الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (132)

حوار مع مولانا النفّرى (132)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 16-5-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2815 

 

حوار مع مولانا النفّرى (132)   

من موقف “لا تفارق اسمى” (4)

وقال مولانا النفرى:

وقال لى:

إذا صار السوى خاطرا مذموما سقطت الجنة والنار

فقلت لمولانا:

الخاطر يا مولانا غير الفكرة، غير الذكرى، الخاطر لغة القلب، والقلب ليس هو تلك العضلة التى تدفع الدم، لكنه مسمع الوجدان ضمن سائر الجسدا، والوجدان يا مولانا لم يعد القطب المقابل للعقل، ولا هو ضد العقل تماما كما علمتنا أن العلم الحقيقى ليس ضد الجهل، والعكس صحيح، فقد صار الوجدان عقلا مكملا متكاملا، ويسمى، وإنى آسف أن أترجم إلى لغة أحدث، لكنها أحدث فى مبناها فقط، أما مضمونها فهو أقدم من القدم، القلب يا مولانا صار أقرب إلى “العقل الوجدانى الاعتمالى(1)، وبفضلك يا مولانا، وفضل علاقتى بالقلوب التى عليها أقفالها، والقلوب التى فى الصدور والقلوب قد عميت، والقلوب التى عليها الران، بالإضافة إلى القلوب الممزقة والمهجورة والمحترقة فى ممارستى ومهنتى، بفضل كل ذلك وغيره تعرفت على مكانة هذا العقل الاعتمالى الوجدانى فى الجسد كله، وما دقات القلب حين تواكبه إلا مسمع فى خلفيته متى صدح.

حين نتعلم من فطرتنا ومن ربنا ومما استوحيتَهُ مما ألقاه فى وعيك أن السوى أصبح خاطرا، ومذموما، نعرف كيف أن الله أكرمنا بهذه النقلة نميز بها دبيب النملة.

 جمال لغتنا العبقرية يسمح لنا بإعادة التعرف على هذا اللحن الظاهر والخفى فى هذا النغم المسمى “الخاطر”، فهى تقول:

الخاطِرُ : ما يَخْطُرُ بالقلب من أمر ، أَو رأْي ، أَو معنًى

الخاطِرُ : القلب أو النفس ( على المجاز)

ثم يتبختر اللفظ ويدخل العامية بالفصحى فيفيد:

أخَذ بخاطره : عزّاه وواساه ، 

أخَذ على خاطره : استاء ، تكدَّر وانزعج ،

كسَر خاطره : خيَّب أمله،

ثم نعود إلى الفصحى الفصحى فنجد أنه:

عن طِيب خاطر: عن رضًا،

ثم:

توارد الخواطر (كموقوع الحافر على الحافر)

فنتعرف أكثر على هذه الكلمة القادرة العميقة

وبعد

بمجرد أن يرد خاطرٌ ما على قلب أحدنا، يستدعى مصاحباته حسب نوعه وتاريخه، وحين نكون قد اجتهدنا حتى نكون أقرب إلى فطرتنا، يمكن أن نميز الشرك فى أى “سوى” يزاحم وجودنا معه، وبه، إليه، نميزه تلقائيا ودون تفكير، أو خوف أو نهى، فيصبح مذموما تلقائيا، “وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً”،

ونرجع إلى العبقرية الفصحى فنتعلم أن:

ذمَّ الشَّخصَ أو الشىء: عابه، وهجاه ، ولامه، وانتقصه واستحقره ،

وبعد

إذا صار نقول يا مولانا أنه قال لك: السوى خاطرا مذموما سقطت النار

هذا بديهى، فقد استبعد الشرك حتى لو كان كدبيب النملة، فكيف تسقط الجنة؟

“تسقط الجنة والنار”..!!!؟؟

لن أدخل، لا أستطيع ولا أريد أن أدخل: فى تفاصيل ماهية الجنة، فعند من عرف  كيف ينفى الشرك بكل خبثه وخفائه وتحايله وتلونه، حتى يصبح بمجرد أن يخطر: خاطرا مذموما – هكذا -، لا بد وأنه وجد أنه وصل إلى وقفة توحيد. وفرحة مَعِيّة، لا يحتاج فيها أن ينتظر جزاء أكثر منها حتى لو كان الجنة، (إلا تفضلا من ربنا بما شاء لمن شاء)

[1] – Emotionally Processing Mind

(نشرة  25-8-2014 ” التطور والعواطف والعقل البيولوجى (2 من ؟؟)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *