الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (112) من موقف المحضر والحرف

حوار مع مولانا النفّرى (112) من موقف المحضر والحرف

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 27-12-2014   

السنة الثامنة

العدد: 2675  

حوار مع مولانا النفّرى (112)   

من موقف المحضر والحرف

قلت لك يا مولانا فى حوارنا منذ ثلاثة أسابيع، حين قال لك:

“الحرف  حجاب والحجاب حرف”

 قلت لك:

“لم أستطع حتى الآن، ولا استطيع، وغالبا لن أستطيع أن أحدد معالم “الحرف”، كما تريد أن توصلها لنا “تحديدا” نقلا عن ما قاله لك استلهاما، أنا أعرف أن كلمة “تحديدا” ليست من أبجديتك، لكننى أحاول، فما وصلنى منك حتى الآن جعلنى لا أحبه (الحرف) ولا استغنى عنه، أحذر منه و أستعمله

وهأنذا أعود اليوم وفى نفس الموقف “المحضر والحرف”، أؤكد حيرتى، ولكن ليكن حوارنا واحدة واحدة حتى أستطيع ، أعنى ربما أستطيع:

وقال مولانا النفرى:

وقال لى:

الحرف لا يلج الجهل ولا  يستطيعه

 فقلت لمولانا:

علّمتنا يا مولانا أن نلج الجهل بشوق المتزيد من العلم، وهذا ينفى عنا أن نكون جهلاء، إن من ينهل من الجهل علما ليس جاهلا وقد وصلنى أن  الحركة إلى الجهل إنما تؤكد ما هو علم، فكم كررت لنا ما قاله لك أنهما ليسا ضدان – الجهل يصحح، والعلم ينصقل إذا ولجنا جهلاً يكمله.

فرحت أن الحرف بذاته لا يستطيع أن يلج الجهل لأنه جامد مغلق، لكن وصلنى أن المجاهد المجتهد يمكنه أن يركب صهوة الحرف يلج به محيط الجهل، فيلمّ بما لم يكن فى حسبانه أنه يمكن أن يلم به إذا لم يلج الجهل ليكتمل به العلم.

أما أن الحرف لا يستطيع الجهل: فهذا تحذير آخر لنوع الجهل وقيمته إذ هو أكبر من أن يحتويه أو يبلغ عنه الحرف، الحرف يا مولانا لا يستطيع الجهل، يا لهذا التعبير!! طبعا، فهو بمجرد أن يقترب من محيط الجهل إما أن يذوب فيه فلا يعود حرفا فقط، وإما أن يرتد عنه ويحكم عليه أو ينكره، فهو يعلن بذلك أنه أعجز من أن يستلهم منه ما يعد به، فكيف يستطيعه؟!

نعم نعم: الحرف فى ذاته، بذاته، لا يتحرك من موقعه، ولا يفيد حتى ما نُحت من أجله، فكيف يستطيع أن يدخل إلى الجهل، ثم كيف يستطيع الجهل وهو بكل غروره لا يتحرك، وبخداع ضوئه يُعشِى ولا ينير.

الحرف مطية إلى المعرفة إذا ما أحسن راكبها استعماله،

 العلم الذي يستطيع أن يتجلى من خلال الحرف لا يصير الحرف معه حرفا،

 ألم يقل لك يا مولانا بعد ذلك فى نفس الموقف

وقال لى:

الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف

هذا التصالح يطمئننى، وقد يساعدنا أن نفرز العلم إلى علم يحتاج إلى الحرف دليلا ليصل إلى أصحابه، وعلم ينغلق فى حروفه حتى لا يكون إلا شكله، الحرف الدليل غير الحرف الصنم البديل

قلـّت مخاوفى يا مولانا من تصنيم الحرف، الصنم لا بمستطيع أن يجمّد الوعى لحسابه، ولا هو يمكن أن تكون له قيمة تغير معدنه.

لكننى لم أكد أفعل، حتى صُدمت من جديد، وفى نفس الموقف وأنت تردف:

وقال لى:

الحرف فجّ إبليس

 فأقول لك يا مولانا:

بالله عليك كيف يكون الحرف دليل العلم، ثم يكون فج إبليس؟ إلا أن يكون ذلك تنبيها قويا ألاَّ نطمئن إلى هذا التصالح الذى لاح لى إلا بحذر شديد، ذلك لأنه إذا استدرَجَنا الحرف إلى ما هـّوَ،  دون أن يكون دليلا لما يشير إليه، أو مُعينا لنتواصل من خلاله، فهو يسندرجنا إلى شقٍّ حفـَرَهُ إبليس لينزلق فيه الغافلون،

فما ذا يا مولانا عن هؤلاء الذين لا هم لهم إلا أن يقلبوا النور أسلاكا كهربائية بالية  سيئة التوصيل، ويقلبوا الشمس نارا تلتهم المعنى الأخضر، والجهل الواعد، والعلم الذى ليس ضده الجهل؟!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *