حوار/بريد الجمعة
نشرة “الإنسان والتطور”
الجمعة: 11-8-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5823
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
الحمد لله من قبل ومن بعد
طلب مـِنَّـا الاستمرار فى محاورته، ومحاورة بعضنا البعض، وها نحن نحاول….
وليكن الاستمرار وسيلتنا إلى العودة…، وهل نملك غير هذا!!؟
*****
د. ماجدة عمارة
المقتطف: د.محمد الرخاوى: فكيف بالله عليك أتلفع بشيطانى لتتضاعف قوة الخير فيّ؟؟؟؟
التعليق: وصلتنى بمعنى: أقبله كطاقة فعالة وقادرة على الفعل، ودورى أن أوظفها فى خدمة الخير فتضاعفه، حين يضيفها إلى فاعليته الأصلية
د. محمد الرخاوى:
لا لا يا د. ماجدة، اسمحى لى أن أصر على كون هذا الموضوع صعباً جداً لدرجة يحتاج معها مزيداً من الاجتهاد والتفصيل. فهل من صفات الشيطان مثلا كونه طاقة فعالة وقادرة على الفعل لأحتاجه لدرجة أن أتلفع به؟؟ ألا توجد طاقات فعالة وقادرة على الفعل ولكنها “غير شيطانية”؟؟ أعتقد لو حاولنا أن نساعد بعضنا فى تقبل هذه الحكمة المجنونة (وهذه تسميته هو، لا أنا) ليحيى الرخاوى؛ فالأفضل أن أتذكر عن الشيطان صفات كالأنانية والغرور مثلا…. وهنا علىّ أن أفكر كيف أستخدم أنانيتى وغرورى لأتلفع بهما فأضاعف قوة الخير فى نفسي، كأن تذكرنى أنانيتى بواجباتى تجاه الآخرين بعد أن أكون قبلتها، أى بدون ادعاءات مثالية كاذبة عن كونى مش أنانى أصلاً كما يحدث كثيراً. أو كأن أتذكر غرورى فأحاول أن أدفع ثمن تفوقى الذى أتصوره عن نفسى خدمة لآخرين جعلنى الله متفوقاً عليهم كما أتصور، وهنا سأصدق أننى أستطيع مضاعفة ثمن الخير إذا تلفعت بشيطانى، أى إذا لم أنكره أو أدعى عدم وجوده من البداية. هذا والله أعلم.
*****
أ. سحر أبو النور
مولانا الحكيم بعد دهشة ربما تقترب ملامحها من ملامح دهشتك حاولت أن أجد فى عبارة “الحزن عليه” معنى آخر غير ما اعتدنا تداوله وأعتقد أن المخاطبات تأخذنا حيث آفاق أخرى لمعنى الحروف والكلمات وحسيت أن استخدام حرف “علي” هنا مقترنا بالحزن ربما يشبه فى معناه اقترانه بالتوكل إذ نقول توكلت عليه ولا يتوكل عليه إلا من يراه حيث نضع أمامه سعينا وهو يحمل عنا ما أدركه سعينا وما عجز سعينا عن إدراكه ولأن الحمل يناسبه حرف الجر “على” فتكون توكلت عليه
وبالمثل يكون الحزن عليه فى معناه كما توكلت عليه
هكذا حسيتها و تصالحت على ظاهر معناها بباطن تسنى لى من كثير بواطنه.
د. محمد الرخاوى:
تتميز مشاركات الحوار اليوم باهتمام واضح جداً بهذا الموقف تحديداً للنفرى، وبتعليق يحيى الرخاوى عليه الذى وجدت فيه ما أردت أن أشارك بالحوار حوله أيضاً. أرجو إذن قراءة مشاركتى الأخيرة فى ردى على ابن عمى د.محمد أحمد الرخاوى
د. ماجدة عمارة
المقتطف: ولكن متى يعرف طالب وجهه وسالك طريقه هذه التفرقة الجوهرية بين “الحزن”، وبين “حقيقة الحزن”.
التعليق: تنقلت معكما بين اللفظ والحرف والمعنى، حتى وصلت إلى هذه العبارة، فاحترت يا مولانا، أتتساءل؟ أم تستنكر؟، فأجابنى وجع من قلبى، وجع عميق لا أعرف له أول من آخر، وجع يقول لى: لم أولد معك، ولن أنتهى بموتك، أنا شرف وجودك، أنا أولك، أنا آخرك، فابتسمت مئتنسة بوجودى معه به…
د. محمد الرخاوى:
أرجوك يا د. ماجدة أن تقرئى التعليقين السابق واللاحق.
د. محمد أحمد الرخاوى
المقتطف :-وخـَاطـَبَ مولانا النفرى قائلا: يا عبد الحزن علىّ حقيقة الحزن
يا عبد أنا عند الحزين علىّ وإن أعرض عنى
يا عبد كيف يحزن علىّ من لم يرنى
أم كيف لا يحزن علىّ من رآني
التعليق: هو الحزن الحيوى اليقظ الذى خلقنى سبحانه لاكدح معه به اليه . ولن ينتهى الا بالرجوع ايه مطمئنا راضيا مرضيا فالحزن هو نبض الوجود وهو الابتلاء وهو المكابدة وهو الحتم الى ان يرضى فارضي.
الحزن هو روع وقداسة كل معنى وكل شرف فى رحابه .
د. محمد الرخاوى:
فى ظنى أن تفاعل يحيى الرخاوى مع هذا المقتطف فى تلك النشرة ينطوى على مغالطة. فعندى أن هذا المقتطف يحتاج للانتباه الشديد لأرضية يقوم عليها وهى حاسمة لاستيعابه. فلا الرؤية ولا المعرفة (وربما ولا الوقفة) هى من النعم الدائمة المستمرة، وهو معنى يتواتر عند النفرى فى مواقفه ومخاطباته بوضوح شديد. لهذا وصلنى الحزن هنا بوصفه من أعراض افتقاد نعمة عشتها وأحببتها فى لحظة لا تنسى، ولكن كونها لا تنسى لا يعنى أنها مستمرة وأننى ما زلت أعيشها بالزخم نفسه. بعبارة أخرى إذا كان العبد قد رآه فى لحظة سابقة؛ “فكيف لا يحزن عليه من رآه”، ثم “كيف يحزن عليه من لم يره”، ثم والأمر هكذا، أفلا يصبح “الحزن عليه حقيقة الحزن”؟؟؟
أما المغالطة التى أعنيها فى تفاعل يحيى الرخاوى فهى الدهشة التى ادّعاها لاستخدام حرف الجر “عَلَى”، وظنى أنه ادعاها ليثير دهشتنا أولا، وليكتب ما يريد (من الكلام الغالى جداً) ثانياً. وأقول ادعاها لأنه كتب بنفسه أننا “نحزن على ما نفتقد، ونحزن على من نفقد، ونحزن على ما لم نحقق ..إلخ”، وهذه كلها معان مشمولة فى قراءتى المتواضعة. السبب الآخر لتهمة ادعاء الدهشة التى أوجهها لهذا التفاعل هو أن تعبير “الحزن عَلَى”، فى الواقع، لا يثير الكثير من الدهشة، خاصة لدى مصرى صميم يعرف جيداً التعبير الموازى والشائع جداً “زعلت عليه” بالعامية المصرية الجميلة، والغريب أن تعبير “حزنت عليه” هو أيضاً تعبير متواتر بل مألوف، بما يدعمنى فى اتهامى الطيب هذا.
*****
2023-08-11
المقتطف : لا لا يا د. ماجدة، اسمحى لى أن أصر على كون هذا الموضوع صعباً جداً لدرجة يحتاج معها مزيداً من الاجتهاد والتفصيل. فهل من صفات الشيطان مثلا كونه طاقة فعالة وقادرة على الفعل لأحتاجه لدرجة أن أتلفع به؟؟
التعليق : عندك حق يا د. محمد ،وكنت منتظره منك الرد ده وأكتر ،أما عن تساؤلك الاستنكارى عن طاقة الشيطان وقدرته على الفعل ؟ فاسمح لى أجيبك بنعم ( حتى الآن ) هذا ما وصلنى من خبراتى ومعارفى ،وهذا ما أظن أن مولانا الرخاوى قاله عنه ،والذى لم تكن بدايته عنده ،لكنه موجود فى الثقافات والفلسفات الشرقية القديمة ،التى كلما اطلعت عليها أكثر ،أكتشف كم كان مولانا على علم ودراية بها ولعل تعبيره ” أتلفع به ” يحمل بدقه كيف استطاع أن يلتقط ما وصله ليعيد إنتاجه فى إبداعاته الخاصة ،،لكن فعلا عندك حق فى أن الموضوع صعب ويحتاج إلى الاجتهاد والتفصيل ،وهذا ما أقوم به حاليا لأتابع وأواصل وأفصل وأفسر بعض ما قدمه مولانا الرخاوى فى هذا الصدد…لعلى أفلح ،يارب
المقتطف :-
يا عبد أنا عند الحزين علىّ وإن أعرض عنى
يا عبد كيف يحزن علىّ من لم يرنى
أم كيف لا يحزن علىّ من رآني
التعليق علي التعليق :-
يحضرني هنا يا محمد الموقف الشديد الدلالة الذي اختزل بسطحية شديدة عند اغلب المفسرين علي حد علمي
موقف خلق آدم وخروجه من الجنة .
هو موقف شديد الدلالة وشديد القداسة ويلخص روع وجود هذا الكائن الرائع الظالم الجاهل .فهو يحزن علي فراقه ( الله) وليس علي الجنة وهو في نفس الوقت ينعم بقوة هائلة من المعني حينما يكدح اليه بعد ان يعيش الحزن علي فراقه ( عليه) فيراه حضورا عيانيا. حضور يظهر ثم يتواري لاستمرار الكدح .
فالحزن هو الضريبة الرائعة للحرمان الي ان نلاقيه فيرضي فنرضي.
لذلك قال لمولانا النفري :- كيف يحزن علي من لم يرني . ام كيف لا يحزن علي من رآني .