نشرت فى الدستور
16-7-2008
تعتعة
جدوى الكتابة: بين دموع الشعب ونفاق الحكومة
فى 30 أغسطس 2006 كتبت فى هذه الزاوية بعنوان “الحرب والجدية والاستسهال”، عثرت على هذه التعتعة أثناء بحثى عما سبق أن كتبته فى هذا الموضوع، دهشت لأننى وجدت أننى كتبت كل ما كنت أود أن أكتبه اليوم، ما الحكاية بالضبط؟
شعرت بخيبة أمل بالغة، وقدرت أننى لو لم أعثر على هذه التعتعة لكتبت ما سبق كتابته بالحرف الواحد، هل أعتب على الزهايمر الزاحف فى الخفاء؟ كيف نسيت ما كتبت هكذا؟
لكن إذا كان عذرى هو هذا الاحتمال الذى يسمح به سنى، فما عذر القراء وأنا واثق , وأراهن أن أحدا منهم لا يذكر تلك التعتعة أصلا، ربما لأن كل ما يكتب ليس له أى أثر باق، وكل وظيفته – على ما يبدو – تنتهى عند التنفيث، أو المشاركة من الوضع متفرجا، أو الاحتجاج على غموض الموضوع، ثم يروح كل واحد فى سبيله، الكاتب يعيد الكتابة، والقارئ يعيد المصمصة، والحكومة “طناش”.
هممت أن أقوم باختبار عملى لهذا الاحتمال، “أن أحدا من القراء لن يكتشف التكرار إذا نشرت التعتعة القديمة بالحرف الواحد”، قلت لنفسى: والله فكرة، ولها فائدة أخرى هى أن أوفر وقتى أنا أيضا، إشمعنى أنا؟ ألست من هذا الشعب؟ وبالتالى فلا ضير عليك (ما زلت أحدث نفسى) أن تعيد التعتعة نفسها، فجأة ضبطت نفسى أمارس نفس الاستسهال الذى بدأت الكتابة لأنهى عنه، راجعت نفسى قائلا: إذا كانت المسألة هى استسهال هكذا حتى أسارع بالنزول إلى البحر تهدئة لزحف الزمن إلى جسدى وفكرى، ورشوة لأجدادى المائيين، (“كل من انفصل عن أصله، يطلب أيام وصله”)، وإذا كان ما سبق أن كتبته لم يصل منه ما يدل على جدوى الكتابة أصلا، لم يصل لا إلى مسئول، ولا إلى طالب، ولا إلى أسرة، ولا إلى الإبن إبراهيم عيسى نفسه. أنا واثق أنه لو كان قد وصل إلى وعى الإبن الصديق إبراهيم، وظل يتذكره، وهو المتحفز أبدا لتعرية سلبيات شعبنا بالحق والباطل مثلما يعرى الحكومة وأكثر، لكان أمر بمنع نشر هذه الدموع فى الدستور بالذات على أيام متعددة متتالية هكذا، ولأقدم على تعرية هذا الحوار السطحى المغرض الجارى على أدنى مستوى من المسئولية بين عواطف رخوة، وحكومة راشية مهزوزة.
كتبت فى التعتعة القديمة ما يلى:
“كنت مشاركا فى برنامج تليفزيونى … صرح فيه سياسى رسمى متحمس، (من لجنة السياسات)،…، أن السياسة هى “العمل على إرضاء الجماهير”، وبجهلى المعتاد حاولت أن أجتهد فقلت: بل إن السياسة هى “فن أو علم تحريك الجماهير لصالحهم.
لكن بمرور الزمن ثبت أن كلامه طبعا هو الأصح، (كما أثبت الواقع حتى سايرته المعارضة أيضا)، أليس مسئولا فى لجنة السياسات؟
وصلنى بعض مضى كل هذه السنين أن “الميل” الخاص، بى الذى ينشر كل أسبوع فى الدستور مع التعتعة، هو بمثابة ديكور لا أكثر، حيث أنه لم يصلنى عن طريقه أى تعليق منذ سنوات، فقررت أن أنشر نفس التعتعة فى “موقعى الخاص”بعد نشرها فى الدستور بيومين (يوم السبت من كل أسبوع)، فجاءتنى تعليقات دالة على ما نشرت هنا من أسبوعين ورأيت أن أقتطف من هذه التعقيبات (مع ردى عليها) ما يلى :
هالة حمدى البسيونى
“حتى الامتحانات لو كانت صعبة، فالمشكلة فى التصحيح وتوزيع الدرجات”.
الرد:
طبعا لا، لا أوافق.
هى ليست مشكلة التصحيح ولا توزيع الدرجات، هى مشكلة أننا لا نعرف معنى الامتحان أصلا ولا وظيفته، فضلا عن أن الصعوبة هى على “ناس ناس”، وهذا هو ما يثير “الناس اللى تحت”، وهذا ما عنيته بغياب العدل، …كما أن المعارضة انتهزتها فرصة للتمادى فى التهييج وكأنها قضية سياسية، فى حين أن الحكومة راحلت تتراجع وتعتذر بخيبة بليغة، فضاعت كل القيم فى بركة عواطف رخوة، وعمى حيسى.
إسلام إبراهيم أحمد
“دموع الآباء تعطى الأبناء مبرراً للفشل؟ بدل أن يحملوهم أكثر شرف التحدى وتحمل المسئولية”.
الرد:
طيب ودموع الأبناء والبنات؟ ودموع المعارضة ومحزنة المستقلين، لم يبق يا إسلام إلا أن يصوروا دموع الوزراء والسيد الرئيس – بطيبته المعروفة – يأخذهم فى حضنه الواحد تلو الآخر يواسيهم ويشكر لهم تأثرهم بآلام الشعب المسكين ووقفتهم بجواره فى مأساة البطالة والإسكان ورغيف العيش وسلوك الشرطة وارتفاع الأسعار وغياب الدولة.
وربنا كريم، يلطف بنا وبهم، “وكل من له نبى يصلى عليه”.