نشرة “الإنسان والتطور”
18-12-2010
السنة الرابعة
العدد: 1205
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (30)
من “موقف الأمر” (1 من ؟)
مقدمة: (بها بعض الإعادة)
ما أصعب كل هذا
وما ألزم كل صعب
يتطور أمر هذه المحاولات الجادة جدا إلى مناطق هامة جدا فيبتعد عنها ناس أولى بها جدا.
بعد أن تخلصت من وصابة زميلى وابنى د. إيهاب الخراط، كما ذكرت سابقا، وبعد أن احترمت أكثر فأكثر ترجمة أرثر جون أربرى، هذه النصوص إلى الإنجليزية وبعد أن رجعت إلى أصل المواقف وصلنى ما بدات به هذه المقدمة:
ما أصعب كل هذا
وما ألزم كل صعب
هذه المواقف (فالمخاطبات بإذن الله) فى أصلها الكامل أصبحت تمثل تحديا منهجيا بلا حدود
أعرف يقينا أن هذا المنهج هو ما يميز الوجه المشرق لثقافتنا وأنه قد ينير الوجه الغامض من تخصصنا،
دائرة الرفض التى تصلنى لا تقل اتساعا عن دائرة الحيرة والغموض ناهيك عن دائرة الشجب والاستهانة.
رجعت إلى “موقف الأمر” وإذا بنا (د. إيهاب وشخصى) لم نأخذ منه إلا بضعة أسطر لم أكن أنا الذى انتقيتها،
وإذا بهذا الموقف يلقى بى فى بؤرة إشكاله المنهج حتى جعلنى أقف طويلا أمام حرف أحاول تمييزه فى الأصل وهل هو “تاء مربوطة” أم “هاء”؟ أو هل هو “قاف” أم “فاء”، ومن أدرانى مدى دقة المصدر وأخطاء الطباعة…الخ؟
ومع ذلك أمضى بكل المسئولية أحاول استلهام بعض أجزاء من “موقف الأمر” (نشرة اليوم وغدا) لأعترف ابتداء أن ثمة مقاطع أو فقرات أربكتنى حتى قررت ألا أعقب عليها ولا أحاول استلهامها أصلاً.
قررت أن أخصص اليوم وغدا لاستكمال بداية تغيير المحاولة حيث سبق نشر تعتعة الأحد هنا بعد أن حجبها الوفد ثم عاد فنشرها فأتاح لنا مساحة الغد حتى لا ينقطع التسلسل.
****
(من موقف الأمر) 1
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
أوقفنى فى الأمر وقال لى إذا أمرتك فامض لما أمرتك
ولا تنتظر به علمك إنك إن تنتظر بأمرى علم أمرى تعص أمرى
وقال لى إذا لم تمض لأمرى أو يبدو لك علمه
فلعلم الآمر أطعت لا للأمر.
فقلت له
لم يختلط علىّ أمرك بعلم أمرك أبدا، هم الذين احلّوه محله وهم يبررونه ويزينونه ويسوّغونه، وهل أمرك يحتاج لأى من هذا، أو لعلم من خارجه أصلاً.
لو أننى أأتمر لعلم أمرك دون أمرك إذن فأنا أأتمر لعلمهم هم وليس لعلم أمرك، لقد جهلوا أمرك حتى أحلوا علمهم محله وكأنه هو.
لا أطيع علم أمرك، ولكننى أخشى أن أزيحه تماما فأبتعد، ولو قليلا، ولو لفترة عن أمرك
أرعب حين أتصور احتمال عجزى أن أميز أمرك من علم أمرك من علمهم بأمرك من جهلهم بأمرك الذى هو غاية علمهم أحيانا
ماذا أفعل إلا أن أقبل كل بداية بكل يقظة وعشم فتتجلى فى أمرك
فأمضى فيه لأكونه.
****
(من موقف الأمر) 2
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
أتدرى ما يقف بك عن المضى فى أمرى وتنتظر علم أمرى
هى نفسك تبتغى العلم لتنفصل به عن عزيمتى بهواها فى طرقاته،
إن العلم ذو طرقات وان الطرقات ذوات فجاج
وان الفجاج ذوات مخارج ومحاج
وان المحاج ذوات الاختلاف.
فقلت له
أنفصل عن عزيمتك؟ كيف بالله علىّ؟
ماذا يتبقى لى حين أنفصل عن عزيمتك
نفسى لا تبتغى العلم بديلا عن أمرك،
وإنما هى تتمحك فيما يسمى العلم حين تعجز أن يصل إليها أمرك
تنفصل بهواها فتنفصل فتضل فى تفاصيل التفاصيل حتى تجد نفسها فى ظلام المحاج ذوات الاختلاف.
تفصلها المحاج أكثر فأكثر فتتفسخ وهى تحسب أنها تنضم إليها
وماذا يتبقى منها أو لها إذا كانت قد انفصلت عن عزيمتك حين لاح لها علم أمرك فخدعها كأنه هو هو أمرك.
****
(من موقف الأمر) 3
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
امض لأمرى وإذا أمرتك ولا تسألنى عن علمه
كذلك أهل حضرتى من ملائكة العزائم يمضون لما أمروا به ولا يعقبون،
فامض ولا تعقب، فامض ولا تعقب تكن منى وأنا منك.
فقلت له
ما أكرم التكريم، وأصعب التكليف،
أكن منك وانت منى!! مرتبة أرقى من الرضا المتبادل،
لا أسألك عن علم أمرك حين أطمئن إلى أنه أمرك أنت، لا أمرهم
ولا أسألهم عن علم أمرك لأنهم لا يعرفون إلا علمهم الذى يخفى جوهر أمرك
أمضى بما أََمَرْتَ به دون علم أمره، أكون من أهل العزائم ولا أعقب
أمضى ولا تعقب
أكون منك وتكون منى؟
وهل يحتاج أمرك بعد ذلك، بل قبل ذلك إلى تعقيب،
أمضى ولا أعقب
أمضى ولا أعقب
فلا تنسنى
لن أدعك تنسانى وأنا أمضى
لا أنساك فلا تنسانى
*****
(من موقف الأمر) 4
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
ما ضنة عليك أطوى علم الأمر إنما العلم موقف لحكمه، الذى جعلته له، فإذا أذنتك بعلم فقد أذنتك بوقوف به
إن لم تقف به عصيتنى لأنى أنا جعلت للعلم حكماً
فإذا أبديت لك العلم فرضت عليك حكمه.
فقلت له
أنت لم تضن علىّ بأى فضل
لا بالأمر ولا بعلم الأمر
أعرف حدودى
انتظر أن تأذن لى بأن أوسع حدودى لا أتخطاها،
حتى إذا شمل اتساعها بإذنك عِلْم أمرك انقلب إلى وقفة، فوقفت.
وإذا وقفت وصلنى حكم علم أمرك لتنقلب الوقفة عمقا وتزيد الحدود اتساعاً
يمتزج علم أمرك بأمرك فى عمق الوقفة
يتحول علمه حكما ما دمت سمحت، وأذنت،
فوصلنى ما فرضت
فرضيتُ عنك
فرضَيتَ عنى.