الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (25) مقدمة عن علاقة الحلم بالإبداع والشعر والتشكيل والجنون

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (25) مقدمة عن علاقة الحلم بالإبداع والشعر والتشكيل والجنون

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 26-7-2015  

السنة الثامنة

العدد: 2886

 الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:

 ملف اضطرابات الوعى (25)

مقدمة عن علاقة الحلم

بالإبداع والشعر والتشكيل والجنون

مقدمة:

أنهيت نشرة الإثنين الأسبوع الماضى برأى، أو فرض، رجوت ألا يكون صحيحا حين قلت: إصرارا منى على التهوين من قيمة محتوى26-7-2015_1 الحلم المحكى فى تسلسل خطي، وما يترتب على ذلك من ضرورة مراجعة منهجية لكل ما يسمى “تفسير الأحلام“، خطر لى تشبيه أرجو ألا يكون مناسبا تماما، وهو كالتالى:

يكاد الحلم المحكى يشبه زبد(1) البحر، وبالتالى يصبح تفسيره – مع المبالغة– مثل أن تلتقط لهذا الزبد صورة من أكثر زاوية، أو أن تأخذ منه عينة وتحللها كيميائيا، وتستدل من هذا أو ذاك على ما يحوى البحر أو المحيط من أحياء وأسرار!!!!!

آسف للمبالغة، لكن برجاء تخفيف التصور إلى ما تريد، ويظل المحيط هو المحيط .

وقد أشرت فى الأسبوع الماضى لبعض ما وصلنى من اهتمامات وإسهامات أ.د. على زيعور، وما بها من جهد فائق، وإبداع متميز فى هذا الشأن وغيره، ثم تفضل سيادته بتشجيعى بكلمة رقيقة وفضل سابغ، حتى شعرت اليوم أن علىّ أن أعيد اعتذارى له ولكل تلاميذه ومريديه، إذا أنا لم أتطرق إلى إسهاماته بالذات (وهى تبدو لى اكثر وأعمق وأقرب لثقافتنا من إسهامات سيجموند فرويد شخصيا)، ذلك لأننى لن أتطرق إلى تفسير الأحلام اصلا.

هذا ليس تهوينا لدور الأحلام وقيمتها فى التعرف على الطبيعة البشرية فى الصحة والمرض، بل ودورها فى حل رموز بعض الأساطير، وفهم مستويات أعمق وأدق للوجود البشرى المتناوب (خاصة لمن ينتمى مثلى للإيقاع الحيوى والتطور)، ولكنه تحديد لدورى المرحلى: حيث أننى لن أستطيع أن أسهم إلا فيما تسمح به مصادرى العملية، وهى التى أشرت إليها في النشرات السابقة ووصفتها أنها من واقع “اللحم الحى” كما يقولون فى بلدنا، ثم تأتى مرحلة التوثيق والتحقيق ليقوم بها من يهمه الأمر فى الوقت المناسب متى لزم الامر، وهو لازم بالضرورة.

 الحلم (بما فى ذلك النوم وهو حاوى الحلم وميَسِّره) يمثل ثلث الوجود البشرى، فكيف بالله عليكم نهوّن من دوره أو نغفل البحث فيه، لكن البحث فى الحلم لا ينبغى أن يقتصر بحال على البحث فى محتواه، الحلم وعىٌ آخر، فيه كل زخم الوعى البشرى بكل مستوياته ( التى تسمى عقول متعددة أو مستويات وعى متصاعدة أو حالات ذات أو حالات عقل او غير ذلك).

 ثم إنى أدرك تماما أن وصف الحلم بأنه “وعىٌ آخر” لا يسهل المسألة بل يصعّبها، لأن الوعى البشرى نفسه ما زال صندوقا غامضا برغم كل محاولات فتحه والنظر فيما تسمح به وتقدر عليه أدواتنا المتواضعة، وإذا كان الحلم (بما فى ذلك النوم) هو “ثلث” الوجود، فالوعى هو “كل” الوجود، وإذا كنا نصف الحلم بأنه وعى أساسا، فنحن نفسر الماء بعد الجهد بالماء.

إن تحفظى على التفسير لا يقتصر على تفسير الحلم فحسب، ذلك أننى أرى أن أغلب ما يسمى تفسيرا هو وصاية على النص، وقد اشرت من قبل أن النقد الأدبى الذى يركز على التفسير (والتحليل) هو من أضعف أنواع النقد، ويكاد أحيانا يفرض نفسه وصيا على النص حتى يفسده، بل إنه يكاد يشوه النص فى بعض الأحيان، بل إن تحفظى على التفسير يمتد بداهة إلى تفسير القرآن الكريم، حتى أننى تجرأت ذات مرة، وقلت إن القرآن الكريم “وعى خالص”، وكنت أعنى أنه يخاطب الوعى مباشرة، وما ألفاظه إلا بوابات إلى هذا الوعى بإيقاعها وإيحاءتها، وتشكيلها، كما أننى سبق أن أشرت إلى معاناتى فى قراءة نصوص “مواقف” النفرى، وأحلام فترة النقاهة لنجيب محفوظ، وكيف أننى أتجنب طول الوقت أى محاولة لما يسمى التفسير، وكل ما اسمح به لنفسى هو ما أسميه “الاستلهام”، وأن النقد الحقيقى هو إعادة ابداع النص وليس تفسيره، ما أمكن ذلك.

وبعد

إذا سلمنا للفرض القائل أن الحلم المحكى هو مجرد متواضع، وأضفنا تحفظنا على أن ما يسمى الحلم الكامن، حتى بالمفهوم الفرويدى، هو فى واقع الأمر ليس فى المتناول أصلا، فماذا يتبقى لنا ونحن نتناول ظاهرة الحلم وهى تمثل ثلث الوجود، وتكمل دورات الإيقاع الحيوى لمستويات الوعى: نبض الفطرة وانطلاقة الإيمان؟

بصراحة تعالوا نستعيد ما ذكرت عن مستويات الحلم، ربما نتعرف على أى مستوى من هذه المستويات هو قابل للدراسة، وكيف؟

استدراك:

قبل ذلك دعونى أشير إلى أننى تعرفت على مستويات الحلم من خلال أطروحتى فى النقد الأدبى عن الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع(2) وذلك من اجتهاداتى فى النقد الأدبى إبداعا: وبالذات فيما يتعلق بمستويات الشعر، وقد جرّنى ذلك إلى مواجهة القياس الثالث وهو التعرف على مستويات الجنون، وقد اعترفت آنذاك بهذه الصعوبة نتيجة للاعتماد على قياس لا تدعمه إلا فروض عاملة متصلة، صحيح أنها نابعة من ممارسات عملية، وتشكيلات نقدية، لكن نفس هذه الصعوبة هى التى جعلت دراسة كل ظاهرة من هذه الظواهر الثلاث (الحلم- الإبداع/ خاصة الشعر- الجنون) تضىء لى ما خفى فى الظاهرة الأخرى الأبعد عن التناول:

يمكن أن أستدرك هنا لأضيف دليلا آخر لتحفظى على الاهتمام بتفسيرالأحلام على حساب ماهية الحلم ومستوياته ووظيفته المعرفية والإبداعية: فقد خطر لى أن مثل هذا الاهتمام يقابل فى نفس التجاوز فى تناولنا لظاهرة الجنون بالاهتمام بوصف الأعراض الظاهرة على حساب غائية الجنون، وحركية الجنون، والإمراضية التركيبية(3) لحالة الجنون، وأيضا هو يقابل بالتالى الاهتمام بتصنيف وتوصيف بحور الشعر والالتزام بالقافية على حساب الغوص فى الصور الشعرية والتشكيل اللغوى الاقتحامى والإيقاع الظاهر والخفى فى الشعر.

أعترف ابتداء أنه ما دام لا يوجد ما يدعم هذه المقابلة الثلاثية، بين الحلم والإبداع والجنون، فإن القياس مهما كان متوازيا ومتكاملا لن يجد ما يدعمه إلا تناسقه الداخلى وفوائد تطبيقاته العملية.

مستويات الحلم والفن التشكيلى:

26-7-2015_2

والآن دعونا نتذكر مستويات الحلم أولا(4) وذلك قبل عرض المقارنات الثلاثية بين هذه الظواهر الثلاث فى نشرات تالية بإذن الله:

بالله عليكم أى مستوى من هذه المستويات قابل للدراسة إذا استبعدنا اجتهادات التفسير للمستويين الاقرب إلى السطح، وهما مستوى التأليف، ومستوى التزييف؟

ثم إننى أود أن أعترف أننى وجدت دعما فى الفن التشكيلى بالرسم أساسا لما يمكن ان يقابل هذه المستويات فى كل من الحلم والشعر والجنون، حتى رجحت أن الفن التشكيلى الأصيل له علاقة بصور الحلم والشعر، (والجنون!) وانه قادر على التعبير على هذه المستويات بلا ألفاظ بشكل أكثر إحاطة وبلاغة.

من هنا قررت أن أغامر بأن أختم هذه النشرة التمهيدية بعرض ما حصلت عليه من تشكيلات لا أعرف مبدعها، وأن أغامر أكثر بأن أعرض على الأصدقاء بالموقع أن يحددوا إلى مستوى من مستويات الحلم يمكن أن يعبر هذا التشكيل أو ذاك عن الانتماء إليه، استنادا للفكرة العامة دون الرجوع إلى أى تعريف محدد.

التشكيل الأول:  
 26-7-2015_3 حلم بالفعل؟

أم

حلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

التشكيل الثانى:        
 26-7-2015_4 حلم بالفعل؟أمحلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

التشكيل الثالث:        
26-7-2015_5 حلم بالفعل؟أمحلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

التشكيل الرابع:        
26-7-2015_6 حلم بالفعل؟أمحلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

التشكيل الخامس:  
 26-7-2015_7 حلم بالفعل؟أمحلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

التشكيل السادس:  
 26-7-2015_8 حلم بالفعل؟أمحلم بالتأليف؟

أم

حلم بالتزييف؟

ملحوظة

  لم أعرض طبعا الحلم بالقوة لأنه تنظيم فسيولوجى إيقاعى معرفى منتظم:

 26-7-2015_9

وبعد

غدا نعود إلى الاستغناء عن كل ذلك اللهم إلا إذا كان قد أفاد – كما أفادنى – فى التعرف على ظاهرة الحلم كما لم يخطر ببال التشكيليين الذين أبدعوها،

ونأمل أن نخطو نحو وظيفة الحلم ودوره فى تنظيم الفطرة، والتعليم، والإبداع، وربما النبوة

[1] – الزبد: ما يعلو الماءَ وغيرَه من الرَّغوة عند غليانه أو سرعة حركته.

[2] – يحيى الرخاوى: فى “كتاب حركية الوجود وتجليات الإبداع” المجلس الأعلى للثقافة 2007، نشرت فى صورتها الأولى فى مجلة فصول- المجلد الخامس – العدد (2) سنة 1985 ص (67 – 91) وقد تم تحديثها دون مساس بجوهرها.

[3]- Structural Psychopathology

[4] – يمكن الرجوع إلى الأطروحة الأصلية هامش 2، أو الرجوع إلى النشرات السابقة التى تكرر فيها الحديث عن هذه المستويات وشرح علاقتها ببعضها البعض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *