الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (94) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (94) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 6-10-2022                                  

السنة السادسة عشر

العدد: 5514

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (94)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

 الأصداء

‏94 – ‏المرشد‏ ‏والبائعة‏:‏

من‏ ‏أول‏ ‏يوم‏ ‏اكتشفت‏ ‏أن‏ ‏عملى ‏فى ‏المنطقة‏ ‏يحتم‏ ‏على ‏التجول‏ ‏المستمر‏ ‏فى ‏أنحائها‏، ‏سألت‏ ‏عن‏ ‏مرشد‏ ‏طريق‏ ‏فدلونى ‏على ‏رجل‏ ‏يقيم‏ ‏بالدرب‏ ‏الاحمر‏، ‏تبين‏ ‏لى ‏انه‏ ‏أعمى، ‏ولكن‏ ‏أهل‏ ‏الحل‏ ‏والعقد‏ ‏أكدوا‏ ‏لى ‏صدق‏ ‏فراسته‏ ‏وعمق‏ ‏خبرته‏ ‏وحفظ‏ ‏زوايا‏ ‏الحى ‏عن‏ ‏ظهر‏ ‏قلب‏، ‏وتأبطت‏ ‏ذراعه‏ ‏فسار‏ ‏بى ‏بقدمين‏ ‏ثابتتين‏، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏وثقت‏ ‏به‏ ‏وأنست‏ ‏اليه‏، ‏كان‏ ‏يمكن‏ ‏ان‏ ‏أبقى ‏معه‏ ‏وحده‏ ‏حتى ‏نهاية‏ ‏العمر‏ ‏لولا‏ ‏ان‏ ‏صادفتنا‏ ‏ذات‏ ‏يوم‏ ‏بائعة‏ ‏خبز‏ ‏ذات‏ ‏حسن‏ ‏فودعت‏ ‏مرشدى ‏وسرت‏ ‏معها‏، ‏ويجمعنى ‏الطريق‏ ‏أحيانا‏ ‏بمرشدى ‏القديم‏ ‏فأحييه‏ ‏بوجد‏، ‏ولكنه‏ ‏يرد‏ ‏على ‏بفتور‏ ‏ويمضى ‏كل‏ ‏فى ‏سبيله‏، ‏وربما‏ ‏حلا‏ ‏لنا‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏اوقات‏ ‏الفراغ‏ ‏ان‏ ‏نذكره‏ ‏فى ‏سياق‏ ‏الدعابة‏ ‏والعبث‏، ‏ولكن‏ ‏هيهات‏ ‏أن‏ ‏ينكر‏ ‏عاقل‏ ‏فضله‏.‏

 أصداء الأصداء

مثلما‏ ‏اعترف‏ ‏عبد‏ ‏الله‏ ‏بفضل‏ ‏عبد‏ ‏الدايم‏ ‏وكيف‏ ‏غمره‏ ‏بأياديه‏ ‏منذ‏ ‏لقائه‏ ‏فى ‏قهوة‏ ‏المعز‏ (‏فقرة‏ 27)، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏استغنى ‏عن‏ ‏خدماته‏، ‏نجده‏ ‏هنا‏ ‏أيضا‏ – ‏فى ‏المبتدأ‏ – ‏يستفيد‏ ‏من‏ ‏صدق‏ ‏فراسة‏ ‏هذا‏ ‏الأعمى ‏وعمق‏ ‏خبرته‏ ‏بهذه‏ ‏الدنيا‏ ‏التى ‏تحتاج‏ ‏إلى ‏مرشد‏‏ ‏يرشد‏ ‏كل‏ ‏قادم‏ ‏جديد‏، ‏ويعرفه‏ ‏على ‏زوايا‏ ‏الحى ‏وخفاياه‏، ‏وقد‏ ‏نجح‏ ‏هذا‏ ‏المرشد‏ “‏الأمين”‏ ‏أن‏ ‏يهديه‏ ‏فى ‏أول‏ ‏الطريق‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يستغنى ‏عنه‏، ‏والاستغناء‏ ‏عنه‏، ‏أو‏ ‏إنكاره‏، ‏لايحدثان‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏بدافع‏ ‏النسيان‏، (‏قارن‏ ‏فقرة‏ 27‏) ‏ولا‏ ‏بدافع‏ ‏الاستقلال‏ (‏فقرة‏ 72) ‏وإنما‏ ‏بغواية‏ ‏الحياة‏، ‏إذ‏ ‏يبدو‏ ‏أنها‏ – ‏بائعة‏ ‏الخبز‏ – ‏اشترطت‏ ‏أن‏ ‏يودع‏ ‏مرشده‏ ‏الأعمى، ‏أكل‏ ‏عيش‏، ‏وحين‏ ‏يحاول‏ ‏العودة‏ ‏إلى ‏مرشده‏ ‏القديم‏ ‏حياء‏ ‏أو‏ ‏مجاملة‏، ‏تكون‏ ‏عودة‏ ‏فاترة‏، ‏مجرد‏ ‏أداء‏ ‏واجب‏، ‏فليلتقطها‏ ‏المرشد‏ ‏ولا‏ ‏يقبل‏ ‏هذا‏ ‏التعاطف‏ ‏السطحى، ‏ويفقس‏ ‏اللعبة‏ : ‏أنها‏ ‏لا‏ ‏عودة‏ ‏ولا‏ ‏يحزنون‏، ‏ولا‏ ‏يبقى ‏من‏ ‏ذكرى ‏مرشده‏ ‏الأعمى ‏إلا‏ ‏دعابات‏ ‏المنكرين‏ ‏ولمزاتهم‏، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المرشد‏ ‏رغم‏ ‏عماه‏ ‏قد‏ ‏أدى ‏واجبه‏ ‏حين‏ ‏احتاجه‏ ‏أى ‏منهم‏ ‏فى ‏الزمان‏ ‏الأول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

 

2 تعليقان

  1. صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف :….‏ولا‏ ‏يبقى ‏من‏ ‏ذكرى ‏مرشده‏ ‏الأعمى ‏إلا‏ ‏دعابات‏ ‏المنكرين‏ ‏ولمزاتهم‏، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المرشد‏ ‏رغم‏ ‏عماه‏ ‏قد‏ ‏أدى ‏واجبه‏ ‏حين‏ ‏احتاجه‏ ‏أى ‏منهم‏ ‏فى ‏الزمان‏ ‏الأول.
    التعليق : لست أدرى لماذا استدعى هذا المرشد الأمين الأعمى ،فى وعيى ،المعلم سحلول تاجر المزادات فى رواية ليالى ألف ليلة ،وكأن عمى هذا مع غموض ذاك قد فتحا أمامى أفقا لم أعهده من قبل ،ولعل عبارة ” ‏فأحييه‏ ‏بوجد‏، ‏ولكنه‏ ‏يرد‏ ‏على ‏بفتور‏ ‏ويمضى ‏كل‏ ‏فى ‏سبيله”تبصرنى بنقلاتى بين : ” الوجد والفتور ” فتلح على رغبة غريبة أن أحمل وجدى وفتورى معا كى أمضى فى سبيلى مستنيرة بعمى المرشد الأمين بقبول محب لغموض تاجر المزادات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *