الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (52) من “موقف الاختيار” “وعى الشوْق”

حوار مع مولانا النفّرى (52) من “موقف الاختيار” “وعى الشوْق”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 2-11-2013

السنة السابعة

العدد:  2255

   حوار مع مولانا النفّرى (52)

من “موقف الاختيار”

“وعى الشوْق”

مقدمة:

أخشى ما أخشاه يا مولانا، وأرحب به، هو أن أترك ما كان لا ينبغى أن يفوتنى، مما قاله لك، سواء فى المواقف أو المخاطبات، أكثر مما أقف عنده، أتركه فلا أستلهم منه ما كان يمكن يعيننى علىّ، خذ هذا الموقف مثلا: “موقف الاختيار”، وقد سبق أن استلهمت من بعض فقراته ما تيسر: ( نشرة 25-5-2013 “29)، (نشرة 3-8-2013 39″)، ومع ذلك حين عدت إليه الآن، أنظر فيما تبقى، احترت وألجمت، وأجلت ما لم أقدر عليه، ثم اخترت هذه الفقرة اليوم:

   وقال لى:

“قد جعلت لك فى السد أبواباً بعدد ما خلقت وغرست على كل باب شجرة وعين ماء باردة وأظمأتك وعزتى لئن خرجت لا رددتك إلى منزل أهلى ولا سقيتك من الماء”

 فقلت لمولانا:

أى سد هذا يا مولانا وبه كل هذه الأبواب بعدد كل المخلوقات وليس فقط بعدد كل البشر؟ ماذا يتبقى من السد سدا إن كانت به كل تلك الأبواب، والأجمل والأرحب والأغرب والأطرب أن على كل باب: شجرة وعين ماء  باردة، فيحضرنى قيظ لطيف محيط يجعل شربة الماء الباردة تساوى كل إغراء ممكن، ولم يكتف يا مولانا بظمأ ظمآن فى هذا القيظ الذى حضرنى، فزاده ظمأ، فلم يعد بد من أن ينظر الظمأن من أى باب ما فيرى الشجرة الظليلة وعين الماء الباردة فيزداد ظمأً، فيهمّ بالخروج، لكن يأتينا النهى بوضوح أنه خروج بلا نتيجة لأنه لن يحقق غرضه ليرتوى من عين الماء الباردة تحت ظل الشجرة، كما أنه سوف يدفع ثمن الخروج – إذا خرج – مقابلا جسيما.

إذن ماذا؟ وما البديل؟

هل يظل وراء السد ذى الأبواب؟ وهل يظل ظمآنا والأبواب بلا حصر وعين الماء الباردة تملأ وعيه وظِلّ الشجرة يتراءى له بكل هذا الكرم الواضح، هل يظل كذلك مع وقف “تنفيذ” الارتواء بالإضافة إلى التهديد باللاعودة.

وصلتنى يا مولاى الرسالة وأرجو أن تكون أقرب إلى ما أوصَلَهُ لك، وإليك اجتهادى:

إن المهم فى السعى إليه هو هذا “الشوق” الحقيقى “المتجدد”، مع اليقين الحقيقى الماثل باحتمال تحقيق هدف المسعى، وتظل هذه الحالة الدافعة الواعدة هى أصل تجديد الشوق وحفز السعى.

 ولو أن السد بلا أبواب، لاحتد الظمأ حتى يختفى يأسا من الارتواء.

ولو استعملنا الأبواب فالخروج للارتواء لانطفأ الظمأ بالارتواء

وفى كلا الحالين يموت الشوق الدائم اليقظ المتجدد، فيفتر السعى أو يموت، وهو ما وصلنى من معنى عدم الرد إلى منزل الأهل، وفى نفس الوقت عدم الارتواء.

كل هذا يا مولانا يؤكد لى جوهرية وأولوية أن الشوق مع اليقين هو البداية والنهاية على مسار الكدح والصلاة والدعاء.

لا الظمأ ينطفئ يأسا

ولا الخروج ممنوع قهرا

ولا العودة متاحة إذا زاد الظمأ فكسر الظمآن التردد وخرج

ولا الارتواء وارد حتى لو خرج الظمآن ما دام الشرط بهذا الوضوح

فتتحقق العلاقة بين “وعى الكادح” و”وعى المطلق” فى محيط “وعى الطبيعة” بالحفاظ على “وعى الشوق” على طول المدى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *