نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 19-7-2014
السنة السابعة
العدد: 2514
حوار مع مولانا النفّرى (89)
“موقف القوة” (3)
وقال مولانا النفرى فى “موقف القوة”
وقال لى:
إذا تصرفت فى كل متصرف بالقوة لم تمل وإذا لم تمل استقمت وإذا استقمت فقل ربى الله تعالى “بسم الله الرحمن الرحيم” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُون.” صدق الله العظيم.
فقلت لمولانا:
لأول مرة يا مولانا ألقاك وانت تستشهد هكذا مباشره بآيه من القرآن الكريم بهذه المباشرة، ففرحت، لست أدرى لماذا؟ فكم تساءلت عن سر ندرة مثل ذلك، تساءلت وأنا أقبل ما وراءه لثقتى بما تضيف من استلهامات مباشرة لحبى لك.
لقد لاحظت شخصيا أننى كلما استشهدت بآيه كريمة حتى فى سياق دعم موازِ لمعرفة تصلنى بلغة أخرى ومنهج آخر استقبل المتلقى هذا الاستشهاد كما اعتاد ليس كما أقصد، والألعن حين يستقبلها على أن العلم يدعم ما جاء بالآية الكريمة، وهذا ما يسمونه كثيرا التفسير العلمى للقرآن، أو ما شابه، فأنزعج انزعاجا ليس قليلا، وغالبا أعدل عن الاستشهاد وأدرج بعض كلماتها الكريمة فى السياق، وليهتدى القارئ إلى أصلها إن نقى وعيه.
الربط هنا بين القوة والميل والاستقامة رائع الدلالة فقد أوسع لنا مفهوم القوة ليشمل كل تصرف وكل متصرف، أى كل شئ أصيل طول الوقت، فالقوة هكذا تحتوى الاحسان والاتقان والتوحيد، فمن أين يأتى الميل؟ ثم تأتى الآية الكريمة لتنبهنا أن “قول ربنا الله” هو ليس قولا باللسان، وإنما هو قول بالقوة التى تحمينا من الميل فنستقيم، ثم تأتى بقية الآية لتكافئنا بما وعدنا به إلى آفاق الرضا والرحمة والقرب.
الاستقامة هنا يا مولانا وصلتنى وليس لها علاقة بالخط المستقيم وإنما بمجرد عدم الميل عن توجه الاحسان والاتقان والتوحيد.
ثم تزيدنا يا مولانا عن معالم القوة وتركيبها فتؤكد لنا – مما قاله لك – تأكيد ومزيدا عن أبعادها وأنت تقول ما قاله لك:
أول القوة أن تتفرغ لى ورأس القوة أن تريد بالعمل وجهى.
فأقول لك يا مولانا:
التفرغ له هو رفض الشرك بكل صوره وبكل أحجامه وبكل تحايلاته ولو كان أخفى على النفس من دبيب النملة كما يعلمنا مرارا،
التفرغ الحقيقى هو له دون غيره طول الوقت بعرض الفعل ونبض الوجود،
هكذا البداية التى توصلنا إلى قمة القوة ورأس التوحيد، فنتقين أننا لا نريد بأى عمل إلا وجهه.