الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (130)

حوار مع مولانا النفّرى (130)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 2-5-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2801 

 

حوار مع مولانا النفّرى (130)   

من موقف “لا تفارق اسمى” (2)

وقال مولانا النفرى:

وقال لى:

                    أحبابى: الذين لا رأى لهم

فقلت لمولانا:

نحن يا مولانا نولد  بلا رأى، ونلقاه بلا رأى، فيصلنى الآن مما ألقاه فى حدْسك أن “من لا رأى له، هو الأقرب إليه”.

الرأى يا مولانا يصدر من جزء ساكن – برغم حداثته- من الوعى، وهو لازم لحركية الحوار العادى، وتسيير الأفعال الضرورية الراتبة، لكنه إذا ثبت حتى أصبح وصيا دائما على غيره من مستويات الوعى، فهو لم يعد رأيا بل سياجا.

يظل الإنسان يا مولانا اقرب إلى ربه بقدر استطاعته أن ينفذ من رأيه إلى ما بعده، حتى لو كان ما بعده رأيا آخر، فأخر.

يتشكل الرأى باستمرا ر متناسبا مع قدر الحركة ونشاط الكدح

هاجمتُ مرارا يا مولانا شعار “يحيا الثبات على المبدأ”، ومع أن المبدأ غير الرأى، إلا أن العامة يتصورونه إلزاما والتزاما، حتى يصبح أقرب إلى ما يسمونه حديثا: الأيديولوجيا، بل إن بعض الساكنين، الخائفين، الحرفيّـين، كادوا يقلبون الدين إلى مثل هذه الأيديولوجيا حين غرهم ما أسموه عقلا، وهم لا يعرفون إلا عقلا واحدا ظاهرا، مع أن لنا عقولا كثيرة بلا حصر، وطريقنا إليه هو توجه هذه العقول معا توجها ضامـّا إليه، وهو التوجه الذى يقلب الآراء سعيا، فيصبح من لا رأى له هو القادر ألا يثيبت على رأى واحدٍ طول الوقت، لكنه لا يرفض أن يستعمل الآراء، شريطة ألا تستعمله الآراء.

لكن إذا كان التحـلى بالرأى يعطى صاحبه شكلا مميزا لفترةٍ ما، فإن القدرة على التـّخلى عن الرأى يعطيه حرية حركةٍ تؤدى به مُكرما إلى أن يكون من أحبابه،

وما أعظم المكافأة.

بجور الغيب يا مولانا هى حقول الآراء المتجددة

وسجن الرأى يا مولانا قد أصبحت له أسوار ظاهرة وخفية، تبدأ من المعاجم الأصنام، ولا تنتهي عند السلطات الوصية التى تحمل لافتة “العلم” وهى تخفى صفته الكهنوتية الملتبسة.

من يستطيع أن ينفضَ عنه كل الأراء الجامدة  الضالة المضلـِّلة يرجع كما خلقه ربه بلا رأى، وهو يقف بين يديه عاريا لا يقف معه سوى ما خـُلـِق به

ولعل هذا مصداق ما قاله لك يا مولانا فى نفس الموقف:

                                     إذا وقفت بين يدىّ، فا يقف معك سواك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *