نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 31-5-2014
السنة السابعة
العدد: 2465
حوار مع مولانا النفّرى (82)
من: موقف “العبادة الوجهية”
يقول مولانا النفرى فى موقف “العبادة الوجهية”
يقول مولانا النفرى:
أوقفنى فى العبادة الوجهية، وقال لى هى صاحبة
الروح والريحان عند الموت.
فقلت لمولانا:
لكى أنطقها “الوجْهيَّة” وقفت طويلا أمام العنوان قبل أن أتملى ما وصلك يا مولانا فى هذا الموقف، “العبادة الوجهيّة”، شدَّدت الياء،
هل هى البادى الظاهر من العبادات، هل تعنى واجهة الدين والسعى والطريقة؟
وفى وسط الموقف وجدتك تقول يا مولانا:
وقال لى:
أنت على أعوادك بما أنت فيه فى القيام، وأنت فى مطلعك بما أنت به فى الركوع، وأنت فى متوسدك بما أنت به من السجود.
فقلت لمولانا:
فرجحت أن تكون الصلاة هى المفتاح إلى العبادات الوجهية، أو الممثلة لها
هذا مهم يا مولانا فى مواجهة الزعم الشائع الذى يزعمه من يتكلم عن أنه “سقط عنه التكليف”، ربما بحجة أنه لم يعد يحتاج إلى وسيلة إليه تعالى، هذه مخاطرة لا أمان فيها ولا أمان لها، فأنت تبدأ هذا الموقف بالتذكرة بأنها الروح والريحان عند الموت، وبديهى أنها لابد أن تكون كذلك قبل الموت، إن من يستغنى عنها، حتى سرا، يخاطر فعلا بفقد الروح والريحان قبل وبعد مخاطرته بالعصيان.
العبادة الوجهية تبدو للعامة أنها الطريق الأهم والأضمن وكثيرا: الأوحد لضمان الجنة واجتناب النار، لعلها كذلك، لكن هذا ليس هو نهاية المطاف، ولا محور المسار، فقد أبلغتنا مباشرة، – بعد كونها الروح والريحان – أنها الطريق إليه ألم يقل لك فى الفقرة التالية مباشرة:
وقال لى:
العبادة الوجهية طريق المقربين إلى ظل العرش.
فقلت لمولانا:
فهى طاعة “نعم”، لكنها أيضا، وربما قبلا وبعدا “طريق”،
وهى كذلك فى ذاتها دون إضافات أو تعميق، ولعلها أقدر على تسهيل الطريق بالمثابرة والانتظام،
وسواء حضر العقل الظاهر فى كلماتها، أو انطلق السلوك الحركى والسلوك اللفظى مستقلا بما هو، فإنى خَبُرْتُ أن انتظامها متواكبة مع أطوار بذاتها فى دورات الإيقاع الحيوى المحيط، لابد وأن تسهم تلقائيا فى تسهيل التناسق الممكن ما بين الإيقاع الحيوى للطبيعة، والإيقاع الحيوى الذاتى دون أن ندرى، وهذا فى ذاته – كما خبرت وأوصى – هو طريق إلى ظل العرش دون أن أسميه كذلك!
العبادة الوجهية من منظور هذا الإيقاع يمكن أن تؤكد أو تدعم انتظام التناوب أيضا بين الحركة والسكون الممتلىء بحركيته الخاصة، ألم تبلغنا فى نفس الموقف:
وقال لى:
“يا صاحب العبادة الوجهية
وجه وجهك إلى وجه
وجه همك إلى وجه
وجه قلبك إلى وجه
وجه سمعك إلى وجه
وجه سكونك إلىّ.
فقلت لمولانا:
لم يقل لك وجه سكونك إلى وجه، وإنما وجّه سكونك إلىّ، ولعل هذا هو ما جعلنى لا أذكر السكون بلا شرح كما وصلنى: خشية أن يصل إلى المتعجل أو المستقطب على أنه سكون صامت مغلق، فأضفت “الممتلىء بحركيته الخاصة” حين يكون للسكون وجه يتبادل مع وجوه الهم والقلب والسمع، يصبح حركة تلقٍّ إدراكىّ أرحب وأقدر على استيعاب ما تيسر من فضل حضوره، ونحن نستظل بظل العرش.
وبعد
هذا موقف شديد التحدّى – يا مولانا – قد يحتاج أن إلى نستمر فيه الأسبوع القادم.