الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار/بريد الجمعة 4-1-2013

حوار/بريد الجمعة 4-1-2013

نشرة “الإنسان والتطور”

الجمعة: 4-1-2013

السنة السادسة

العدد: 1953

حوار/بريد الجمعة

مقدمة:

فى تعديل اضطرارى لا أظن أنه سوف يتكرر كثيرا، سوف أقتصر اليوم على نشر رسالتين من زميل مثابر مجاهد هو د. إدريس (تونس/السعودية) يناقش فيها نشرة سابقة من نشرات الإنسان والتطور، مقدمة مقتطف أغلبها عن “الموت والوجود”. وقد أرسلت له ردا مختصراً عن طريق “شعن” الشبكة العربية للعلوم النفسية، وأذكر أننى أرسلت هذا الرد الحالى الأشمل أيضا عبر الشبكة، لكننى، شككت فى وصوله إليه، أو أننى أرسلته أصلا، ففضلت ألا أعيد إرساله عبر الشبكة خشية التكرار، وأن أكتفى باثباته مستقلا فى بريد اليوم نظراً لأهميته من جهة، ولقلة ما ورد من رسائل أخرى من جهة أخرى للبريد اليوم، وأيضا أملا فى استثارة دعوة للأصدقاء للاطلاع على ما سبق طرحه فى نشرات سابقة عن مسألة “الموت”، منتظراً أن أستفيد منها لو تشجعت وعدت لطرْق هذه الجزئية فى ملف الإدراك.

الرسالة الثانية: هى من الابن إيهاب ناصر قريبة،، طالب الطب (رفح/القاهرة)، الذى يعيش أجمل وأخطر وأصعب ما أسميته الأزمة المفترقية، فيطمئننى إلى وصول أغلب ما أمِلته بتقديمى هذا المفهوم، وقد سبق لى أن وصلنى مثل ذلك من الابن الأستاذ الدكتور رمضان بسطوسى منذ أكثر من عشرين عاما حين قرأ لى “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” قبل أن ألقاه، وكان فى مفترق طرق أيضا، ليكرمنى بأن يكون مآل المفترق هو إلى ما صار إليه من إبداع وإنجاز.

شكراً لهما

وأهلاً بك يا إيهاب

وعذراً لبقية الأصدقاء أن أجلت الرد على تعقيباتهم إلى الأسبوع القادم، وهم:

د. ماجدة صالح، د. أميمة رفعت، د. جوزيف سمير، د. أشرف، د. محمد أحمد توفيق الرخاوى، أ. نجاة انصورة، أ. أسلام حسن، أ. محمد جمال

******

 مقتطفات بلا موقف: …. عن الموت والوجود

د. إدريس الوزاني

الأستاذ الدكتور يحيى الرخاوي

الإخوة أعضاء الشبكة العربية للعلوم النفسية

تحية ملؤها الاحترام والتقدير

أرى من الأهمية بمكان مواكبة أستاذنا الرخاوي في تحاليله القيمة حول موضوع الإدراك عموما، وما يتعلق بقضية الموت والحياة المثار أخيرا، واسمحوا لي أن أدلي بادىء ذي بدء برأيي على ما ورد في مقالة ” الموت والوجود”

خواطر حول  “الموت والوجود” من نشرة 7-11-2007: مقتطفات بلا موقف …. عن الموت والوجود.

هي تحليقات أولية عبر هذا المقال المهم جدا، إلى أن ييسر الحق تعالى محاورة الأستاذ فيما هو أعمق..

المقتطف (1)

” تعتبر مواجهة كل فرد منا لمسألة فنائه الشخصي ذات أهمية مركزية في حياته، ومن هنا يتكون لديه اتجاه أو نظرة شاملة نحو الحياة والموت تشكل كيفية ومضمون سلوكنا اليومي”

الموقف:

مسألة الفناء ترمز في عمقها إلى الموقف العقدي المعرفي لما سيقع بعد الموت، هل سينتهي كل شيء بالموت وتكون الرحلة كما قال الدهريون:” ..إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر”، أم أنني أومن بحياة بعد الموت وهنا لابد لي من موقف إيماني أي عقيدة ما أتبناها تتحكم أصولها ومبادئها في سلوكي اليومي، بهذا المعنى أتفق مع المؤلف..

المقتطف (2)

فالموت في ذاته ليس شيئا..”

الموقف:

الموت ليس شيئا، لأنه وعي واعتقاد واهتمام وتوجه همة وتركيز فكر واستغراق أدوات الباطن برمتها لسبر غوره،

بالنسبة لهاملت: “أن الموت هو الأرض التي ام يعد من شواطئها كل من سافر إليها هو فعلا يشير إلى الانفصال بين الأحياء وبين الموتى، وهو شعور العاجز الذي وقف بالفعل عند شاطىء الظاهرة العظيمة المحيرة ولم يقتحم ميدان الفكرة العميقة التي توصل للتحقق بمعنى الموت، وهو ما عناه ربما أستاذنا الرخاوي حين دعانا للتفرقة بين الموت والفقد والموت والسكون الذي يبدو كأنه العجم لمجرد الاختفاء.

المقتطف (3)

” ليس فيه ما يفيد الموت، ولكن أملي أن فيه الكثير الذي يقوله عن الحياة”

الموقف:  يفهم بمعنيين:

الأول: أن الشيء يفهم بنقيضه

الثاني: أن استبطان حقيقة الموت ليس شيئا سلبيا أو موقفا عاجزا استسلاميا استكانيا، بل هو الذي يضفي على وجودنا وعلى رسالتنا وعلى سلوكنا عموما معنى وجمالا، وبنظرة للتاريخ البشري نجد أن أكثر الناس عطاء وإنجازا من كان وعيهم بالموت يتجاوز مستويات الفقد والاختفاء أو النظرة العدمية البسيطة لدى بعض الدهريين، بقي أن نحلل هذه النظرات وهذه المستويات المختلفة من الوعي، لأن لفظة “الحياة” مليئة بالمعاني وبالألغاز وبالمواقف على كل المستويات

الموقف (4)

” عن الموت من حيث هو…بل هناك إجابات متنوعة وكثيرة جدا،إلا أن الجواب الشافي لكل طالب لحقيقة الموت هو جوابه الشخصي الذاتي

الموقف:

لا أعتقد أن هناك جوابا شافيا ومريحا ومطمئنا لأي إنسان إلا بتوصله لمستوى من الوعي بحقيقة الموت تتعدى عالم التصورات إلى عالم اليقينيات وهو ما يرمز إلى “الإيمان” بمعناه الإبستمولوجي الجذري، حقيقة الموت تتجلى شيئا فشيئا لتشمل رحلة الإنسان فوق هذه الأرض، وهناك من تطوى له حقيقته سريعا، وهناك من يعالج هذه الحقيقة على فترات وجولات ونزالات كأنها معركة، بل هي معركة حقيقية نحو استجلاء هذا اللغز المحير

المقتطف (5)

“..عشر تصورات رئيسية للموت..”

الموقف:

محاولة حصر حقيقة الموت في أي إطار كان ولو تصورات دليل على عدم الإحاطة به في الواقع، ودليل على محاولة الباحث طمأنة نفسه بأنه استوفى الموضوع حقه، أي أنه أعذر نفسه إلى حد ما

– أما عبارة الأستاذ الرخاوي :” لماذا كل هذا التعب وهذه الحيرة وكل شيء محسوم”، أود أن أعرف قصده،

– أهو التصور نفسه تصور الموت الذي يبدو لأستاذنا بدهيا وواضحا ولا يحتاج لكل هذه المعاناة؟

_ أم أنه الطريق الموصل لاستبطان حقيقة الموت واضح أيضا؟ أم…أم..؟

المقتطف (6)

“نقل معنى حياتنا للآخرين”

ماذا يفيدني أن أنقل معنى حياتي للآخرين، وماذا يفيد حقيقة الموت ؟

أخذ العبرة من الآخرين لا تفيد إلا إذا كانت للشخص تجربة ذاتية ومشوار خاص به فى هذا الشأن…

د. يحيى:

عزيزى الإبن الصادق المثابر د. إدريس الوزانى

أسعدنى اهتمامك الجاد بمحاولاتى ومتابعتك بعضها، ثم دعنى بعد شكرى الجزيل أرسل لك ردى هذا الذى كنت سوف أكتفى بنشر بعضه فى نشرة الإنسان والتطور عن الإدراك غدا (الإثنين) لكننى فضلت أن أرسله لك اليوم كاملا، احتراما وشكراً.

جاء فى الأسبوع الماضى النشرة رقم مائة فى ملف الإدراك (العدد 1941 من نشرات الإنسان والتطور اليومية) بتاريخ: 23-12-2012  “..فلتسمحوا لى أن نؤجل الحديث عن علاقة الموت بالإدراك الآن، فهو الموضوع الأصعب والأخطر والأكثر تحديا، وأكرر مرة أخرى بفرحة لا بعتاب، أن الذى جرنا إلى هذا الحديث هو أ.د. السامرائى، ولا شأن لأطروحة الإبن إدريس الوزانى فى ذلك”،

وإذا بى أتلقى هذا الأسبوع عن طريق الشبكة النفسية العربية (شعن) منك هذا التعقيب المهم الجاد على نشرة قديمة صدرت منذ أكثر من خمس سنوات بتاريخ 7 نوفمبر 2007 (العدد: 86) لم أكتب فيها رأيى أصلا فى الموضوع،  لأنها كانت مجرد تنبيه لصعوبة الخوض فى مسألة الموت دون جهد مثابر وحذر جاد، وكان المقصود من هذه النشرة الباكرة أن  أنبه أصدقاء الموقع إلى أن المسألة استغرقت من العلماء والفلاسفة ورجال الفقه واللاهوت أعمارا بأكملها، وقدمتُ فى سبيل شرح ذلك إشارة عابرة ومقتطفات محدودة من كتاب “الموت والوجود“، وعنوانه الفرعى : “دراسة لتصورات الفناء الإنسانى فى التراث الدينى والفلسفى والعلمى” تأليف: جيمس ز. كارس، ترجمة بدر الدين الديب، وهو من 610 صفحة من القطع الكبير، وكنت أقصد أن نتعلم كيف تكون الجدية فى تناول مثل هذه المواضيع الخطيرة، كما أردت أن أوصى بطريق غير مباشر، بالرجوع إلى مثل هذا الجهد وغيره، وضده، طردا للكسل العقلى، قبل أن نصدر فتاوانا العلمية وغير العلمية فى هذا الشأن، ثم إنى – كما قلت-  اقتطفت من مقدمة المؤلف، ثم من مقدمة المترجم ما رأيت أنه يوصل بعض حجم هذا الجهد، وتلك الجدية، وأهمية الخبرة الذاتية.

ثم إننى  لم أعقب برأى خاص لى، حتى توصف النشرة بأنها مقالى الخاص، كما يوحى عنوانها (لو حذفنا أنها: مقتطفات) وهذا ما حدث فعلا لكثير ممن قرأؤها حيث كان كل دورى فيها هو العنوان، ما أنهيت به النشرة بسطر واحد، للأسف جاء فى صيغة سؤال استنكارى كنت أتمنى أن يخرج به متلقـّيه من شكله “الإنشائى” إلى مغزاه “الإخبارى”، إذ كان نص الختام ما يلى : 

موقف محرر النشرة (انا)

…..ما لزوم ترجمة ونشر مثل هذه الكتب أصلا؟ إذا كنا لا نحتاجها من الأساس  هكذا؟؟!!

 (برجاء ملاحظة علامات الاستفهام والتعجب، وهى موجودة فى النشرة الأصلية )

فالمسألة يا عم إدريس لم تكن سؤالا ينتظر جوابا بقدر ما كانت أقرب إلى مزيد من التنبيه الساخر للذى يستسهل الرد على أسئلة الموت الكيانية برد جاهز مختزل ليغلق الملف قبل أن يفتحه.

وبرغم دعوتى الصريحة لمن يريد أن يعقب أن يدلى برأيه فيما أوردت من مقتطفات حتى أستطيع أن أواصل على هدى من واقع التعقيب وجدية الاهتمام، إلا أنه لم يصلنى على ما أذكر تعقيب بمثل جديتك والتزامك، وأقر أن كل تعقيباتك جاءت مناسبة ومهمة، لكنها تعقيبات ليست لها علاقة بخبرتى، ولا باجتهادى فى جوهر المسألة، فهى تعقيبات على مقتطفات من كتاب لم أقل فيه رأيى إلا أنه كتاب مهم وجاد، كما أننى لم ألخصه، ولم أنقده، ولم أتحمس إلا لجديته وإحاطته، فلم أجد معنى لأن أرد عليك الآن بعد هذا الصمت جماعة اللهم إلا على السطر الأخير.

 نعم كنت مسئولا عما جاء فى السطرين الأخيرين فى النشرة في  صيغة “السؤال/الإجابة”. إلا أنك تفضلت فأضفت  أسئلة محددة ربما بعد أن بلغك عكس ما أردت، أو ظننت بعض ذلك فسألت:

“..أهو تصور الموت  الذى يبدو لأستاذنا بديهيا وواضحا ولا يحتاج لكل هذه المعاناة ؟؟”

فارد عليك شاكرا قائلا :

 ألم تلاحظ يا د. إدريس مدى همى وحرجى وإصرارى فى نفس الوقت على حقنا فى بذل الجهد، واختراق الحواجز طلبا للمعرفة الصعبة، وأن هذا الموقف ظل معى منذ هذه النشرة الباكرة (وقبلها طبعا) وحتى نشرة الأسبوع الماضى وأنا أكرر أن المسألة هى أبعد ما تكون عن الوضوح والبداهة، لا أظن أنه قد خطر لك بعد كل ذلك  أننى حسمت الأمر بهذه الوثقانية فلم يعد يحتاج لكل هذه المعاناة؟!! ولكن تساءلت ربما ليطمئن قلبك أننى مازلت أحاول مع كل من يحاول، فشكرا.

ثم دعنى أعتب عليك أن تصف  هذه النشرة بالذات بأنها  “مقالة الدكتور الرخاوى عن الموت والوجود” وهى، كما ترى الآن أبعد ما تكون عن أن تكون “مقالتى أنا”، وما هى إلا “مقتطفات بلا موقف..!!”

أما سؤالك الذى وجهته لى مباشرة الآن ضمن تعقيباتك عن ما إذا  كان هذا الموضوع “الموت” يحتاج كل هذه المعاناة أم لا، فأكتفى بأن أرفق ضمن هذا معظم ما استطعت جمعه من تناولى –عبر ثلاثين عاما- تشكيلات عن الموت الفقد، والموت الفناء، والموت الخلود، والموت مجازا، والموت شعرا، والشعر الموت الآخر، والموت رمزا، والموت نوما، والموت بعثا، وهى جميعها موجودة بالموقع، وقد حاولت أن أصنفها (كما ورد ما يشبه ذلك  بالبنط الأسود فى السطرين الأخيرين)، فعجزت فى الوقت المتاح، فرتبتها حسب التاريخ، وهو ترتيب سىء.

 وأنا لا أطلب من أحد طبعا أن يطلع على ما جاء بهذا الملحق المجدول، إلا أن تجمع فى كتاب يوفق بين أجزائها،  ويصحح بعضها،  لكن الفهرس مرفق على أية حال، لمن شاء كما شاء متى شاء

هامش مهم: إذا أردت يا د. إدريس – أو أراد أى ممن  يهمه الأمر- أن تعفى نفسك من قراءة هذا الكتاب الضخم (الموت والوجود) كمدخل لأهمية المسألة، فإنى أوصيك والأصدقاء أن تقرأ المقال المهم جدا لكاتب شاعر عالم عارف جميل (بلدياتك !!) هو د. عبد السلام المساوى، بعنوان “الموت بين الأسطورة والفلسفة“، وهو متاح على النت، فقد ألمّ بالموضوع إلماما رائعا بما يكفى كمقدمة لحوار مع من يريد، علما بأنى أتحرك أكثر فى مجال خبرتى المهنية والشخصية، أكثر كثيرا من اهتمامى بمناقشة النظريات المسجلة فى الأوراق على أهميتها.

شكرا مرة أخرى يا د. إدريس، ولا حرمنا الله من رأيك ونقدك.

****

الملحق

فهرس عاجل لما عثرت عليه من اجتهاداتى فى تجليات ما هو “موت” فى وعيى وممارستى أساسا، دون تصنيفه إلا تاريخيا، (وكلها متاحة بالموقع مع وضع روابط link)

مسلسل اسم المقال التاريخ مكان النشر
1)                   الموت.. ‏الحلم.. ‏الرؤيا‏(‏القبر‏/ ‏الرحم‏)‏

قراءة فى أفيال فتحى غانم

عدد يوليو 1983 مجلة الإنسان والتطور
2)                   المسئولية‏ ‏السياسية‏ .. ‏أمام‏ ‏قضاء‏ ‏الله‏ 21-5-1987 الوفد
3)                   الانتحار عدد‏ ‏أكتوبر‏ 1987‏ و‏‏مارس‏ 1988‏ مجلة الإنسان والتطور
4)                   دورات الحياة، وضلال الخلود ملحمة الموت سنة 1990  مجلة فصولالمجلد التاسع، العدد الأول والثانى
5)                   عن الموت، والاكتئاب، والانتحار، والاستشهاد 6/8/2001 الوفد
6)                   حرافيش الموت.. وفتوات السلطة 7/3/2002 الوفد
7)                   حلم‏ ‏يموت‏ ‏وحلم‏ ‏يولد 7-4-2003 الأهرام
8)                   التكاثر‏ رعبا‏ ‏من‏ ‏الموت‏ ‏جوعا عدد يونيو 2004 مجلة سطور
9)                   الزمن والسياسة والموت! 22-8-2005 الاهرام
10)               الطفل يتعرف على الموت 26-8-2005 روز اليوسف
11)               رهاب الموت 26-10-2005 الدستور
12)               من الموت الجمود إلى الموت الولود!!! 2 – 12 – 2005 روز اليوسف
13)               الموت حبا، الحب موتا 17-2-2006 روز اليوسف
14)               عن الموت والشباب والحركة والسياسة 5-4-2006 الدستور
15)               همسةٌ عند الفجر تشكيلات الموت- الحياة عدد أكتوبر 2006 وجهات نظر
16)               (كتاب تبادل الأقنعة ) الفصل الثالثحركية العلاقات البشرية

جدلا وامتدادا فى الإخوة كارامازوف

2006 كتاب تبادل الأقنعة (المؤلفات الأدبية)
17)               عن الموت والوجود 7-11-2007 نشرات الإنسان والتطور العدد: 68
18)               … عن الموت والفقد والقتل والحياة !! 30-5-2007 الدستور
19)               الموت والشعر 21-11-2007 نشرات الإنسان والتطورالعدد :  82
20)               الموت: ذلك الوعى الآخر 5-1-2008 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 127
21)               الأحياء الأموات ذلك الموت الآخر 23 – 1 -2008 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 145
22)               رمضان والموت والثروة والجنس 10-9-2008 الدستور
23)               الموتُ ماتْ 23-9-2008 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 389
24)               ميتة موت 12-1-2009 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 500
25)               الخلق، الوجود، الموت 20-4-2009 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 598
26)               عن العلاج النفسى والأيديولوجيا، وموت الانسان 19-8-2009 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 719
27)               حركية  الموت والحياة  تشكيلات متداخلة 23-9-2009 نشرات الإنسان والتطورالعدد: 754
28)               فشل علاقة الموت المتبادل 1-3 10-3-2010 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 922
29)               فشل علاقة الموت المتبادل 2-3 17-3-2010 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 929
30)               من موقف الموت 13-11-2010 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1170
31)               عن الزمن والموت 1 – 2 4-6-2011 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1373
32)               عن الزمن والموت 2 – 2 11 -6-2011 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1380
33)               الادراك وعلاقة الموت بالإدراك 5-11-201 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1893
34)               علاقة الوجدان بالإدراك بالشعر بالموت 2من؟ 16-12-2012 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1934
35)               علاقة الوجدان بالإدراك بالشعر بالموت (3من ؟) 17-12-2012 نشرات الإنسان والتطورالعدد : 1934

******

الرسالة الثانية:

د. إيهاب ناصر قريبة :

السلام عليكم ورحمة وبركاته دكتور يحيى الرخاوي ..

أنا إيهاب ناصر قريبة طالب في سنة سادسة في كلية طب (القصر العيني)، من فلسطين وبالتحديد من رفح .

أنا بكل فخر من أشد المعجبين بكتابات حضرتكم، والتي زادت حبي لعلم النفس وطب النفس حبا فوق الحب .وأعترف صراحة يا دكتور يحيى أني عندما دخلت كلية الطب كان صوت في داخلي يقول أن أفضل وأنسب مكان لي فيها هو مجال الطب النفسي، ولكن مع مرور الأيام وتبدل الأحوال أصبحت أخاف الطب النفسي !!!

تراءت لي مقولات مثل \”الأطباء النفسيين مجانين مثل مرضاهم\” حقيقة واقعية !!!

ففي أثناء السنوات الماضية في الكلية، مررت ما أظن بأنه حسب رؤية سعادتكم أزمة تطور انتهت بانتكاسة .

أتوقع أن أسبابها :

1- نظام التعليم العنيف في القصر العيني، الذي لم يمنحني مجالا للإبداع والتميز حسب المفاهيم التي أؤمن بها -و ليس مفهوم القدرة على الحفظ والكفاءة في اجترار هذا الحفظ- .

2- تناقض القيم الدينية والإجتماعية التي نشأت عليها في المملكة العربية السعودية -حيث ترعرعت- مع القيم التي اكتسبتها من اطلاعي على الأدب والفلسفة والنقد والتاريخ وعلم النفس والسينما وغيرها، خلال السنوات الماضية منذ أن دخلت الجامعة .

3- اصطدام رغبتي بالإبداع سواء  بكتابة القصة أو تصميم ما يعرف بألعاب الفيديو مع ضيق الوقت من ناحية -الذي تستنزفه بلا هوادة دراستي الجامعية-، وتعليقات والدي غير المشجعة التي كانت تعتبر ميولي تلك ضربا من ضروب \”الهبل والعبط\”، والكلام الذي لا طائل منه، \”اللي ما يأكل عيش\” حسب تعبيرهم، رغم أنهما هما -جزاهم الله خيرا- من زرعا بذور حب الإبداع في داخلي منذ الصغر بحثي على قراءة القصص والشعر العربي ومجلات الأطفال، ومتابعة الأفلام، وتوفيرها لي دوما، وبل تشجيعي على  كتابة القصص وأكثر من ذلك من الجمائل التي لا أنكرها لهم .

ومحصلة للأسباب الثلاثة التي ذكرتها أصبت -حسبما أظن- كما أشرت سابقا بما سميته يا دكتور يحيى بأزمة التطور، والتي بدأت معي على شكل \”موقف عدائي من المجتمع\” الذي نظرت إليه على أنه مجتمع \”متخلف\” يرغب رؤيتي كجزء منه -من القطيع-، وانسحبت -بعيدا عن المجتمع وعن والدي- إلى عالمي الخاص  ومطالعاتي ومحاولاتي الإبداعية التي سارت بالتوزاي مع دراستي للطب، ولكنني لم أقدر على تحمل كل هذا لوحدي، فانتهى الأمر في إجازة الصيف بعد السنة الرابعة (الصيف قبل الماضي) بوقوعي في اكتئاب حاد، وفقدان شديد للشهية، وتصريحي لأهلي بأني ما عدت راغبا في إكمال دراستي في كلية الطب وأني ما اعدت أقوى على ذلك، وسبق تلك الفترة ما أظنه القشة التي قصمت ظهر البعير، وهو قراءتي لقصة \”الفارس الأسود\” لأنطون تشيخوف التي يحكي فيها عن شخص مبدع يصاب بالفصام ليتخيل وجود فارس يرتدي رداء أسودا يظهر له بين الحين والحين فيتناقش معه في المواضيع التي لا يستطيع التناقش فيها مع عامة الناس حوله بما فيهم زوجته، مواضيع لها علاقة بنهضة المجتمع وتطوره، ولما انتبهت زوجته إلى أن زوجها مصاب بالفصام ويكلم نفسه، أخذته إلى طبيب نفسي فعالجه، واختفى الفارس الأسود، ولكنه أصبح بعد ذلك شخص تعيس وانمحت كلمة الإبداع من قاموسه، وبعد مرور الأيام والشهور أصاب الملل واليأس ذلك المبدع فقرر عندها التوقف عن أخذ العلاج سامحا للفارس الأسود بالعودة من جديد، ليتبادل معه الحديث بسعادة كعادته .

هذه القصة التي أعتقد من اطلاعي على أعمال أنطون تشيخوف، أنها بشكل أو بآخر تجسد جزءا من حياته وسيرته الذاتية، جعلتني أخاف، أخاف من أن يصيبني ما أصاب المبدع في القصة، وخاصة أني كنت أمر ببعض الظروف التي يمر بها، فخفت أن أصاب بالفصام، وكانت النتيجة أني انفجرت متدهورا، ودخلت كما قلت في اكتئاب حاد، وصارحت والدي برغبتي في ترك كلية الطب

(بالمناسبة والدي طبيب أطفال، درس في جامعة عين شمس، وتدرب فترة عند الدكتور أحمد عكاشة لأنه كان يرغب أن يصبح طبيبا نفسيا لكن والدته رفضت ذلك قائلة باحتقار \”طبيب مجانين!!!\”، وكذلك خالي طبيب نفسي درس فيفرنسا، ويعمل حاليا في قطاع غزة)

تجاوزت أزمتي تلك بفضل دعم والدي، ورميت في حاوية القمامة جزءا كبيرا من الكتب التي كانت في مكتبتي بحجة أنها أصابتني بلوثة عقلية -و ما زلت نادما على تلك اللحظة حتى الآن، فقد كان بينها كتب نادرة تعبت وأنا أبحث عنها في مكتبة مدبولي ومعرض الكتاب-، وتخلصت من عدائي للمجتمع، وقلصت عزلتي، ووأدت رغباتي الإبداعية، وأجلتها إلى أجل بعيد، وعدت لاستكمالي دراستي في السنة الخامسة لأكتشف أن إثنان من زملائي في الجامعة ممن كانوا يشاطروننيرؤيتي ونظرتي للمجتمع وللإبداع(أحدهما مغربي والآخر تونسي)، مرا بظروف مشابهة في ذات الإجازة الصيفية، المغربي (و والده بالمناسبة أيضا طبيب نفسي) ترك كلية الطب وذهب لتتبع حلمه القديم -دراسة السينيما-، وأما التونسي ففقد رغبته في الطب كليا رغم أنه كان أكثرنا تحمسا لدراسة الطب النفسي، وكان مستواه متميزا، وكان من أكثر الذين قابلتهم نباهة وذكاء، فما عاد يأتي للامتحانات من أساسه، وانتهت السنة الخامسة برسوبه، وإلى لحظة كتابة هذه السطور ما زال متمسكا بحالة اللامبالاة اتجاه دراسته الجامعية، وانعزل على نفسه وحيدا في شقته في ميدان لبنان، يقرأ كتب الفلسفة والسياسة التي شغفته حبا.

وكما قلت يا دكتور يحيى، تخلصت من ميولي الإبداعية واستقريت في \”المستوى المعرفي\” حسب كتابات سعادتكم، على أمل  إنهاء الكلية التي لا تبقي ولا تذر، فهي كلية لا تحتمل شريكا أو زوجة ثانية، ولكن بقيت معي مشكلة الخوف من المرور في ذات الحالة مرة أخرى، والخوف من أن أصاب بالفصام، ولذلك أصابني الخوف من الطب النفسي، ومن التخصص فيه، شعرت أن الإبداع وتخصص الطب النفسي أكبر من قدراتي، وشعرت أني لو دخلت ذلك التخصص إما سينتهي بي الأمر مصابا بالفصام، أو التحول إلى طبيب متبلد المشاعر، يتعامل مع مرضاه بجفاف كما هو مكتوب في الكتب، بمعنى آخر أتحول إلى طبيب نفسي مستقر في \”المستوى المعرفي\” !!

و منذ تلك الأزمة وأنا أؤثر التفكير بمنطق السلامة، و\”إبعد عن الشر وغنيله\”، ومسحت فكرة التخصص في مجال الطب النفسي من قاموسي، ولكن كتاباتك يا دكتور يحيى التي ساقها لي القدر لإحياء حلمي القديم، أزالت اللغط الذي لف \”الطب النفسي\” و\”مفهوم الصحة النفسية\” و\”أسباب نشوء الفصام\” وغيره من الأمراض .

فأحببت يا دكتور يحيى بكل هذه الرسالة الطويلة -الذي أدعو الله عز وجل أن تقرأها ولا تتجاهلها- أن أشكرك جزيل الشكر، وأن أصرح لك بأنك بطلي، وأني مدين لك بالكثير، وكم أتمنى أن ألتقيك، وأن أتتلمذ على يديك بعد التخرج من الكلية \”التي لا تبقي ولا تذر\” .

شكرا يا دكتور يحيى ..

و في أمان الله ..

 د. يحيى:

أكتفى مؤقتا يا إيهاب بما ورد فى المقدمة ردًا، لأننى تعلمت ألا أفتح ونحن فى مفترق أى طريق جانبى إلا بعد أن نخرج من الميدان المفترق، إلى شارع الإبداع والخلق ونفع الناس إلا ميدان مفترق أوسع، وهكذا.

لا تشغل نفسك الآن إلا بأن تحصل على حريتك بأن تتخلص من هذه السنة السادسة بالنجاح وسيلة إلى الانتقال إلى مفترق آخر أكثر رحابة وأجمل تفرعا.

ملحوظة فرعية: (أرجو ألا تقرأها): “المستوى المعرفى” ليس هو الذى وصفته، وهو ليس فيه أى استقرار بليد، بل هو حركىّ إبداعى إدراكى وجدانى فى مواجهة التفكير المنطقى الطاغى، كما جاء فى ملف الإدراك طوال الشهور الماضية، وسوف أناقش ذلك معك طويلا بعد الامتحان بالسلامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *