الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (145)

حوار مع مولانا النفّرى (145)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 15-8-2015

السنة الثامنة

العدد: 2906

حوار مع مولانا النفّرى (145)  

من موقف: “عهده”

الإيقاع الحيوى يتخلق من تسبيح “الأبد” له

قبل القراءة:

توقفت يا مولانا عند هذا الموقف مليّا، فجاءنى المزيد عن بعض أوجه اختيارك لهذه الكلمة “مواقف”، وهى أقرب إلىّ يا مولانا من كلمة “مخاطبات”.

وضعنى هذا الموقف كله – تقريبا- في بؤرة الآن، النابض بنا، وبما حولنا، وبالكون كله، لا يحيط بعلمه شىء إلا بما شاء، فاحترت يا مولانا بما أبدأ وقد غمرنى كل ما قاله لك هنا بفرح شديد، وخوف، ويقين، وهدوء، وتفجّر، وطمأنينة!

ليكن

ولأبدأ حيث شاء لى أن أبدأ، وليستغرق منى هذا الموقف ما شاء كما شاء لما شاء، ولتسامحنى يا مولانا إذا أنا عدت – ولو من بعيد- إلا ما أتحفظ عليه كما أشرت الأسبوع الماضى وقبله، ومع ذلك فهأنذا أعود إليه، لكنه ليس هو!(1)

وبعد

يقول مولانا النفرى فى هذا الموقف أنه:

أوقفنى فى “عهده”:

وقال لى:

إحفظ عليك مقامك، وإلا ماد بك كل شىء

وقال لى:

..لا يفارقك إذا كتبته، لتنفذ به إذا نفذت، ولتتأخر إذا تأخرت به.

فحضرتنى يا مولانا العلاقة – بشكل أوضح – بين “الموقف” و”العهد” و”المقام”، إذ لاح لى أن العهد الذى ينعقد بفضله، خاصة فى “موقف عهده” هنا، هو عهد بالحضور الدائم المتجدد فى رحابه، عهد “أبدى”، وفى نفس الوقت هو عهد “أنىّ” لا يفارق “الهنا والآن” جزءا من ثانية!!

كان من بين ماقاله لك فى نفس الموقف وبعد ذلك بقليل أن “الأبد”: هو وصف من أوصافه(2)، وبهذا يكون عهده خلافة وأمانة لا خيار فى أبدية وضرورة الحفاظ عليها من كل جانب، حتى لو كانت الشبهة أخفى من دبيب النملة، ولو لفترات متناهية الصغر حتى أجزاء الثواني، فهو عهد أنفذ به إذا نفذت، وأخرج به إذا خرجت، فإن لم أفعل، أو حتى لم استطع، فأنا لم أوف بعهده، ولم أحفظ علىّ مقامى فيه.

وصلنى بعد ذلك يا مولانا – من نفس الموقف – ما سوف أعود إليه حذرا، ربما فى الأسابيع التالية، وهو أن الذي يعين فى كل ذلك – وما أصعبه- هو معايشتنا لما هو “أبدٌ نابض حاضر”.

لن أستطع يا مولانا أن أحول بين ما حضرنى من ربط بين وسواسى الخاص بما هو إيقاع وحيوى وهو الاجتهاد الذى صاغ وعيى من خبرتى وغيرها، وبين هذا الحدس الذى حضر مكررا فى هذا الموقف بالذات، عذرا يا مولانا، لكني حين عشت هنا كيف يسبّح الأبد له، (كما أعيش من قبل كيف تسبح له السماوات والأرض والجبال وما بينها وما حولها) حضرتنى علاقة ما بين الإيقاع الحيوى: جوهر قوانين الوجود من ما دون الذرة إلى آفاق اللانهاية، ومن أجزاء أجزاء الثوانى إلى ما ليس كمثل شىء، وبين كل ذلك، وبين كل ما وصلنى حالا.

وهنا نبدأ الدخول إلى منطقة الحذر والتحذير، من وصاية العلم الأحدث على الحدس ألاصل، فأجد أنه على أن أوضح أننى أتعامل مع الإيقاع الحيوى، خاصة فى بداية تعرفى على جوهر موضعه فى التناسق الكونى والفردى والعلاقة بينهما، أتعرف عليه من الممارسة الحية، وأنا أتنقل ما بين الإيقاع (الذى لم يعد كذلك حين) انغلق داخل نفسه فراحت كل بداياته تلحق تكون هى هى نهاياته، طول الوقت، طول العمر، بطول المدى، وبين الإيقاع المحافـِظ على دوام النبض والجدل والنمو فنكون كل دورة من دوراته هى هى بداية لدورة جديدة مهما ضؤل الفرق حتى لم يرصد.

هذا الإيقاع الأخير الذى هو قانون الحياة المتمثلة فى برنامج التطور، وهو خالقها كما هو خالق كل شىء، وواضع قواعدها، وميسر حركتها، وموجه وجهتها، ومنظم برامجها، ونحن إذ نلتقط كل ذلك إيمانا ووعيا وإدراكا ومعرفة وصلاة، نسهم فى الحفاظ على الطبيعة “ربى كما خلقتنى”، واستمرار المسيرة.

وكل هذا لاح لى فى هذا الموقف بما قاله لك وأثبتناه فى هذا المفتتح، ثم ما لحقه فورا بقوله:

“..سبّح لى الأبد، وهو وصف من أوصافى، فخلّقتُ من تسبيحه الليل والنهار،

وجعلتهما سترين ممدودين على الأبصار والأفكار، وعلى الأفئدة والأسرار

فأفرح، وأكرر ما سبق أن وصلنى وأعلنته، أنه خالق قوانين وبرامج الطور، وأنه أنزلها علي كل الأحياء، وأن من حافظ عليها من الأحياء: سبّح وآمن فبقىَ، وأن من تنكر أو يتنكر لها صراحةً، أو وصايةً فاختزالا، فقد عرّض ما كسب أو كتب إلى زوال بيقين أبقى، وبرامج أصح، ومعرفة أعمق، وإيمان أصدق، فإن أبى وأصر فلينتظر ما تفعل الريح بالرماد فى يوم عاصف “كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَىْء”.

وبعد

فهذا وما بعده هو بعض ما سوف أعود إليه – غالبا- فى الأسابيع التالية

[1] – أتحفظ على، وأحذر من، بل وأرفض بوضوح ما شاع مما يسمى “التفسير العلمى للحدس الفائق” بما فى ذلك التفسير العلمى للنص المقدس، راجع: نشرة: 15/5/2013، نشرة: 7/10/2013، نشرة: 13/10/2013، نشرة: 17/11/2014 نشرة: 9/7/2014،نشرة: 19/7/2014، نشرة: 25/7/2014.

[2] – وهو ما سوف نعود إليه لاحقا فى الأسابيع القادمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *