“يوميا” الإنسان والتطور
19-10-2007
حوار بريد الجمعة
د. رفيق حاتم
ضيف واحد كريم، واعتذار للأصدقاء الطيبين
ابتداء: أود أن أقدم اعتذارى هذا الأسبوع عن مواصلة الحوار مع كل من تفضل من الأصدقاء، خاصة المنتظمين، ممن أرسل رأيه أو تعليقه هذا الأسبوع، ذلك لأنه قد وصلنى من إبن عزيز، يعيش فى فرنسا، وقد تَفَرْنَسَ دون أن يَتَخَوْجَنْ، فهو مازال مصريا مُقَطَّمِياًّ حتى النخاع، وهو دائما معى مهما طال غيابه، وزاد انشغاله، ومهما تباعدت رسائله، حتى أننى كثيرا ما أُبلغه ما أريده عن طريق إبنة صديقة (هى ابنتى أيضا من زوجة أخرى هى: قصر العينى)، وقد تصادف أنها تزوجته دون علمى، والأهم أنها أم حفيداتى صديقاتى الثلاث ياسمين، وفرح، ونسمة. (ولهذا حديث أخر مهم)
وصلنى بريد د. رفيق الذى كنت أنتظره منذ ورطت نفسى هذه الورطة، كنت أنتظره لأسباب لن أطيل فى شر حها الآن، وإن كنت قد تطرقت إلى بعضها فى حوارى مع الابن د. أسامة عرفة، لكننى هنا أكتفى بذكر سبب واحد –ولو كان فى ذلك إعادة-، هو أننى كنت، ومازلت، حريصا أن أعرف مَنْ أخاطِبْ، وأَن أتابع ما يجرى فى ثقافة غير ثقافتنا، من خلال رؤية وممارسة شهود عيان، أتيحت لهم فرصة الغوص إلى الداخل (داخل النفوس) لعلهم (الأطباء النفسيين أبنائى وبناتى) يحدون من غلوائى، فأتعلم، أواصل محاولاتى بشكل أفضل.
المهم، هذا هو الإبن رفيق حاتم، أهلا بك يا رفيق (أعرف أنك ستسمح لى بتقطيع خطابك، فقد اعتدتّ ذلك أيام كنت معنا فى “الإنسان والتطور”، وقد لاحظتُ أنك لم تنس تقاليد هذه المجلة التاريخ، سواء من حيث “الحوار المصنوع”، أو فى باب “مقتطف وموقف” قد نظّمت تقديم خطابك باعتباره “موقفاً” من “مقتطف”محدد)
هات ما عندك يا رجل، أوحشتنا.
د. رفيق:
كل سنة و أنت و كل من تحب او لا تحب طيبين
د. يحيى:
وأنت بالصحة والسلامة يا شيخ، أين أنت؟!! حلوة حكاية “أو لا تحب هذه”، صحيح !!، معك حق، لماذا لا نتمنى لمن لا نحب أن يكونوا هم أيضا طيبون حتى العام القادم ، هل نعاقبهم لأننا لا نحبهم، أم نعاقب أنفسنا، وحتى لو كانوا أشرارا، فليكونوا طيبين، فتقل شرورهم، لقد فرحت يا رفيق أن ابنتى “د. أمانى” أبلغتك حكاية هذه النشرة اليومية، وأنت تعرف موقف أمانى الأمين الواضح، وعواطفها الصادقة المحبة، لكنها عادة لا تكتب، ولا تعقّب، وربما احتراما لميولها هذه، طلبت منها أن تبلغك رغبتى فى أن تتابعنا أنت بالأصالة عن نفسك، والنيابة عن من يهمه الأمر..
د. رفيق:
أنا أتابع ما تكتبه بانتظام و سعيد بما تبذل من جهد لشحذ الهمم و العقول.
د.يحيى:
شحذ الهمم؟ يعنى! أما شحذ العقول، فأحسب أنك لم تنس علاقتى بشحذ العقول، فالعقول الحديثة المغرورة يا رفيق- كما تعلم- قد شُحِذَتْ أكثر من اللازم حتى أصبحت مسنونة حادة تقطع كل ما عداها لتحتكر المعارف والوسائل جميعاً_ أنت تعرف أن هدفى هو “تحريك الوعى”: مستويات الوعى معا، أو بالتبادل للتضفر، وهذا غير شحذ العقول اياها أو حتى شحذ الهمم، أنا أقبل طبعا رؤيتك، وأعلم أن ما وصلك هو بعض ما أحاوله، لكنى خشيت على القارئ أن ينسى حكاية “تحريك الوعى”، التى أنا متأكد أنك على أتم إحاطة بها، أنا كتبت يا رفيق حتى اليوم 47 مقالا أو رأيا أو رؤية فى هذه النشرة اليومية، فهل يا ترى قرأتها جميعا برغم انشغالاتك، وماذا استرعى انتباهك بوجه خاص؟ فعلقت عليه؟
د. رفيق:
هذا تعليق على مقالة الصوفية والفطرة والتركيب البشرى.
المقتطف: … ربما هذا ما يشير إليه الجنيد فى قوله “.. إثبات ذات الله من خلال العدم أفضل من إثباتها من خلال الوجود“، العدم هنا ليس العدم السلبى الذى نعرفه، لكن العدم يعنى أنه إعدامنا للثابت الذى يحول دون حركية المعرفة المتواصلة، هو العدم الذى يتخلق منه ضده ليصبح وحدة أكبر فعدماً أنشط، وهكذا، هذا الامتداد المتصل هو أقرب عندى لقراءة معنى “..الإيمان بالغيب، لا الانعدام فى الغيبوبة”، ومن ثم مواصلة السعى إليه..”
د.يحيى:
إذن، أنت تعلق على تعليقى أنا ، تعليقى على بعض ما اقتطفتْه من كتاب مارى شميل “تاريخ التصوف الإسلامى..إلخ”، وهو الكتاب الذى ملأنى عرفانا بفضلها، واحتراما لها، هذا، ولعلك تابعت حوارى (المصنوع) مع د. زكى سالم حول حكاية العدم عند الصوفية، ولكن دعنا نقصر حوارنا على المقتطف الذى اخترتَه، فماذا أثارك فى تعليقى على ما اقتطفتُ وشرحتُ؟
د. رفيق:
أثارت عندى هذه المقالة تحريك غير متوقع يتعلق بمعنى الإيمان بالغيب. فحتى الآن كان الإيمان بالغيب متعلق عندى بالتسليم السلبى انتظارا للفرج، وعدم الأخذ بالوسائل المتاحة لتحقيق المراد.
د.يحيى:
جاءك كلامى؟ ألم أقل لك أنك سيد العارفى بحكاية “تحريك” هذه وليس مجرد شحذ
د. رفيق:
عند قراءة المقال قفز فى ذهنى مفهوم متعلق بالعلاج النفسى إذ يرتبط التحسن أو زوال الأعراض بعملية إحداث أو حدوث تغير غير متوقع و غير محسوب من خلال مفردات متاحة بشكل من الأشكال Faire Advenir. مثلا…
د.يحيى:
شكرا يا رفيق، ولكنك تعرف أننى لن أترجم ما لم تقم بترجمته أنت، فلا أنا أستطيع، ولا أنا أعرف تحديدا ما تقصد إلا من السياق، ولكن لأدعك تكمل أولا ..
د. رفيق:
عند علاج المريض الذهانى من العرض الضلالى (مثلا) باستخدام العلاج الدوائى لا يكون التحسن بزوال المعتقد الضلالى فحسب وإنما بتغيرٍ مَا فى طريقة إدراك الواقع و التعامل معه.
د.يحيى:
الناس يا رفيق عندنا، وأظن بعضهم عندك أيضا، نسوا عمق ما يجرى فى العلاج النفسى، أو فى علاج النفوس عامة، خصوصا حكاية مثل “تغير فى طريقة إدراك الواقع”، كما تقول، يحسبون ، ويرددون دائما أبدا، حكاية أن العلاج فضفضة، وكلام، وترييح، وفك عقد، وأنت تعلم أن هذا يرجع إلى ما نشيعه – نحن الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين – عادة، فضلا عن دور الإعلام القشرى، والدراما المسطحة، ثم إن أغلب الناس والمرضى والأطباء والمعالجين أيضاً يميلون إلى قياس التغير بتغير فى ظاهر فى السلوك، ولا ينتبهون إلى عمق ما يجرى.
د. رفيق:
هذا التغير و نوعيته غير محسوب، ولكن ترقُّبـَـهُ يدخل فى صميم مفهوم العلاج النفسى و أكاد أقول فى أى علاج إلا أنه فى العلاج النفسى يأخذ ترقب التغير مكانا محوريا بل يُسعى إليه من خلال طرق علاجية مختلفة…
د.يحيى:
أظن يا رفيق حكاية “ترقب التغيير” هذه صعبة على الناس، ذلك لأن أغلبهم – بما فيهم كثرة من الأطباء والمعالجين يعتبرون هذا “الترقّب” عملية عقلية واعية أكثر ، كما أنهم يقيسون التغيير بما هو “تغير سلوكى” محدد كما قلتَ حالا، وأنا لا أحسب أنك تعنى هذا أو ذاك، صدقنى يا رفيق – وأنا أعلم أنك تصدقنى- أننى أتابع (وأرصد هذا التغيير النوعى فىّ، وفى المرضى، وفى أبنائى وبناتى الزملاء تحت التدريب)، أفعل ذلك بصعوبة ويقين معا، خاصة وأن التغيير يحدث –بعد تراكم ممتد- فى جزء من الثانية، وقد سجلتُ عشرات، بل مئات الأشرطة بالفيديو لأعود إليها وأنا أقدم ما يحدث، وحين حاولت الاستفادة منها وجدت صعوبة هائلة، خصوصا مع اعتبار آداب المهنة والسماح المسبق اللازم حتما، ماذا نفعل إلا أن ندور ونلف، وفى النهاية نقول قول الصوفية “من ذاق عرف” وبالقياس “من تَدَرّب فَهِم وصدّق”، و“مَن شُفِىَ تجاوزْ”، لكن دعنا نعود إلى حوارنا حول الإيمان بالغيب، والعلاج النفسى، ما العلاقة؟
د. رفيق:
(نعم)، ما العلاقة بين الغيب والإيمان به؟ هل يمكن إذا فُهِمَ الإيمان بالغيب على أنه تسليم بأن فى حوزتنا أدوات ومعطيات كامنة ومجهولة قادرة من خلال مخاض ولادة على إحضار أو تلقى شىء(من الغيب) إلى حيز الوجود. شىء ذى نوعية ودلالة متجاوزة و مغيرة لكل الحسابات؟
د. يحيى:
يُمْكن ونصف!!!
د. رفيق:
دخل فى قسم الطب النفسى الذى أعمل فيه مريض تجاوزت سنه الثمانين بعد محاولة انتحار. هذا المريض يعيش وحده و كان قادرا حتى الآن على تحمل مسئوليات المعيشة اليومية ومتطلباتها بصعوبة متزايدة يوما بعد يوم. وبعد الفحص النفسى تبين أنه لا يعانى من أعراض اكتئابية أو ذهانية الآن أو فى الماضى. وشرح لنا المريض أنه قرر الانتحار لأنه يدرك تقلص قدراته السريع وعجزها عن تحمل ضرورات الحياة اليومية، و قد أصبح غير قادر على ممارسة أى نشاط، و بالتالى قرر الموت إذ أن مشوار حياته كان مُرْضِياً، فقد آن الأوان لكى يذهب فى سلام بدلا من انتظار تدهور وآلام و عجز حتمي.
و كان السؤال المطروح هو: لماذا نبقى هذا المريض فى المستشفى و بأى حق نعالجه؟ ومِنْ ماذا؟ إذ هو لا يعانى من أى مرض نفسى حتى لو كانت محاولة الانتحار عرضاً نفسياً. لماذا نحاول منعه عن ما نوى عليه؟ ألا يدخل هذا فى نطاق التدخل فى حريته الشخصية؟
د. يحيى:
ياه!! هل تذكر يا رفيق لقاءنا فى الفاتيكان، وكان الموضوع الأساسى هو “القتل الرحيم” وكان المؤتمر لنقاش مشروعية وإنسانية إجراء قتل ناعم للمريض الميئوس من شفائه إذا ما طلب ذلك، وكنت أمثل وجهة نظر الإسلام، كما كان معى فى نفس الجلسة هندوكى وبوذى وممثل لأيديولوجية الحداثة (المكافئة لدينٍ ما)، وقال كل منا وجهة نظر ما يمثله مما قد نعود إليه فى يومية آتية هنا، وكنت آنت قد تفضلت وحضرت من باريس، لنمض معا بضعة أيام، ثم أزورك وأسرتك/أسرتى، هناك. تذكر يا رفيق كيف تناقشنا فى هذا الأمر وغيره، كما توثقت علاقتنا التى لم تكن تحتاج إلى توثيق أوثق! هذا الذى تحكى عنه هو أصعب من القتل الرحيم، لأنه هو قرار هذا الإنسان الطيب، دون أن يصاب بمرض ميئوس منه، مجرد حسابات بسيطة، ومنطق سليم ، هكذا يبدو…..
د. رفيق:
(فعلا) لم أجد جوابا منطقيا أو علميا لتبرير موقفى العلاجى، و قلت لنفسى أليس الهدف الأسمى للطب هو الحفاظ على الحياة؟ هل يكون هذا الهدف السامى على حساب عذاب المرضى؟.أليس من الرحمة الاستجابة لطلبه وعدم التدخل؟
د. يحيى:
يا رب سترك، ثم ماذا؟
د. رفيق:
كان على أن أمنع هذا المريض من الانتحار، لأنه إذا كانت حساباته وتوقعاته منطقية، إلا أنه لا يملك أن يرى ماذا يحمل له و لمن حوله الغد، وأن من واجبى كطبيب أن أرافقه فى هذه الرحلة، وأن أكون سببا فى حركةٍ ما عنده أو عندى بالرغم من يقينه اليائس لمقبول عاطفا خطر فى ذهنى مقولة الفيلسوف وعالم الأنتروبولوجى والإتنولوجى كلود ليفى شتراوسClaude Lévi-Strauss فى وصف المجتمعات البدائية إذا قال أن جهلهم بنظمنا المعرفية لم يعقهم عن مواجهة تحديات الطبيعة والمعيشة، إذْ وجد لديهم نظما معرفية وإدراكية غير التى نعرفها، أتاحت لهم سبل البقاء.
د. يحيى:
أحيانا يخطر ببالى يا رفيق أن المجتمعات البدائية، برغم كل سلبياتها، هى أقرب إلى الفطرة، مع أننى أرفض الترادف بين البدائية والفطرة، لكننى مع التجاوز أفهم ما نهى عنه الدين، خاصة فى مسألة إنهاء الحياة، على أنه نوع من تأكيد طبيعة ومسار الفطرة السليمة، وذلك بتعميق العلاقة بين المعلوم والمجهول، لصالح الحياة، ولو كاحتمال قائم “فيما بعد” “ما نعرف”، وهذا ما تقوله أنت …
د. رفيق:
تساءلتُ ماذا يمنع مريضنا المسن وهو يفقد تدريجيا قدراته المعرفية والجسمية أن يكتسب نوعية أخرى من الوعى بالأشياء تمكنه من تجاوز رؤيته اليائسة والتصالح مع الأشياء وتأسيس معنى مغاير لوجوده؟
د.يحيى:
لاشئ يستبعد حدوث مثل ذلك، هذا بالنسبة لمريضك المتزن العاقل، برغم تقدمه فى السن، فماذا عن من فقد قدراته المعرفية جزئيا أو كليا مع مرور الزمن؟
د.رفيق:
هذا المريض (الذى أحكى عنه) لا يزال يحتفظ بقدراته الذهنية بالرغم من وهنها وبالتالى الأمل فى التجاوز مشروع، فما بالك بمرضى عته الشيخوخة Senile Dementia ما الذى يبرر مرافقتهم والإتيان بكل أفعال الحياة اليومية بدلا منهم إذ يعجزون عن أى شيء يربطهم بما هو حياة إنسانية إلا ما فى ذاكرة الآخرين عنهم؟ وهم قد فقدوا القدرة على التعرف على أقرب الناس لهم، كما فقدوا كل قدرة على التواصل اللغوى أو بأى شكل من الأشكال؟
د. يحيى:
صحيح، مارأيك؟
د. رفيق:
الإجابة التى حضرت فى ذهنى متعلقة بنفس الموقف السابق و إن كان هناك إمكانية إحداث Faire Advenir نقلة أو تجاوز أو تغير غير مطروحة عند المريض للضرر الذى أصاب الجهاز العصبى إلا أن هذا لا يأخذ فى الاعتبار إمكانية نقلة عند من يصاحب المريض فى هذا المشوار الصعب. النقلة المحتملة والآتية إيمانا ليست فردية بالضرورة و لكنها تشمل من يحملون مشقة تحمل العلاقة.
د. يحيى:
ولكن ما علاقة هذا بالإيمان بالغيب؟
د. رفيق:
إن المعطيات الكامنة والمجهولة القادرة على الحدوث ليست بالفردية أو الشخصية، كأنما ينتظر الشخص طالعه، ولكنها كامنة فى نوعية العلاقة بين الأفراد. وبذالك يصبح فعل المصاحبة و تحمل الآخر بكافة الأشكال ليس من قبيل العمل الخيرى أو الإنسانى الذى يستحق ثوابا فحسب و إنما هو الذى تكمن فيه معطيات حدوث تجاوز مستقبلي. هذا التجاوز إن لم يشمل مريضنا فسوف يشمل حتما مرافقه، و من تحمَّل تحدى الاستمرار.
د. يحيى:
هل هذا هو بعض ما تعنيه من مراجعتك لإيجابية الإيمان بالغيب
د. رفيق:
يبدو أننى أؤمن بالغيب، وأدرك عمق ومحورية هذا الإيمان، ليس كفرض دينى و إنما كضرورة حياتية.
د. يحيى:
يا عم رفيق أنا أشكرك بجد، لأسباب كثيرة، منها أنك ذكرتنى أننى طبيب نفسى!، وأن هذه النشرة اليومية ينبغى أن تحوى بين الحين والحين معلومات وقائية وعلاجية مناسبة لزوارنا الأفاضل، ومنها أنك طمأنتنى أنك ما زلت أنت هو أنت، وسوف أرسل لبعض أبنائى وبناتى عبر العالم، أطلب منهم مشاركتنا أنت وأنا، وكل من يهمه الأمر، مثلا د. يسرية أمين، ود. مؤمن النسر، وليس د. عصام اللباد، فقد قطع علاقتى به بشكل أراحنى كثيرا، برغم افتقادى إياه نادرا، العجيب يا رفيق أننى أحيانا، كما قلت للدكتور أسامة عرفة فى السعودية، أتصور أننى أكتب فى هذه اليومية ما أراه طبا نفسيا، أكثر مما يتاح لى إلقاؤه فى محاضرة فى مؤتمر عالمى يعقد تحت رعاية مشبوهة من شركات مغرضة على بعد مئات الأميال، ولا يتاح فيها أى نقاش حقيقى، وقد كنت أتصور بعد 47 يوما من الكتابة اليومية المنتظمة هكذا، أننى سأتلقى ممن يهمه متابعة فكرى، بما يسمح لى أن أتصور أننا عقدنا مؤتمراً مستمراً فيما بيننا، بلا وصاية، ولا شبهة رشاوى، ولا خدعة تسويق ما لا نريد تسويقه، لكن الأمور تسير كما ترى.
(أسمعك تقول، مع أنك أنهيت خطابك)
د. رفيق:
لماذا هذه العجلة ياعمنا؟
د. يحيى:
عندك حق، عندك حق، لماذا العجلة ؟
أهو الجوع إلى الناس لنحاول معا؟ أهو الأمل فى الآتى (الغيب)؟ أهو الشوق إلى الحقيقة؟ أم هو كل ذلك ؟
(أسمعك تقول مالم تكتبه)
د. رفيق:
هو كل ذلك!!!
بعد الخاتمة:
أكرر اعتذارى للأصدقاء الدائمين والجدد،
ولو سمح الوقت فسيظهر بريد الجمعة يوم السبت (غدا)
كما حدث من قبل، أما إذا لم يسعفنى الوقت ، فإلى الأسبوع القادم.