الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (142)

حوار مع مولانا النفّرى (142)

العودة إلى الفهرس

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 25-7-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2885

حوار مع مولانا النفّرى (142)   

من موقف: وأحل المنطقة

وقال لى:

               آليت لا يجدنى طالب إلا فى الصلاة

               وأنا مليل الليل ومنهر النهار.

فقلت لمولانا:

أرجعنى هذا النص يا مولانا إلى تعقيبات واستلهامات على موقف “العبادة الوجهية” نشرت تباعا – فى النشرات هنا من 31/5/2014، حتى 21/6/2014 – حيث رجحتُ فى أول هذه السلسلة من النشرات أن العبادة الوجهية هى أساساً “الصلاة”، وأشرت فى ذلك إلى أن هذا النص من أهم ما ينبهنا إلى خطأ مقولة من يزعم أنه “سقط عنه التكليف”، حتى أنهيت هذه السلسلة فى 21/6/2014 قائلاً:

“إذا كانت العبادة الوجهية هى ما وصلنى مؤخرا من صلاة وتهجد، فالأهم أن نتذكر أنها تسمح لنا ونحن بين يديه أن نقيس مدى عمقها بما يصاحبها من اقتحام الروع ونفى الخاطر حتى لا يبقى إلا وجهه……..،

فالعبادة الوجهية طريق رائع مرعب واعد مقدس منير إلى المعرفة. وهى تكون كذلك حتى لو لم يقع أى من ذلك فى بؤرة الوعى اليقظ المفكر بالحروف والكتابة وحتى الكلمات، بل إنها كذلك أساسا بكل جارحة ونبض: بحركات الجسد ودقات القلب وكلام الدنا DNA.

كل العبادات الحقيقية توصل إلى المعرفة الحقيقية”

(انتهى المقتطف بعد تحوير توضيحى بسيط ببضع كلمات)

ثم ننتقل إلى نص اليوم.

فأقول لمولانا:

تعجبت يا مولانا من هذه العبارة المسْتَبْعِدَةْ لكل ما ليس “صلاة”، ثم تراجعتُ، فلعل كل ما يقربنا إليه هو صلاة، ألم يقل لك يا مولانا ما نقلته عنه إلينا:  أن المعرفة والعلم الحقيقى الذى ليس ضده الجهل والبلاء الدائم والحجاب المتجدد وكل همس ونفس وظاهر وباطن إذا ما جاهد ليتخلص من الشرك الظاهر والخفى، كل ذلك هو صلاة، إذا كان الأمر كذلك فأنا أقبل هذا الاستبعاد لأنه لا يعود استبعادا مانعا لغيره.

لكن تظل الصلاة كما بلغني من موقف العبادة الوجهية هى على رأس كل ذلك، ففيها إيقاع بالغ الدلالة جميل التوازن مع كل إيقاعات الداخل حتى حركة “الدنا” DNA والخارج حتى مطلق الكون.

وكما ذكرت مسبقا أننى أنصح بعض مرضاى بالصلاة فى مواعيدها دون إلزام بشروط تحتم ما هو خشوع عقلانى، أقول هذا وأنا واثق من أن مواكبة حركات الصلاة فى دوائر إيقاع الجسد والقيام والركوع والسجود مع دورات الكون هى بداية كافية لأن تنشط فترسخ هذا الهارمونى بين الوعى الخاص النابض والوعى المطلق الإيقاعى ثم أردف لمريضى أنك ستلحق بجسدك حين تستطيع، وستتعلم منه دون وصاية لغة اللحم الحى والإيقاع من  خلال تناسقه مع  دورات الداخل والخارج.

ثم أفاجأ اليوم يا مولانا بالسطر الثانى يربط الصلاة بالإيقاع الذى وصلنى منه حين تبلغنا أنه قال لك:

وأنا مليِّل الليل ومنهِّر النهار

فأفرح بهذا التعبير النادر، فالليل ليس كيانا قائما بذاته يتبادل مع كيان النهار المنتظر دوره، ولكنه نبض إيقاع تبادل الوعى بفضل خالقه ومجدده باستمرار، وكذلك النهار.

وحين تخبرنا أنه قال لك أنه “مليّل الليل، ومنهّر النهار”، يصلني أنه هو الذى يجعل  الليل ليلا وهو الذى يجعل النهار نهاراً، وبالتالى هو خالق قانون النبض الحيوى الأساسى فى تنظيم الكون الأكبر والكون الأصغر وما بينها، ومع بعضهما البعض.

حين أقرأ الفطرة فى برامج التطور البقائية يصلنى أنها من صنعه دون سواه لتحافظ بها الأحياء على بقائها واستمرارها وتطورها، رحت أنبه بعد ذكر كل برنامج بقائى أتعلم منه طبيعة النبض البشرى، إلى أصل هذه البرامج فأضيف أنها تجرى – بفضل الله- وهو ما وصلنى من تشارلز داروين الذى كفروه بغير وجه حق، فهذه البرامج مهمة وضرورية وحتمية وهى أصل الحياة وهى التى علينا أن نحافظ عليها ضد شياطين الاغتراب وسموم السيطرة.

الآن يصلنى ما يؤكد ذلك حين تبلغنا أصل قانون الإيقاع الحيوى بهذا الإيجاز المعجز حين تذكرنا بما قاله لك.

وأنا مليِّل الليل ومنهِّر النهار

فأفرح بربطه بالصلاة  بالذات- كل صلاة – وأن الصلوات الخمس – مرة أخرى: وهى العبادة الوجهية الوثيقة الارتباط بالإيقاع الحيوى، إنما تدور بنغماتها المتواكبة مع دورات الإيقاع اليومى(1)، ليمتد إلى كل ما هى صلاة إيقاعية متواكبة مع الليل: إذ بـِتـَليـَّل بفضله، ومع النهار إذ يتنهتَّر بكرمه.

 

[1] – مع التذكرة برفضى فكرة “التفسير العلمى” للنصوص الأصلية كلها:  نشرة: 15/5/2013،  نشرة: 7/10/2013 ،  نشرة: 13/10/2013، نشرة: 17/11/2014 نشرة: 9/7/2014، نشرة: 19/7/2014، نشرة: 25/7/2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *