الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى ماهية الوعى (5) الوعى: وما ليس هو؟

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى ماهية الوعى (5) الوعى: وما ليس هو؟

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 17-5-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2816 

الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسيةالفصل السادس:

ملف اضطرابات الوعى 

     ماهية الوعى (5)

الوعى: وما ليس هو؟

ومن أين نبدأ ..؟

يبدو أننى فعلا على حق حين كنت أشك فى قدرتى على الوفاء بما يتطلبه، فتح ملف الوعى.

 لكن كما علمتنا لغتنا العبقرية: لابد مما ليس منه بد!

أنهيتُ نشرة الإثنين الماضى بإشارة عابرة إلى ما سبق وروده عن “الوعى” و”المنهج” فى النشرات اليومية مع إشارة خاصة لما جاء عن الوعى أيضا أن استلهاماتى وتداعياتى لمواقف النفرى، واليوم اكتشف أنه حتى ما أكتبه عن محفوظ سواء “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” أم فى “التداعيات على تدريباته” قد اشتمل على ما تيسر عن موقفى من الوعى، ومن أهم ما هو كذلك أساسا وقبلا: ما عرضته من خبرتى فى العلاج الجمعى وخاصة “الألعاب”، وأيضا ماعرضته من واقع المعاناة المرضية فى باب “حالات وأحوال” ، بين الحين والحين.

وحتى فى مقالاتى السياسية أو الفكرية، وبعض الحوارات، فى الصحف والمجلات السيارة للشخص العادى: كنت أستعمل تعبير “الوعى العام” أعارض به وأقدمه علي ما يسمى “الرأى العام”، ورحت أتناول هذه القضية بتكرار لحوح دون أن تصل – غالبا – إلى أصحابها.

 كل هذا فضلا عن أن كثيرا من أعمالى النقدية تناولت أيضا قضية مستويات الوعى والوجود بلغة النقد المناسبة آخرها على سبيل المثال ما نشر لى فى دورية نقد نجيب محفوظ: “الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ”(1)

برغم كل ذلك فقد اكتشفت أننى لم أقم بتحديد جامع مانع لاستعمالى كلمة “وعى” برغم أنى خاطرتُ باستعمالها فى مناطق حرجة وبمغامرات خطرة مثل تعبير أن: القرآن  “وعُىٌ خالص” (نشرة 19/1/2012) أو أن الموت هو “نقلة من الوعى الخاص إلى الوعى العام” – (مقالة 2/12/2005 مِنَ الموت “الجمود إلى الموت الولود”) – (نشرة 7-11-2007 “عن الموت والوجود”)(“دورات الحياة وضلال الخلود ملحمة الموت والتخلق “فى الحَرافيش” قراءات فى نجيب محفوظ) وغير ذلك.

وبعد

ماذا يمكن أن أضيفه بعد ذلك وأنا أفتح ملف الوعى باعتباره أحد الوظائف النفسية الأساسية التى ينبغى التعرف على حدودها وطبيعتها فى السواء، حتى نستطيع أن نميّز تشكيلات وتجليات اضطراباتها فى المرض؟

حين تكشـّف لى الأمر بهذا الحجم توقفت، ووجهت لنفسى سؤالا آن الآوان أجيب عليه، أوضح، سؤالا  يقول:

 “من أين لك هذا”؟

أعنى من أين لى كل ما صرحت به أو ألمحت إليه عن الوعى؟ بما فى ذلك بعض الفروض المغامِرة؟

وإليكم محاولة الإجابة:

أبدأ بالنفى: وما وصلنى من خبرتى المهنية، وخاصة فى العلاج الجمعى، ومع الذهانيين بالذات، ومن خبرتى الشخصية،  يقول مايلى:

  • الوعى ليس وظيفة مستقلة ولكنه حركية إيقاعية .
  • الوعى ليس صفة لاحقة ولكنه منظومة مشتملة .
  • الوعى ليس نشاطا متبادلا مع الوظائف الأخرى أو متصلا بها سندا أو وسادا، ولكنه حركية متداخلة فى كل الوظائف .
  • الوعى ليس واحدا ولكنه منظومات متعدده متصاعدة تمثـِّـل مراحل فى التطور، التى هى هى مراحل النمو، وهى متبادله النشاط- دورية الايقاع- متكافلة متجادله فى حالة السواء، وعكس ذلك فى حالة المرض.
  • الوعى ليس مرادفا للروح ولكنه على علاقة وثيقة بالادراك الأعمق عامة وبالوجدان خاصة.
  • الوعى ليس هو “الشعور” الظاهر فى بؤرة الانتباه، ولكنه متعدد فاعل حتى لو كان كامنا.
  • الوعى ليس صفة ثابتة، لكنه حركة متصاعدة متوجـِّهـَة نحو “واحدية الوعى المطلق” المفتوحه النهاية .
  • الوعى ليس وجدانا متميزا ولكنه شديد الارلاتباط بما يسمى: العقل الوجدانى الاعتمالى.
  • الوعى ليس قاصرا على الوعى بالوعى، ولكنه موجود عند كل الأحياء (وغالبا فى المادة غير الحية أيضا).
  • الوعى ليس هو تعريفه فى المعاجم، ولا حتى فى كثير من الكتب العلمية ولكنه حاضر حضورا أوسع وأشمل من كل الألفاظ التى تصفه.
  • الوعى ليس دائما فى متناول التناول بالحكى أو الرموز أو الحرف، ولكنه يشكل لغة جديدة فى الإبداع عامة وفى الشعر خاصة .
  • الوعى ليس موضوعا للحوار الشخصى لكنه ممارسة متعددة المستويات والأبعاد بين الأحياء أساسا، (ومع كل شئ وفى كل شئ إلى كل شئ).
  • الوعى ليس نشاطا فسيولوجيا للمخ فحسب ولكنه نشاط حيوى (بيولوجى) وجودىّ يشمل كل الخلايا وخاصة الجسد (وحديثا: المادة أيضا: انظر بعد).

بعد كل هذا: هل وصلتُ إلى تحديد مفهوم للوعى يمكن إعلانه “جامعا مانعا”؟

الإجابة هى بالنفى

ذلك أن أغلب ما وصلنى فى هذا الصدد كان ومازال يبدأ من الممارسة المهنية (نقد النص البشرى)، والخبرة الشخصية (نقدي نصّى البشرى) ثم إن ذلك راح يتدعم أو لا يتدعم بالمتاح مما يصلنى من معلومات ومعارف، وما يتكشف لى من مجاهدات وكدح.

هأنذا أقر وأعترف أن الخبرة هى الأصل، وهى الحاضرة فى البدء، وهى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالثقافة  التى أنتمى إليها، والتى تمتزج تماما وبيولوجيا باجتهادى على طريق إيمانى، لكن كل ذلك ليس نهاية المطاف،

ومرحليا: استطيع أن أقدم الطريق الذى سلكته، وأسلكه،  حتى الآن كالتالى:

من الخبرة إلى الرؤية،

ومن الرؤية إلى المعرفة،

ومن المعرفة إلى الفروض،

ومن الفروض إلى العلم،

ومن العلم إلى النقد،

ومن النقد إلى الوقفة،

ومن الوقفة إلى واحدية المعرفة،

ومن واحدية المعرفة إلى ….. >>

 خبرة جديدة،

وهكذا….!!

وبعد

إن أهم ما وصلنى من اكتشاف، أو إعادة اكتشاف العلاقة بين العلوم الكوانتية (الكموية) وبين التصوف هو حتمية التوحيد،

أن الحقيقة المحورية للوجود هى أنه  “لا إلا إلا الله” بكل اللغات

وهى حقيقة نابعة من ومتعلقة أشد التعلق بماهية الوعى وطبقاته،

وهى حقيقة أساسية وجوهرية للتعرف على بعض أبعاد الوجود، وبالذات ما يخص الطبيعة البشرية : “ربى كما خلقتنى”!

(أما نقد كل هذا فهو جاهز ومتواتر لأنه ،حسب نشرة الاثنين، الماضى يعتبر جزما من:

“ما خرج عن ما أتى به العلم بالضرورة” !

أستغفر العلم الراسخ الجاثم الساكن الوصى، لا أهمله،  ولا أرضخ له !!

“… وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا…”.

[1] – دورية محفوظ، مركز نجيب محفوظ و المجلس الأعلى للثقافة: العدد: السابع  (ديسمبر 2014)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *