الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع الله (13) ثراء حركية الجهل فى مواجهة جمود العلم

حوار مع الله (13) ثراء حركية الجهل فى مواجهة جمود العلم

نشرة “الإنسان والتطور”

27-7-2009

السنة الثانية

 العدد: 696

يوم إبداعى الشخصى

        حوار مع الله (13)

ثراء حركية الجهل فى مواجهة جمود العلم

مقدمة:

هل هذا وقته ؟

هل نحن ناقصون جهلا حتى ندافع عن الجهل أيا كانت الحجة أو لاحت فرصة معرفية  أخرى بلغة أخرى؟

هذا التساؤل لم يصلنى هكذا مباشرة، إلا منى .

 حاولت أن أتجنب أن أرد بشكل مباشر على كل من وصله هذا الحوار على أنه محاولة هز ما هو “علم”، أو تسويق ما هو “جهل”،

ولم أنجح

المسألة هى أن الإنسان المعاص يمر بفترة عصيبة وهو يتمادى فى عبادة  أصنام جديدة، وهى أصنام أكثر خفاء وأخطر أثرا، هى الأصنام التى تروج لها كل القوى المالية الظاهرة والتحتية فى العالم

لكن بعض البشر، الآن وعبر التاريخ، قد انتبهوا إلى حقيقة  هذه الأصنام، ومن بينهم مولانا النفرى

لغة النفرى هى لغة خاصة، ولا يمكن ترجمتها

لا يمكن ترجمة نفس اللفظ إلى نفس المضمون  فى سياقاته المختلفة،

فـــ:

الحرف

والعلم

والموقف

والجهل

والمعرفة

والله

والفرح

والضّـد

كل هذه الألفاظ يستحيل عمل معجم خاص

حتى لو أسميناه معجم النفرى، كما حاول البعض مع ابن عربى

فإذا كان الأمر كذلك،

وإذا كنا على هذا القدر من الأمية:

 أمية فى مجال القراءة والكتابة

أمية فى مجال العلم والتكنولوجيا

أمية فى مجال التاريخ الحقيقى والأساطير

أمية فى مجال العلوم الكموية الأحدث

أمية فى مجال الإبداع القادر

فلماذا نفتح هذا الباب بالحديث عن “حق الجهل” فى وقتنا هذا؟  لناسنا الآن؟ هكذا؟

لماذا نبدو كمن نشجب العلم بهذه الجرأة دون بديل؟

لماذا نبدو وكأننا ندافع عن الجهل بهذه الجسارة؟

حتى إذا أكدنا أن ثم علم آخر،

وأننا ننتمى إلى العلم الذى ليس له ضد اسمه الجهل،

وإلى الجهل الذى هو أحد أدوات المعرفة،

مهما قلنا ذلك فعلينا أن نتحمل مسئولية سوء الفهم،

                    واحتمال دعم مزيد من الجهل الخامل والكسل الغبى

ومع ذلك أكمل فى موضوع الجهل هكذا:

متقطف من حوار الجمعة

فى حوارى من يومين مع الإبن الصديق “رامى عادل”، أحد أهم المؤسسين لــ… “منظمة بريد الجمعة السرية”،  جرى الأمر هكذا :  

أ. رامى عادل

  • الجهل هو عمى يحمينى،
  • الجهل هو الطريق لوجود روحى الباكيه،
  • الجهل هو سدتى المنيعه المحكمه، وكيف لا وقد عرفنى بنفسى المظلمه، وبكم اخوة يوسف، وانا اتصدى لصفعاتكم بكف باسله،
  • ارتوى بجهلى فلا احتكم الى الطاغوت،
  • وخوفى من جهلى، هو ان يجرفنى، ان اسألك، فلا تجيبنى،
  • وحق عظمتك ربى، انك وهبتنى مالم يجل بخاطرى، فاضحيت متيما بجهلى وظلمة قبرى،
  • شمسك السطوع قد اجلـَتْ سترى وكشفتْ عمق أعماق محيطى، فقربتنى اليك طوعا، واحلّت هتك سرى، فغدوت مغامرا مغادرا، مكشوفا عاريا فى شروق بكر، يذيبنى عطرا ويغير على ّ صباحا فاضحك سحرا، وابحر صمتا

فكان من بعض ما رددت به عليه:  

…..

وقد جمعتُ (معظم) ما قاله النفرى عن الجهل، لكننى خفت من سوء الفهم، ونحن لسنا ناقصين،

نحن  نرتع فى جهل آخر هو الظلام الأسود، وعمى البصيرة التى فى الصدور، ثم مزالق العلم الزائف، والعلم الضد، والعلم الصفقات. وهذه الأخيرة (تشكيلات اللاعلم) أخطر.

(انتهى المقتطف من  حوار الجمعة)

مختارات من مختارات

ثم إننى عثرت أثناء بحثى عن من يشاركنا هذه الحيرة الكاشفة، لعلنا معا نتعرف على هذا الجهل الزاخر بالمعرفة، فوجدت أن باحثا قد جمع ما تيسر من مقولات مولانا النفرى عن:

 “فضل الحيرة وثراء الجهل”،

 وهو  د. توفيق رشد ، وهو صاحب موقع :

    توفيق رشد للأبحاث و الدراسات الفلسفية www.philomaroc.com/ –

وفرحت أنه يدعونا إلى مائدته بهذه الكلمات :

مرحبا بكم في موقع توفيق رشد للأبحاث والدراسات الفلسفية .. في الكوني والإنساني والعالمي، فنحن ننتمي إلى المتنبّي وابن رشد بقدر ما ننتمي إلى ديكارت ورامبو

ثم انتبهت إلى أنه يقدم الفلسفة التى نحن أحوج ما نكون إليها فى موقعه قائلا  :

“…الفلسفة  هي رسم خطوط ومدُّ جسور وفكّ حصار، فالتّقوقع في الكلّية داخل الاختصاص أو التّقوقع داخل المحيط، أو المدينة أو الوطن لا يتماشى مع الانفجار التكنولوجي (الأقمار الاصطناعيّة، الهندسة الوراثية/التّناسخ، والانترنيت) ذلك أننّا ملزمون بالانتماء والانخراط في الكوني والإنساني والعالمي، فنحن ننتمي إلى المتنبّي وابن رشد بقدر ما ننتمي إلى ديكارت ورامبو….إلخ”

فوجدتها فرصة أن أشكره ابتداء

وأن أدعو أصدقاء موقعنا إلى زيارة موقعه فهو شديد الثراء والإثراء

وبعد (1)

هأنذا  أختار من مختاراته من مواقف ومخاطبات مولانا النفرى ما قد يزيدنا معرفة بالجهل المعرفى الذى نحاول الدفاع عن حقنا فيه،

 وأيضا نحاول تمييزه عن كل من :

 الجهل العمَى،

 والجهل الظلام،

والجهل الإظلام

والعلم الأظلم،

والعلم اللاعلم

والعلم الزائف

والعلم الاستهلاكى

وغير ذلك من أصنام معاصرة

وبعد (2)

“الحوار” هذا اليوم ليس محددا  بموقف معين من مواقف النفرى – كما اعتدنا- ، وإنما هو منطلق من مختارات صاحب الفضل:  د. توفيق رشد من كل من المواقف والمخاطبات

(يلاحظ أن هناك بعض الإعادة لما  نشر فى  حوار الأسبوع الماضى، وقد تعمدت عدم الرجوع إلى الاستلهام السابق، وأيضا ألا أحذف التكرار، مع احتمال اختلاف الحوار، فأى نص يمكن أن يشرق من جديد بضوء جديد فى سياق آخر،  بما هو، أو بما ليس هو، أنت وتلقـّيك.)

المختارات

(مرة أخرى:  من “مختارات د. توفيق رشد”)

(1) وقال لي العلم المستقرّ هو الجهل المسـتـقرّ.

 فقلت له:

مرعوبٌ أنا  من  خمود الاستقرار، وغباء السكينة، ومن الموت الخلود،

غاضبٌ أنا  ممن قرن النفس المطمئنة بالاستقار الآسِن،

 الموت نفسه ليس استقرارا فى القبر،

هو أزمة نمو مفتوحة النهاية، نقلة من الوعى الذاتى إلى الوعى الكونى ابتغاء وجهك،

ما ذا أفعل وهم يفحرون للكلمات قبورا فى المعاجم، يغلقونها عليها، فيغلقونا عنك.

(2) وقال لي:  كُلّما قَويتَ في الجهل، قويتَ في العلم.

فقلت له:

 زادى جهلى اليقظ،

 وزوادى علمى الحذِر،

 وأنت برحمتك تصـبّرنى على هذا وذاك،

 فأقوى بك فيهما أبدا

(3) أوقفني في الليل وقال لي لا مَعْلُوم إلاَّ الجَهْل.

فقلت له:

 فالحمد لك،

لا ينتهى بحر العلم أبدا،

لأنه لا ينتهى فيض الجهل أصلا،

الشمس تخرجُ من جوف اليل لا لتمحوه، بل لتضيئه .

(4) وقال لي أعدى عدوٍّ لك إنما يحاول إِخْرَاجَكَ مِنَ الجَهْلِ لا مِنَ العِلْم.

فقلت له:

أخرج من العلم فازداد علما من فيض جهلى، لكننى إذا خرجت من الجهل لم أعدْ أبدا،

 كل خروج حركة، وكل رجوع حركة، وأنا لا أخاف الحركة فى رحابك

أخدع من يخرجنى لأننى لا أتبع وجهته، بل وجهتك

أرجع إليك لا إليه،  لأنطلق منك إليك

وهو يحسبنى أننى أخرج لما أخرجنى إليه

 (5) وقال لى إِنْ صَدَّكَ عن العِلْمِ فإِنَّما يصُدُّك عنه ليَصُدَّكَ عَن الجَهْلِ.

فقلت له:

هو أذكى من أن يصدنى عن العلم جهارا نهارا،

هو يلوّح لى به كأنه الباب الأوحد للمعرفة دون الجهل،

فأنتبه للخدعة،  فأتمسك  بحقى فى الجهل،

 فيصدنى عن العلم  ويعايرنى :  أننى المستغنى،

  أخدعه

لا  أستغنى عن العلم الذى يتفجر منه الجهل،

 ولا عن الجهل المولـِّـد لجوهر لعلم.  

قِـفْ !!

وأنا أراجع بقية المختارات (بلغ عددها حتى الآن 38) اكتشفت صعوبة التلقى ومسئوليته

أوقفت نفسى قسرا احتراما لجرعة التكثيف

قررت أن أكتفى بنشر ما بين خمس وعشر فقرات كل مرة .

لعلنا نهضم – معا – بعض بعضها بالسرعة البطيئة

شكرا على التحمل والسماح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *