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏قليلا‏ ‏ما‏ ‏دمنا‏ ‏نمعن‏ ‏النظر، ‏ونحاول‏ ‏الفهم، ‏ونبادر‏ ‏بالتسجيل، ‏ولا‏ ‏نخشى ‏النشر‏.”‏

يا خبر!!

إذن، فأنا أعرف لمن أوجّه الخطاب منذ 16 عاماً (أو ربما منذ خمسين عاما) (4)أعرف من يهمه الأمر، وأعرف ما ينبغى فعله، فلماذا لم تبين ذلك بهذا الوضوح إلا الآن ؟

ولكن كيف يصل خطابى إلى هذا الذى تَحدَّدَ هكذا فعلاً؟

حتى لو نشرت خبرتى الإكلينيكية والتنظيرية هذه فى “كتاب” فمن الذى يقرأه بعد ما تبينت واقع وحدود نشر كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” والذى أشرت إلى انتشاره ومآله فى يومية سابقة ؟ خلال عشرين عاما منذ نشره 1979

الأكثر مضاعفة لصعوبة نشر الفكر الجديد، أو الفكر الآخر، أو الفكر المخالف، هو أننى أمتنعت عن المشاركة فى كل الامتحانات الأكاديمية، وأغلب المؤتمرات العلمية،

فما العمل ؟

ثم تطورت الأمور، وظهر ما يسمى المدونات والمواقع الخاصة، وعرفت طريق أن يكون لى موقع متواضع، وفرحت فرحا يعلمه الله بهذا الجهد الهائل الذى يقوم به هذا الابن الكريم د. جمال ترك  فى تونس إلى العالم، ورحت أقارن مرغما بين محدوية إمكان توصيل كلمتى عبر التدريس والامتحانات، وعبر المجلات والمؤتمرات، وبين هذه الفرصة الرحبة التى وجدتها أمامى واعدة، وفى نفس الوقت متحدية.

لبيان هذا الفرق الحقيقى قدرت أن أبدأ بإعادة نشر بعد ما سجلت من مواقف أثناء وبعد (وقبل حضورى) بعض المؤتمرات على الوجه التالى:

المؤتمرات وأنا!!

مؤخرا (خلال الشهرين الماضيين)، جاءتنى ثلاث دعوات للمشاركة فى مؤتمرات علمية، كالتالى:

الأولى: من البحرين للمشاركة فى مؤتمر عقد  فى أواخر نوفمبر الماضى2007

الثانية: من قسم الطب النفسى قصر العينى  سوف يعقد بتاريخ 7 فبراير 2008

 الثالثة: من مستشفى عرفان باجادو بالسعودية ستعقد بتاريخ 5 ، 6 مارس 2008    

الحديث عن الدعوة الأولى:

فقد وصلتنى رسالة كريمة ، ودعوة صادقة، وبثقة أشرف بها للمشاركة فى هذا المؤتمر حيث وضعونى حيث اعتقدوا أننى أستأهل، وقد حمدت لهم كل ذلك ووعدت بإلقاء كلمة عن “الأمراض النفسية بين الواحدية والتجزئ التصنيفى “Unitary وحين حالت الظروف الخاصة دون سفرى أرسلت لهم أعتذر، واعدًا أن أجعل الورقة (المداخلة) التى كنت سألقيها فى المؤتمر متاحة فى موقعى  لمن يهمه الأمر، مع شرح توضيحى مصاحب لعرض الشرائح بصوتى، كما أعلنتهم أننى على استعداد لتلقى المناقشات حولها وكذا، وكيت. إلا أنهم -ربما لفرط إنشغالهم بالإعداد للمؤتمر- لم يردوا علىّ بالموافقة (ولا بالاستلام!)، وتركونى لأحوالى الخاصة التى حالت دون مشاركتى… إلخ.

وحين وجدت – وأنا أقلب فى هذا الكتاب الذى عثرت عليه مؤخرا- أننى كنت مشاركا فى مؤتمر سابق فى البحرين عقد فى 28-30 أكتوبر سنة 1991، حضرتنى نفس المشاعر المتحفظة على ما جرى، وسجلتها شعراً ساخرا (أنظر بعد).

رحت من خلال هذه الخبرات السابقة والحالية، وبعد ظهور الموقع، ثم هذه النشرة التى تكتب يوميا منذ أكثر من 128 يوما، ثم المنتدى رحت أبحث عن زملائى وأساتذتى وطلبتى الذين يحضرون هذه المؤتمرات ليسمعونى خلال 30 دقيقة كل بضعة سنين، ويناقشونى دقيقة أو اثنتين بعد كل محاضرة، ونتحاضَنُ ونأكل بقية الوقت، رحبت أبحث عنهم، وأعاتبهم، وأدعوهم الجمعة تلو الجمعة، وكل صباح، فلم يستجيبوا لى ، حتى أولئك الذين دعونى إلى البحرين مشكورين مؤخراً ، لم يبلغنى أنهم تابعوا حرفا مما أكتب طبعا معهم أعذارهم، ولهم كل الحق فيما يفعلون

 لكن أنا ، وكلمتى، ومن يهمه الأمر؟

ماذا أفعل؟

فقررت أن أخصص بعض هذه اليومية لمناقشة موقفى هذا من المؤتمرات، ومن ثم المقارنة! هكذا:

مقدمة : عن المؤتمرات والنظام العالمى الجديد ومسئولية المعرفة

ابتداء، لا أستطيع أن أنكر فضل المؤتمرات على شخصى، وتكفى الإشارة إلى تكريم فكرى (الذى أسموه مشكورين “مدرسة الرخاوى .. الخ”) وذلك فى المؤتمر العالمى الأخير (5)الذى عقد فى القاهرة ، وذلك بفضل أ.د. أحمد عكاشة، والابنة د. رضوى سعيد عبد العظيم ومنظمى المؤتمر.

ومع ذلك –وقبل ذلك- فقد كتبت سنة 1992 ما يلى :

نعم‏ ‏لى ‏أصدقاء‏ ‏من‏ ‏الزملاء‏ ‏بعض‏ ‏الوقت، ‏ولى ‏طلبة، ‏وأحضر‏ ‏مؤتمرات‏ ‏علمية، ‏وأخاطب‏ ‏الناس،‏ ‏وأبتسم، ‏وأرطن‏ ‏باللغة‏ ‏الإنجليزية، ‏وأظهر‏ ‏فى ‏وسائل‏ ‏الإعلام‏ ‏قائلا‏: “…‏فى ‏الواقع، ‏وفى ‏الحقيقة‏”, ‏وقد‏ ‏ارتسمت‏ ‏صورتى ‏أمام‏ ‏عينى ‏فى ‏هذا‏ ‏المؤتمرالأخير‏ (فى البحرين) ‏بنفس‏ ‏الملامح‏ ‏التى ‏كتبتها‏ ‏لابنى ‏شعرا‏ ‏منذ‏ ‏عشر‏ ‏سنوات‏ ‏فى ‏قصيدة‏ ‏الحاجة‏ ‏والقربان، ‏تلك‏ ‏الملامح‏ ‏التى ‏أقدم‏ ‏نفسى ‏بها‏ ‏حتى يطمئن زملائى وطلبتى أننى مازلت محتفظا ببصيرة كافية فيما أفعل للأسف.

‏قلت‏ ‏لابنى ‏منذ‏ ‏عشر‏ ‏سنوات (6)‏:‏

هل‏ ‏تسمعنى ‏ولدى؟‏  ‏

هل‏ ‏تعرفنى ‏من‏ ‏خلف‏ ‏الأقنعة‏ ‏السبعة‏:‏

وأنا‏ ‏أتكلم‏ ‏مثل‏ ‏السادهْ،‏

وأنا‏ ‏أمشى ‏بينهموا‏ ‏كالعادهْ؟

وأنا‏ ‏أُدهش‏ ‏وكأنى ‏لا‏ ‏أعلمْ؟

وأنا‏ ‏أفتى ‏وكأنى ‏أعلمْ؟

وأنا‏ ‏أضحك‏ ‏وكأنى ‏أفرحْ؟

وأنا‏ ‏أحسب‏ ‏وكأنى ‏أجمعْ؟

وأنا‏ ‏أرنو‏ ‏وكأنى ‏أسمعْ؟

أخطو‏ ‏مغلولا‏ ‏فوق‏ ‏الأرض‏ ‏القبر‏ ‏الأمل‏ ‏الواقعْ

تنغرس‏ ‏بقلبى ‏أشواكه،… ‏أدمى، ‏

أتمرغ‏ ‏بترابهْ

لا‏ ‏يسكت‏ ‏نـزفي

لا‏ ‏أهرب‏.‏

‏****‏

قبل ذلك بعشر سنوات، كنت قد أدركت ما علىَّ أن أفعله حتى يُسْمَعَ لى فى المؤتمرات وغير المؤتمرات، ربما أستطيع من خلال ذلك، أو بعد ذلك، أو برغم ذلك، أن أوصّل كلمتى “الأخرى“، كتبت:

…..

…حتى ‏لا‏ ‏تخدعنى ‏كلمات‏ ‏الشعر (7) ‏

‏أو ‏يضحك‏ ‏منى ‏من‏ ‏جمعوا‏ ‏أحجار‏ ‏القصر‏ ‏القبر‏،

‏أو‏ ‏يسحق‏ ‏عظمى ‏وقع‏ُ ‏الأقدام‏ِ ‏المتسابقةِ‏ ‏العَجْلَى،

 ‏أقسمتُ‏ ‏بليلٍ‏ ‏ألا‏ ‏أضعف‏…

 ‏ألا‏ ‏أنسى ..‏

…..

وأخذتُ‏ ‏العهدْ‏،

 ‏غاصت‏ ‏قدماىَ ‏بطينِ‏ ‏الأرض‏

 ‏وامتدت‏ ‏عنقى ‏فوق‏ ‏سحاب‏ ‏الغد‏ .

…..

هذبتُ‏ ‏أظافر‏ ‏جشعى

 ‏ولبستُ‏ ‏الثوب‏ ‏الأسمرْ‏

‏ولصقتُ‏ ‏اللافتة‏ ‏الفخمهْ ‏

وتحايلتُ‏ ‏على ‏الصنعهْ‏، ‏

وتخايلتُ‏ ‏طويلا‏ ‏كالسادة‏ ‏وسط‏ ‏الأروقة‏ِ ‏المزدانةِ‏ ‏برموز‏ِ ‏الطبقهْ‏.. ،..

هأنذا‏ ‏أتقنت‏ ‏اللغة‏ ‏الأخرى، ‏

حتى ‏يُسْمَعَ‏ ‏لى،

 ‏فى ‏سوق‏ ‏الأعداد‏ ‏وعند‏ ‏ولى ‏الأمر‏ .

ترويض الرفض

تلك هى الخلفية الثائرة التى كانت، و التى أحاول ترويضها طول الوقت، حتى بدا لى أننى نجحت نسبيا ليصل الأمر أن أقول لاحقا:

إن فوائد‏ ‏مثل‏ ‏تلك‏ ‏المؤتمرات ‏- ‏لشخصي‏-‏ كثيرة‏ ‏بلا‏ ‏حصر‏:‏

‏ (1) ‏فأنا‏ ‏أضطر‏ ‏فيها‏ ‏أن‏ ‏أتصنع‏ ‏التواضع‏ ‏

‏ (2) ‏وأن‏ ‏أحتمل‏ ‏الاختلاف، وأحيانا الاستهانة

‏ (3) ‏وأن‏ ‏ألتقى ‏بمن‏ ‏لا‏ ‏أعرف

‏ (4) ‏وقد‏ ‏أراجع‏ ‏ما‏ ‏أعرف،‏

‏(5) ‏وقد‏ ‏أتراجع‏ (‏قليلا‏ ‏قليلا‏) ‏وأنا‏ ‏أتحاور‏ ‏على ‏موائد‏ ‏الغداء‏ ‏والعشاء، ‏لا‏ ‏فى ‏قاعات‏ ‏المؤتمر‏ (‏فلا‏ ‏حوار‏ ‏فى ‏القاعات‏ ‏إذ‏ ‏يستحيل‏ ‏أن‏ ‏يقوم‏ ‏حوار‏ ‏بين‏ ‏ثمانين‏ ‏مستمعا‏ ‏حول‏ ‏سبعة‏ ‏أبحاث‏ ‏فى ‏خمس‏ ‏دقائق أو ربع ساعة‏!!).

‏أما‏ ‏فوائدها‏ ‏على ‏البلد ‏(بلدنا مثلا) ‏فهى ‏أيضا‏ ‏كثيرة‏:‏

‏(1) ‏سياحة‏ ‏

‏(2) ‏وتعريف

 (3) ‏وإعلان‏ ‏

‏(4) ‏وتسويق

‏(5) ‏ولغة‏ ‏علمية‏ ، ‏أو‏ ‏عالمية، ‏أو‏ ‏ما‏ ‏شابه‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏.‏

‏(6) ‏واتفاقات‏ (‏أو‏ ‏صفقات‏) ‏مؤتمراتية‏ ‏وجمعياتية‏ ‏ضرورية‏..‏ومفيدة‏…‏إلخ‏.‏

تراجع سرى:

قلت لنفسى بعد هذا الترويض المشبوه: ‏فماذا‏ ‏يجعلنى إذن أتردد كلما دعيت إلى مؤتمر حتى لو كان محليا، ثم ‏أتميز‏ ‏غيظا‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏ينفض‏ ‏المولد؟

وماذا‏ ‏يجعلنى ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏مؤتمر‏ ‏أتقلب‏ ‏ليلا، ‏ثم‏ ‏أنسحب‏ ‏غضبا، ‏ثم‏ ‏أندفع‏ ‏قهرا‏ ‏إلى البحث عن وسيلة أخرى؟

أهو‏ ‏شعور‏ ‏بالنقص‏ ‏لا‏ ‏مفر‏ ‏من‏ ‏الاعتراف‏ ‏به؟

أهو‏ ‏خوف‏ ‏حقيقى ‏من‏ ‏مزيد‏ ‏من‏ ‏التبعية‏ ‏وخاصة‏ ‏بعد‏ ‏حكاية‏ “‏النظام‏ ‏العالمى ‏الجديد“، ‏ذلك‏ ‏النظام‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏بد‏ ‏أن‏ ‏يمتد‏ ‏من‏ ‏السياسة‏ ‏إلى ‏الاقتصاد‏ ‏وبالعكس، ‏مارا‏ ‏بالتفكير‏ ‏والبحث‏ ‏العلمى ‏بالمـرة‏؟

هذا‏ ‏النظام‏ ‏الجديد ‏ ‏أشعر أنه قد أثر فعلاً فى حركية تفكيرنا، وأبجدية حوارنا، ثم امتدت وصايته حتى إلى ‏‏ ‏نوعية‏ ‏الحياة‏ ‏وتحديد‏ ‏ماهية‏ ‏الإنسان، ‏ولا‏ ‏حول‏ ‏ولا‏ ‏قوة‏ ‏إلا‏ ‏بالله‏ ‏العلى ‏العظيم.

‏ ‏أهو‏ ‏حرص‏ ‏على ‏أبنائى ‏وطلبتى ‏من‏ ‏تشويه‏ ‏ظاهر‏ ‏وخفى، ‏حين‏ ‏يحل‏ ‏الجزء‏ ‏محل‏ ‏الكل‏ ‏وتختلط‏ ‏الأدوار؟

وحتى ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏الانفعال‏ ‏وليد‏ ‏اللحظة‏ ‏الراهنة، ‏راجعت‏ ‏بعض‏ ‏أوراقى ‏وكتاباتى،‏ ‏وقلت‏ ‏أقتطف‏ ‏ما‏ ‏سبق‏ ‏أن‏ ‏سجلته‏ ‏عقب‏ ‏بعض‏ هذه المؤتمرات، وهاكم بعض عينات منه ‏‏:‏

المقتطف‏ ‏الأول‏:

نشر عقب‏ ‏المؤتمر‏ ‏العالمى ‏للصحة‏ ‏النفسية‏ ‏الذى ‏عقد‏ ‏فى ‏القاهرة‏ ‏فى ‏أكتوبر‏ 1988 (الإنسان والتطور)link  ‏قلت‏ ‏فيه‏:‏

‏1- ‏فنحن‏ ‏نصر‏ ‏على ‏المشاركة‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏هذا‏ (‏المؤتمر‏) ‏إلى ‏أقصى ‏مدى، ‏ونشكر‏ ‏من‏ ‏ساهم‏ ‏ويسهم‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏ذلك، ‏لكنا‏ ‏نصر‏ ‏على ‏إدراك‏ ‏حدود‏ ‏هذا‏ ‏النشاط، ‏والمخاطر‏ ‏التى ‏تحوطه‏ ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏نملك‏ ‏من‏ ‏وعى ‏مسئول‏، ‏ويقظة‏ ‏حذرة‏.‏

‏2- ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏بعضنا، ‏أو‏ ‏قل‏ ‏أغلبنا‏ (‏يا‏ ‏رب‏ ‏لا‏ ‏أقول‏ ‏كلنا‏) ‏قد‏ ‏يتصور‏ ‏أن‏ ‏العلم‏ ‏الرصين‏ ‏والقادر‏ ‏على ‏مواكبة‏ ‏العصر‏، ‏ومواجهة‏ ‏التحديات‏ ‏الحضارية‏ ‏التى ‏يعيشها‏ ‏الناس‏ ‏وتنتظرهم، ‏ويعيشها‏ ‏بصورة‏ ‏أدق‏ ‏وأخطر‏ ‏شعبنا‏ ‏فى ‏المفترق، ‏يتصورونه‏ ‏فى ‏ما‏ ‏يدور‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏.‏

‏3- ‏ورهط‏ ‏من‏ ‏علمائنا‏ – ‏فى ‏الأغلب‏ – ‏قد‏ ‏أصبحوا‏ ‏يضبطون‏ ‏أنفسهم‏ – ‏فكرهم‏ ‏ونشاطهم‏ ‏وآمالهم‏ ‏وقيمهم‏ – ‏على ‏مقاييس‏ ‏القبول‏ ‏والرفض‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات، (‏علما‏ ‏بأنه –غالبا-‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏فى ‏واقع‏ ‏الأمر‏ ‏مجال‏ ‏للرفض‏، ‏ما‏ ‏دمت‏ ‏تدفع‏ ‏الاشتراك وتصاحب الشركات‏ ‏وغير‏ ‏ذلك‏. ‏فهم الذين‏ ‏يقوّمون‏ ‏الأبحاث بطريق غير مباشر، ليعلوا من شأن تلك‏ ‏التى ‏تتكلم‏ ‏اللغة‏ ‏السائدة‏، ‏لتقاس‏ ‏بالمقياس‏ ‏المؤتمراتى ‏المحكم‏.‏

وخطورة‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏أنه‏ ‏قد‏ ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏نظل‏ ‏ندور‏ ‏فى ‏سجن‏ ‏منهج‏ ‏لا ‏يليق‏ ‏بنا‏، ‏ولا‏ ‏يحل‏ ‏مشاكلنا، ‏ونحن‏ ‏مع‏ ‏ذلك‏ ‏فخورون‏ ‏كل‏ ‏الفخر‏ ‏أننا‏ ‏مؤتمرون‏ ‏مثلهم‏ ‏سواء‏ ‏بسواء‏.‏

‏4- ‏والرجل‏ ‏العادى ‏أصبح‏ ‏يتلقى توصيات ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏- ‏هنا‏ ‏وفى ‏الخارج‏ – ‏بانبهار‏ ‏ملاحق، ‏واثقا‏ ‏بما‏ ‏يأتى ‏منها‏، ‏وما‏ ‏يلقى ‏فيها، ‏آملا‏ ‏فيما‏ ‏تعد‏ ‏به‏ ‏وتلوح‏، ‏منتظرا‏ ‏منها‏ ‏حلا‏ ‏لا‏ ‏تملكه‏ ‏فى ‏واقع‏ ‏الأمر‏.‏

‏5- ‏والشباب‏ ‏عندنا‏ ‏أصبح‏ ‏يواجه‏ ‏صورة‏ ‏محددة‏ ‏للتقييم‏ ‏فى ‏المجتمع‏ ‏العلمى، ‏بحيث‏ ‏تصبح‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏ماثلة‏ ‏أمامه‏ ‏فى ‏بؤرة‏ ‏وعيه، ‏يوجه‏ ‏إليها‏ ‏كل‏ ‏نشاط‏ ‏معرفى ‏أو‏ ‏تحصيلى ‏أو‏ ‏نشرى (‏من‏ ‏النشر‏)، ‏طارحا‏ ‏وراءه‏ – ‏إن‏ ‏أدرك‏ ‏أصلا‏. ‏أى ‏نشاط‏ ‏معرفى ‏حقيقى، ‏ذلك‏ ‏النشاط‏ ‏المعرفى ‏الذى ‏يتطلب‏ ‏قدرا‏ ‏من‏ ‏التقشف‏ ‏النفسى، ‏والحيرة‏ ‏الثاقبة‏، ‏والوحدة‏ ‏المستكـشفة، ‏وكل‏ ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏رأس‏ ‏المال‏ ‏الحقيقى ‏لمن‏ ‏هو‏ ‏عالم‏ ‏أو‏ ‏طالب‏ ‏علم‏، ‏مما‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏مطروحا‏ ‏فى ‏مكانه‏ ‏فى ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏.‏

‏6- ‏ثم‏ ‏يترتب‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏التمادى ‏فى ‏توسيع‏ ‏الهوة‏ ‏بين‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏عالم‏ ‏بالمقاييس‏ ‏الموضوعية‏ ‏والتاريخية‏، ‏وبين‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏عالــم‏ ‏بالمقاييس‏ ‏المنصبية‏ ‏والاجتماعية، ‏مما‏ ‏يهز‏ -‏ فى ‏النهاية‏ – ‏مضمون‏ ‏وقدسية‏ ‏كلمة‏ ‏علم‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏.‏

‏7- ‏على ‏أن من‏ ‏يتصور‏ ‏أن‏ ‏معرفة‏ ‏هذه‏ ‏المحاذير‏ ‏والمخاطر‏ ‏هو‏ ‏كاف‏ ‏للوقاية‏ ‏من‏ ‏مضاعفاتها، ‏هو‏‏ ‏أبعد‏ ‏ما‏ ‏يكون‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة، ‏فكثير‏ ‏من‏ ‏علمائنا‏ ‏قد‏ ‏يوافقون‏ ‏على ‏ما‏ ‏ذهبنا‏ ‏إليه، ‏لكنهم‏ ‏يمضون‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الطريق‏ ‏غير‏ ‏حاسبين‏ ‏مدى ‏التشويه‏ ‏المنظم‏ ‏الذى ‏يؤدى ‏إلى ‏التحولات‏ ‏الخطيرة‏ ‏داخل‏ ‏خلايا‏ ‏وجوده، ‏يستعملها‏ ‏بديلا‏ ‏عن‏ ‏لغة‏ ‏قومه، ‏ولسان‏ ‏أمه‏.‏

‏8- ‏ثم‏ ‏تأتى ‏مخاطر‏ ‏استعمال‏ ‏الأبواب‏ ‏الخلفية‏ ‏لمثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏ ‏والمناصب‏ ‏بغرض‏ ‏الاستيلاء‏ ‏على ‏تلقائيتنا‏. ‏أو‏ ‏غسل‏ ‏أمخاخنا‏، ‏ليس‏ ‏فى ‏مجال‏ ‏علمى ‏بذاته‏ ‏وإنما‏ ‏بالنسبة‏ ‏للموقف‏ ‏الوجودى ‏والحضارى ‏برمته‏.‏

‏9- ‏وقد‏ ‏يترتب‏ ‏على ‏استعمال‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏ ‏لأغراض‏ ‏أخرى ‏غير‏ ‏علمية‏ – ‏جنبا‏ ‏إلى ‏جنب‏ ‏مع‏ ‏الغرض‏ ‏العلمى ‏المعلن‏ – ‏قد‏ ‏يترتب‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏تتوارى ‏القيمة‏ ‏العلمية‏ ‏فى ‏الظل‏ ‏بالتدريج‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏ندرى.‏

‏10- ‏وأخيرا‏ ‏تأتى ‏قضية‏ ‏التمويل‏ ‏والتجارة‏، ‏فنحن‏ ‏لا‏ ‏نأخذ‏ ‏الحيطة‏ ‏الكافية‏ ‏تجاه‏ ‏مصادر‏ ‏تمويل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات، ‏وخاصة‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏شركات‏ ‏الأدوية‏، ‏مما‏ ‏قد‏ ‏ينتهى ‏ببعض‏ ‏علمائنا‏، ‏فكرا‏ ‏وفعلا‏، ‏إلى ‏ممارسة‏ ‏ما‏ ‏يخدم‏ ‏هذه‏ ‏الجهات‏ ‏الممولة‏ ‏بأقل‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏الاختيار‏ ‏والموضوعية‏.‏

ثم‏ ‏أعود‏ ‏فأقول‏ ‏إن‏ ‏كل‏ ‏هذا، ‏وبمنتهى ‏الصدق‏ (‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏أدرى‏)، ‏لا‏ ‏ينقص‏ ‏من‏ ‏ضرورة‏ ‏عقد‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏المؤتمرات‏ ‏بمنتهى ‏الإقدام‏ ‏والحماس، ‏وبغاية‏ ‏الحذر‏ ‏واليقظة‏، ‏شريطة‏ ‏أن‏ ‏نعود‏ ‏دائـما‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏مؤتمر، ‏وحول‏ ‏كل‏ ‏مؤتمر‏ ‏إلى ‏مواجهة‏ ‏التحديات‏ ‏الحقيقية‏، ‏فنقيس‏ ‏مسيرتنا‏ ‏بمقاييس‏ ‏الإضافة‏ ‏المعرفية‏ ‏الحقيقية، ‏ولا‏ ‏نكتفى ‏بتحصيل‏ ‏الحاصل، ‏أو‏ ‏تدشين‏ ‏الواصل‏..‏إلخ‏.‏

‏ ‏وإلا‏ ‏فسينتهى ‏كل‏ ‏مؤتمر‏ ‏بأن‏ “‏يركب‏ ‏الخليفة‏ ‏وينفض‏ ‏المولد‏”، ‏ليغيب‏ ‏الوعى ‏وتبهت‏ ‏الموضوعية‏.‏

والشكر‏ ‏واجب‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏ومن‏ ‏بعد‏ ‏لكل‏ ‏من‏ ‏يخوض‏ ‏هذا‏ ‏الواقع‏ ‏ليخرج‏ ‏منه‏ ‏أقوى ‏وأقدر‏.‏

المقتطف‏ ‏الثانى‏:‏

المؤتمر‏‏‏ ‏عقد‏ ‏فى ‏البحرين‏ 28-30  أكتوبر، سنة 1991.

(تذكرته بمناسبة الدعوة الأخيرة نوفمبر 2007)

فى هذا المؤتمر ‏أهاجتنى بشكل صارخ كل تلك ‏الأرقام‏ ‏الخاوية، ‏والإحصاء‏ ‏البراق‏ ‏بلا‏ ‏إضافة،

‏كما‏ ‏أثارنى ماتصورته ‏استكبار‏ ‏الإنجليز‏ خاصة (بترول‏ ‏وانا‏ ‏سيدك‏)‏

وقد‏ ‏عشت‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏المؤتمر‏ ‏آثار‏ ‏سحق‏ ‏العراق‏ ‏والعرب‏ ‏والعالم‏ ‏الثانى ‏والثالث،

 ‏وأحسست‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يبق‏ ‏أمامى ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏أسلم‏ ‏عقلى ‏لهؤلاء‏ ‏البيض‏ ‏الحمر، ‏وكنت‏ ‏قبل‏ ‏ذلك‏ ‏دائما‏ ‏أفخر‏ ‏فـى ‏بداية‏ ‏حديثى ‏فى ‏كل‏ ‏مؤتمر‏  ‏أننى ‏لا‏ ‏أفكر‏ ‏إلا‏ ‏بالعربية، ‏وأننى ‏لا‏ ‏أجيد‏ ‏الإنجليزية، ‏لكن‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏ملأنى ‏خزى ‏عظيم‏: ‏أى ‏عربية‏ ‏أتكلم‏ ‏بها‏ ‏عربية‏ ‏صدام‏ ‏أم‏ ‏عربية‏ ‏البشير‏ ‏أم‏ ‏النذير‏.‏أم‏ ‏عربية‏ ‏ابن‏ ‏رشد‏ ‏وابن‏ ‏سينا‏ ‏أم‏ ‏عربية‏ ‏القرآن‏ ‏الكريم؟

‏ ‏وشعرت‏ – ‏رغم‏ ‏سلامة‏ ‏البحرين‏ ‏ورقة‏ ‏أهلها‏- ‏أننى ‏واقف‏ ‏على ‏أطلال‏ ‏عقولنا‏ ‏وليس‏ ‏فقط‏ ‏أطلال‏ ‏تاريخنا‏ ‏ولغتنا‏ ‏وديننا‏.‏

‏وفى ‏وقفتى ‏تلك‏ ‏ما‏ ‏بين‏ ‏أطلال‏ ‏الديار‏ ‏القريبة، ‏وأطلال‏ ‏العقول‏ ‏المنتـهكة‏ ‏والمستسلـمة، ‏قلت‏ ‏شعرا‏ ‏عموديا‏ ‏لم‏ ‏أقله‏ ‏منذ‏  كنت طالبا، قلت: ‏

قـفـا‏ ‏نَـبْـكِ‏ “‏بحريْنِ‏” ‏التقينــَـا‏ ‏بها‏ ‏معَا‏ ‏

‏وكأسِـىَ ‏مثقوبٌ‏ ‏بِه‏ ‏الوعْــُىَ ‏ضُـِّيـعا

شرائُح‏ ‏أرقام‏ٍ ‏تدقُّ‏  ‏نَعَوشَنــَـــــــا‏ ‏

‏وَنخَّــاسُ‏ ‏أسواقٍ‏  ‏العبِيِد‏ ‏تَربَّعـَـــا

و‏”‏مِسْـَتْر‏ ‏تـِشـْرمَـنْ‏”  ‏هاتِهَا‏ ‏ثم‏ ‏هَاتِهَا‏  ‏

وإحصاء‏ُُ ‏أشلاءٍ‏ ‏بأطلالِ‏ ‏أرْبـُعــــَــا

…….الخ

المقتطف الثالث:

 ‏(‏عقب المؤتمر‏ ‏الإقليمى ‏للجمعية‏ ‏العالمية‏  ‏للطب‏ ‏النفسى, ‏والجمعية  ‏المصرية‏ ‏للطب‏ ‏النفسى 16-18 ‏يناير‏ 1992. ‏القاهرة‏) قلت فيه وعنه ما يلى:

أولا‏: ‏كان‏ ‏مؤتمرا‏ ‏ناجحا‏ ‏بالمعنى ‏السابق‏ ‏للنجاح‏، ‏أدى ‏الواجب‏ ، ‏وقام‏ ‏باللازم، ‏وأكرم‏ ‏الضيوف، ‏وشرف‏ ‏البلد‏.‏

ثانيا‏: ‏تأكدت‏ ‏من‏ ‏خلاله‏، ‏وبعد‏ ‏كارثة‏ ‏الخليج، ‏ونازلة‏ ‏الاتحاد‏ ‏السوفيتى ‏أن‏ ‏المخاطر‏ ‏التى ‏كانت‏ ‏تصلنى ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏مؤتمر‏ ‏قد‏ ‏زادت‏ ‏أضعافا‏ ‏مضاعفة، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏شعورنا‏ ‏بالفشل‏ ‏والوحدة‏ (‏و‏ ‏فقد‏ ‏السند‏ ‏البديل‏) ‏سوف‏ ‏يضاعف‏ ‏من‏ ‏شعورنا‏ ‏بالدونية، ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏بالتسليم‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏لبعض‏ ‏المعلومات‏ ‏المستوردة، ‏وإنما‏ ‏أساسا‏ ‏لطريقة‏ ‏التفكير‏ ‏التى ‏تــفرض‏ ‏علينا‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏ندرى (‏وربما‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يدروا‏ ‏هم‏ ‏أيضا‏)، ‏فالنظام‏ ‏العالمى ‏الجديد‏ ‏ليس‏ ‏إلا‏ ‏احتكارا‏ ‏لكل‏ ‏شيء‏ ‏بما‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏طريقة‏ ‏التفكير‏، ‏وربما‏ ‏العبادة، ‏وبالمرة‏ ‏جنة‏ ‏الخلد، ‏من‏ ‏يدرى؟

ثالثا‏: ‏حين‏ ‏قدمت‏ ‏البحث‏ ‏الخاص‏ ‏بـ‏ “‏مستويات‏ ‏التكامل‏ ‏النفسى ‏من‏ ‏منظورإسلامي‏” ‏وأعلنت‏ ‏من‏ ‏خلاله‏ ‏أن‏ ‏ثمة‏ ‏طرقا‏ ‏أخرى ‏للتفكير، ‏وأن‏ ‏لغتنا‏ ‏وإيماننا‏ (‏وهو‏ ‏ما‏ ‏استوحيته‏ ‏من إيمان‏ ‏إسلامى) ‏يتيحان‏ ‏لنا‏ ‏أن‏ ‏نرى ‏تكامل‏ ‏الإنسان‏ ‏النفسى ‏على ‏مستويات‏ ‏متصاعدة‏ ‏وليس‏ ‏على ‏مستوى ‏سلوكى ‏واحد، ‏وهذا‏ ‏يتطلب‏ ‏الرؤية‏ ‏والملاحظة‏ ‏والبحث‏ ‏بأكثر‏ ‏من‏ ‏منهج‏ ‏قبل‏ ‏وبعد‏ ‏الأساليب‏ ‏الشائعة‏ ‏فى ‏عالمهم،…‏إلخ، ‏حين‏ ‏قدمت‏ ‏هذ‏ ‏الورقة‏ ‏استجاب‏ ‏لها‏ ‏الضيوف‏ ‏باستطلاع‏ ‏وأمانة‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏رحب‏ ‏بها‏ , ‏بما‏ ‏ليست‏ ‏هى، ‏الزملاء‏ ‏الأقرب‏ ‏من‏ ‏أهل‏ ‏لغتى ‏ودينى. ‏فقد‏ ‏تصور‏ ‏كثير‏ ‏منا‏ ‏أنها‏ ‏ورقة‏ ‏تمت‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏يسمى ‏الطب‏ ‏النفسى ‏الإسلامى، ‏وما‏ ‏شابه، ‏لأننى ضد ذلك، هى‏ ‏كانت‏ ‏ورقة‏ ‏تعلن‏ ‏كيف‏ ‏يسمح‏ ‏لنا‏ ‏ديننا‏ ‏وتتيح‏ ‏لنا‏ ‏لغتنا‏ ‏أن‏ ‏نتناول‏ ‏المسائل‏ ‏المعرفية‏ ‏من‏ ‏منطلق‏ ‏آخر، ‏ليس‏ ‏بديلا‏ ‏بالضرورة، ‏وإنما‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏مكـملا‏ ‏ومناسبا، ‏ليس‏ ‏لنا‏ ‏فحسب، ‏وإنما‏ ‏لهم‏ ‏أيضا‏.‏

رابعا‏: ‏حين‏ ‏حضرت‏ ‏الجلسة‏ ‏قبل‏ ‏الختامية‏ ‏عن‏ ‏‏”كيف‏ ‏تكتب‏ ‏ورقة‏ ‏علمية‏”‏‏ How to write a scientific paper ‏

أصبت‏ ‏بإحباط‏ ‏شديد، ‏وقد ألمحت فيما بعد لصاحب الورقة، ونحن على المائدة بأننى فى انتظار ورقة أخرى تقول لنا “كيف يقيمون ورقة علمية” How to assess a scientific paper  ولا أدرى إن كان فهم ما أعنى أم لا‏.

أما عن هذه الجلسة تحديدا فقد عقبت عليها بمايلى :

‏1- ‏شعرت‏ ‏أن‏ ‏عنوان‏ ‏الجلسة‏ ‏يتجاوز‏ ‏ماينبغى ‏أن‏ ‏يـُتدارس‏ ‏فى ‏مؤتمر‏ ‏عالمى ‏بهذا‏ ‏الحجم، ‏فهى ‏أشبه‏ ‏بورقة‏ ‏مدرسية‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تدرس‏ ‏للسنة‏ ‏الثانية‏ ‏لطلبة‏ ‏علم‏ ‏النفس‏ ‏فى ‏كلية‏ ‏الآداب‏.‏

‏2- ‏شعرت‏ ‏أن‏ ‏أغلب‏ ‏المشاركين‏ (‏وليس‏ ‏كلهم‏) ‏قد‏ ‏حددوا‏ ‏نوعا‏ ‏غالبا‏ ‏من‏ ‏الكتابة‏ ‏العلمية‏ ‏دون‏ ‏أنواع‏ ‏أخرى ‏أهم‏ ‏وأولى، ‏وأكثر‏ ‏تناسبا‏ ‏مع‏ ‏فرعنا‏ ‏من‏ ‏ناحية، ‏ومع‏ ‏ظروفنا‏ ‏الخاصة‏ ‏بتواضع‏ ‏مرحلة‏ ‏نمونا‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏أخرى.‏

‏3- ‏أيقنت‏ ‏أن‏ ‏استقبال‏ ‏أغلبنا‏ – ‏والأصغر‏ ‏خاصة‏- ‏لهذه‏ ‏المسألة، ‏هو‏ ‏أن‏ ‏النشر‏ ‏عندهم‏ ‏بمقاييسهم‏ ‏قد‏ ‏أصبح‏ ‏هدفا‏ ‏فى ‏ذاته‏. ‏حتى ‏يصدق‏ ‏القول‏ ‏الذى ‏يشيعونه “إما‏ ‏أن‏ ‏تنشر‏ ‏أو‏ ‏تهلك‏” Publish or Perish  ‏وهو‏ ‏قول‏ ‏صحيح‏ ‏جزئيا، ‏وإن‏ ‏خالف‏ ‏الحقيقة‏ ‏التاريخية‏ ‏موضوعيا‏.‏

‏4- ‏شعرت‏ ‏أن‏ ‏الذين‏ ‏تحدثوا‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الجلسة‏: ‏إما‏ ‏أنهم‏ ‏لا‏ ‏يواكبون‏ ‏الثورة‏ ‏المعرفية‏ ‏الأعمق‏ ‏والأحدث، ‏والمتأثرة‏ ‏بثورة‏ ‏التوصيل، ‏والعلم المعرفى وغيره، إما‏ ‏أنهم‏ ‏يواكبون‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏لكنهم‏ ‏يحدثوننا‏ ‏على ‏قدر‏ ‏عقولنا‏.‏

‏5- ‏فى ‏تمسكهم‏ ‏بضرورة‏ ‏التحدث‏ ‏بلغة‏ ‏واحدة، ‏افتقدت‏ ‏المسألة‏ ‏الأسبق، ‏وهى ‏ضرورة‏ ‏التوجه‏ ‏لهدف‏ ‏واحد‏ ‏مشترك، ‏وشعرت‏ ‏بالإهانة‏ ‏التى ‏أصبح‏ ‏لديهم‏ ‏ما‏ ‏يبررها‏ ‏بعد‏ ‏مصيبة‏ ‏الخليج‏ ‏وانهيار‏ ‏السوفيت‏.‏

‏6- ‏من‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏خفت‏ ‏أكثر‏ ‏فأكثر‏ ‏مما‏ ‏يجرى ‏حثيثا‏ ‏لإتمام‏ ‏مهمة‏ ‏تشكيل‏ ‏عقولنا‏ ‏بالصورة‏ ‏التى ‏يرتضونها، ‏حتى ‏يصبح‏ ‏رضاهم‏ -‏هكذا‏- ‏بدليل‏ ‏نشر‏ ‏بعض‏ ‏أرقامنا‏ ‏فى ‏مجلاتهم‏ ‏التى ‏هى، ‏يصبح‏ ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏غاية‏ ‏المراد‏ ‏من‏ ‏رب‏ ‏العباد، وممول الموائد والأسفار بين البلاد ‏

وبعد (2008)

ألستم معى أن علينا، والأمر كذلك، أن ننتهزها  فرصة (اليومية والمنتدى والشبكة …الخ) ونتحرك أشجع، ونحرص أكثر، ونصبر أجمل، ونخطئ أيضا ؟!

الخلاصة

أرجو أن أكون بهذه المقدمة الجديدة/القديمة، قد حققت بعض الأهداف التى من أجلها كتبتها، ومنها:

أولاً: أن أتعرف عن “من يهمه الأمر“، وأنا أوصل هذه اليومية، وأشارك فى هذا المنتدى

ثانياً: أن أؤكد حرصى على مزيد من التعرف على المخاطـَبين الجدد باضطراد.

ثالثا: أن أكون قد أوضحت كيف أننا لسنا حريصين على أن نؤكد اختلافنا، ولكننا ملتزِمين بأن نقدم شيئاً مختلفاً، إن كان عندنا ما هو كذلك.

رابعاً: أن المؤتمرات – مهما كانت فائدتها-  قد أصبحت أعجز من أن تفى بحوار متصل

خامساً: أن المسألة ليست طرح بديل .. “طب نفسى شرقى” أو “طب نفسى عربى”، أو “طب نفسى إسلامى” وإنما هى التزام بتقديم خبرات عملية، ورؤى علمية، وفروض عاملة، نابعة من ثقافةٍ مختلفة، بمناهج متنوعة متكاملة ما أمكن ذلك.

سادساً: أن هذا الملتقى، وهذه النشرة “الإنسان والتطور” ليست قاصرة على التخصصات النفسية، وإنما هى خاصة بقراءة النص البشرى، كما التقطها وأوجزها الابن جمال.

[1] – الانقراض جينات سيئة أم حظ سئ؟، دافيد م.روب، ترجمة: مصطفى ابراهيم فهمى،1998، المجلس الأعلى للثقافة،.

[2] – كنت قد وصفت بالتفصيل ستة أنواع من الذهانات، لم ترد فى التفسيمات المتاحة، هى الذهان الانشقاقى، والذهان النكوصى، والذهان التفسخى، والذهان الضلالى الوجدانى الدورى، والذهان النزوى، والذهان القهرى التسلطى

Dissociative Psychosis, Regressive Psychosis, Disorganization Psychosis, Affective Periodical) paranoid Psychosis,, Impulsive Psychosis and Obsessive Compulsive Psychosis.

[3] – رؤية (عربية) مصرية لتصنيف وتشخيص الأمراض النفسية من منطلق تركيبى – غائى)، يحيى الرخاوى، 1992.

[4] – أنا طبيب نفسى مختص من 1958.

[5] III World congress of psychiatry

Cairo, September , 10 – 15 , 2005 , Egypt

SY139

Rakhawy School in Psychiatry “35 years  of Egyptian Experience in Integrative

Therapy and Training in Cairo University hospital- Kasr El Eini”

INTEGRATIVE PSYCHIATRIC THERAPY CENTERED AROUND GROUP THERAPY WITH SPECIAL CULTURAL CONSIDERATIONS

Yehia T. Rakhauy1

SY139.2

CHILD GROUP PSYCHOTHERAPY: AN EGYPTIAN EXPERIENCE

Suaad M oussa1

SY139.3

FOLLOWING THE GHOST OF THE DEAD DRUG

Maha Wafi Mobasher

SY139.4

CASE STUDY IN GROUP PSYCHOTHERAPY: A PROCESS ORIENTED VIEW AND MODEL OF RESEARCH.

Noha Sabri , Rakhawy Yehia1

SY139.5

MILIEU THERAPY: AS A PART AND PARCEL OF AN INTEGRATIVE THERAPY PLA

Aref Khoweiled1

SY139.6

INTEGRATING FAMILY AND COUPLE THERAPY IN PSYCHIATRIC MANAGEMENT

Mona Rakhawy1, Noha Sabri

SY139.7

PSYCHOTHERAPY AND THE TRAINING OF THE PSYCHIATRIST

Azza El Bakry1

SY139.8

RAKHAWY SCHOOL: REFLECTIONS IN CREATIVE ARTS THERAPIES (DANCE/MOVEMENT THERAPY IN GROUP EXPERIENCE/ PSYCHODRAMA “ARTS IN PERFORMANCE”)

Rania Mamdooh . Radwa S. Abdelazim 1 .Cairo University Hospital Egypt

[6] –  البيت الزجاجى والثعبان، د. يحيى الرخاوى، 1983

[7] – ديوان سر اللعبة، د.يحيى الرخاوى،1978

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *