الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حالات وأحوال (7) تابع: رحلة التفكيك والتخليق (3) (تدعيم الاتفاق العلاجى) مازلنا فى نفس الجلسة الأولى التى حضرها محمد عبد الله

حالات وأحوال (7) تابع: رحلة التفكيك والتخليق (3) (تدعيم الاتفاق العلاجى) مازلنا فى نفس الجلسة الأولى التى حضرها محمد عبد الله

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين9-11-2015

السنة التاسعة

العدد: 2992

 

حالات وأحوال (7)

تابع: رحلة التفكيك والتخليق (3)

(تدعيم الاتفاق العلاجى)

مازلنا فى نفس الجلسة الأولى التى حضرها محمد عبد الله

 

بعض قواعد فى العلاج الجمعى:ثمة قواعد محكمة نلتزم بها فى طريقتنا فى العلاج الجماعى، وتترتب القواعد ترتيبا تنازليا بحسب درجة الإلتزام، بل الإلتزام، وهى سارية على الجميع فى كل الأوقات، إلا باستثناءات نادرة لها ظروفها الخاصة.القاعدة الأولى:أنا وانت وهنا ودلوقتى: (أنا <==> أنت، هنا والآن)، هذه القاعدة تُعلن من بداية البداية من أول جلسة، وهى أهم القواعد، وتصل أحيانا إلى أن يوقف التفاعل مرارا لإصرار المعالج الأول على اتباعها، ولا يخفى معظم أفراد المجموعة قلقهم من هذه القاعدة لأنها تحول دون التداعى إلى الماضى، وبالذات إشهار اعتراض الفيتو أمام أى “لماذا”، وذات مرة (أو مرات) طلبت من المشاركين (أطباء ومرضى) أن نجتهد أن نجمع الكلمات التى قد تبعدنا عن هذه القاعدة، حتى نتجنبها خاصة فى بدء الكلام، فكان من بين ذلك على حد ما أذكر ما يلى: أنهيت النشرة الماضية بأن المجموعة العلاجية نجحت أن تجعل محمد يقبل أن يرجع، وكأنه يبدأ من جديد باسمه الرسمى “محمد عبد الله” وكأن آخر مقطع كالتالى:د.يحيى: يامحمد أنت أول مره تيجى معانا وكلنا عمالين نقول طربقها محمد طربقها عشان ده اسم شهرتك اللى بتحبه، ومصصم ترجع له، بس الظاهر المسألة فيها فصال.محمد طربقها: فصال فى إيه؟د. يحيى: فصال فى الاسم: فيه دلوقتى احتمال “محمد الجديد” و”محمد القديم”، فيه فرصة إحترام دلوقتى يمكن تخفف شوية القهر والشقى اللى كنت فيه طول عمرك، أهى دى الفرصة اللى باقول لك عليها، هاتاخدها بجدعنه تأخذها، ولا لأه؟ أنا تحت أمرك!

محمد طربقها: حاخدها

.……..

د.يحيى: يا ترى وصلك أى إحترام دلوقتى يا ابنى حتى وأنا باشخط فيك

محمد طربقها: وصلنى، لأ حاكمّل معاكم

د.يحيى: والله ما انا عارف، بس انت حاسس إن احنا ابتدينا

محمد طربقها: يعنى

د.يحيى: أهلا بيك، بس يا ترى وصلتك حاجة طيبة فعلا تخليك تكمل؟

واعتبرنا أن هذا بمثابة اتفاق إعادة التشكيل من أول جلسة.

ثم نواصل اليوم نفس الجلسة بتاريخ 19/7/2006.

بعض قواعد فى العلاج الجمعى:

ثمة قواعد محكمة نلتزم بها فى طريقتنا فى العلاج الجماعى، وتترتب القواعد ترتيبا تنازليا بحسب درجة الإلتزام، بل الإلتزام، وهى سارية على الجميع فى كل الأوقات، إلا باستثناءات نادرة لها ظروفها الخاصة.

القاعدة الأولى:

أنا وانت وهنا ودلوقتى: (أنا <==> أنت، هنا والآن)، هذه القاعدة تُعلن من بداية البداية من أول جلسة، وهى أهم القواعد، وتصل أحيانا إلى أن يوقف التفاعل مرارا لإصرار المعالج الأول على اتباعها، ولا يخفى معظم أفراد المجموعة قلقهم من هذه القاعدة لأنها تحول دون التداعى إلى الماضى، وبالذات إشهار اعتراض الفيتو أمام أى “لماذا”، وذات مرة (أو مرات) طلبت من المشاركين (أطباء ومرضى) أن نجتهد أن نجمع الكلمات التى قد تبعدنا عن هذه القاعدة، حتى نتجنبها خاصة فى بدء الكلام، فكان من بين ذلك على حد ما أذكر ما يلى:

1-  تجنب استعمال أى فعل ماضٌى “عَمْلتْ”، “رُحْتْ”، “قَابِلْتْ”، “حِلِمْتْ”، فإذا اضطر أحدنا إلى استعمال هذا الزمن الماضى، استحضرنا ما تبقى مما حـَدَثَ، أى ما بقى منه “هنا والآن”، ليس كذكرى تُحِْكَى، وإنما كأثر باق مثل “تغير موقف” أو “تقليب ألم” استمر حتى الآن.

2- تجنب استعمال ألفاظ بذاتها تجرجرنا إلى الماضى، وإلى التوصيف مثل “لمّا” “ساعة ما” “أصل انا..” “ايام ما …”، “حاكم أنا دايما..”

3- تجنب استعمال تعبيرات مثل “اطلع اللى جوايا” وهو التعبير الشائع الذى يختزل إليه معظم ما يسمى علاج نفسى على أساس أن العلاج هو تنفيث وتفريغ، وبالرغم مما يبدو من ظاهر التعبير أن هذا الذى سيَطْلُع من “جّوّه” هو سيخرج إلينا “هنا والآن”، لأن المشارك موجود معنا “بجواه وبراه”، إلا أنه بمجرد أن نسمح بذلك فإن ما يخرج عادة ليس “مشاعر الآن”، وإنما ذكريات وأسباب، وكثيرا (أو عادة ما تبعدنا هذه الذكريات وتلك الأسباب عن “هنا والآن”)

4- تجنب استعمال تعبيرات التقريب والتعميم بيتهيألى، مثل “تقريبا”، “يعنى”، “فى الغالب”، “عموما”.

5- تجنب استعمال (أو الاستشهاد) بالحِكَم والامثال: وحتى الآيات الدينية غالبا.

أما الجزء الثانى من القاعدة وهو “أنا <==> انت”، فهو أصعب لأننا نطالب المشارك أن يوجه حديثه لشخص واحد وليس للمجموع، وبرغم من أنه علاج جماعى وان المطلوب مشاركة أكثر من شخص واحد، إلا أننا لاحظنا أن توجيه الخطاب إلى الجماعة يؤدى إلى نوع من فقد الحدود (التسييح) فحين يقول واحد “انتم .. كذا وكيت” يكاد ينقلب الحوار إلى مناقشة عامة، فالخطاب إلى المجموع لا يؤدى أن يتلقى واحد منا الرسالة على حده، فى حين أننا لاحظنا أن الخطاب إذا وجه إلى شخص واحد فإنه يتوجه إلى المجموعة كلها تلقائيا بدرجات مختلفة، وكأن الواحد إذْ يخاطب الآخر فردا يفعل ذلك بالآصالة مع هذا الآخر الذى يقوم بدور النيابة عن المجموعة، والعكس غير صحيح.

وقد لاحظنا أيضا أن استعمال ألفاظ بعينها فى بدء الكلام خاصة تبعد المتحدث عن “أنا<==>انت” إلى التعميم وذلك مثل: (1) الواحد (2) الناس (3) البنى آدمين (4) ما هو الكل…الخ، وتزداد صعوبة استعمال هذه القاعدة “أنا <==> انت” حين يكون التفاعل شاملا التعبير عن العواطف أو الوجدانات بصفة عامة، وبصفة خاصة حين تكون العواطف، ولو تمثيلا فى المينى دراما-عواطف هجومية أو ناقدة – فتصبح المواجهة أكثر صعوبة عادة.

القاعدة الثانية:

وهى قاعدة غير ملزمة بنفس درجة إلزام القاعدة الأولى وهى قاعدة: “من غير سؤال ولا نصيحة” وهذه القاعدة لم أعثر عليها فيما قرأت عن العلاج الجمعى، وهى تزيد التفاعل صعوبة عادة، لذلك فإنها غير ملزمة طول الوقت، لكننا نلجأ إليها كثيرا حين نحتاجها حتى لا تنقلب المسألة إلى أسئلة تبعدنا عن “هنا والآن” وخصوصا الأسئلة عن الأسباب، أو تلك الأسئلة التى تستجلب ما أشرنا إلى النهى عنه: “اطلّع اللى جوايا”، أما النصائح فقد لاحظنا أننا كلما طلبنا من أحد الأفراد مساعدة أو مشاركة زميل أو زميلة فى ما يمر به من معاناة أو ألم أو حيرة أو ربكة أن يبادر بأن يقوم بإسداء النصح له، وعادة ما يكون هذا النصح مسطحا بلا محتوى عملى يمكن تطبيقه فعلا مثل “ما يهمكش” “خليك جدع” “مش كده” …الخ. وإما أن يكون فوقيا وأخلاقيا أو دينيا “قوى إيمانك” “قوى إرادتك“استعذ بالله”، وإما أن يكون بعيد التحقيق فى وقت لاحق فيبعدنا عن “هنا والآن” مثل “لا انت تروح تذاكر أحسن من كده”، أو “انت لازم تطرد الأفكار اللى فى دماغك دى” أو “انت لازم تأخد بالك من عيالك” وكل هذه نصائح تبعدنا عن “هنا والآن” من ناحية، ثم إن تنفيذها لا يمكن أن يٍُختبر بما يحقق درجة موضوعيتها، كما أن الحياة العامة مليئة بها فى مجتمعنا بشكل زائد جدا، وبلا جدوى عادة.

القاعدة الثالثة:

هى تجنب الحديث عن الأسباب كما أشرنا مهما بدت الأسباب موضوعية ولها علاقة بالحاضر الماثل، وقد افردتها فى قاعدة مستقلة برغم سابق الإشارة إليها، لأنها غالبة فى مجتمعنا تبدو وكأنها أساس العلاج النفسى، وهى قاعدة أقل فأقل إلزاما ليس لصعوبتها وإنما لسهولة اللجوء إليها، أما أثرها السلبى على مسيرة الجلسات العلاجية فقد ثبت أنها من أسهل ما يبعدنا عن “هنا والآن” وأيضا هى تحمل فى كثير من الأحيان جرعة من “التبرير” أكثر مما تحمل جرعة من التعليل، وأخيرا فقد تجرجرجنا إلى تفسير الحاضر بالماضى، والتفسير فى ذاته غير مستحب فى هذا العلاج، وقد فرحت لما قرأت عن يالوم (غالبا أو بيون لا أذكر) أن كلمة “لماذا” فى العلاج الجمعى أصبحت كلمة سيئة السمعة، وفى بعض الأحيان نسمح بهذه الـ “لماذا” على أن نلحقها فورا وإصرار بـ “إذن ماذا؟” وبعد مضى فترة (أسابيع عادة) من عمر المجموعة لاحظت أن أفراد المجموعة يستعملون مع بعضهم البعض هذا التعبير بسهولة (إذن ماذا؟) أكثر بكثير مما يُستعمل فى الحياة العادية (فى ثقافتنا خاصة) وهو أسلوب يستجلب المسئولية الفردية بقدر ما يستحضر احتمال المشاركة أيضا إذا طرح على الجماعة “هنا والآن”.

القاعدة الأخيرة:

وهى ليست قاعدة بقدر ما هى آلية إضافية لتأكيد الاختيار فى مواصلة هذا العلاج، وقد ابتدعتُها مرغما حين لاحظت أن حضور بعض الأفراد يظل مهزوزا لمدة طويلة، مما يعوق علاجهم، وقد يضيع وقت المجموعة، وكنت أريد بها أن أعمّق الحضور والإلتزام، وأن أدعم التعاقد العلاجى من خلالها،وقد لاحظت أنه بالرغم من اعلانها كقاعدة إضافية إلا أن الذى يسمح لنفسه بأن يستعملها هو قائد المجموعة بشكل شبه دائم، والمفروض أن ما يسرى على أفراد المجموعة يسرى عليه، هذه القاعدة الغريبة تقول:

إن من حق أى فرد أن يعلن رغبته أو رأيه أو حتى أمره لأى فرد آخر أن يغادر الجلسة، أو حتى يغادر العلاج ككل، ومع الإشارة إلى هذا الاحتمال إذا وردت مناسبته (فهى قاعدة لا تعلن فى البداية طبعا) يعلن المدرب القائد أن هذه القاعدة تسرى عليه –كما ذكرنا – كما تسرى على أى فرد آخر، لكن فى واقع الحال لا يمكن تطبيق معاملة المثل عليه بهذه القاعدة وهو القائد والمسئول، وهى لا تسرى على الأطباء الأصغر المتدربين حتى يضيئوا اللون الأخضر كما سبق أن ذكرنا، ويتدعم السماح باستعمال هذا الحق (حق الإعلان عن رفض حضور أحد الأعضاء) حين يصاحب إعلانه أن من حق غير المرغوب فيه (أو المطرود) أن يبقى برغم أنف طارده (غصبا عنا)، وأن يعلن ذلك صراحة وبالألفاظ المباشرة، ويستجاب له تحت كل الظروف!!

وبعد

يبدو أننى قدمت كل هذه المقدمة لأبرر ما سوف يرد فى المقطع التالى الذى اخترته أن أقدمه من هذه الجلسة فيما يخص محمد عبد الله (محمد طربقها سابقا).

النص من نفس الجلسة 19-7-2006 (نفس الجلسة):

……….

……….

د. يحيى: (موجها الخطاب إلى “محمد”)

“د.يحيى: …. طب خلينا فى دلوقتى، إيه بقى رأيك يا محمد؟ الكونتراتو واضح، والكرسى ده اللى أنت قاعد عليه فيه ناس عايزينه، أنت نأوى تنفذ اللى نتفق عليه ولا لأ، علما بأن الخففان على ربنا، أنا أعمل اللى عليا، وأنت تعمل اللى عليك، وربنا بيكرم، وزملاتنا طبعا كل واحد بيحاول، واللى مش عاجبه بيمشى، هه يا محمد؟ أنت النهاردة أول مره تيجى معانا، وكلنا عمالين نقول “طربقها” “محمد طربقها” عشان ده اسم شهرتك اللى بتحبه، ومصصم ترجع له، بس الظاهر المسألة فيها فصال.

“محمد”: فصال فى إيه؟

د. يحيى: فصال فى الاسم: مثلا فيه دلوقتى احتمال “محمد الجديد” و”محمد القديم” فيه فرصة إحترام دلوقتى: يمكن تخفف شوية القهر والشقى اللى كنت فيه طول عمرك، أهى الفرصة دى اللى باقول لك عليها، هاتاخدها بجدعنه هاتأخذها، لأه لأه!؟ أنا تحت أمرك

“محمد”: حاخدها

د.يحيى: حاتأخذها خدها دلوقتى، شوف إحنا كنا بنضحك على إيه وإتصاحبنا إزاى يوم الخميس([1]) ونكمل من المنطقه ديه، لما إحترمنا تاريخك وإحترمنا شقاك وإحترمنا تحملك قرّبنا من بعض، وربنا أكرمنا، أنت جاى مبلِّم النهاردة العن ما إبتدينا المره اللى فاتت يوم الخميس، يا ترى وصلك أى إحترام دلوقتى يا ابنى حتى وأنا باشخط فيك

“محمد”: وصلنى، أنا حاكمل معاكم

د.يحيى: والله ما انا عارف، بس انت حاسس إن احنا ابتدينا؟

“محمد”: يعنى

د.يحيى أهلا بيك، بس يا ترى وصلك حاجة طيبة تخليك تكمل، أدى فرصه جديده ربنا أتاحها لينا وليك، ياللا نبتدى بإنك تختار لك إسم جديد، بلاش، محمد طربقها اللى عايز ترجع له بشدة ده، إيه رأيك “محمد بس”، ولا نضيف عليه إسم الوالد زى ما اتفقنا، عشان فيه محمدات كتير

“محمد”: محمد عبدالله

د.يحيى: أيوه كده، يا محمد عبد الله، كده تمام، إيه اللى وصل لك بقى من غير أى مجاملات خالص

“محمد”: تانى السؤال كده

د.يحيى: ربنا أتاح لك فرصه فيها إحترام وبتقول وصلك حاجة، وعرفت القواعد، “أنا وإنت وهنا ودلوقتى”، عاوز أشوف إنه وصلك حاجة، أى حاجة حلوة تبان على وشك”.

ثم بعد تكرار دعوة “محمد” للمشاركة، وإصراره على عدم الخروج من القسم، كما قرر الطبيب للأسباب السالف الذكر فى النشرات السابقة).

د. يحيى: (للدكتور محمد المتدرب) ….. أعمل إيه يا دكتور محمد فى الواد ده عاوز أمشِّيه، ياله إمشى يا محمد يا ابنى بس افتكر شروط القواعد بتاعه التمشية ديه ….

فهمى: (متداخلا): إن اللى يمشِّى حد، الحد ده يقدر يقعد غصب عن اللى مشَّاه

د.يحيى: يعنى يا محمد لو أنا طردتك أو إنت طردت حد أو فهمى طردك، أو لو أنا طردت فهمى من حق أى واحد مننا يقعد غصب عن اللى طرده

“محمد”: اللى عاوز يقعد يقعد براحته

د.يحيى: مفيش حاجه إسمها براحته، مفيش كلام من ده فيه إتفاقات وبنفذها، اللى ينطرد من حقه يقعد غصب عن اللى طرده، أهى دى الراحة المسموح بها هنا

فهمى: ولو غيبت إسبوع بس لازم يكون إيه بعذر

د.يحيى: دقيقه واحده يافهمى الله يخليك احنا مش فى مدرسة

فهمى: إتفضل

د.يحيى: وصل لك إيه بقى يا محمد؟ إتفضل إطلع بره، كفاية عليك ما دام انت مصر، كفاية عليك كده

“محمد”: أمشى يعنى؟

د.يحيى: من حقك تقعد غصب عنى علشان ننفذ القاعدة، عاوز تقعد تقعد غصب عنى، إنما أنا قلت رأيى، ده حقك زى حق أى واحد هنا ينطرد، وهو ده الإحترام، بنحاول نقيس بنفس المقاس كل الناس، حتى الدكاترة حتى لما الدكتور محمد قال لهدى  انتى مجنونة، من حقها تقول عليه مجنون، وأنا بطردك دلوقتى فمن حقك تقعد غصب عنى

“محمد”: أنا قاعد

د.يحيى: لأه غصب عنى تقول لى حقعد غصب عنك

“محمد”: أنا حاقعد غصب عنك

د.يحيى: لأه تمشى، وادينى  بطردك تانى إستعمل حقك تانى

“محمد”: هو من حقى إنى أنا أقعد

فهمى: آه كده

د.يحيى: الله نور يا فهمى، ولو طردتك يا محمد تانى وتالت وعاشر تقدر تقعد حداشر يا للاه: كفاية عليك كده يا محمد غيرك أولى بالكرسى اللى إنت قاعد عليه

“محمد”: بس أنا عاوز أقعد

د.يحيى: مفيش عوزان إنت تفرض قعادك عليّا

فهمى: تقوله لأه أنا مامشيش أنا قاعد

“محمد”: أنا قاعد مش حامشى

فهمى: صح كده

د.يحيى: لو قاعد زى قلتّكَْ كده، حاتضيَّع وقتك ووقت الناس، ياللا إمشى

“محمد”: لأه أنا مش قاعد زى قلتى

د.يحيى: قاعد علشان ترتاح؟ طب هنا ما فيش راحة، هنا فيه تأليب، وشغل زى ما انت شايف.

……………….

د.يحيى: رمضان بطّل يشتغل سنتين ورجع اشتغل يا محمد واشتغل بناءً على اللى عملناه هنا معاه، وعمله معانا، طلع شريف وجدع، ومتألم ومكمل، وكل حاجة، وهو أقرب وأجمل بس رجله لسه بتترعش..

رمضان: لأه بطلت يا دكتور الرعشه

د.يحيى: شويه شويه تيجى وتروح، مش مهم، أيوه يا محمد أنت مبطل شغل بقالك أد أيه

“محمد”: مبطل شغل بقالى حوالى 6 شهور

د.يحيى: رمضان بطل حوالى سنتين ورجع بناءً على علاقته بينا، عرفت يا محمد الجارى ووصلتك القاعده بقى، عرفت أنك مش معانا، وشفت قد إيه فهمى مصحصح

فهمى: أنت قلت الأول أن هو ليه حريه الأختيار أنه يقعد أو يمشى

د.يحيى: هوّا فيه أختيار أكتر من إنه يقعد غصب عنى

فهمى: هو ليه الحق أنه يقعد طبعا

د.يحيى: طبعا، هيّا دى أهم حاجة، هوّا ده اللى بيخلى العلاقة بينَّا متينه يا شيخ، هو ده حقه، واللى يتنازل عن حقه مالوش حقوق، حقوقك دلوقتى إيه يا محمد؟

“محمد”: حقى أنى أقعد أسمع

د.يحيى: تقعد تسمع وبس؟ تقعد تعمل ايه يا شيخ؟

“محمد”: أقعد أستمع وأتكلم

د.يحيى: بدايه كويسة، بس أسمع وأتكلم مش كفاية، انت لاحظت إن السماع والكلام هنا شكل تانى أيه، إنت شفته فى النص ساعه ديه لحد دلوقتى، احنا بنستمع ونتكلم؟ ولا بتخانق؟ ولا بنعيش؟ ولا بنشتغل؟، ولا بنشتم ؟ ولا بنعمل أيه؟

“محمد”: بيتكلموا

د.يحيى: بيتكلموا وانت مش معانا، بتتفرج علينا ولا إيه

“محمد”: انا معاكوا

د.يحيى: مش كفاية النية يا محمد خش يا راجل بسم الله،

أوردت كل هذا المقتطف الطويل لعلى أوصل نوع التعاقد من البداية وروح الجماعة، مع صعوبة تلك القاعدة الغريبة التى أعرف أنه من الصعب تقبلها فى ثقافات أخرى، لكن الملاحظ فى تطور الحوار  الذى قدمناه – وفيما بعد كما سيأتى غالبا – أنها فعلا عمّقت اختيار محمد، وايضا لاحظنا أن العضو القديم فهمى مستوعب للقاعدة رغم غرابتها، ومشارك فى تفعيلها.

ونكمل غدًا

[1] – يوم أول لقاء فى المرور الإكلينيكى مع الأطباء المقيمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *