الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حـوار/ بريد الجمعة

حـوار/ بريد الجمعة

“نشرة” الإنسان والتطور

 18-1-2008

العدد: 140

حـوار/ بريد الجمعة

مقدمة:

لم يقتصر فضل هذه اليومية وما استتبعها على شخصى أنها أحيت أملى فى أن أتواصل مع عدد أكبر “مِمّن يهمه الأمر”، (أمر الإنسان والتطور)، ولا على أنها سمحت لى بالتحرك فى مساحة أوسع، وإنما امتد إلى أنها عرّفتنى أين وكيف قضيت سنين حياتى كلها “أحاول“، وهأنذا أجد نفسى بين “ناس الآن” وهم أجمل ناس بإذن الله.

 الحمد لله.

حوار هذا الأسبوع هادئ محدود متواضع، وهو يرضينى وزيادة، وإن كانت فيه جرعة شخصية أكثر مما ينبغى، وأكثر مما أحب، لكن ماذا أفعل!، هذا ما وصلنى.

نبدأ مع الابن أسامة عرفة، وهو الذى يجرجرنى عادة إلى مثل ذلك عادة.

د. أسامة عرفة: أولا: ساقية عبد المنعم الصاوى 10-1-2008

شكراً على نشر الحوار مع محمد…، ومافيناش من زعل، الرائع أنه كان محمد، ولم يكن محمد يحيى.

د. يحيى:

يا أسامة حرام عليك، فيم الزعل يا أخى؟ ألم يصلك ما كتبته لمحمد سنة 1980، وهو بعد فى السابعة عشرة من عمره؟ ألم يصلك قدر ما فيه مناستنكارى أن أحرمه بكارة سعيه، أن يكون جوفى قبره، أن أرجو صحبته لنفسى، ألم يصلك موقفى يا أسامة معك كإبن ليس من ظهرى، ما فعلته مع أولادى من ظهرى وأولادى جميعا وأنا أعرّى اعتماديتى عليكم مخاطبا محمد “تحملُ عنى عبء الكلمة” ، تحمينى من بهر الرؤية، ترعانى ولدى طفلا، وأخيرا، ألم يصلك أننى قلبت الآية فسمحت للولد أن يذبح أباه قربانا ليكمل هو المسيرة، (إذبحنى فِدْية، أنت الأوْلى!) وليس العكس،

  ثم تأتى يا أسامة، بعد كل ذلك، وتقول “مافيناش من زعل أن كان محمد هو محمد وليس محمد يحيى الرخاوى.

دعنا ننتقل من الخاص إلى العام:

أنت تعلم كم شغلتنى هذه المسألة جدا جدا طول عمرى، مسألة أن أقرأ الأب من مآل ابنه وكنت كلما بالغت فى ذلك الاتجاه، أحاول أن أثنى نفسى بأن أتذكر ابن سيدنا نوح عليه السلام، لكننى أتمادى فى نفس الاتجاه، لقد شغلتنى هذه القضية وأنا أمارس الحياة كلها وتركزت أكثر فأكثر وأنا أمارس التطبيب.

هل تذكر كيف صورتُ هذه الصورة فى سر اللعبة سنة 1974 فى سياق شرحى للسيكوباثولوجى.

يا أبتى إن زاد القهر

 فسألتهمك إذ يسحقنى الخوف،

 لن تؤلمنى بعد اليوم،

 فأنا القاتل والمقتول وسر وجودى أنك مِتّ،

 تختلط ضمائرنا تتبادل،

……….

فسأمضى، تمضى، نمضى… نحو سراب وجودٍ عابثْ..،….

 ما أغبى هذا السير وقوفا…،

لكن ما أحلى الخدعة.

أنا مهتم من قديم بهذه النقلة بين الآباء والأبناء، يا أسامة، وليس مجرد الحوار المزيف، حاولت أن أمنع نفسى من أن أحكم على الوالدين، خصوصا الأصدقاء اليساريين- من خلال معرفتى بأبنائهم (وبناتهم طبعا)، والله يا أسامة كانت ومازالت خبرة مؤلمة، قيمة العدل – مثلا – تتجلى أكثر ما تتجلى فى هذه العلاقات، ولا أجد مجالا لتفصيل ما كان، أن تعدل بين أبنائك وبناتك، وبين أبناء وبنات الناس يكاد يكون مستحيلا، ومع ذلك فنحن نحاول هنا، ها هم أبنائى يشاركون من كل أنحاء الدنيا.

د. أسامة عرفة:

لقد سعدت معك (فعلا) بلقاء خالد وطلعت وأحمد عبد الله، بس كنت محتاج أعرف أحمد المقطم أم أحمد جامعة بنها/ الزقازيق

د. يحيى:

هو أحمد المقطم يا أخى، لا أحد ترك المقطم إلا وظل مقطميا – للأسف – والحمد لله، كيف لم تستنتج ذلك، وهو الذى استشهد بقولى “المِثْلِى لا يَسْلُكُ إلا دربه يحفره بأنين الوحدة.

 أما خالد وطلعت فقد أشعرانى فعلا أن أبنائى أكثر عددا، وأوسع انتشارا من رأس الخيمة إلى نيويورك. ياه!

فى إهدائى للجزء الثالث من ثلاثية المشى على الصراط ، الذى سيظهر هذا الأسبوع  باسم “ملحمة الرحيل والعوْد” اتصلت بى المسئولة عن صدوره، وأبلغتنى تساؤل د. الأنصارى عن إهدائى وكان إلى “أحفادى” و أحفادى وقد تصور الدكتور الأنصارى أنه خطأ مطبعى، فاتنى تصحيحه، قلت لها، بل إنى أعنى التكرار، قالت: ماذا تعنى ؟ من هم هؤلاء ومن هم أولئك؟  قلت لها: ألم تلاحظى أن هناك علامتى تنصيص على إحدى الكلمتين دون الأخرى، فقالت: يعنى ماذا؟ قلت: أحفادى بين التنصيص هم أولاد وبنات أولادى وبناتى، من ظهرى، أما أحفادى الثانية فهم أولادك أنْتِ

ضَحِكتْ وفَهِمتْ.

نحن فى حاجة إلى عقول متفتحة من كل الأعمار، أريد أن أوصّل ما وصلنى من مرضاى إلى أصحابه فى كل مكان، وأنت خير من تعرف كم أغرقنى هذا الذى وصلنى حتى فاض منى، (وليس فاض بى)

د. أسامة عرفة:

تقسيم “وجدانى – غير وجدانى” من الإضافات النادرة و المبدعة التى حواها كتاب البورتريه و فى انتظار كتابكم عن الوجدان

د. يحيى:

لقد أصبح اسم كتاب البورتريه (صورة المريض من أعراضه) هو علم الإمراض النفسى: وصفيا Descriptive Psychopathology وهو يكمل كتابى الأول: دراسة فى الإمراضية النفسية Study in Psychopathology الذى هو مفهوم تركيبى تطورى غائى، أما كتاب “ماهية الوجدانّ” فهو لم يكتمل مع أنه بدأ سنة 1974 ، فتحت على نفسى يا أسامة فى هذه اليومية عدة محاور لم أكمل أيا منها، من أول “ماذا حدث للمصريين” حتى “ماهية الوجدان“، ثمالفصام“، “وتعدد الذوات“، وهأنت ذا تذكرنى بكتاب البورترية فهل يتحملنا قارئ هذه اليومية حتى نصل معا إلى ما نريد وينتظر منا.

دعنى أسألك: ما رأيك لو خصصنا عددا متلاحقا من اليوميات لنكمل كتابا فكتاباً فكتاباً، وهكذا؟

قبل أن ترد:

 أنا شخصيا لا أوافق

 مع أننى فى أشد الحاجة  إلى  أن أغطى موضوع الوعى فى سلسلة متتابعة من اليوميات.

د. أسامة عرفة:

لقد سبق لى أن أنفقت ستة أشهر فى قراءة كتاب الوعى “لهنرى إيه” أيام تحضيرى لرسالة اضطراب الوعى فى الاضطرابات النفسية و كان بتوجيه من حضرتك

د. يحيى:

.. لقد تذكرت ذلك الآن فرحا برسالتك، لكننى مازلت أعترف أننى لم أفهم موقف إى (ولا غير إى) من الوعى بالدرجة الكافية، وحين نعود إليه فى هذه اليومية أو غيرها… ربما…

أظن يا أسامة أن الإبداع الأصيل يعرفنا عن الوعى ومستوياته أكثر بكثير من التنظير العلمى القحّ،

 د. أميمة:

تحاول معنا وقد أرسلت قراءة كاملة لحلمى 23 ، 24 لكننى تحفظت أن أنشرها فدعنى أبلغها رأيى.

د. يحيى:

قرأت قراءتك للحلمين يا دكتورة أميمة، واختلفت معك كثيرا، لكن دعينى أبدأ من البداية:

بعد نشر قراءتك الأولى فى زاوية “المحررون الضيوف” الأسبوع الماضى وصلنى من أصدقاء عديدين أنهم خلطوا بين ما أكتبه وبين ما تفضلتِ أنِت به ، فخفت أن أنشر قراءتك اليوم كاملة فيستمر الخلط، وتحدث بلبلة تفسد المحاولتين معاً.

لعلك تسمحين لى أن أؤجل نشر قراءاتك الموازية حاليا، لحين ينتهى دورى، مع قبول دعوتى لك أن تتفضلى  بالتعقيب تحديدا على بعض ما أنشر حاليا، التعقيب بالموافقه أو النقد (نقد على نقد) أو التصحيح أو الرفض، كما يفعل – ببخل شديد – الابن د.زكى سالم.

ثم دعينى أخبرك عن تجربتى فى هذه المحاولة، فقد قرأت الأحلام كلها عدة مرات قبل أن أقدم على هذه القراءة النقدية حلما حلما، ثم أننى لست واثقا إن كنت سأكمل أم لا، وصدقينى أننى أعانى معاناة شديدة حتى أنجح فى تحرير تلك السطور القلائل، ثم أنى أكتب النقد عدة مرات، وفى كل مرة أقرأ الحلم كاملا قبل أن أجرؤ على إقرار النقد ونشره.

المسألة صعبة، وأنا فى أشد الحاجة إلى حوار، لا إلى قراءة موازية  فى هذه المرحلة.

والآن دعينى أرد على بعض ما جاء فى قراءتك احتراما لتفضلك وإن كنت أعلم مسبقا كم فى هذا من الظلم على إسهامك، أحاول عرض جزء من فضلك هكذا:

د. أميمة رفعت:

… هناك عنصر أساسى يربط الحلمين ببعضها وهو القلق، وهو خيط يمتد من أول الحلم 23 ليكبر ويتعمق شيئا فشيئا حتى يهيمن على الحلم 24 بأكمله…إلخ، كثيرا ما يترجم القلق فى الأحلام إلى” مطارده” والمطارده حركة، و الحركة هى أكثر ما لفتنظرى فى الحلمين: فحركة الكاتب مستمرة وحثيثة فى الحلم 23 وقد عبر عنها من أول كلمة “أسير” ثم “أتقدم وراءه” ، “أوسعت الخطى”، “أسرع”، “أهرب”… إلخ

د. يحيى:

إليك ما خطر لى يا أميمة وأنا أقرأ هذه الفقرة، فأنا – وأنا الطبيب النفسى – لا أعرف معنى محددا للقلق – رغم شيوع استعمال الكلمة بشكل هائل فى ثقافتنا الأحدث، أنا أعتقد أنه لفظ مستورد فى نهاية النهاية، كم شاعر عربى استعمل كلمة “القلق” بالله عليك؟ فى أطروحتى مسؤولية الترجمة بين تسطيح الوعى واختزال المعرفة” نبهت أن نحذر أن نتنازل عن تلقائية وصف مشاعرنا بلغتنا ونحن ننساق وراء ألفاظ دخيلة أو لغة هجين، نحن نعرف الضجر والحزن، أكثر مما نعرف القلق والاكتئاب، ناهيك عن “الدبرشن” الذى صرنا نتشدق به بدلا من الهم والغم والكرب (والزهق والمضايقة)…. الخ!! 

فى أكثر من مناسبة وكتابة كنت أسخر من مفهوم “دع القلق وأبدأ الحياة”، ربما لهذا لم أرحب كثيرا بهذا التبسيط للحلمين معاً ليكون العنصر الأساسى فيهما هو القلق، ولا أنا رحبت أنه يمكن أن يترجم فى الأحلام هكذا إلى مطاردة مباشرة، مع أننى أقرّ أن المطاردة ونقلات الحركة بهذه السرعة هى من أهم ما يميز هذا الإبداع فى معظم ما نشرت هنا، فما الداعى أن نسميه قلقا؟ فعلا هذه الأحلام تتميز بهذه الحركية وتلك النقلات والتكثيف والتداخل..، وأتصور أن الحوار حول تفاصيل ذلك بما أسميته “نقد النقد” هو أكثر ما نحتاج إليه فى هذه المرحلة ثم إننى لاحظت أنك فى قراءتك الآن لم تربطى أية رؤية لك مع ما جاء فى القراءة المنشورة لنفس الحلم حتى يمكن أن نتحاور صادقين، ولكن دعينى أقول رأيى – كمثال آخر – فى الفقرة التالية:

د. أميمة رفعت: أحلام نجيب محفوظ 23-24

“…. حتى محاولة إيجاد مخرج (بفتح الشباك) لم ينتج عنها شىء، فما رآه الكاتب كان غير منطقى و لا علاقة له بالواقع المحيط به ( حارة سكنه بالقاهرة(

د. يحيى:

أنا لم يصلنى أن فتحه للشباك كان لإيجاد مخرج

ولا على أن هناك اتفاق على ما هو منطقى فى الحلم، حتى تصفى غيره بأنه ” غير منطقى”

دعينى الآن أنهر نفسى وأنا أقول لها:

لا.. عنَدكْ يكفى هذا،

ذلك أننى أحسست أكثر فأكثر أن ما أفعله بهذا الاقتطاف هكذا بعيدا عن السياق الكامل لقراءتك الجيدة، فيه ظلم شديد لك،

 فدعينى أقرّ فى النهاية أننى برغم كل شىء فرحت بإسهامك بقدر ما اختلفت معه.

تعالى الآن لو سمحت نسمع رأى الابن الصديق د. زكى سالم، وكيف أبدى رأيه فى فكرة محددة وردت فى نقد الحلم (23).

د. زكى سالم: الحلم الأخير (23)، ومقال الدستور الأخير 12-1-2008

لى أعتراض صغير على عبارة” أميل إلى رفض أن يوظف الإبداع فى شجب الفساد الجارى “بالتأكيد الإبداع أعظم وأكبر بكثير من مجرد شجب الفساد، ولكن الإبداع يشمله كما يشمل غيره من أمور الحياة.

د. يحيى:

… أوافقك طبعا يا زكى أن من أهم وظائف الإبداع هو تعرية الواقع، خاصة إذا دَامَ وكتَمَ وأَسِنَتْ مياهه، إن ما أرفضه هو أن يوظف الإبداع لذلك أساسا أو ابتداءً، أنت تعرف كمْ رفضتُ مناقشة أعمال شيخنا محفوظ باختزالها إلى محتواها السياسى المحتمل، وكيف أدى هذا عند البعض إلى تفضيل  الكرنك على الحرافيش، أو إهمال حضرة المحترم، أو حديث الصباح والمساء لحساب ميرامار وأهل القمة، لقد رفضت دائما أن يقيم إبداع محفوظ أيديولوجيا أو دينيا، رفضت هذا التصنيف الذى جعله مرة “منتميا” يساريا (غالى شكرى) ثم ظهر ما يقابل ذلك الناحية الأخرى ليعتبره آخرون روحانيا ربانيا (محمد حسن عبد الله) –

 الإبداع يحتد دوره ضد الفساد الجارى بشكل أو بآخر، حين يكون التعبير عن شجب هذا الفساد غير متاح بالشكل المباشر، لكن يظل الإبداع  قبل ذلك وبعد ذلك إبداعا.

دعنى الآن أنتقل إلى رأيك عن حوار الأديان لأن عندى رد عليه.

د. زكى سالم:

مقال الدستور الأخير أتفق مع كل كلمة سيادتك كتبتها ، ما عدا هذه العبارة “حيث ظهرت أديان توفيقية أو تلفيقية مثل البهائية، والكنيسة الذهبية، و.. و.

فما تقوله هذه العبارة هو عكس ما يقوله المقال كله، ولا أدرى كيف نصف عقائد الآخرين بالتلفيقية!

د. يحيى:

…. ليس عندى فكرة إلى أى مدى انتشرت هذه العقائد الجديدة حتى لزم علينا أن نعاملها كأديان أو نسميها عقائد الآخرين، ولكن يبدو أنك عندك حق من حيث المبدأ، ربما بالنسبة للبهائية خاصة، فأنا أعرف أن الجميل الرقيق الراحل بيكار كان يعتنقها، وأنا لا أشك فى صدقه ورقته وإبداعه وإنسانيته فكيف – فعلا – أحكم عليها وأنا لم أدرسها دراسة كافية.

شكرا

أنت تعرف أننى أحاول أن أكون عند حسن ظنك وأن تكون سعة صدرى فعلا بلا حدود، حتى أننى زعمت فى يومية 16-1-2008 “نوعان من التواجد البشرى” زعمت أن رحمة الله سوف تشمل “المؤمن رغم أنفه”، حتى لو أعلن إلحاده الذى فرضه عليه ظاهر وجوده، وأنا أتذكر أنك قلت لنا شيئا مثل هذا الموقف عند ابن عربى

ياليتك تكتب لنا مقالا فيه

والآن دعنا نختم بصديقنا رامى ذلك الشاب الشجاع الطليق.

أ. رامى عادل: الهويه(الهيئة) والشخصية 10-1-2008

… دعنى أبكى معك على دمعة حبستها…. يا عم يحيى، كن صديقى بلا تردد، دعنا نلعب سويا|||||. فالأيام منتهاها ملهانا. رواحنا وغدونا مسلاها. فهلم صديقى إلى الملعب. ولنشرب سويا كأس الحرية والفكاك من اسر ماضى وذكرى حررناها سويا. هيا يا عم يحيى فلا وقت نضيعه

د. يحيى:

يدى على يدك يا عم رامى، لعلك تشير إلى يومية (“الأصل والصورة” يوم 9-1-2008)

حين تخاطبنى يا رامى هكذا فجأة، وبلا ربط واضح باليومية التى تعلق عليها مثل قولك هنا: “دعنى أبكى معك على دمعة حبستها “….. أو قولك: كن صديقى بلا تردد دعنا نلعب سويا”؟، حينئذ أشعر بائتناس رغما عنى وعنك، ما رأيك فى موقفى الذى ناقشت فيه د. زكى الآن؟

أ. رامى عادل: 13-1-2008 حلمى محفوظ

يا عمى دى أحلام صِرْف وخيال خصب مش سياسه بالمره. ارجوك تعقل وجرب تقرا لوحة محفوظ كفنان يا فنان.

د. يحيى:

وهل أنا أفعل غير ذلك؟ ألم تلاحظ أننى كتبت كل قراءتى لهذا الحلم الذى تشير إليه (حلم 24) من أولها حتى قبيل آخرها على أنها بعيدة عن السياسة، ولم أشر إلى التفسير السياسى وشجب الفساد إلا فى استطراد نهائى بعنوان “وبعد”، أقررت فيه أن التفسير السياسى الرمزى فرض نفسه علىّ فى النهاية كاحتمال عابر، و لكننى أصررت أننى مازلت متمسكا باستبعاده لصالح تفسيرى الأول رغم ذلك، ورغم ميل د. زكى سالم إلى الاحتمال الذى ترفضه أنت الآن، والذى لم أغال أنا فى رفضه.

أ. رامى عادل: لعبة الثقة والتخوين 2

أنا بثق فيك حتى لو انت كداب يا عم يحيي.

 أنا بثق فيك حتى لو انا بكرهك ساعات يا عم يحيي.

انا مبثقش فيك عشان انت مجنون خطر يا عم يحيي.

أنا مبثقش فيك عشان انت معرفتش تربى ابنك محمد يا عم يحيي.

 مش احنا بنلعب!!!

د. يحيى:

نعم، نحن نلعب يا رامى، وأنا أحب تجريبك وشجاعتك، وأستقبل حدْسك بجدية واحترام، ونسميه لعبا من باب التقية، أنا احترم تلقائيتك فعلاً بما فى ذلك حكاية “مابثقشى فيك عشان أنت مجنون”، الأمر الذى ورد هكذا بالنص تقريبا فى أغلب المحاورات فى الجزء الثانى من ثلاثية “المشى على الصراط” المسمى “مدرسة العراة” وعلى فكرة سوف تظهر طبعته الثانية خلال أيام.

 أنا أقبل معظم كلامك يا رامى حتى لو لم أفهه، لكن دعنى أرفض، وبشدة حكاية “معرفتشى تربى ابنك محمد” إلا إن كنت تقصد أنه ربّى نفسه بنفسه حتى قبل الآوان، وهذا ما جاء فى القصيدة فى حوار الأسبوع الماضى، وأيضا فى حوارى مع د. أسامة اليوم.

أ. رامى عادل:

…. مهما بلغت مسئولية الشخص المبصر ودرجة وعيه بل وشكيمته، فانه لا يستطيع الحفاظ على رؤيه معبودته معشوقته، إلا للمحات خاطفة….

… فما بالك اذا كان خصيمه الزمن بكل تقلباته وعناده وشخوصه.

د. يحيى:

حلوه حكاية خصيمه الزمن بكل تقلباته وعناده وشخوصه هذه!!، الزمن حين يصبح هو الخصيم تتجلى الحياة كما ينبغى، تذكرنى يا رامى بجاهين وهو يستقبل النهار الجديد

من بين شقوق الشيش وشقشقْت لك

مع شهقة العصافير وزقرقْت لك

نهار جديد أنا.. قوم نشوف نعمل ايه

أنا قلت يا ح تقتلنى.. يا ح اقتلك

أ. رامى عادل:

… برضه أنا لبست الحلم. اصله بينقذنى كل ما اقراه. 

د. يحيى:

تعبيرك “لبست الحلم” يارامى أشعرنى أنه نوع من الإبداع شديد الدلالة، لايقل أهمية عن قراءة د. أميمة التى خشيتُ عليها من “جرعة الطب النفسى” التى وردت فى قراءتها النقدية،

أما تعبيرك أن الحلم هو ينقذك كلما قرأته، فهو يمكن أن يرشدنا أكثر إلى وظيفة الإبداع وآثاره الباقية فى المتلقى الصادق

الآن هيا معا إلى صديق جديد من الجزائر، يثير موضوعاً حساسا فعلاً!!

أ. عبد الإله العربى: 13-1-2008

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وبعد أنا شاب من الجزائر مُعالج بالرقية الشرعية منذ 14 سنة

وفى معاملتى مع المرضى احتاج إلى هذا العلم لأن أصعب شئ فى العلاج هو تشخيص حالة المريض

 يا دكتور أريد ان تساعدنى وترشدنى لأتعلم ولو القليل من علم النفس.

د. يحيى:

يا أستاذ عبد الله، شكرا لصراحتك وثقتك أولا، ثم إنك شاب تعالج بالرقى الشرعية منذ 14 سنة، يعنى منذ كان سنك كم؟، وعموما أنا أشكرك يا سيدى، ولعلمك أنا لا أرفض حكاية العلاج بالرقية الشرعية من حيث المبدأ، وإن كنت أعتقد أن التعمييم ليس مفيدا، وأعتقد أن الأطباء والعلماء فى أشد الحاجة أن يتأنوا وهم يصفون كل ذلك بالخرافة، التعميم فى الناحيتين هو جهل وتحيز، أنا أعتقد أن بعض النظريات الكيميائية الميكانيكية فيها من الخرافة ماسوف نضحك عليه بعد عقد أو عقدين من الزمان، كما أرى أن بعض الرقى الشرعية ليس لها أية علاقة بالشرعية، ولايكفى أن تكون الكلمات موجودة فى نص كريم معترف به، لتصبح رقى، وشرعية! لأن النص لا تدب فيه الحياة ليسهم فى استعادة التوازن إلا فى سياق توظيفه الإيجابى لحركية الوعى التناسقى مع الكون، الأمر الذى لا يصلح له أو به إلا وعى نقىّ لإنسان كادح كدحا.

ثم إنى لا أوافقك يا سيدى أيضا على أن أصعب شئ فى العلاج هو تشخيص حالة المريض وبالذات بالنسبة لاستعمال نبض الرقى (وليس التوقف عند ألفاظها). (أنظر يومية تشخيص الفصام دون تحديد ماهيته) يومية 2-12-2007.

كذلك أنا أعتقد أن قراءتك فى علم النفس ليست هى المطلوبة لك الآن، بل أنى أرى أن أغلبها بوضعها الحالى قد لا تفيد حتى  الأطباء والمرضى كما يتصور الناس.

أنا لا أوصى بالعزوف عن القراءة فى علم النفس، خاصة فيما يتعلق بالاختراقات الأحدث التى تجاوزت كلا من علم النفس السلوكى Behavioural Psychology وعلم النفس التحليلى الكلاسيكى Classical Psychoanalysis) إن موجة التحديث فى علم نفس تشمل على سبيل المثال:علم النفس عبر الشخصية  Transpersonal Psychology وعلم النفس التطورى  Evolutionary Psychology وعلم النفس المعرفى  Cognitive psychology وما يقال له ما بعد أو ما وارء علم النفس  Para Psychology والذى أفضل أن اسميه علم النفس المتجاوز  Transcendental Psychology.. كل ذلك فيه دعوة إلى أن نحترم مفهوم الطاقة، والهارمونى، والتواصل بين مستويات وعى الناس وبعضهم البعض إلى الوعى الكونى، إلى مالاحدود له.

والآن دعنا نختم بالكلمة التى أصدّر بها موقعنا، فهى قد تفيدك كما تفيدنا أكثر من الفتوى والتشخيص وعلم النفس:

 يقول هيبواط (أبو الأطباء)

الحياة قصيرة

والمعرفة ممتدة

والفرصة هرابة

والتجربة تحمل الصواب والخطأ

والحكم على الأمور من أصعب الأشياء

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *