الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حـوار/ بريد الجمعة 7-3-2008

حـوار/ بريد الجمعة 7-3-2008

“يوميا” الإنسان والتطور

  7-3-2008

  العدد: 189

حـوار/ بريد الجمعة

مقدمة:

بصراحة، البريد اليوم أغلبه بريد “مُفتعلَ، فمازالت التعقيبات التلقائية محدودة، وإن كانت شديدة الأهمية، كنت قد أشرت سالفا إلى أننى حين اكتشفت كسل، أو عزوف أغلب الزوار عن التعقيب، بدأ أشك فى جدوى كتابة اليومية هكذا، مع أن نسبة كبيرة منها كادت تتوجه إلى ما هو “نفسى”، و”طب نفسى”، و”علاج نفسى”، خاصة بعد أن تفضل الابن جمال التركى بإنشاء المنتدى الخاص بهذه النشرة أو هذا الفكر فى الشبكة  العربية للعلوم النفسية، أحسست أن علىّ أن اخاطب هذه الفئة المتخصصة أكثر ولو على حساب غير المتخصص، لكننى فوجئت، كما فوجئ جمال مؤخراً بأنهم غير مهتمين، أو أننى أكتب كلاما فارغا أو كلاما مفروغ منه، قلت لنفسى “ولو”!، (وقال لى مثل ذلك جمال ونصحنى بالاستمرار، “أكثر الله خيره”) ، ثم خطر ببالى تجربة أن يصبح جزء من هذا البريد بمثابة ما أسميته اليوم “تدريب عن بعد”، ووضعت أربعة أسئلة أو عناصر لزملائى المتدربين فى قصر العينى ودار المقطم، عن (أ) ما وصل جديدا (ب) ما يحتاج إلى إيضاح (ج) ما استدعى موقفا ناقدا (رافضا بالذات) (د) ثم علاقة نشرة اليوم بممارسة المهنة عموما والعلاج بالذات، وأخيرا (هـ) اقتراحات فجاءنى عدد هائل من الردود التى أغلبها فى تقديرى – كان بمثابة “الواجب المنزلى”، ونشرت عددا منها فى (بريد الجمعة 1-2-2008)، (بريد الجمعة 15-2-2008) ثم متفرقا بعد ذلك.

ثم انتهت التجربة وأعفيتُ الجميع من هذا الواجب الذى كان ثقيلا على نفسى بدرجة أكبر مما كان ثقيلا على أغلبهم، انتهت التجربة يوم الثلاثاء هذا الأسبوع فى المقطم وانتهت يوم الأربعاء فى قصر العينى.

أتصور أن العدد سيتناقص من جديد، ومع ذلك فلن أتوقف غالبا لأسباب لم تعد بنفس الوضوح مثلما كانت فى البداية.

بريد اليوم – أغلبه – هو من هذه التجربة التى امتدت ستة أسابيع، وبالتالى فهو متعلق بنشرات قديمة نسبيا، عملنا الرابط أولاً بأول، وهى موجودة بأرشيف النشرة كما هو مبين.

ونبدأ بالابن جمال التركى الذى يشاركنى أفكار هذه المقدمة غالباً، هكذا:

د. جمال التركى:

أجدد التواصل معك بعد فترة انقطاع أمْلتها الظروف…..

د.يحيى:

أهلا جمال، أوحشتنا يا رجل، قرأت ما كتبتَ عن هذه الظروف تفصيلاً، وتعاطفت معك تعاطفا شديدا، واحترمت جهدك الذى أعجز عن مجاراته فعلا، ودعوت لك ولنا بما ينبغى كما ينبغى ، ووثقت من الاستجابة.

أرجو أن تكون مثل هذه الظروف التى قطعتك عنا، قد جعلتك تعذرنى أننى بقدر احترامى لمثل هذه المؤتمرات التى شغلتك هكذا حتى قبل انعقادها، وبرغم إقرارى بضرورتها وفوائدها، فإننى أعترف أننى أعجز عن مجاراة مثل هذه الاختلافات بل الخلافات، وخاصة حين ينتهى المؤتمر، أى مؤتمر- وأرصد ايجابياته، وأتعجب!.

أعتقد أن الحل على المدى الطويل  هو فى قبول التحدى الذى أتاحته لنا التكنولوجيا الأحدث، وشبكية التواصل الممتدة حتى غطت العالم تقريبا، أرى أنه فى المستقبل البعيد أو القريب سوف يكون هذا هو الاختبار الأمثل لجدية وموضوعية ما نسعى إليه من تواصل وتكافل وتكامل، ليس فقط فى الطب النفسى وإنما بين كل البشر ليحافظوا على استمرار الحياة كما خلقها الله

هذا ما بدأتَهُ أنت يا جمال على مستوى العلوم النفسية، جزاك الله خيرا، وأبْقَى ما تفعله أنت وصحبك لصالح الناس.

أعتقد أن ما أفعله الآن هو نوع من شكرك أنت ومن معك بشكل أو بآخر، لستُ متأكدا، لم يكن هذا فى ذهنى عند البداية، لكننى أتبينه الآن، وأرجو ألا يكون فى رعايتك له، واهتمامك به اضافة لأعبائك التى أشعر كم هى مرهقة، ومتزايدة (غالبا على حساب عائلتك الجميلة التى أحبها).

أرجو أن تصدقنى، وأنت تصدقنى، أنى أعرف ما أنت فيه دون أن تشرح أو تعتذر، أحيانا أشعر أننى أنا الذى علىّ أن أعتذر إذْ حملتك فوق ما تحمل (وليس فوق ما تحتمل) من مشاغل.

د. جمال التركى:

.. هذه المشاغل إضافة إلى التزاماتي اليومية، حالت دوني ومواكبة النشرة اليومية على مستوى الكتابة وإبداء الرأى، أما على مستوى المتابعة فإنى متابع لها يوميا، وأقرأها ليلة صدورها

د.يحيى:

هذا يكفينى، ويرضينى، وأكثر

د. جمال التركى:

إن شاء الله بداية من الغد أجدد التواصل في إرسال مداخلاتي و”قراءاتي الأخرى” فالنسق سريع والمستوى راق، يتطلب حضورا ذهنيا وتركيزا كبيرا وأحيانا قراءات متعددة

د.يحيى:

يا جمال، والله العظيم إن مداخلاتك تصلنى دون تواصل مكتوب يا شيخ، حضورك معى كافٍ واصل دون أى تعليق، أرجوك يا جمال، يكفى ما تقوم به، وأنا أأتنس بك بلا حرف واحد زيادة، ربنا يخليك.

د. جمال التركى:

…حالت مشاغلي في الفترة الأخيرة أيضا إلى عدم تفعيل المنتدى، ولا أخفيك خيبة أملي في عزوف الزملاء عن مشاركتنا إبداء الرأى رغم عديد الرسائل الموجهة واللوحات الإعلامية

د.يحيى:

تعلم أننى قد أصابتنى خيبة أمل مثلك فى البداية، وهذا ما أثبته فى مقدمة حوار بريد اليوم، لكن تذّكر أنك أنت الذى شجعتنى على الاستمرار، وقد دخلنا فى الشهر السابع (هذا هو العدد 189). الدور الآن علىّ لأقول لك: لا خيبة أمل ولا يحزنون، إن كانت هذه النشرة “كلمة طيبة”، فاطمئن أن أصلها ثابت وفرعها فى السماء، تؤتى أكلها كل حين، أما هذا الحين فالحق تعالى وحده هو الذى يحدده، أو قد نلقاه قبل ذلك ونحن نفخر أننا لم نكتمها، لم نحجبها عن أصحابها: الناس، أليس كذلك؟

د. جمال التركى:

هذا ما أستطيع فعله، أما خلاف هذا فأمر يتجاوزني ويتجاوزك، إننا نرسى تقاليد جديدة في التواصل الالكترونى لم يتمرس عليها بعد المهتمين بالعلوم النفسية والصحة النفسية العرب.

يحيى:

ولا يهمك، سوف نواصل، حتى “يصبح ما ندعوه شعرا، هو عين الأمر الواقع”، هذا ما ختمت به ديوانى “سر اللعبة سنة 1972” (نشر 1978)”، ولم أتراجع منذ ذلك الحين حتى الآن، أليس هذا أمر مشجع، والآن دعنا معا نستمع إلى د. أسامة عرفة الذى لم يتوقف أبدا عن المشاركة بالرأى والنقد والحوار

****

(تعتعة تخثر الوعى 1-3-2008)

د. أسامة عرفة: 

أرى أن نسكب اللبن المتخثر ونحلب لبناً طازجاً،  لا بد من خطاب جديد لتجديد الوعى، خطاب قادر على استيعاب كل التناقضات وقادر على تحديد موقفٍ من كل تفاصيل عناصرها، ومُصِرّ على الوصول للكافة محاورا محللا رافضا قابلا معدلا، هذا ليس مستحيلا اذا ما كان أصحابه يملكون الفكرة الواضحة، ومتسقين في مواقفهم مع ما يعتقدونه، واثقين في أنفسهم، حتى يصبحوا النواة التي تنتظم في مدارها وأفلاكها حركة الجسيمات، بدلا من تناثرها، لا أظن أن هذا كلام إنشائي مرسل بقدر ما هو قناعة تكاد تصل لدرجة اليقين وتبقى العبرة بالنتائج على أرض الواقع

د.يحيى:

يا أسامة، أهلا بك،

 بالله عليك دعك من حكاية “نسكب اللبن هذه”، هل نسيت أنه وعينا هو الذى يتخثر، فكيف نسكبه، دعنا نجعل مثل هذا التواصل الذى تحاوله الآن هو الذى يجمع قطع اللبن المتفارقة حتى تتلاحم بهذا التواصل الالكترونى المتواصل، ولمَ لا؟. كله بالتكنولوجيا!!

ثم دعنى أركز على جملتك الأخيرة “وتبقى العبرة بالنتائج على أرض الواقع”، أكرر يا أسامة تعجّبى، من المفارقة التى حدثتك عنها فى بداية النشرة، تعلم أننى سألقاك بعد بضعة أيام، حيث أنت، فى ذلك المؤتمر المحدود الطيب، هل تذكر كيف دعوتك أن تبلغ الزميلات والزملاء، منذ ستة أشهر وأسبوع، أن يتفضل من شاء منهم بإجراء ما يعن له من حوار عبر هذه النشرة حتى ألقاهم، ولم يرسل ولا واحد منهم تعقيباً واحداً حتى شككت أننى نفس الشخص الذى يصرون على دعوته ليقول كلمتين فى هذا المؤتمر، أليس هو هو من يكتب لهم يوميا؟ لست أدرى إلى متى يظل الأمر كذلك؟!! فضلا عن أن الفرصة فى اليومية متاحة للمناقشة أكثر ألف مرة من المنظرة حول المنصّة، أو فوقها، ومع ذلك فأنا فرحان أننى سألقاكم!

ماذا أفعل؟

أ. رانى رمضان: 

انا موافق علي هذه المتلازمه المزمنه التي سيطرت علي عقول أمتنا العربيه؟؟ بس ياهل تري فيه حل؟ وحضرتك ما بتحبش أنصاف الحلول.

د.يحيى:

طبعا فيه حل. حتى لو لم نعرفه الآن بوضوح كافٍ، وإلا فلماذا نعيش؟!.

لا يوجد مبرر للاستمرار إلا اليقين بأننا – بوجودنا الإيجابى- نساهم فى حلٍّ ما، آتٍ لا ريب فيه!

د. محمد نشأت: 

تساؤل:

 -ذكرت حضرتك أن الوعي القومي قد تخثر وبالتالي لا يعود قادرا على أى شىء..أليس هناك أمل في العودة ومجتمعنا مجتمع شاب ؟

د.يحيى:

الأمل موجود غصبا عنى وعنك، برجاء قراءة ردّى حالا على الابن رانى رمضان، لكننى أتحفظ على أن “مجتمعنا مازال شابا”، مجتمعنا شاخ من زمن، والمصيبة أن شبابه شاخ أكثر من كهوله، وأن يساره شاخ أكثر من يمينه، وأن علماءه شاخوا أكثر من شيوخه، ومع ذلك، فأبداً لا أحد يتوقف عن تجديد شبابه، ولا أحد يموت، لكن مجتمعنا ليس شابا الآن، هو مشروع شباب واعد، علينا أن نحققه.

أ. يوسف عزب:

… هل هناك ارتباط بين الثقافات المتعددة داخل المجتمع وبين تخثر الوعى؟

د.يحيى:

الثقافات المتعددة ليست عيبا من حيث المبدأ، بل إنها قد تكون مزية حقيقية، الأمر يتوقف على نوع العلاقات بينها. هل هى مرصوصة بجوار بعضها دون رابط؟ هل هى متنافرة؟ هل هى متضفرة؟ هل هى جدلية؟

أ. يوسف عزب: 

اتعتقد سيادتكم داخل المجتمع الغربى، هل توجد عدة ثقافات كثيرة؟ أم ثقافة واحدة؟

د.يحيى:

طبعا توجد ثقافات بلا حصر، ولى رأى فى هذا، لست متأكدا إن كان سيعجب محمد إبنى أم لا، فأنا أرى أن الرابط بين هذه الثقافات هو عقد اجتماعى محكم وجيد، وليس تفاعلا بين مستويات الوعى، والمتتبع لحملة الانتخابات الأمريكية، مهما كان وراءها ما وراءها، ومهما كانت نتائجها التى أرجح أنها ستنتهى لصالح أقصى اليمين الجمهورى الأصولى الاستهلاكى المتعصب القاتل، أقول إن المتتبع لحملة الحزب الديمقراطى لابد أن يرفع القبعة لترشيح هذا الأسود الشاب النطاط، ولما يلقاه من احترام وإنصات أثناء حضوره الجماهيرى بهذه الصورة، هذه نقطة تحسب لهذا المجتمع وهذه الثقافة دون تردد، مع أن هذا الأسود فى النهاية سوف يخسر.

لكن يا يوسف أخشى ما أخشاه أن يظل هذا الربط بين هذه الثقافات هو مجرد مزيد من إحكام هذا الرباط الخارجى المتين والجيد والمنظّم بالمواثيق المكتوبة دون حركية الوعى الحقيقية على كل المستويات.

أنا لا أتوقع انضمام هذه الثقافات فى ثقافة واحدة مهما كان تقدمها ومهما برقت وعودها. أنا أتصور أنه حتى لو حدث ذلك فالأرجح أن يصبح هذا بداية استقطاب جديد لم يعد العالم، ولا الجنس البشرى، يتحمله، نحن على أبواب نقلة نوعية عالمية قد تعفينا أخيرا من أن نتكلم عن غرب وشرق، وذلك سوف يتم فقط لو أحسنا استغلال كل من اللامركزية فى التواصل ، والجدلية (لا الحوار النقاشاتى) فى لقاءات مستويات الوعى داخلنا وخارجنا.

وهذا أمر يطول شرحه كما تعلم.

أ. رامى عادل: 

فى الحرب قبل ان تجهض! ليه هو احنا كنا هنحارب؟ خير ان شاء الله

د.يحيى:

سوف أحكى لك يا رامى عن رأى قديم لى لم أستطع أن أوصله لأصحابه، وأنا منهم، هذا الرأى يقول: (وهم لا يصدقونى):

“هى إما حرب حتى ينقص الشعب المصرى إلى ثلاثين مليون (وأنا أول الناقصين) وكذلك الشعوب العربية مجتمعة تنقص إلى ستين مليونا أو أقل، وإما حل الجيوش جميعا، وكفى مصاريف وخطب، وتخزين خردة فى مخازن السلاح، ثم يتواصل تدريب كل ناس الشعوب، كل الناس، كل الوقت، على حرب أخرى من نوع آخر لعدة قرون، حتى لو سمى هذا البديل الأخير سلاما.

وإما “نخرس خالص”

ما رأيك؟

أ. رامى عادل:

هذا الشتات بالذات قد يكون مغذيا فطالما يعتمد هذا النسيج ويتآزر فى وحداته الانسانية الخالصه. فنصبح نحن الشخصية المصرية.

د.يحيى:

– نسيج ماذا يا عم رامى!!؟

ومع ذلك، ولأننى لا أكف عن تحديث الأمل مهما كان، هيا بنا، يدى على يدك

(على فكرة، أشكرك على قصر التعليقات هذه الأيام مما يعفينى من اقتطاف ما لا يزيد عن عشرة بالمائة من تعقيباتك)

 أ. أيمن عبد العزيز: 

وصلنى من هذه اليومية بعد أن قرأتها مشاعر إحباط بعد السرد الذى قمتم به للوضع القائم وأختلاف وتنوع الثقافات، وزاد احباطى الاسئلة التى ليس لها إجابة.

د.يحيى:

أعتقد أن علينا أن نجيب عليها نحن بما نفعل ونصر ونتحدى، وليس بألفاظ جاهزة

أ. محمد المهدى: 

إذن ماذا؟! ألن يجد هذا الشعب ما يجمعه؟!

لى سؤال آخر: أنا فى عملى معالجاً أحتك بكل أو معظم هذه الثقافات الفرعية التى أشرت إليها سيادتكم، أجدنى لا أستطيع فهم بعضها، ولا الإلمام بأيدلوجيتها، فماذا أفعل؟ فكيف أحمى نفسى من تأثير هذه الثقافات الفرعية على وعيى وثقافتى الشخصية فى ظل احتكاكى الدائم بها.

د.يحيى:

ولماذا تحمِى نفسك من تأثيرها؟ أنت تلتحم معها مرغما، وعليك أن تكون مجتهدا فى فهمها، صادقا فى تحملها، لتخرج منها، مع من تعالجه بما يصلح لكما، ثم لنا، من تخليق ثقافة أو ثقافات جديدة، ولِمَ لا

****

د. حسن سرى:

أرجو عرض مقتطفات بشكل كتابة من حوارات العلاج الجمعى الخاصة بمعالجة اضطرابات الشخصية، وخاصة البارنويدية

د.يحيى:

العلاج الجمعى الذى نمارسه هنا فى المدرسة التى أنتمى إليها أو أقودها يتميز باللاتجانس، فهو يجمع كل التشخصيات تقريبا، وربما يغلب فيه الذهان، خاصة مجموعات قصر العينى.

وقد فكرنا فى عرض مقتطفات حية بالصوت والصورة، إلا أننا عدلنا عنها احتراما لحقوق المرضى وحفاظا على أسرارهم، مع أننا أخذنا موافقتهم وقد اكتفينا بعرض جانب من بعض “ألعاب علاجية”، كتابًة، فى هذه النشرة بعد تغيير الأسماء، وذلك دون ذكر تشخيص أو تصنيف، ويمكن الرجوع إلى ذلك فى ما نشر من نشرات، وفى الموقع عامة.

د. حسن سرى:

أرجو منكم اعادة كتابكم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” دون الالتزام بمتن شعرى، خاصة خاصة وأنه قد مضى وقت طويل جدا على نشر الكتاب، وأكيد أنه خلال هذه المدة تغيرت لديك أفكار كثيرة، وظهرت نظريات جديدة.

د.يحيى:

… هذه فكرة جيدة، أشكرك عليها، وإن كنت لا أوافق عليها عاطفيا، وقد أفكر عمليا فى حل توفيقى، وإن كانت المسألة تحتاج إلى إعادة تنظيم جذرى، لست متأكدا إن كان فى العمر بقية لإتمامه أم لا.

د. حسن سرى:

أرجو أن أجد الرد عاجلا فى بريد الجمعة، وأعتب عليك أنك أهملت بقية متابعتى موقعك وركزت فقط على الدكتور جمال التركى ومداخلاته وأطباء القصر العينى أتمنى أن يكون لنا نصيب من اهتمامك، ولك كل الشكر.

د.يحيى:

أنا آسف، ولكن صدقنى أو لا تصدقنى يا د. حسن هذا أول بريد يصل منك وسوف أراجع سكرتاريتى لعل الخطأ من جانبهم.

****

 طبيبة (ل..م..ن..) (4-3-2008):

…. (بعد كلام طيب طويل!)

…. ربنا يشفي بك مرضاه، و يساعد بك الناس. و اسمح لى بالتواصل معك عن طريق الموقع.

   ملحوظة: ارجو ان تكون رسالتى خارج النشر.

د.يحيى:

….وددت يا ابنتى أن أنشر رسالتك كاملة، باسمك كاملا، فقد وصلنى منها قدر من الصدق والفرحة، كنت فى أشد الحاجة إليهما، لأنك طمأنتنى على بقاء ما وصل إليك، بَقِىَ معك من تدريبنا معا.

شكراً لك،

لم أثبت هنا إلا نص دعوتك الكريمة دون اسمك أو أية إشارة تدل عليك، ولقد أثبتها لأنها ذكرتنى بدعوة أمى “ربنا يجعل الشفا على يديك” ودعوة أبى “ربنا ينفع بك” فاسمحى لى يا ابنتى أن أدعو لك بمثل ما دعوت، فمرضانا-وناسنا- يحتاجوننا جميعا، كما خلقنا الله، وخلقهم.

****

(عن العلاج النفسى وطبيعة الإشراف عليه) 5-2-2008

د. محمد عبد الفتاح: 

لم افهم المقصود بـ “علاج المريض من خلال (وليس بواسطة) علاقة”، أو ربما فهمته قليلاً ولكنى لا أرى فارقاً، فهى فى النهاية علاقة تكونت من أجل علاج المريض.

د.يحيى:

أظن أن ما وصلك من خلال قولك “أو ربما فهمته قليلاً” يكفينى، أما استدراكك بعد ذلك فلم أتوقف عنده طويلا، وأنت تقول “فهى فى النهاية.. الخ”،

دعنا نستثمر القليل الذى وصلك فى البداية.

د. محمد عبد الفتاح: 

…. أريد أن استوضح اسباب توقفك عن العلاج الفردى بشكل مفصل وأعتقد ان تعبير “أننا كنا فى خدعه لفظيه اغترابيه…” يحتاج لمزيد من الاستبيان

د.يحيى:

عندك حق، وربما لو رجعت إلى كتابى “أغوار النفس” وما لحقه من شرح، أو إلى كتابى “مقدمة فى العلاج النفسى”  لوجدت ضالتك، ولكننى أعد أن أعود إلى ذلك بشكل مباشر فى أول فرصة. حاضر.

د. محمد عبد الفتاح: 

اوافقك على التراجع عن اعتبار عدم الاستمرار فى العلاج الجمعى نوع من الهرب بسبب عمق هذا العلاج وعدم القدرة على تحمله، سواء من المرضى أو المعالجين، اعتقد أن هذه النقطة مسَّتنْى بشكل شخصى، وأرى أن الامر ليس قاطعا وفاعلية هذا العلاج تحتاج لمزيد من التقييم والمراجعة.

د.يحيى:

أعرف عنك أمانتك وتواضعك وغرورك، وخوفك، وأوافقك على كل هذا. وأشكرك.

د. محمد عبد الفتاح: 

اعتقد أنك فى التعليق على العلاج الفردى كنتَ محدداً فى الكلام اكثر عن “العلاج التحليلى”، دون الإشارة إلى أنواع أو طرق علاجية اخرى مثل “العلاج المعرفى” و”العلاج السلوكى” سواء استُعملوا كعلاجات منفصلة أو كتكنيكاتtechniques  مختلفة داخل العلاج الفردى جنبا إلى جنبا مع الجانب التحليلى.

د.يحيى:

شكرا، هذا صحيح، وأعتقد أننى سأرجع إلى ذلك كثيرا.

د. عمرو أحمد حسين: 

أعترض على “سنة اولى ضرب بدون علام” لأن الخوف والكبرياء قد يمنعان الطالب من التعلم، والسؤال، وقد حدث هذا معى فى البداية، فقد كنت أخاف أن اسأل، كما أن ما يناسب شخص قد لا يناسب آخر.

د.يحيى:

أرجو ألا تكون قد فهمتنى خطأ، ومع ذلك عندك حق بشكل ما، وسوف أحاول أن يكون الضرب رقيقا، وأن أتأكد من أن “بِلْية غاوى الصنعة” بطرق أخرى.

د. ثناء جرجس: 

“العلاج النفسى هو علاج المريض من خلال (وليس بواسطة) علاقة إنسانية بناءة، بين محترف ماهر بخبرته وعلمه ومسيرة نضجه، وبين إنسان يعانى، أو توقف، أو انحرف به المسار (مسار نضجه أساسا) هو علاج بكل الوسائل المتاحة، من خلال هذه العلاقة.

هو ليس علاجا بديلا، ولكنه خلفية وأرضية كل علاج”.

هذا بعض ما جاء فى اليومية، إذاً فأنا أوهب نفسى لكل مريض يأتى إلىّ فى العيادة، أعطيه من نضجى وإدراكى ومعرفتى، أعطيه من روحى ومن استلهامى ومن رؤيتى، وأقل ما أعطية هو معرفتى بالمرض والدواء…

أضف إلىّ أو صححنى لو أنا مخطئة يا أستاذ.

د.يحيى:

ليس هكذا تماما،

(“مش قوى كده”،)

وإنما هو قريب مما قلته من حيث المبدأ لكن ليس بهذه الصورة، وعموما، فأى قدر منه هو ما يعطى للحياة مبرر استمرارها يا شيخه، لكننى – كما تعلمين – أخاف من المبالغة، ومن المثالية، ومن الكلمات حتى تختبر.

د. ثناء جرجس:

 لقد وصلنى أيضا كيف أن

..”العلاج النفسى كما نمارسه، هو كل علاج يعطى من خلال هذه العلاقة الحميمة التى تبدأ عادة باعتمادية بلا شروط، ثم تتدرج إلى الاعتمادية المتبادلة، إلى الانفصال دون انفصال (أنظر بعد). من خلال هذه العلاقة تعطى كل الوسائل الأخرى للمريض (أدوية أو عملية أو تعليمات غذائية أو جلسات تنظيم الايقاع”.

وصلنى ما لم أكن أعرف عن هذا التدرج فى العلاقة.

د.يحيى:

يا رب نقدر

د. ثناء جرجس:

التعلم والفهم نور للطريق بلا شك.

أنا عندى حالة مشابهة جداً لهذه الحالة، هى مريضة طالما سألت نفسى عن معنى تعذيبها لنفسها، هل هو فقط رفضها لذاتها؟ أم ماذا أيضا؟

كانت الإضافة لى بعد قراءة هذه اليومية هى رفض المريضة لأنوثتها. وأيضا قد فهمت الآن أن علاقتى بها بعد فترة كانت هى الحافز لها للتوقف عن تعذيب نفسها.

هذا يعطينى شعور بقيمة ما أعمل وأقدم من أجل مرضاى.

د.يحيى:

هذا هو المطلوب تقريبا من نشر مثل هذه المقتطفات عن حالات حية من واقعنا، وانت تعرفين يا ثناء كم هو مهم هذا فى التدريب، وعندى أمل أن أحقق بجانب من هذه النشرة ما يمكن أن أسميه الإسهام فى“التدريب عن بعد”.. هل هذا ممكن؟ لا أعرف، لكن كل شئ ممكن، مع أن خبرتى تقول أنه لابد أن يشرب الصبى الصنعة من يد الأسطى مباشرة، والتدريب عن بعد يفصل الصبى عن الأسطى، ولكن ماذا نفعل؟ ما لا يدرك كله لا يترك كله.

د. عمرو أحمد حسين: 

إن هذه المهنة قد تضطرنى إلى تغيير ما جئت به من منظومات ثابته ومعتقدات راسخة فالأوقع والأصح أن أقبل واستطيع التعامل مع منظومات ومعتقدات أخرى ويجب أن احافظ على هويتى حتى لا أكون مزيفا.

د.يحيى:

هكذا يمكنك أن تتأكد من اختيارك يا د. عمرو، وإن كنت أريد أن أذكرك أن مسألة “الحفاظ على الهوية” هى مسألة فيها نظر من وجهة نظر النمو الدائم حيث الشخصية (الهوية) هى دائما فى حالة “أنها تتكون وتتجدد باستمرار” always in the making لاحظ هذه الـ ing التى اضطرتنى أن أُدخل ألف لام التعريف “الـ..” على “يتكون”، فأسميتها أنها فى حالة “الَيتَكوّن” هل استطعتَ أن تنطقها؟

التعامل مع منظومات ومعتقدات أخرى شديدة الأهمية هو أمر شديد الأهمية، فإن كنتَ صادقا فى هذا التعامل، فكيف تحمى نفسك من التغيّر إلا إن كان تعاملا من الظاهر، وهذا وارد وأيضا، وهو مفيد لبعض المرضى، وهو أكثر أمانا لمعظم الأطباء، على شرط ألا يستسلموا لشركات الأدوية….. ولهذا حديث آخر الخ

****

(النكوص فى خدمة الذات) 4-2-2008

د. مى محمد عبد السميع: 

… فيه حاجات ما فهمتهاش، بس وصلنى منها حاجة، وزى ما يكون مش عايزة أسأل عن معناها علشان ما شوفش اللى وصلنى

د.يحيى:

بصراحة، هذا يطمننى جدا، أنا أفرح بمثل ذلك أكثر من التصفيق، وأكثر من ترديد كلماتى طبعا.

د. مى محمد عبد السميع: 

القصائد بتفرق معايا أكثر من الكلام العادى

د.يحيى:

أصارحك يا مى أنه قد وصلنى من آخرين عكس ذلك تماما، وصلنى منهم رفض الشعر، ولا أخفى عليك أننى وافقت على الرأيين، تصورى؟!

د. مى محمد عبد السميع: 

فلأَفتحْ‏ ‏قلبى.. ‏يحمى ‏رقَّتَه‏ ‏درع‏ُُ ‏القدرة‏ْْ  ‏

وليطرقْ‏ ‏بابى ‏الطفلُ‏ ‏المحروُم‏ ‏ليظهرَ‏ ‏ضعفهْ‏ ‏

ثم‏ ‏يصير‏ ‏العملاق‏ ‏الطيب

وليلتئم‏ ‏الجرح‏ََ ‏الغائرَ‏ ‏تحت‏ ‏ضماد‏ ‏القوةْ‏ ‏

وليتألم‏ ‏فى ‏كنفى ‏من‏ ‏حُرِمُوا‏ ‏حق‏ ‘‏الآه‏’ ‏

لتعود‏ ‏مشاعرهم‏ ‏تنبض‏ْْ  ‏

ولأَحِم ‏الجيلَ‏ ‏القادم‏ََََ ‏أن‏ ‏يُضْطَر‏.. ‏

لسلوك‏ ‏طريقى ‏الصعب‏.‏

(هذه الأبيات) حركت فيا مشاعر كثيرة، أعمقها القوة والصبر.

د.يحيى:

الحمد لله

د. مى محمد عبد السميع:

“هل يمكن أن تغنينى تلك القوة عن حقى أن أحيا ضعف الناس؟”

 لكن من يعطى جبل الرحمات الرحمة”؟!

وجعتنى قوى (ثم)

“شئ يتكور فى جوفى لا فى عقلى أو فى قلبى”

حسيت بيها قوى

“إذ يفرز ألمك طاقة

والرعشة تصبح نبضه”

أشاعت فيا الأمل بعد ما كان إتهز

د.يحيى:

شكرا يا مى

هيا نكمل…

لِمَ لا؟

د. عدلى أشرف الشيخ:

السؤال:… ساعات باحس وأنا باتعامل مع المرضى.. بعالجهم يعنى.. إنى مش باعمل ده فعلا، خلينا نسميها “التعرية” يتهيألى أقرب ليا من النكوص

يحيى:

فى نهاية النهاية، فى العلاج النفسى، نحن نعالج المرضى بكل ما هو “نحن” وليس فقط بما نعرف ونحفظ، وهذه ليست بالضرورة “تعرية”، وإنما هو حوار على مستويات متعددة.

د. عدلى أشرف الشيخ: 

ساعات باحس إنى بامثّل…. لو حد فتح عليا الباب وأنا أثناء العلاج النفسى مثلا باتخض وأسأل نفسى : هو مين اللى كان بيتكلم ده ؟

مش عارف هو أنا كده بافيد المريض ولا بابعده أكثر ؟!

يحيى:

… أنت تفيده ونصف، أنت تفيده غصبا عنك، بصدقك واستمرارك ، لكن لا تبالغ فى النظر فى نفسك أثناء قيامك بالعلاج، أجّل هذا للاشراف على كل المستويات، وهى المستويات التى سوف أعود إليها وأعددها، وهى ليست أقل من خمس مستويات ذكرتها فى مؤتمر قصر العينى الأخير لأطباء نفسيين من الشباب والشابات.

****

الشعور بالذنب (4) (30-1-2008)

د. محمد نشأت : 

ألا ترى حضرتك أن العلماء هم الأكثر تلقائية وشعوراً بالذنب فى رؤيتهم لهذا الكون، لعلمهم، وإلمامهم بأنواع المعرفة بما يجعلهم أكثر نضجاً وقرباً ومعرفة للحقيقة الغائية التى قد لايدركها من هو أقل منهم فى العلم “إنما يخشى الله من عباده العلماء”.

يحيى:

يا محمد يا ابنى، لقدأصبح للعلم أكثر من تعريف، وكذلك للعلماء.

أظن أن اينشتاين هو الذى نبهنا إلى ما معناه “أن العلم أصعب وأخطر من أن نتركه للعلماء” هذا ليس تقليلا من شأن العلماء، ولكنه توسيع لمفهوم العلم والعلماء

ثم إنى أنبهك أن استعمال كلمة العلم والعلماء فى القرآن الكريم لها معان أخرى غير استعمالاتها الحديثة فى العصور الحديثة، وبالتالى أحذرك من الاستسهال والخلط بين المنظومتين لأن تفسير أيها بالأخرى يضر الاثنتين، إياك والتفسير العلمى للقرآن أو العكس، هذا جهل بكليهما، أستغفر الله العظيم.

****

 الشعور بالذنب (1) 27-1-2008

د. دينا يسرى عفيفى:

وصلنى جديدا أن الشعور بالذنب نابع من الانفصال ومن ثم الإحساس بالمسئولية عن الافعال والوجود

يحيى:

لقد كنت أحسب أن هذا هو أصعب ما يمكن أن يصل، أما هكذا فأنا أشكرك، والحمد لله

د. ملك شريف دوس:

ما وصلنى من إضافة أوجزه فيما يلى

1) معالم العلاج النفسى هو علاج المريض من خلال علاقة إنسانية بناءه

2) أهم ملامح العلاج النفسى هو  ضبط جرعة الإنصات وحسن التوقيت: متى نقول، متى نصمت، متى نضغط، متى نعطى عقارا؟

3) هو لا يتوقف عند زوال الأعراض.. بل قد يسهم فى منع النكسة.

4) العلاج النفسى ليس فقط فى الطب النفسى وإنما هو فى كل التخصصات

5) المريض فى حاجة  للكبير والخبير

6) الاعتمادية المتبادلة التى تميز ثقافتنا الخاصة التى تصبغ العلاج عندنا صبغة خاصة تختلف عن الغرب الذى يشبه العلاج النفسى بأنه صداقة للبيع.

7) العلاج النفسى ليس إلا صراع أو جدل بيولوجى بناء بين نشاط إنسان ذى خبرة ونشاط “مخ إنسان فى محنة” اعجبتنى هذه المقولة جداً.

8) رفض شديد أن يعرف العلاج النفسى أنه فضفضة أو علاج كلام.

د. يحيى:

… بصراحة يا ملك، أنا أثبت ما أوجزتِ، برغم ما يبدو فيه من تكرار، إلا أننى وجدت أن تلخيصك لما قلت يستأهل أن أشكرك شكراً يا ملك.

فقط، أرجو ألا تعمّمى موقف الغرب بأنه يحكم على العلاج النفسى أنه “صداقة للبيع”، هم عندهم كل الأصناف بلا استثناء تقريباً، وهم يعرفون ما يفعلون غالبا على مستوياته المتعددة.

****

 (تشكيلات شعرية على أنواع العلاج 27-2-2008)

أ. محمد المهدى:

“لو أبطل وصف فى الإحساس حاحس”

ياه!! وصلنى كيف أن الكلام والإسهاب فى وصف الأحاسيس تؤدى إلى عقلنتها وضعف الإحساس خوفاً من المواجهة والألم، وبالتالى عدم التغيير.

د.يحيى:

شكرا، هذا صحيح، وقليل منا (ومن الناس) من يدرك ذلك،

******

حوار بريد الجمعة 29-2-2008

أ. محمد المهدى: 

أريد توضيح قولك “نحن نحصل على ما نريد بمجرد أن نبدأ وليس حين نصل إليه”،

 وهل هذه الجملة معناها أو فى جزء من تفسيرها أن “أعمل اللى عليا دلوقتى وأسيب الباقى على ربنا”

د. يحيى:

تقريبا.

أشكرك يا محمد على هذا التساؤل، أنت تتيح لى فرصة التوضيح كالتالى:

 إن الحقيقة لا أحد يعرفها، والسعى إليها هو عندى بمثابة معرفتها،

كذلك الله سبحانه الذى ليس كمثله شئ، بمجرد أن تبدأ الكدح جادا مجاهدا إليه، يملأ وعيك،

وقد وصلنى مثل ذلك وأنا أمارس ترحالاتى، فأنا أبدأ الرحلة بقرار أننى وصلت إلى غايتها منذ أن أضع أشيائى فى السيارة

أول الطريق هو غايتى فى ذاته، وهو مثله مثل آخر الطريق،

ثم إنى أكره كلمة “الوصول”، ليس فقط لأنها أصل “الوصولية”، كما تعرف معناها، ولكن لأنه لا أحد يصل إلا ليبدأ، إذا كان يريد أن يحيا كما ينبغى،

وهذا لا يعنى أننى أرفض السكون أو الراحة، بل إن تعميق السكون للاستيعاب هو حركة من نوع آخر.

هل أوضحتُ الأمر لك أم زدتك غموضا؟

د. هانى عبد المنعم: 

رداً على تساؤل د. محمد نشأت (الحلم31) 7-2-2008 لماذا المرأة غالبا هى محور أحلام نجيب محفوظ. أستأذنك سيدى بالرد بشكل عام فلست متخصص فى كتابات النُوبَلى نجيب محفوظ، ولكن بشكل عام بالنسبة لرجل – المرأة علامة استفهام- جانب مظلم بداخله يبحث له دائما عن شمعة تضيئة فتظهر زاوية فتنطفئ ويشعل شمعة أخرى لتظهر زاوية أخرى وهكذا… بالإضافة إلى أنها وقود محرك الفكر الذكورى ومحور إلهامه. هذا والله أعلم.

د. يحيى:

الله أعلم، فعلاً

ثم دعنى لا أوافقك، لا بصفة عامة، ولا بالنسبة لنجيب محفوظ

كما أن نجيب محفوظ لا يوصف بالنوبلى، لا تؤاخذنى، بدون تحيز، لقد شرَّف الجائزة أكثر مما شُرف بها، وفى كلٍّ خير ومعنى.

****

علاج المواجهة المواكبة المسئولية م.م.م (3) 26-2-2008

د. أسامة فيكتور: 

“تعرية مناسبة”                                                            

مناسبة لماذا؟

للسن ولاّ الوقت ولاّ المرحلة ولاّ تعرية مناسبة للمتلقى الذى يغامر بخوض تجربة الإدراك الإبداعى (هل ثمة إدراك إبداعى)، والحفاظ على الدهشة (كيف يحافظ عليها وما فائدتها)؟

د. يحيى:

تحديد مجالات وحدود التعرية “المناسبة هو أمر من أصعب المفاهيم التى أعجز عن توصيلها بشكل جيد يا أسامة، مع أننى أمارس ذلك ليل نهار مع مرضاى، خصوصا فى العلاج الجمعى، التعرية ينبغى أن تتناسب بدقة مع كل ما ذكرت، نعم مع كل ما ذكرت.

أما الإدراك الإبداعى، فهو أن تستقبل حواسك – أساسا- بشكل مجمل، نفس المؤثر بصورة مختلفة نوعيا، مهما ضؤلت نسبة هذا الاختلاف، مثلا: ترى خضرة نفس الشجرة أمام بيتك فى صباح اليوم التالى، أنها خُضرة مختلفة مع أنها مازالت خضراء

ربما هذا هو هو ما يجعل “الدهشة متجددة”، وهذا ما أعنية من قولى “الحفاظ على الدهشة”

أما عن فائدة كل ذلك، فهى على قدر تصورى أن نصبح أحياء، وأن نستحق الحياة، فتستحقنا

د. أسامة فيكتور:

الكلام صعب وعميق ومؤلم ومتحدى، لا أدرى كيف تحتمل كل هذه الرؤية وتستطيع أن تواصل، أعانك الله

مش الكلام بتاع اليومية دى بس، لا اللى قبله واللى جاى.

د. يحيى:

والله يا أسامة ساعات أشعر أن ما تستصعبه هكذا، هو الطريق الأسهل، وسوف ترى، لو أكملت مشوارك، سوف ترى أن الأصعب أسهل فعلا!

****

الإدمان ومنظومة القيم 2-3-2008

أ. نادية حامد محمد:                                              

لم تعجبنى طريقة الحديث عن إباده العدو (المخدرات) كانت أقرب إلى الشعار والخطابة وحضرتك فعلاً ترفض هذه النوعية من الكلام

د.يحيى:

عندك حق، وهأنذا أتراجع

أ. نادية حامد محمد: 

أعجبنى تسمية الإدمان “سرطان الوعى” وكيف أن هذه الظاهرة تغير الوعى وتشوهه

د.يحيى:

كنت  أود أن تعترضى على ذلك أيضا، سرطان ماذا؟، أنا غير مرتاح لهذه التسمية كذلك

أ. أيمن عبد العزيز: 

لم أفهم كيف أن مجتمعات غير مجتمعنا لها قيم مختلفة هى تعانى من نفس الظاهرة على الرغم من السرد لبعض قيمهم المقابلة لقيامنا ومحاولة الربط بينهما وبين هذه الظاهرة.

د.يحيى:

يا أيمن يا ابنى، أنت تعلم أن الإدمان حاليا هو فى أمريكا أو فرنسا مثلما هو فى بنجالادش أو السعودية، هناك فرط حرية، وهنا انعدام وندرة حرية، والمصيبة واحدة، الذى يربط بين كل ذلك هو عملية افتعال التعامل مع الوعى بمؤثرات كيميائية نتيجة لجمود الوعى فى ناحية، وتناثره أو فورانه فى ناحية أخرى، وهو ما يقابل ما شبهناه بالمعلقة الكيماوية فى ناحية والطاسة الكيماوية فى الناحية الأخرى.

أ. محمد المهدى: 

ما معنى القلق الناجم عن فرط الوعى، هل هو القلق الناجم عن ألم المواجهة؟

د.يحيى:

نعم

أ. محمد المهدى: 

اتفق مع حضرتك على تسمية الإدمان، “بسرطان الوعى” فالسرطان ينتشر فى بدن المريض كانتشار  النار فى الهشيم، كذلك ينتشر مرض الإدمان فى الإنسان بما هو روح، وجسد، ونفس، فيحكم قبضته عليه تماماً ويشل ويتحكم فى وعيه أو لنقل هذه الأجزاء الثلاث التى يتشكل بها وعيه.

د.يحيى:

أريد أن أنبهك يا محمد أن الوعى لا يتشكل هكذا من أجزاء ثلاثة، الوعى هو أصل كل هذا، ليس تجميعة أجزاء، أما باقى تساؤلاتك فسوف أرد عليك يا محمد فى هذه النقطة مع ردى على الابنة نادية حامد

******

(ظاهرة الإدمان: خلفية وتساؤلات 3-3-2008)

أ. رامى عادل: 

المدمن: في ضموره وسفره المضني  جدا غضب وكره ممكن  يشق  الصخر.

 وأوقات فاقد الشيء يعطيه .

د.يحيى:

حلوه هذه

“فاقد الشئ يعطيه”

يا رامى، نبهتنى، ألا أكثر من استعمال هذا المثل.

صحيح، فاقد الشئ قد يعطيه، فقد يكون أدرى بقيمة هذا الشئ الذى لم يستطع أن يحصل عليه، لكنه عرف الطريق إليه

ولِمَ لا

أما إلى أى مدى ينطبق ذلك على المدمن، فهذا أمر آخر.

د. هانى عبد المنعم: 

اعترض على الربط بين الأبحاث وحركة الإعلام فى العلاقة بينهما وبين انتشار الظاهرة فالعلاقة واردة مع الإعلام أما الأبحاث فهى موجودة دائما وتظهر مع النشاط الإعلامى كمادة للتناول.

د. يحيى:

يجوز

د. هانى عبد المنعم: 

وصلنى من سيادتكم أن المدمنين والمجانين مرايا لشخصياتنا وهى عارية

د. يحيى:

شكراُ ، هذا ما قصدت إليه

أ. محمد المهدى: 

كيف يكون الإدمانْ ثورة مجهضة، أريد توضيح هذه النقطة، كذلك فقد أشرت حضرت فى سياق سابق إلى أن المدمن يقف فى منطقة وسط بين المبدع والشخص العادى بل إنه اكثر إبداعا وتحرراً من الشخص العادى، هل تعنى حضرتك أن هذه الثورة هى ثورة لكسر فرط العادية.

د.يحيى:

دعنى أبدأ من الآخر،

هذه المنطقة المشتركة تصلنى فعلاً باعتبارها بداية تحريكٍ ما، الإدمان (والمرض الشديد) مشروع ثورة، (مثل الحمل) والحمل إذا لم يتم، وحدث الإجهاض، فالجنين يُلفَظُ وهو لم يتخلق بعد، فهو ينزل ناقصا أوميتا قبل أن يوجد، لكن هذا لا ينفى أنه حمل، الاتفاق هو فى بدايات التحريك وكسر العادية كما وصلك، أما المسار بعد ذلك فيكاد يكون عكسيا، المرضى والادمان فى ناحية، والإبداع فى الناحية العكسية.

*****

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *